علي عبيد
علي عبيد
كاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة

طعم البسكويت

الإثنين ٠٧ يونيو ٢٠٢١

«ذهبنا للبحث عن وطن آمن، فوجدنا أنفسنا خرفاناً ستموت داخل كونتينر». هكذا وصف طالب اللجوء، السوري حمزة يونس، تجربته للسفر إلى أوروبا من موريتانيا. كان حمزة قد هاجر من مدينته إدلب إلى موريتانا، لدراسة الطب البشري، هرباً من الحرب الدائرة في وطنه. وعده شخص، هو وعشرة سوريين آخرين معه، بتسفيرهم إلى أوروبا عن طريق البحر، على متن باخرة. دفع كل واحد منهم 3000 دولار. عندما وصلوا إلى الميناء، طُلِب منهم الدخول في كونتينر مغلق. رفض حمزة وثلاثة من الشباب الذين كانوا معه الدخول في الكونتينر، بينما وافق الباقون. هكذا بدأ حمزة رواية معاناته لبرنامج «قارب نجاة»، على «سكاي نيوز عربية بودكاست». ذكرتني هذه الحكاية برواية الأديب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني الشهيرة «رجال في الشمس». تدور أحداث الرواية، التي نُشِرت عام 1963، حول ثلاثة فلسطينيين اضطرتهم ظروف ما بعد أحداث عام 1948، إلى البحث عن رزقهم خارج الوطن المحتل. اتفقوا مع مواطنهم سائق صهريج الماء «أبو الخيزران»، على تهريبهم من العراق إلى الكويت، وذلك بالاختباء داخل الخزان الكبير، الذي في مؤخرة الصهريج، عند المرور بنقاط التفتيش على الحدود، ثم الخروج منه بعد تجاوزها. نجحت الفكرة عند نقطة الخروج من البصرة، ولكن عند نقطة الدخول إلى الكويت، مكث «أبو الخيزران» وقتاً طويلاً، وهو يتحدث إلى الجنود، بينما الثلاثة مختبئون في الخزان تحت…

مناضلون في بِدَل إيطالية

الإثنين ٢٤ مايو ٢٠٢١

لا أعتقد أن ثورة حظيت بتقدير واحترام العالم في العصر الحديث مثل ما حظيت به الثورة الفيتنامية. تعرضت فيتنام لسلسلة من الغزوات العسكرية من قبل فرنسا حتى أصبحت جزءاً من مستعمرة الهند الصينية الفرنسية. ومعروف أن أسوأ احتلال هو الاحتلال الذي لا يسيطر على مقدرات وخيرات الشعوب التي يحتل بلدانها فقط، وإنما يفرض على مجتمعاتها أنماطاً ثقافية تحدث تغييراً في هويتها الوطنية. وعندما قامت الحرب العالمية الأولى، استولت الإمبراطورية اليابانية على الهند الصينية الفرنسية، وقامت باستغلال موارد فيتنام الطبيعية. هنا تشكلت حركة «فيت مين» بقيادة «هو تشي منه» للتخلص من الاحتلال الياباني. وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وأعلنت الإمبراطورية اليابانية استسلامها، سعت فرنسا إلى استعادة مستعمرتها، فلقيت مقاومة من الحركة، وشكلت هزيمة القوات الفرنسية في معركة «ديان بيان فو» نهاية الاستعمار الفرنسي للهند الصينية. ومع بداية اشتعال الحرب الباردة في خمسينيات القرن الماضي، حدث انقسام بين دول الغرب ودول الشرق، فقدمت الصين والاتحاد السوفييتي دعمهما لجمهورية فيتنام الديمقراطية التي أسسها «هو تشي منه» جاعلاً من هانوي عاصمة لها، بينما قدمت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا الدعم لدولة فيتنام التي عاصمتها سايغون. لكن الحرب الباردة سرعان ما تحولت إلى حرب ساخنة، وشهدت تصعيداً من قبل الرئيس الأمريكي جون كيندي أدى إلى تورط الولايات المتحدة في المعارك…

الأشياء التي تبدو لنا صغيرة

الإثنين ٠٥ أبريل ٢٠٢١

دكتورة في إحدى الجامعات، تكتب في «تويتر»: أشفق على طلبة «الأونلاين»، وعلى ضياع أيامهم التي قضوها أمام الأجهزة بعيداً عن أروقة الجامعة، ممراتها، كؤوس القهوة الصباحية، تجمعات الرفاق، المحاضرات التي تم «تطنيشها»، أزمة الباصات، حر الصيف وبرد الشتاء الماطر. هي أمور لا تشترى، هي ذكريات تعاش وحسب. طالب في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية يقول: لا أصدق أنني سأحصل على شهادتي الثانوية من أمام شاشة كمبيوتر. لا أتصور أنني لن أذهب إلى مدرستي لأرى زملائي قبل أن أغادر المدرسة نهائياً. كنت أعدّ نفسي لهذه السنة، التي هي بسنوات الدراسة كلها. تابعت بشغف أخي الذي حصل على الشهادة قبلي بثلاث سنوات. سجلت في ذاكرتي كل الحفلات التي نظمتها المدرسة لهم، أو نظمها الطلاب لأنفسهم طوال عامهم الأخير، كي أقوم وزملائي باستنساخها في سنتنا الأخيرة. كل هذا تبخر، وأصبح في خانة الأحلام التي لم تتحقق، ويبدو أنه سيتكرر في الجامعة أيضاً. تفاصيل الحياة الجامعية التي تحدثت عنها الدكتورة الجامعية في تغريدتها تلك، قد تبدو في ظاهرها صغيرة، لكنها ليست كذلك. لأروقة الجامعة وممراتها رائحة تمتزج بألق سنوات الشباب، التي نخطو بها في تلك الأروقة والممرات، ولكؤوس القهوة الصباحية في «كافيتريا» الجامعة، مذاق يعبق بأجواء الدراسة الجامعية، التي لا تشبهها أجواء أخرى، ولتجمعات الرفاق في حرم الجامعة، أبواب تنفتح على صداقات، تتكون مع…

للأفكار أجنحة تطير بها

الإثنين ٢٢ مارس ٢٠٢١

لا أعرف إن كانت المصادفة البحتة هي التي قادتني إلى قراءة كتابين ومشاهدة فيلم سينمائي عن بائعي الكتب خلال أقل من أسبوعين، ربما كان شهر القراءة مارس، هو الذي قادني إلى فعل ذلك، ولكن أياً كان السبب، فقد اكتشفت أن معارك بائعي الكتب متشابهة في كل مكان، حتى لو اختلفت الأماكن والبلدان. في الكتاب الأول، وهو رواية «مقتل بائع الكتب» للروائي العراقي سعد محمد رحيم، يتعرض بائع الكتب محمود المرزوق للاغتيال في وضح النهار بمدينة بعقوبة العراقية، العائد إليها بعد هجرة قسرية تنقل خلالها بين براغ وباريس، بدأت من ستينيات القرن الماضي، في مرحلة تاريخية اتسمت بمطاردة المثقفين وأصحاب الأفكار، والزج بهم في السجون وإعدامهم. ورغم عدم انتماء المرزوق إلى أي حزب سياسي في العراق حينها، فإنه كان واحداً من ضحايا هذه المرحلة، تعرض للاعتقال والسجن، ثم محاولة القتل، إلى أن انتهى به الأمر مهاجراً في براغ ثم باريس، قبل أن يعود إلى مدينته «بعقوبة» بعد احتلال العراق وسقوط التمثال، حيث لم يتغير الحال إلا من سيئ إلى أسوأ. وعندما بدأ الصحفي ماجد بغدادي تتبع آثار مقتل محمود المرزوق بتكليف من شخص مجهول، تكشفت لنا جوانب شخصية المرزوق عبر كثير من الوسائل والطرق والرسائل التي نسجت خيوطاً تشكلت منها ملامح تلك الشخصية متعددة الجوانب والمواهب، وقادتنا إلى وطن تضيع ملامحه…

ملعقة شاي

الإثنين ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٠

تمنيت لو أن عالم الرياضيات الأسترالي مات باركر، لم يختر ملعقة الشاي كي يقدّر بها كمية فيروس «كورونا» المستجد التي أصابت البشر في جميع أنحاء العالم حتى الآن. تمنيت لو أنه اختار ملعقة قهوة أو سكر، أو ملعقة دواء كحة أو سعال على سبيل المثال. الشاي هو مشروبي ومشروب ملايين البشر المفضل، فلماذا قدّر مات باركر كمية فيروس «كورونا» المستجد التي غيرت وجه الحياة على سطح الكرة الأرضية منذ بداية هذا العام بملعقة شاي؟ عالم الرياضيات الأسترالي أكد أن الكمية الإجمالية للفيروس، التي أصابت أكثر من 53 مليون شخص حول العالم، تبلغ نحو 8 ملليلترات فقط، أي ما يعادل حجم ملعقة شاي تقريباً. باركر وضع افتراضات عدة للتوصل إلى هذه النتيجة، وعلق قائلاً: كل الفوضى الواقعة في العالم الآن تعود إلى كمية فيروس بحجم ملعقة صغيرة. وكان باركر قد قام بإجراء تقييم على 300 ألف حالة إصابة جديدة يومية في جميع أنحاء العالم، من خلال تقدير عدد الخلايا في كل مصاب بالفيروس بناءً على المسحات الطبية والأبحاث، وبافتراض أن كل حالة جديدة أصيبت لمدة 14 يوماً. ثم قام بعد ذلك بحساب عدد الأشخاص الذين يحملون الفيروس حالياً، وتوصل في النهاية إلى أن الكمية الإجمالية للفيروس التي أصابت أكثر من 53 مليون شخص حول العالم تبلغ نحو 8 ملليلترات. جهد مقدَّر…

وغاب العابد عن المحراب

الإثنين ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٠

لا أحب مقالات الرثاء، فهي تعني أن كاتبها فقد عزيزاً، لكن فقد إنسان بقامة الراحل إبراهيم العابد، عليه رحمة الله، وبمكانته في قلبي وقلوب كل الذين عرفوه مثلي عن قرب، لا يمكن أن يمر دون طرق هذا الباب، وإن كنت لن أفي العابد حقه. كان الزمان نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، عام 1980 على وجه التحديد، وكنت وقتها حديث التخرج في الجامعة، أتطلع لاستثمار ما درسته وما مارسته من عمل في مجال الإعلام، عندما كنت طالباً على مقاعد الدراسة الثانوية، وتسخيره لخدمة وطني الذي كان يستعد لدخول العشرية الثانية بعد تأسيس الدولة. تقدمت بأوراقي إلى دائرة الخدمة المدنية، التي كانت مسؤولة عن توظيف المواطنين وقتها، فجرى تعييني في وزارة الإعلام والثقافة. كانت رغبتي هي العمل في وكالة أنباء الإمارات، التي كانت قد تأسست حديثاً، لكن إدارة شؤون الموظفين في الوزارة ألحقتني بالتلفزيون، الذي كان هو والإذاعة تخصصي الأكاديمي، ومجال خبرتي القصيرة آنذاك. التحقت بالعمل في تلفزيون الإمارات العربية من أبوظبي، رئيساً لقسم الأخبار لأجد أن ما يفصل بين مبنى التلفزيون ووكالة أنباء الإمارات جدار فقط، حيث يتجاور المبنيان، ويتصل عملهما بشكل مباشر في مجال الأخبار المحلية الرسمية، التي كان مصدرها الوحيد هو وكالة الأنباء التي كان إبراهيم العابد يتولى وقتها إدارتها بالوكالة. منذ ذلك التاريخ، قبل أربعين عاماً، عرفت إبراهيم العابد،…

حتى الأغاني لم تعد ممكنة

الإثنين ١٩ أكتوبر ٢٠٢٠

«علّي صوتك بالغنا.. لسّه الأغاني ممكنة». هكذا رفع الفنان محمد منير صوته بالغناء في فيلم «المصير» للمخرج يوسف شاهين، كاسراً جدار اليأس والصمت، ثم أكمل: «.. ولسه يا ما في عمرنا». لكنّ هناك من يحاول أن يقنعنا بأن الأغاني لم تعد ممكنة في زمن «كورونا»، فقد اتخذت بعض المدارس البريطانية قراراً منعت بموجبه الطلاب من الغناء داخل الفصول الدراسية، والاكتفاء بالاستماع إليها عبر «يوتيوب»، أو الصمت خوفاً من انتشار رذاذ أفواههم في الهواء، ونقل فيروس «كورونا» داخل محيط الفصول والمدارس، في الوقت الذي فرضت السلطات فيه قيوداً جديدة في بعض مناطق الشمال ذات المستويات العالية من حيث عدد الإصابات والوفيات، مع معاودة الفيروس نشاطه، والانتشار بشكل واسع تزامناً مع انخفاض درجات الحرارة واقتراب فصل الشتاء. القرار الذي يهدف إلى حماية الأطفال من الإصابة بالفيروس وجد معارضة لدى بعض أولياء الأمور، الذين دعوا إلى تمكين أطفالهم من العودة إلى بيئة طبيعية وداعمة، بعد أن عانوا بما يكفي من الغياب عن المدارس. هذا ما عبّرت عنه كريستين بريت، الرئيسة المشاركة لرابطة أولياء الأمور في كامبريدج، والتي قالت إن حظر الغناء هو أحد الإجراءات الضارة العديدة التي يتم اتخاذها في المدارس، إضافة إلى تقييد الوصول إلى دورات المياه. وليس الغناء وحده الذي تم منعه في المدارس البريطانية، فقد حظرت بعضها كعكات أعياد الميلاد…

باعة الوهم

الإثنين ١٤ سبتمبر ٢٠٢٠

واهم من يظن أنه يستطيع أن يدق إسفيناً بين شعب دولة الإمارات وشعوب الأمة العربية. واهم من يظن أنه يستطيع أن يزرع فتنة بين شعب دولة الإمارات وشعب أي دولة يقيم مواطنوها على أرض دولتهم. واهم من يظن أنه يستطيع المتاجرة بآلام شعبه وقضيته على حساب شعب دولة الإمارات ونقائه وطهره وصفاء سريرته. من يعيش على أرض دولة الإمارات لا يتنفس هواءها فقط، وإنما يتنفس روح المحبة والإخاء والتسامح التي تعبق بها أرضها وسماؤها. لذلك فإن أي محاولة لبذر العداء بين شعب دولة الإمارات وشعب أي دولة يقيم مواطنوها على أرضهم ستقبر في مهدها، لأنها تحمل في جذورها عوامل موتها.قبل أيام حاول أحد قادة الفصائل الفلسطينية زرع بذور فتنة بين الإخوة الفلسطينيين المقيمين على أرض دولة الإمارات وشعب الإمارات، محرضاً إياهم على التخريب والعبث بأمن الدولة التي يقيمون على أرضها، فكيف كان الرد، ومن أين أتى؟ كان الرد حاسماً وقاطعاً. كان رافضاً لهذه الدعوة التي لا تصدر إلا من شخص حاقد وموتور، لا يعرف تاريخ دولة الإمارات في مناصرة الشعب الفلسطيني وقضيته، بل لا يعرف تاريخ العلاقة ذات الجذور العميقة بين شعب دولة الإمارات والشعب الفلسطيني. وممن جاء الرد؟ لم يأتِ من شعب دولة الإمارات، بل جاء من الفلسطينيين المقيمين على أرض الدولة وخارجها، الذين امتلأت وسائط التواصل الاجتماعي بردودهم…

وطن يستحمّ بالدم

الإثنين ٢٤ أغسطس ٢٠٢٠

كانت أمها قد أخبرتها ذات يوم أن الطفولة موجة زرقاء هائلة ترفعك عالياً وتدفعك إلى أمام، وحين تظنين أنها لن تنتهي إذ بها تختفي عن الأنظار، فلا يعود في وسعك اللحاق بها ولا إعادتها. وُلِدت جميلة في الصومال لأب مسلم وأم مسيحية. كانت سنوات عمرها المبكرة حرة، وغاية في السعادة، وإن لم تدرك ذلك إلا بعد أن انقضت وصارت جزءاً من الذاكرة. جميلة الصومالية هي إحدى بطلات رواية الكاتبة التركية أليف شفاق «10 دقائق و38 ثانية في هذا العالم الغريب». عنوان ربما يبدو طويلاً بمقياس عناوين الروايات، لكنه العنوان الأنسب لموضوع الرواية التي صدّرتها صاحبة «قواعد العشق الأربعون» بعبارة لألبرت آينشتاين يقول فيها عن وفاة أقرب أصدقائه ميشيل بيسو: «مرة أخرى، سبقني الآن بقليل في الرحيل عن هذا العالم الغريب. لكن هذا غير مهم؛ فنحن، الذين نؤمن بالفيزياء، نعرف أن الفصل بين الماضي والحاضر والمستقبل ليس سوى وهم عنيد لا سبيل إلى إنكاره». في طفولتنا نحسب أننا نمسك بالخيوط كلها، نشكل الأشياء كيفما نشاء، نبني قصوراً وقلاعاً نظن أنها حصينة، من الصعب الإطاحة بها. عندما نكبر نكتشف أن هذه القصور والقلاع مبنية من الرمال دون أساس إلا من براءتنا الشفيفة العذبة، لا تستطيع الصمود أمام موجة من أمواج الحياة حتى لو لم تكن عاتية، ولا الوقوف أما هبة ريح حتى…

المزايدون وحدهم يخسرون

الثلاثاء ١٨ أغسطس ٢٠٢٠

على مدى التاريخ كان هناك مزايدون، وعلى مدى التاريخ ثبت أن المزايدين دائماً يخسرون، وعلى مدى التاريخ ثبت أن الإمارات لا تقبل المزايدة. لذلك هي لا تخسر قضية تتبناها لأنها صريحة وواضحة. المزايدون وحدهم يخسرون. نحن جيل تفتح وعيه على حب فلسطين. نحب أرضها رغم أننا لم نرها، ونعشق هواءها رغم أننا لم نتنسمه، ونشعر أن أهلها هم أهلنا رغم أننا لم نعش معهم على أرض فلسطين الحبيبة، ولم نكن وقت أن تفتح وعينا قد رأينا سوى عدد قليل منهم، أغلبهم من المدرسين الأوائل الذين قدموا إلى الإمارات مع بداية دخول التعليم النظامي إلى إماراتنا التي لم تكن حتى ذلك الحين دولة متحدة. قرأنا عندما بدأ وعينا يتفتح أن شعب فلسطين تعرض لآلام كثيرة، وأن مؤامرة كبرى قد حيكت ضده. كان كلما أهل علينا شهر نوفمبر يكون موضوع الإنشاء في صفوف مدارسنا هو الرسالة التي وجهها وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفورد في الثاني من شهر نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد، أحد أبرز وجوه المجتمع اليهودي، لنقلها إلى الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العظمى وأيرلندا، يعدهم فيها بدعم بريطانيا لتأسيس «وطن قومي للشعب اليهودي» في فلسطين ذات الأقلية اليهودية التي لم تكن تتجاوز %5 من إجمالي عدد السكان في ذلك الوقت. كرّت بعد ذلك علينا دروس التاريخ من الثورة الفلسطينية الكبرى…

الساعة 00:51:27

الإثنين ١٣ يوليو ٢٠٢٠

بحلول الساعة 00:51:27 من يوم الأربعاء 15 يوليو 2020 يكون أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة قد حققوا إنجازاً جديداً في مجال ارتياد الفضاء بإطلاق «مسبار الأمل» إلى كوكب المريخ، كي يصل إلى مداره مع الاحتفال بمرور 50 عاماً على اتحادهم. هذه الخطوة تأتي بعد خطوات حققها أبناء الإمارات في مجال ارتياد الفضاء، تحقيقاً لطموح مؤسس دولتهم، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ أن وضع رواد الفضاء الأمريكيون أمامه مجسم مركبة الفضاء «أبولو» عندما كان يستقبل مجموعة منهم عام 1976. الطموح حق مشروع لكل البشر، لكن هناك من يمتلك القدرة على تحقيق طموحه، وهناك من تقصر قدراته عن تحقيق هذا الطموح. وقد أثبت أبناء الإمارات على مدى التاريخ أنهم قادرون على تحقيق طموحهم الذي لا تحده حدود، ولا تقف دون تحقيقه صعوبات، فاحتلوا الرقم 1 عربياً في مجال الفضاء، وكانت وكالة الإمارات للفضاء أول وكالة عربية يتم إنشاؤها على مستوى العالم العربي بهدف تنظيم وتطوير الصناعة الفضائية، وكان «خليفة سات» أول قمر صناعي يتم تصنيعه بأيد إماراتية بنسبة 100 في المئة، وكان برنامج رواد الفضاء الذي أطلقته دولة الإمارات عام 2017 أول برنامج من نوعه يتم إطلاقه عربياً، وكان قانون الفضاء الأول من نوعه عربياً وإسلامياً، وكان هزاع المنصوري أول رائد فضاء عربي يصل إلى…

حكايات من المستقبل

الإثنين ٢٥ مايو ٢٠٢٠

أوى الصغير إلى سريره، واستعد الجد كي يروي لحفيده حكاية ما قبل النوم التي تعود أن يرويها له كل ليلة تقريباً. قال الجد: سوف أروي لك اليوم حكاية جديدة. تثاءب الصغير وقال لجده: لا أريد حكاية جديدة يا جدي، أريد حكاية «سنة كورونا». قال الجد: لقد قصصت عليك هذه الحكاية أكثر من مرة يا صغيري العزيز. قال الحفيد: ولكنني أحب سماعها مرة أخرى يا جدي العزيز. استسلم الجد لرغبة الصغير، وبدأ يروي له الحكاية من جديد. قال الجد: كانت الحياة يا بني تمضي بشكل لا ينبئ بأن شيئاً خطيراً سيحدث. كان بعض الناس يعيشون حياتهم في جزء من الكرة الأرضية أفضل ما يكون العيش، وكان بعض الناس في جزء آخر منها يعيشون حياتهم أسوأ ما يكون العيش، وكان أناس آخرون يعيشونها في اقتتال وحروب ومعارك لا تنتهي. ظن الذين يعيشون في رغد من العيش أن الحياة قد استكانت لهم، وأن لا شيء يستطيع أن يحول دون تمتعهم بمباهجها، ولكنهم وهم يفعلون ذلك مضوا يدمرون كل ما حولهم؛ أفسدوا الهواء الذي يتنفسونه بدخان المصانع وعوادم السيارات وغيرها، وثقبوا طبقة الأوزون التي تحمي أشكال الحياة على كوكب الأرض بالغازات التي تنبعث من الأجهزة التي يستخدمونها، وبلغوا من الغلوّ أن بدأوا يعملون على استنساخ بشر مثلهم، واعتقد بعضهم أنه يمكن أن يعود إلى…