عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

ثقافة تويتر!

الخميس ٠٣ أكتوبر ٢٠١٩

ليس صحيحاً تماماً ما يقال من أن كبار الكتّاب والنقاد ينظرون إلى مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر، فيسبوك.. إلخ) بنوع من التعالي، وأنهم يتجنبون استعمالها! وفي ظني، أن هؤلاء النقاد والمفكرين على الرغم من جديتهم وصرامتهم في التعامل مع الوقت ومع عموم ما حولهم، يتبعون المنهج العلمي في التعرف إلى مستجدات محيطهم وتحولاته المستمرة، وهذا يتطلب ملاحظة الظواهر الطارئة، وتحليلها وتفكيكها إلى عناصرها الأولية، ما يجعلهم جزءاً منها، جزءاً مراقباً ومجرباً، وليس متعالياً ولا منسحباً لأي سبب! عادةً ما يحدث ذلك في كل مكان، كما في كل زمان، الأحوال لا تبقى على حالها، آفة الحياة الركود، وسنة نواميس الكون التغيير، وأن الثورة التقنية في وسائل الاتصال ووسائط التواصل ليست بالأمر الذي يمكن الإشاحة بوجوهنا عنه واعتباره «لعب مراهقين»، هذه ثورة مفصلية في التاريخ الإنساني للحضارة، وعليها تغيرت أنماط الاقتصادات وأنظمة الدول، وتأثرت أشكال وطبيعة العلاقات الإنسانية، إذن فقد أصبحت ثقافة مضافة لكل مظاهر الثقافات الإنسانية، لا مجرد كتابات على تويتر وفيسبوك وصور على إنستغرام ومقاطع على اليوتيوب! في الحقيقة، إن أزمة الإنسان في الواقع العربي أزمة قديمة ومتأصلة في جذور الفكر الديني كما في التقاليد السياسية والاجتماعية، أزمته مع مفهوم الحرية وكيفية التعامل معها بمسؤولية، بالتوازي مع كل الاعتبارات الأخرى، لذلك جاء كتاب الدكتور عبدالله الغذامي «ثقافة تويتر: حرية التعبير أو…

الإمارات.. هكذا صنعت مجدها!

السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠١٩

لا شيء يمكن أن يصف تلك الثقة الهائلة في حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عصر البارحة، وهو يتحدث مع رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري من داخل محطة الفضاء الدولية، الثقة ذاتها التي أخذت بيد هزاع ليكون ضمن طاقم رواد فضاء ينتمون إلى دول ذات كعب عالٍ في مجال أبحاث وريادة الفضاء كالولايات المتحدة وروسيا، بهذه الثقة نفسها وعد الشيخ محمد المنصوري وشباب وشعب الإمارات بأن رحلتهم الآتية ستكون للمريخ بإذن الله! لا نعجب من ثقة بو راشد، ولا من طموحاته اللامحدودة، ولا من هذه الرغبة في كسر أي حواجز تحول دون الإمارات وتحقيق المستحيل، لا نعجب لكننا نتأمل تلك اللحظة بكثير من الفرح، الفرح الذي غدا وطني الطابع وكونياً بامتياز، وهنا علينا أن لا نمرّ أمام لحظة دخول المنصوري المركبة الفضائية بصحبة الرواد الدوليين، فهذا الشاب ينتمي إلى دولة خليجية تُصنّف ضمن دول العالم الثالث، حديثة التكوين والنشأة، وكانت منذ نحو أربعين عاماً لا تمتلك جامعة وطنية على أرضها.. ومع ذلك... مع ذلك، فهذه الدولة نفسها هي التي وقفت كلها مع العالم تنظر إلى أحد أبنائها وهو يقول: «توكلنا على الله»، ويستعد للانطلاق إلى محطة الأبحاث الدولية يوم الأربعاء (25-9-2019)، بعد 48 عاماً من إعلان قيام دولته، دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة المؤسس وصاحب الأحلام العريضة المغفور له…

التوطين.. أين الخلل؟

الثلاثاء ١٧ سبتمبر ٢٠١٩

سألت أحد المديرين الإماراتيين؛ لماذا يميلون في الشركة التي يعمل فيها إلى توظيف الأجانب (من كل الجنسيات)، بينما الأولى توظيف شباب الوطن، ليس مِنَّةً أو تَفَضُّلاً أو تباهياً أمام المسؤولين، ولكن لأن هذا التوظيف حقٌّ بديهي لا يحتاج إلى نقاش، وهو ما يحصل في كل الشركات حول العالم، طالما وجد المواطن المؤهل لهذه الوظيفة؟ أجابني باختصار: الوظيفة في الشركات الكبيرة تحتاج إلى مؤهلات شخصية وعلمية وخبرات متنوعة إضافة للشغف، وامتلاك حسِّ التنافس وعدم الشكوى أياً كانت قسوة ظروف العمل، وهذه للأسف لا تتوافر في الكثير من شبابنا!. لم يتوقف الحديث بيننا، فقد ظنّ المدير أنه سدَّ عليَّ الطريق بِردّه القاطع، مفترضاً أن عليَّ أن أقتنع بأن كل هؤلاء الشباب الإماراتيين الذين يتخرجون كل عام في مختلف الجامعات والكليات، من داخل الإمارات أو من خارجها، لا يمتلكون المؤهلات التي تحدث عنها، فما ذكره من مؤهلات لا يعد تعجيزياً، أو أنه خاص بالأجنبي القادم من خلف البحار!. المسألة هي أن مسؤولي التوظيف لا يثقون بشباب الوطن، أو أن هناك لوبيات توظيف داخل بعض المؤسسات لصالح جنسيات محددة، وهذا قمَّة الاستخفاف بمصلحة الدولة!. أعرف شخصياً أن أحد المصارف الوطنية في الدولة، عيَّن شاباً من جنسية عربية في منصب مهم، ودون حتى أن تطأ قدماه أرض الإمارات وصله عرض العمل المغري جداً في بلده،…

حدث في ذلك العام..

الخميس ٢٩ أغسطس ٢٠١٩

أعتبر نفسي مشدودة إلى تتبع الأحداث التاريخية والسياسية، وحتى تلك الأحداث الاجتماعية التي تؤرخ ويشار إليها بالسنوات، هذا الولع بالتاريخ والتواريخ، أجد جذوره في دراستي للعلوم السياسية أولاً، وفي مادة التاريخ التي قمت بتدريسها لسنوات عدة، لكنني أجد في رواية الديستوبيا الشهيرة «1984» لجورج أورويل، بداية حقيقية لشغفي بالأعمال الأدبية والأفلام السينمائية والوثائقيات، التي تتخذ من التاريخ والأحداث منطلقاً لفهم ما جرى وما يجري عبر الزمن بترابطاته وعلائقه الممتدة والمتشعبة والغامضة!هنا سأستعرض عدداً من هذه الأعمال: فيلم «1994»: يحكي تلك الأحداث الدموية التي عاشتها المكسيك، إثر اغتيال الزعيم الثوري كولوسيو موريتا، ذي الـ44 عاماً، والذي كان أول مرشح رئاسي يتم اغتياله وسط أنصاره في تجمع انتخابي ضخم، عندما أخرج القاتل مسدسه وصوبه باتجاه رأس الزعيم ومن مسافة سنتيمترات قليلة، فكما يظهر في وثائقيات الفيلم، أنه في الثالث والعشرين من شهر مارس من عام 1994، وبينما كان كولوسيو يطلق وعوده بمستقبل أفضل للمكسيك ويحيي جماهيره، أقدم القاتل ويدعى ماريو مارتينيز على إطلاق النار على رأسه، ما أدى لوفاته مباشرة وفي أقل من خمس دقائق. الفيلم الآخر هو «1922»: هذا الفيلم مأخوذ من قصة قصيرة للكاتب ستيفن كينغ بالعنوان نفسه، تحكي عن قيام مزارع أمريكي بقتل زوجته بشكل بشع، بالاشتراك مع ابنه المراهق، كان ذلك في العام 1922، الإثارة ليست في الجريمة…

اللغة الغوغائية.. لماذا؟

الثلاثاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٩

جاء في كتاب «قصة عقل» لزكي نجيب محمود، أن «العربي بصفة عامة، أشدّ ميلاً، بحكم ثقافته، إلى العبارة المثيرة منه إلى العبارة المستندة إلى العقل»، فقد أثبت الواقع أن العرب بعيدون تماماً عن استخدام المنطق العقلاني في معظم مجالات الحياة وفنون التعاملات، وهم أكثر ميلاً لتوظيف لغة الوجدان والعاطفة في الآداب والثقافة والسياحة والإعلام والفكر والتعاملات الإنسانية عامة، ما يجعل ضوابط الإقناع والاقتناع والقبول والرفض، أموراً لا تحتكم لمنطق ثابت متفق عليه! يقول الكاتب في معرض دفاعه عن اللغة العقلانية: هناك فرق بين أن نقول (يقع الهرم الأكبر غرب النيل، ويبعد عنه 10 كيلومترات)، وبين القول (إن الهرم الأكبر يثير في النفس ذكريات مجد قديم يوحي بجلال الخلود)!! فالعبارة الأولى دقيقة واضحة، يمكن التثبت منها وتأييدها والاتفاق معها أو إثبات خطئها بعمليات معاينة دقيقة على أرض الواقع، أما الثانية فلا يمكن التأكد منها أو الاتفاق معها أو حتى الاقتناع بها، فهناك من ينظر إلى الهرم فلا يثير في نفسه لا جلالاً ولا مجداً ولا خلوداً، ما يجعل من التثبت والمراجعة أمراً غير مقبول أبداً، وهنا يقع البعض في أوهام اقتناعات لا أساس لها من الصحة تحت تأثير المزاج العاطفي العام! قد يصح استخدام لغة الوجدان والشعور والشحن العاطفي في الشعر والغزل مثلاً، وفي خطب الحماسة والمديح، لكنه لا يصح في…

الأسرار.. تاريخ آخر للمدينة!

الخميس ١٥ أغسطس ٢٠١٩

يصح أن توصف مدينة سان بطرسبورغ بأنها متحف ضخم تحت سماء مفتوحة على المدن والحضارات والشعوب، مدينة مترامية الأطراف، عاش فيها أباطرة وقياصرة وملوك اعتبروا في زمانهم من أغنى الناس على وجه الأرض، نظراً لتمدد إمبراطوريتهم وسيطرتهم على ثروات شعوب وبلدان بلا حصر، وهو ما يفسّر اليوم هذه الكنوز والمقتنيات الفخمة التي لا يمكن تخيّل مدى فخامتها وندرتها. إن هذه الكنوز والمقتنيات النادرة تعود لملوك وملكات وأمراء عائلة رومانوف، وهي كنوز تغطي كل مجالات الحياة؛ القصور، الحدائق، الثياب، المجوهرات الثمينة، أدوات الطعام المصنوعة من الذهب والفضة، اللوحات الفنية التي تعود لأهم وأشهر فناني أوروبا، الأثاث المذهب، والكثير مما لا يعد ولا يحصى. عندما أسسها الإمبراطور بطرس العظيم صاحب الإنجازات الكبيرة، أرادها أن تكون عاصمة للأباطرة، ومنفذاً على بحر البلطيق، وعنواناً ملائماً لثراء وعظمة آل رومانوف، إنها اليوم تتكئ على ذاك الماضي وتقتات من أسرار ذلك العهد، تلك الأسرار التي يأتي السياح من كل العالم بحثاً عنها واطلاعاً على عظمة ما تركه بُناتها. لقد كان الإمبراطور ألكسندر مثلاً، صاحب إنجازات لا تزال تُذكر في تاريخ روسيا، فقد بنى المدن والمصانع والجسور وشق القنوات وأرسل البعثات الدراسية وفعل بقية الأباطرة مثله، وها أنت تطوف بأرجاء المدينة فلا يذكر منجز ضخم وذو أثر إلا من آثار أولئك الملوك الذين ألغي عهدهم وقضي على…

عفواً.. اتحاد الصحفيين العرب

الثلاثاء ٢٣ يوليو ٢٠١٩

جاء في بيان صحفي «صادم» صدر صباح البارحة عن اتحاد الصحفيين العرب يفيد نصّه بأن: وكالات الأنباء تناقلت عن مصادر «إسرائيلية» (مجهولة كما دائماً) خبراً حول وصول وفد مكوّن من 6 صحفيين عرب في زيارة لإسرائيل تشمل مركز تخليد ذكرى الهولوكوست، والكنيست الإسرائيلي وغيرها! أما في التفاصيل التي لا أساس لها من الصحة فإن الوفد مكوّن من صحفيين ينتمون لكل من: الإمارات، البحرين، السعودية، العراق، وفيما وراء الكواليس فإن أحد الاتحادات الصحفية العربية قد مارست ضغطاً كبيراً على السيد مؤيد اللامي للإسراع في إصدار بيان عاجل بالإدانة، وقد صدر البيان بالفعل، دون أي تثبّت من الموضوع! وبطبيعة الحال، فإن جمعية الصحفيين الإماراتية قد أدانت البيان، وأنكرت أدنى صلة لها بكل ما جاء فيه، وناشدت الاتحاد العام أو أية جهة أخرى عدم الزجّ باسم الإمارات في هكذا أخبار أو مبادرات ملفقة وكاذبة وإحداث شق في العلاقات بين الصحفيين الإماراتيين والأخوة العرب، أو التشكيك في موقفهم الثابت من القضية الفلسطينية، الذي هو موقف ثابت في السياسة الرسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة. العجيب أيضاً أن الاتحاد عاد مع نهاية مساء البارحة لينفي كل ما جاء في بيانه الصباحي المرفوض جملةً وتفصيلاً، دون أن نعرف نحن كصحفيين إماراتيين لماذا تم إصدار بيان خطير كهذا، دون تثبت أو تيقن من قبل اتحاد يرأسه صحفيون كبار…

لا تصنعوا مزيداً من السفهاء!

السبت ٢٠ يوليو ٢٠١٩

على حسابه في تويتر، كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هذه التغريدة: «علمتني الحياة بأننا في زمن نحتاج فيه للكثير من العمل والقليل من الجدل، نحتاج حولنا مزيداً من الحكماء لا السفهاء». قد يصلح البعض لأن يرافقك في كل الأوقات، لكنك في تلك الأوقات التي تعلم تماماً أنها تتطلب الكثير من العمل والجدية فلن تفكر بغير الحكماء والجادين، أما «السفهاء» فلا يفكر بهم أحد إلا في تلك الأوقات المستقطعة بين زمنين، الأوقات التي تهدرها متعمداً لأنك تريد تخفيف ضغوطات الحياة عن نفسك.في أيامنا هذه راجت تجارة الثرثرة، وأصبح للثرثارين مكانة بارزة، يجلس أحدهم أمام كاميرا هاتفه ليتحدث في كل شيء، فيما يعلم وفيما لا يعلم، في تفاصيله الشخصية التافهة، وفي قضايا الساعة، في الهدايا التي تصله، أنواع الماكياج الذي تستخدمه إحداهن، العيادات التي تدعي أنها تتردد عليها، والكثير من التصرفات الغريبة وأحياناً المستهجنة والمرفوضة اجتماعياً!هؤلاء الأشخاص الذين صنعهم المجتمع، وأوصلهم لمرتبة المشاهير، الذين أصبحوا يشترطون مبالغ بمئات الآلاف لحضور مناسبة أو تغطية حدث، أصبحوا ينظرون إلى أنفسهم بنوع من الإجلال وللآخرين بكثير من الترفع، لِم لا وقد حوّلتهم الجماهير إلى ما يشبه الأيقونات المقدسة؟! وقد صدق الفيلسوف والروائي الإيطالي الشهير أمبيرتو إيكو حين انتقدهم قائلاً: «إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لكثير من الحمقى، ممن…

أن تتصرف بكامل إنسانيتك

الأربعاء ١٧ يوليو ٢٠١٩

قرأت في كتاب بعنوان «مميز بالأصفر» هذه الكلمات: «الإنسان يعبر الحياة مرة واحدة، لذا، إذا كان هناك أي خير تستطيع فعله، أو أي إحسان تستطيع تقديمه لأي مخلوق، فلتفعله الآن إذن، لأنك لن تمر من هذا الطريق مرة أخرى». كثيراً ما تصادفنا مثل هذه العبارات، قد نقرؤها على عجل، وقد نقلب الصفحة دون اهتمام ونمضي، في الحقيقة بعض هذه الكلمات تلخص تجربة شديدة الكثافة في حياة قائلها! ذات يوم كنت أمرُّ بقرية من قرى الريف النمساوي، خطف بصري منظر القرية، فأوقفت سيارتي على جانب الطريق، وضعت عملة معدنية في عداد الموقف، وهممت بمغادرة المكان والسير صوب القرية، فإذا بامرأة تقف بسيارتها قريباً منِّي، حين أرادت أن تضع عملة في العداد لم تجد في حقيبتها أي عملة، وقفت حائرة، مشيت باتجاهها ووضعت لها العملة ثم ناولتها البطاقة، ابتسمت بامتنان وأنا مضيت في طريقي سعيدة بما فعلت، بعد عام واحد كنت أرتجف خوفاً وقد ضللت طريقي وسط غابة جبلية في ذهابي إلى مدينة «غشتاد» السويسرية، أظلمت الدنيا وأنا بصحبة والدتي وابن أخي طفل صغير بصحبتنا، بدا لي أن دعاء والدتي وخوفي عليها وعلى الصغير سيضع «عملة معدنية» في عداد ما لتنفرج الحالة، وقد كانت رحمة الله أقرب بشكل لم أتصوره! بعد ذلك بسنوات، قرأت في الكتاب نفسه «مميز بالأصفر» هذه العبارة: «ضع…

الفتاة التي تأخذك إلى الغابة!

السبت ١٣ يوليو ٢٠١٩

شغفت منذ عدة أيام فقط بمتابعة مقاطع فيديو للمدونة الصينية الشهيرة لي زيكي، التي تحظى بنسب متابعة ومتابعين تصل إلى ما يفوق 6 ملايين مشاهد تقريباً للفيديو الواحد، هي لا تقدم دروساً في أساليب وضع الماكياج، كما أنها لا تتنطع بالتفاهات حول حياتها الشخصية ومقتنياتها من الحقائب والأحذية الفاخرة، وهي لا تنتقل من المكان الذي تعيش فيه، لا تسافر ولا تتجول في الأسواق والمطاعم، لا تدخلنا غرفة نومها ولا تفتح أمامنا خزانة ثيابها، ولا تهمس لنا بأسرار العلاقات الزوجية، هي لا تتحدث إلا بأقل القليل من العبارات، لكن حركتها لا تهدأ أبداً منذ بدايات الصباح الباكر، تتحرك كفراشة وتتنقل ضمن تفاصيل طبيعة لا تكتفي بإبهارك فقط، لكنها تجعلك لا تحلم إلا بالعيش والذهاب إلى حيث تعيش (لي زيكي)! إنها فتاة تعيش في أعماق جبال (سيشوان) الصينية. على عكس المشاهير الآخرين عبر الإنترنت، وعلى الرغم من شهرتها إلا أن البساطة التي تظهر بها تعيد إلى الأذهان ثياب وتقاليد حضارة الهان التقليدية، كل ما فعلته الفتاة أنها استخدمت الطرق والأدوات الصينية الأكثر تقليدية من وجهة نظر غاية في التفرد، نوعية حياة وأسلوب عيش وأطباق طعام تقليدية شكلت للجميع تجربة اطلاع ومشاركة لم يعتادوها سابقاً. لم تعش طفولة سعيدة مثل معظم الأطفال. عندما كانت صغيرة انفصل والداها، ثم توفي والدها مبكرًا. ما جعلها…

المتنمّرون الصغار.. ما الحل؟

الأربعاء ٢٦ يونيو ٢٠١٩

فتحت حادثة تعنيف مجموعة من الطلاب لزميل لهم في حافلة مدرسية، الحوار مجدداً حول ظاهرة التنمّر في أوساط طلاب المدارس وغياب التربية السلوكية وأخطاء دمج الطلاب الكبار مع صغار السن.. الخ. تشير الحادثة باختصار إلى تعرّض تلميذ صغير للضرب والتعنيف الجسدي واللفظي من قِبل تلاميذ كانوا معه على متن الحافلة، ودون أي تدخل من أي طرف آخر لمصلحة فضّ الاعتداء، وهنا نحن أمام مسألة الاعتياد على ممارسة خاطئة، وتقبل حدوثها أمام أعين تلاميذ يفترض بنا أن نربِّيهم قبل أن نعلمهم، فعلى أي سلوك نربيهم يا ترى! الغريب أن نقاشاً عامّاً فُتح على أحد المواقع حول الحادثة، قال فيه كثيرون ممن شاركوا فيه، إن ما حدث يبدو لهم أمراً عادياً لا يستدعي كل هذه الضجة؛ لأن السلوك العنيف من وجهة نظرهم يشكّل نمط العلاقات بين الذكور في كل العالم، بينما رأى آخرون أنهم عندما كانوا في العمر نفسه تعرضوا هم أيضاً للتصرفات المتنمّرة نفسها، الضرب والتهكم والسخرية والأذى اللفظي وغير ذلك، وأن الأمور مرّت بسلام! «إن أشنع ما في الأمر هو أنّ الفظاعات أصبحت لا تهزُّ نُفوسنا، هذا التعوّد على الشّر هو ما ينبغي أن نحزن له»، كما يقول الأديب دستويفسكي. لذلك فلا أحد يمكنه أن يتفق مع رأي كهذا، حتى إن كان أصحابه يتكلمون من خبرة واقعية، فالتنمّر ظاهرة سلوكية…

إلى متى؟

السبت ٢٢ يونيو ٢٠١٩

إليكم هذا المشهد: فتاة مواطنة، تجلس وحيدة في أحد المقاهي، أخرجت من حقيبتها كتاباً صغيراً، يبدو واضحاً من صورة الغلاف أنه رواية، وضعته أمامها، ثم أخذت تنظر في شاشة هاتفها بنفاد صبر، وتلتفت باتجاه معيَّن كمَن ينتظر أحداً! لا أحد يأتي، ووحده النادل يهرع إليها يسألها ماذا تطلب؟ تسأله فنجان قهوة وزجاجة مياه باردة، و«أي جريدة إذا ممكن» يأتي بالجريدة سريعاً، ثم يغيب قليلاً ليعود حاملاً صينية صغيرة تحوي فنجاناً فارغاً وركوة قهوة وزجاجة مياه باردة، رنّ الهاتف، وبعد صباح النور، وأنا بخير، قالت بملل ظاهر، لا لست في العمل، أنا في المقهى القريب، لا شيء أفعله هناك، ليس مطلوباً أن أفعل شيئاً أكثر من التوقيع بالحضور ثم بالانصراف في نهاية اليوم، ثم أنهت المكالمة بـ«خليها على الله.. ما في فايدة من الكلام»! هذا المشهد ليس جديداً عليكم، رأيتموه وسمعتم عنه بلا شك، حدَّثكم عن معاناته بعض أصدقائكم، وربما كنتم أنتم أنفسكم أحد أبطاله ذات يوم، والسؤال: من هو الشخص أو الجهة التي تقف وراء هذا العقاب؟ نعم، إنه نوع من أبشع العقوبات التي قد يتعرّض لها موظف صاحب موقف، أو رأي، أو موهبة، أو لا يجيد فنون التزلف ومنافقة المدير ومن حوله، أو ذلك الذي يلفت النظر للتجاوزات، أو.... وما أكثر ما يمكن أن يندرج تحت هذه الـ«أو»! من…