فاطمة المزروعي
فاطمة المزروعي
كاتبة إماراتية ، لها عدة إصدارات في القصة والرواية والشعر والمسرح وقصص الطفل ،رواية كمائن العتمة ، دار الفارابي 2012 ، زاوية حادة 2009

العقل وهذه المهارة!

الخميس ٢٧ مايو ٢٠٢١

كثيراً ما نسمع بطالب مجتهد يستذكر دروسه وينصهر في المراجعة والحفظ ونحوها، ثم تكون درجاته في الاختبار دون المستوى المطلوب، والحال نفسه في بيئة العمل، حيث تجد موظفاً يتميز بالحيوية والحضور والجد والاجتهاد والانتظام، ويسعى لتطوير نفسه ومتعاون مع زملائه، وعندما يكلّف بتنفيذ مشروع ما أو توكل له قصة ما، يندفع نحوها بحماس، ولكن المخرجات تكون متواضعة أو دون المطلوب، وهنا يحضر سؤال بديهي، عن الأسباب لمثل هذه الحالة من الفشل إن صحت الكلمة، أو تدني النتائج أو كونها دون المستوى، رغم ما عرف عن ذلك التلميذ من الجد والاجتهاد أو ما عرف عن هذا الموظف من الحيوية والنشاط. ولعل الكلمة السحرية في هذا السياق هي: عدم التركيز. في الحقيقة إن عدم التركيز، يقود لنتائج سلبية رغم أن جميع المؤشرات تدل على النجاح وتحقيق الأهداف، لكن عدم تركيزنا يفقدنا هذه الحيوية والأهمية. ومن تعاريف التركيز العامة، أنه توجيه للعقل نحو الأهداف المطلوب تحقيق نتائج إيجابية فيها، وبالتالي منحه الاهتمام والتنبه واليقظة والمتابعة، وفي العادة يكون التركيز منصباً على نقطة ما أو موضوع محدد لوقت محدد، فلا يوجد تركيز مستمر، لأنها عملية شاقة ومتعبة للذهن والنفس. ولعل هذا التعب هو الذي يفقدنا التركيز في بعض الأوقات، أو يبعدنا عن ممارسته، مع أن البعض ربط التركيز بالنجاحات، وتم اعتباره من أهم أسباب…

مليار إنسان يعانون من الطعام

الخميس ٢٠ مايو ٢٠٢١

قبل أكثر من 1000 عام قال الطبيب والفيلسوف والصيدلاني المسلم ابن سينا، رحمه الله: «احذروا البطنة، فإن أكثر العلل إنما تتولد من فضول الطعام». هذا التحذير الواضح من الزيادة في تناول الطعام، وترك الشهية مفتوحة دون حسيب ولا رقيب، وأنها تجلب الأمراض التي وصفها بالعلل، لها صداها ووقعها في يومنا هذا، ففي العصر الحديث يتردد الصوت نفسه وتلك التحذيرات نفسها، ولا تكاد تجلس مع طبيب أو متخصص في الرعاية الطبية إلا وتجده ينبه لخطورة السمنة، والزيادة في تناول الطعام، كونها تسبب مشاكل لا حصر لها سواء في الجهاز الهضمي أو غيرها من أجزاء الجسد، والحقيقة أنه في عصرنا هذا الموضوع أكثر استفحالاً، وله خطورة واضحة على صحة الناس، فلقد أسهمت الأنماط المعيشية الجديدة مثل قلة الحركة والكسل، بسبب تزايد المعدات والأجهزة المساعدة، والتي معها تدنى الجهد البدني، حيث تم استبدال الحركة والجهد بالخدمات الإلكترونية، والتي أصبحنا بسببها نقضي معظم مهامنا الحياتية بواسطتها. زيادة الوزن والسمنة، تعتبرها الكثير من منظمات الرعاية الصحية وباء صامتاً، بسبب جملة الأمراض، التي تحدثها للإنسان، ومن هنا نجد أن التأثيرات جسيمة وكبيرة، وهي شاملة على مستوى الأفراد والمجتمعات. منظمة الصحة العالمية في تقرير لها على موقعها على شبكة الإنترنت تحدثت عن تزايد في البدانة على مستوى العالم، وقالت: إن الأطفال والمراهقين في سن المدرسة، الذين يعانون…

الفهم والوعي والمسؤولية

السبت ٠٨ مايو ٢٠٢١

دون شك، فإن الظروف التي تمر بنا في الحياة عديدة، وفي كثير من الأحيان غير متوقعة، وأيضاً ردة فعلنا متنوعة تجاه هذه الظروف، البعض يستسلم لها ويتركها تؤثر في حاضره ومستقبله، وقد يكون هذا التأثير مدمراً وسبباً في الفشل والإخفاق، البعض الآخر يؤجل التعامل معها حتى تستفحل وتكبر وتصبح جزءاً مؤثراً في مسيرته، وعندما يقرر معالجتها يتكبد عناءً مضاعفاً. وهناك آخرون أكثر ذكاءً وتميزاً، وهم الذين يسارعون للعمل على فهم كل مشكلة تواجههم وكل عقبة تعترض طريقهم ثم المسارعة بالمعالجة، وعدم السماح لها بأن تكون مؤثرة ونقطة سلبية قد تعيق وتعرقل مسيرتهم خلال رحلتهم نحو المستقبل. لنسلم بأن الحياة محملة بالصعاب والعقبات، وأنها تحتاج إلى الحلول والصبر لتفكيكها وتجاوزها، وليس الحل في التجاهل أو التأجيل. الكاتب الإنجليزي، دينيس ييتس ويتلي، الذي عرف بتقديمه الكثير من المنجزات الروائية الخيالية والغامضة، وكان يعتبر من أكثر المؤلفين مبيعاً على مستوى العالم، وقد توفي عام 1960م،‏ يقول: «أمامك خياران في الحياة، أن تقبل الظروف كما هي، أو أن تقبل مسؤولية تغيير هذه الظروف». وهذا ما يهمني هنا، وهي مسؤولية كل واحد منا، والوعي بهذه المسؤولية والقيام بها بشكل صحيح ودقيق. عندما تواجهك الحياة بظروف غير مواتيه وأحداث غير متوقعة، هنا يتطلب منك أولاً الوعي ثم الفهم والأهم القيام بالمسؤولية المناطة بك على أكمل وجه…

السعيد من يتقن التخطيط

الخميس ١٧ ديسمبر ٢٠٢٠

حينما نتحدث عن التخطيط ورسم الخطط المستقبلية دائماً ما يتبادر للذهن سؤال: ما الأسس والمبادئ التي أستطيع أن أحذوها وأسير عليها حتى أصل لأفضل النتائج؟ في كتابٍ حمل عنوان: «التنمية الاجتماعية» من تأليف البروفيسور عبدالباسط حسن، أستاذ ورئيس قسم علم الاجتماع بجامعة الأزهر، تم تحديد هذه المبادئ والأسس التي يقوم عليها التخطيط، ووضع خمسة معايير حيوية أو وضع خمسة مفاتيح عامة ومهمة، أولها الواقعية، والمقصود بها وضع خطط على أسس مادية وحصر الاحتياجات الحقيقية للفرد ثم العمل على تحقيقها. أما الثاني: الشمول، على سبيل المثال لبناء أسرة مثالية فينبغي أن يوضع في الاعتبار ضرورة شمول الخطة الجوانب التعليمية والثقافية والصحية والترويحية والدينية وغيرها من جوانب الحياة الاجتماعية لما بينها من ترابط وتساند. أما الثالث: الاستمرار، فمن الضروري عند وضع الخطط مراعاة مبدأ الاستمرار فيها. ورابعاً: التنسيق، وهو من المبادئ الرئيسة ولذا وجدنا أن البروفيسور عبدالباسط حسن، قد قسمها على مستويين أولهما «التنسيق بين الأهداف التي ترمي الخطة إلى تنفيذها» والآخر التنسيق بين الوسائل لدى الفرد، والسياسة اللازمة لتنفيذ الخطة وإمكان تحقيق أهدافها. أما خامس معيار للتخطيط فهو المرونة، وهو يتعلق بالتخطيط للمستقبل. وهذا بديهي لأنه قد تتعرض لارتكاب أخطاء يصعب إدراكها، ولهذا ينبغي مراعاة مبدأ المرونة عند وضع خطة بحيث تكون عناصرها قابلة للتغيير والتبديل بناء على ما تسفر عنه…

عندما يسمو الوطن

الأربعاء ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٠

مرت بنا ذكرى يوم الشهيد وأيضاً نحتفل بالذكرى الـ49 لليوم الوطني، ومثل هذه المناسبة فرصة للتوقف أمام تضحيات أبناء الإمارات الذين أرخصوا الروح من أجل تراب أرضهم، وقدموا نموذجاً مشرفاً وصادقاً عن الوطنية ومعنى الوطن، خلال يوم الشهيد، التصق الشعب الواحد مع ذوي وأبناء الشهداء في تلاحم إنساني قل مثيله يثبت أن الإمارات شعب واحد على أرض واحدة، أدرك أن المصير واحد، وأن المسيرة نحو التطور والتقدم للجميع وأن هذا الوطن الجميل الذي هو اليوم مهوى ومقصد للملايين من مختلف بقاع الأرض، كان في يوم ما صحراء قاحلة وبحراً قاسياً، لكن بعقول وقلوب رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، تحولت هذه البلاد في غضون 50 عاماً، إلى واحة من الأمن والسلام، تحولت الصحاري إلى مزارع وأنهار، والبحر بات مقصداً للسعادة والخير والرزق الوفير، والبناء والعمران الأحدث والأطول على العالم برمته، في دلالة على التطور وقوة الاقتصاد، وهذا النجاح يعود فضله لله عز وجل، ثم لحنكة وذكاء وبعد نظر شيوخنا منذ فجر هذه البلاد وحتى اليوم. في هذه المناسبة أستذكر كلمات لصاحب السمو الوالد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، مؤسس هذا الاتحاد، ومن وضع أسس بناء الإمارات، خلالها يذكر بالآباء والأجداد وصبرهم وحجم وعظمة هذا التحول والتطور، وأيضاً تطلعات شعب الإمارات، ومن هذه الكلمات الخالدة، مقاله، رحمة…

ليكونوا أذكياء ومبتكرين

السبت ٢١ نوفمبر ٢٠٢٠

تعددت الدراسات وتنوعت البحوث التي ذهبت إلى أن الإنسان لم يستخدم القدرات العقلية التي يملكها بشكل كامل، وأن عقل الإنسان يملك خصائص ذهنية تمكنه من الإبداع والابتكار أكبر بمراحل عديدة مما هو عليه الحال الآن، وتبعاً لمثل هذه الدراسات، نُشرت الكثير من الكتب التي تتحدث عن العقل البشري، وكيف يمكن تنشيطه أو استغلال هذه القوة وتمكينها وتحريكها بفعالية، فضلاً عن هذا وجدت الأرضية الخصبة للكثير من الآراء التي لا تتجاوز في أفضل الأحوال أن تكون نظريات لم تثبت صحتها ولا حقيقتها العلمية. لكن الثابت والمتفق عليه أن العقل البشري يكسل ويخفت وهجه، وهو أيضاً يتأثر بالمعلومات التي يتلقاها ويخزنها، بمعنى لا يمكن لإنسان قارئ ومثقف ومطلع ويسعى لتطوير مهاراته وقدراته والتعلم بشكل مستمر ودائم، أن يكون أقل حدة في الذكاء من إنسان كسول لا يقرأ ولا يطلع ولا يبحث عن المعلومات المفيدة ولا المعارف التي يستطيع البناء عليها في مجالات الحياة. وتبعاً لمثل هذا الواقع هناك عدد من العلماء يؤكدون أن التفكير الإبداعي لدى كل إنسان، بمعنى أنها قدرات مشاعة وكل إنسان يملكها ويستطيع توظيفها لخدمته ولحل مشاكله وهمومه، ولكن ما يحدث أن هناك البعض ممن يساعدون عقولهم بالمعلومات اللازمة التي يحتاج لها، فيقوم بوظيفته في الابتكار والإبداع. وهناك أناس يتجاهلون تطوير معلوماتهم ويركنون للخمول وتعويد عقولهم على السكون والراحة…

تحدثوا عن خلافاتكم

الإثنين ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٠

عندما نعبر عن رأي ونقدم وجهة نظر، وندافع عنها بحماس، هذا لا يعني أن الآخرين سيقتنعون ويتبنون هذه الآراء، ستكتشف أنه مهما بذلت من الجهد ومحاولات الإقناع، ستصطدم بالرفض وبعقول لها رؤية بعيدة عنك. هذا واقع في حياتنا الاجتماعية ويمكن رصد مثل هذه التباينات في مختلف أوجه وتفاصيل هذه الحياة. هذه الحالة تنمو وتكبر وتصبح أكثر حدة وألماً عندما ينشأ مثل هذا الاختلاف والتباين داخل الأسرة الواحدة، بين الزوج والزوجة، أو بين الأب وأبنائه، هنا يكون شكل ولون الاختلاف وكأنه تنكر وجحود أو انهيار للحب ونحوها من الكلمات الرنانة الموجعة. إن أمعنا النظر والتأمل فإننا سنكتشف أن هناك مواضيع تحتمل هذا التعدد في الرأي، ولا يضرها أن يكون هناك أكثر من صوت، كل واحد يتبنى وجهة نظر، وهناك مواضيع حيوية وهامة تستلزم الاتفاق والترتيب لإنجازها، ويصبح الخلاف فيها بمثابة تعطيل وتأخير؛ مثل رغبة الزوج في بناء منزل للأسرة في مكان وموقع ما، ترفض الزوجة وتحدد مكاناً آخر، وكل واحد منهما له وجهات نظرة ومبرراته وغاياته وأهدافه ونظرته المستقبلية، مثل هذا الاختلاف هو في الحقيقية تعبير عن الرأي، لكنه يحتاج لاتفاق وتوحيد الرؤية لإكمال مشروع بناء بيت العمر، وكما هو واضح كل واحد منهما في طريق مختلف تماماً عن الآخر، هذا مجرد مثال على التباينات الحياتية التي قد تسبب تعطل مشروع…

الشيخة فاطمة والمرأة الإماراتية

الخميس ٢٧ أغسطس ٢٠٢٠

نحتفل هذا العام بمناسبة يوم المرأة الإماراتية، في ظلِّ هذه الجائحة التي تعمُّ العالم بأسره، والتي أثَّرت في مختلف جوانب الحياة البشرية، ومع هذا فإننا نلاحظ اليوم، ولله الحمد، بوادر التعافي وعودة الحياة لـ(رتمها) السابق بشكلٍ مُتروٍّ وثابت. بات من نافلة القول، قولنا: إن المرأة في الصفوف الأولى على مستوى العالم في مواجهة هذا الوباء، والمرأة الإماراتية لم تكن استثناءً، حيث شاركت شقيقها الرجل، العمل والإنتاج والبذل والعطاء في مختلف الميادين والمهام، إلا أننا في هذه المناسبة نتوقف عند تجربة المرأة الإماراتية، هذه المسيرة القصيرة إذا تمَّت مقارنتها بعمر الأمم والشعوب والحضارات، ومع هذا كانت، وما زالت، مسيرةً مُكلَّلةً بالنجاح والتفوُّق والتميُّز في مختلف المجالات الوظيفية والعملية، وكل ما من شأنه رفعة البلاد وتقدُّمها وتطوُّرها. في هذا العام وجَّهت الوالدة الغالية صاحبة السمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رعاها الله، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسَّسة التنمية الأُسرية، بأن يكون شعار الاحتفال بيوم المرأة الإماراتية هذا العام: (التخطيط للخمسين: المرأة سند للوطن). وهو شعار يتَّفق مع شعار الدولة اعتبار عام 2020 عام الاستعداد للخمسين. وهكذا كانت دوماً المرأة الإماراتية، منذ تأسيس بلادنا وقيامها وحتى يومنا، شريكاً ولاعباً رئيسياً في مسيرة التنمية والنهوض، في ظلِّ رعاية هذه الوالدة الكريمة، الشيخة فاطمة بنت مبارك، حفظها الله، التي…

ماذا عن الوظائف الجديدة؟

الإثنين ١٧ أغسطس ٢٠٢٠

سمعنا كثيراً وقرأنا وما زالت الأخبار تردنا عن التطور التقني وحقبة الذكاء الاصطناعي، وأنها ستلغي الكثير من الوظائف، وهذا الكلام لا غبار عليه، بل إننا بدأنا نلحظ مثل هذه التحولات، لأن هناك وظائف فعلاً تقلصت بل تلاشت، وهي عملية مكررة تحدث مع كل تطور تحققه البشرية، فليس الأمر منوطاً بحقبة الذكاء الاصطناعي وحسب، بل أنها حالة مكررة، وحدثت مراراً خلال تاريخنا، على سبيل المثال عند بداية الثورة الصناعية، ودخول المكينة البخارية، أدى ذلك إلى تسريح الكثير من العّمال وأغلقت مجالات عملهم، لأن هذه المكينة تمكنت من احتلال مواقعهم، والحال نفسه حدث في مجال النسيج والخياطة والكثير من المجالات الزراعية، عندما اخترعت آلات النسج واستبدلت الحيوانات مثل الخيول والثور بالحراثة الجرارة وأدخلت المعدات الزراعية، فأصبح الحقل الذي كان يتطلب نحو 10 مزارعين، لا يحتاج إلا لمزارع أو اثنين لأداء نفس العمل، عندها تم الاستغناء عن الكثير من العمّال وتم تسريحهم. اليوم نشهد نفس الحال وكأن السيناريو يتكرر، عند دخول حقبة الذكاء الاصطناعي وتقنيات الاتصالات الحديثة، ونحن نشاهد أن هناك وظائف كاملة ألغيت أو في طريقها للتلاشي التام. لكن الذي لا يتم الحديث عنه هو الوظائف التي ولدت من رحم مثل هذه التطورات، وأقصد أن تشغيل هذه التقنيات والأجهزة الذكية يتطلب مهارات وفنيين على درجة من التدريب والتعليم، هذه هي الوظائف المستقبلية…

تحية لمعلمات الأطفال

الأحد ٠٨ ديسمبر ٢٠١٩

مرحلة دراسية تمر على كل إنسان في مسيرته العلمية هي رياض الأطفال، فهي البوابة التي من خلالها يدخل الطفل للعالم ويعيش الحياة الاجتماعية بكل تفاصيلها، الطفل الذي فتح عينيه على الأم الحنون والأب العطوف، يتوجه نحو تعليم ما قبل الابتدائي وهو محمل بكمٍّ هائل من البراءة والنقاء التي لا مثيل لها، هذا الطفل الذي يدخل هذه المرحلة كأنه صفحة بيضاء، مستعد لتلقي المعارف والخبرات والطرق الحياتية. لذا لا أبالغ إن قلت إن هذه المرحلة هي التي تحدد التوجه الحياتي لهذا الطفل، ومن هنا نصل للدور الرائد والعظيم الذي تقوم به معلمة رياض الأطفال، وأتوقف عند كل أم وأب، لديهما طفل أو طفلان في المنزل ويشكوان من حركته وكلماته وأفعاله غير المتوقعة، ونسأل كيف هو حال تلك المعلمة التي يضم فصلها الدراسي نحو 30 طفلاً، جميعهم في سن واحدة تقريباً، وتجد بينهم من هو غضوب أو حركي أو ضاحك أو لاعب أو بكاء.. إلخ. وكل طفل يتميز بخصلة وطريقة، والجميع يتأثرون ببعضهم البعض، فإن شاهدوا أحدهم يعلب لعبوا من دون أي التفات للأنظمة والقوانين، وإن شاهدوا من بينهم من يتكلم ردوا عليه من دون التفات للدرس ولا للمعلمة الواقفة بينهم، في اللحظة نفسها يجب على هذه المعلمة معالجة الأمر بروية وهدوء، وأمام صخبهم وإزعاجهم يجب عليها أن تضبطهم من دون تهديد…

البديل عند غياب التسامح

الأربعاء ٣٠ يناير ٢٠١٣

على الرغم من تطور البشرية وتقدمها في عدة مجالات حيوية، ساهمت في رقي الإنسان ومنحته المزيد من الرفاه الاجتماعي والاقتصادي، إلا أنه دون شك لازالت توجد عقبات تعترض طريق الإنسان، وما تزايد حالات الفقر والبؤس، وكذلك الحروب الطاحنة والاضطرابات في بقاع عدة من العالم، إلا دليل على أن الإنسانية لازالت بحاجة للمزيد من المعرفة بحقوق الآخرين، ولازالت بحاجة إلى ثقافة الحوار، وتبادل المصالح والمنافع دون فرض السيطرة على الآخرين أو إجبارهم أو تسطيح أرائهم أو تهميش وجهات نظرهم، فعلى الرغم مما نسمعه عن ثقافة التسامح والحوار، فإنها تبقى كلمات و حبر على ورق لا أكثر. إن نقل هذه الثقافات لواقع الإنسان، لتكون جزء من تفكيره ومسيرته، يحتاج لجهد كبير تقوم بها المنظمات والحكومات وعلى مستوى عالمي، لذا تبنت المؤسسات الدولية برامج تهدف للمساعدة في هذا الإطار، منها منظمة اليونسكو، التي صممت عدة برامج تستهدف نشر ثقافة الحوار والتسامح ومساعدة الضعفاء ومكافحة الفقر والأمية وغيرها كثير، ومن هذه البرامج اليوم العالمي للاحتفال بالتسامح، والذي أطلق في عام 1995م ويحتفل به في السادس عشر من شهر نوفمبر من كل عام. والهدف منه زيادة الوعي بين صناع القرار والمثقفين والناشطين والمجتمعات بثقافة التسامح وأهميتها، ففي عالمنا اليوم تتزايد الحروب المسلحة وتتزايد أرقام الضحايا من القتلى وضحايا التهجير والظلم والفقر والمعاناة الإنسانية التي لا…

كم نحن بحاجة إلى النقد؟ !!

الإثنين ٢٦ نوفمبر ٢٠١٢

منذ أن تمكن الإنسان من معرفة اللغة ، أو إذا صح التعبير تمكن من ممارستها انطلقت البشرية في عوالم حقيقية من الاكتشاف والاختراع والتطور، ويعتبر كثير من علماء العلوم الاجتماعية أن انطلاقة الإنسان اللغوية لا يوازيها أي حدث شهدته البشرية في الأهمية، ومن هؤلاء العلماء الدكتور جون سيريل، الذي قدم كتب هامة مثل بناء الواقع الاجتماعي من الطبيعة إلى الثقافة، وكتاب العقل واللغة والمجتمع، حيث قال في هذا الجانب:" إن مؤسسات كالنقود والحكومة والملكية الخاصة والزواج والألعاب، تتطلب وجود اللغة، بينما لا تحتاج اللغة في وجودها إلى أي من المؤسسات الأخرى" وهذه حقيقة ماثلة فباللغة تم بناء الحضارات ووضع يده على الاكتشافات والمخترعات وحفظ الإنسان أرثه وتطلعاته للمستقبل، وبواسطة اللغة انبثقت ملكات ومواهب الإنسان في شتى المجالات، فكان الشعر والذكريات والقصص والحكايا، وعلوم إنسانية كثيرة لا تعد ولا تحصى وجدت منذ تاريخ بداية اللغة وحتى يومنا، وتبعا لذلك اكتشف الإنسان الكتابة، فتمكن من حفظ لغته وطورها، وتمكن أيضا من حفظ إنتاجه الإنساني وكل ما يدور في ذهنه من أفكار وتطلعات وفي كثير من الأحيان حول هذه الأحلام والرؤى لإنتاج كتابي تطور تباعا حتى بات اليوم يطلق عليه الإنتاج الإنساني على مختلف توجهاته العلمية ومنها الإنتاج الأدبي الذي يضم الشعر والرواية والقصة والمسرح والنثر والنقد وغيرها كثير. لكن لا يمكن لنا…