فاطمة المزروعي
فاطمة المزروعي
كاتبة إماراتية ، لها عدة إصدارات في القصة والرواية والشعر والمسرح وقصص الطفل ،رواية كمائن العتمة ، دار الفارابي 2012 ، زاوية حادة 2009

السؤال الذي يجب أن يتنبّه له الأبوان

آراء

يواجه العالم خلال هذه الفترة تحدياً كبيراً للغاية، وتهديداً كان ماثلاً منذ عقود طويلة، ولكنه اليوم أكثر غموضاً، وأيضاً خطورة، إنه وباء المخدرات، وعندما أقول وباء فلأنه فعلاً تحول إلى ما يشبه المرض الفتاك إذا صحت التسمية، وذلك قياساً بعدد ضحاياه الذين يقعون يومياً بسبب هذه الآفة الخطيرة، ولكن المشكلة أن الآثار السيئة التي تقع نتيجة الإدمان على الكحول والمخدرات تتجاوز الفرد المتعاطي المدمن إلى ما هو أبعد، حيث تبدأ سلسلة طويلة من الإخفاقات والفشل تصيب كل من هو بالقرب من المدمن، أولهم أسرته، وإذا كان رب الأسرة متزوجاً ولديه أطفال فهؤلاء مشاريع مستقبلية للانحراف، لأنهم سيحرمون من تعلم القيم الجميلة ومن التربية السليمة، وهو ما سيقودهم نحو التفكك والانهيار، ومعها يمتد الأذى نحو المجتمع ويكبر الخطر عندما يتزايد أعداد المنحرفين والجانحين في أولى خطواتهم الحياتية، وهذا يقودنا إلى ما يسبب المدمن الفرد الواحد بمجتمع متكامل من الخسائر المادية والبشرية، فضلاً عن الوقت والإمكانات والتأثير على الإنتاج.

أقول إن وباء المخدرات في هذا الزمن بات يهدد العالم برمته، لعدة أسباب، أولها تطور تقنيات الاتصالات الحديثة والتي باتت المعلومات معها سريعة التنقل، وما كان بالأمس يصلك في غضون 5 إلى 10 أيام، فإنه الآن يصل في أقل من الدقيقة الواحدة، ويصبح بين يديك، والمعلومات ووصولها السريع جعل عمليات المراقبة والتدقيق صعبة للغاية، بل هناك تهديد آخر يتعلق بنوع هذه المعلومات، حيث إن الأطفال ومن هم في مقتبل العمر، قد تصل إليهم مواد سيئة ونشرات وصور دعائية تزين لهم الانحراف لتعاطي المخدرات والسموم بصفة عامة، وهذه النشرات والصور الإعلانية، تأتي بقوالب ملونة ومثيرة وجاذبة للانتباه، وهم يقصدون التركيز على هذه الفئات السنية، لأنهم هم وقود نجاح صناعة هذه السموم، فعندما ينحرف يافع في سن الـ15 من العمر، فهذا يعني الاستفادة منه في الترويج وأيضاً التأثير على من هم في سنه، فضلاً عن هذا فهو في سن صغيرة يمكن امتصاص أمواله وأموال أسرته، لعدة سنوات قادمة، وهذا السيناريو هو مع الأسف الذي يتكرر ويحدث باستمرار، من هناك أقول إن نوع التهديد واحد، ولكن طريقته وعمله اختلفا.

على سبيل المثال، كثيرون منا يجهلون بأن أولى الخطوات، أو من أولى الخطوات نحو قيادة الشباب في مقتبل العمر للوقوع في براثن هذه السموم، بأن يتم إرشادهم لعدة خطوات لتحضير نوع منها، بعد هذه الخطوة يكون الشاب مستعداً للتطور والسعي للحصول على نوع أكثر تأثيراً، وهنا يتدخل المروج الذي يظهر وكأنه يقدم خدمة مفيدة لصديقة، وهو في الحقيقة ينفذ دوره في الإيقاع بهذا الشاب في براثن الإدمان الذي لا يرحم. نقطة أخرى تتعلق بطريقة الإقناع، حيث يضرب المروجون وأصدقاء السوء، على وتر الذكاء والفاعلية والنشاط، فيقولون للضحية إن هذه الحبوب تساعدهم على النبوغ والتذكر، وإنها ستساعدهم على الجد والاجتهاد والتفوق الدراسي، أما إذا كان الضحية يعاني من توترات داخل المنزل أو من قسوة الأب على سبيل المثال، فهم يقدمون لهم الحبوب الفتاكة أو البودرة المخدرة الشديدة الإدمان، بحجة أن ينسى ويهدئ أعصابه، ليتجاوز الظروف التي يمر بها، وهم يقصدون إيقاعه تمهيداً لتبدأ عملية الابتزاز وسحب الأموال، للدرجة التي قد يصل فيها المدمن للسرقة والقتل والاعتداء على الآخرين.

العالم برمته ما زال في حرب مستعرة، مع مافيات وعصابات الاتجار بصحة وسلامة الناس، ولكن السؤال الحقيقي، ما هو دورك أنت كأب أو كأم تجاه أطفالك، خاصة في هذا الوقت الذي يحتاج للكثير من الرعاية والاهتمام؟ أترك لكل واحد منا الإجابة، مع تأكيد أهمية العناية بهذا الموضوع وحسن الرعاية لأطفالنا.

المصدر: الرؤية