الخميس ٠٥ سبتمبر ٢٠١٩
عندما يجلس مواطن في مقهى، ويريد زيادة مستوى التفاعل مع حسابه على «تويتر»، فلديه ما يشاء من مساحات التعبير، ومن خيارات المحتوى، على أن يتوخى كتابة رأيه، ولا يتقمص دور المسؤول أو السياسي الرسمي، ويخوض في شؤون حساسة، ليبدو في موقع يخوله الإدلاء بتصريح، أو الكشف عن معلومة مفترضة، أو المطالبة بإجراء سيادي. الحديث هنا عن النقد المحدد والواضح الذي وجهه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لـ «العبث والفوضى» على وسائل التواصل الاجتماعي، اللذين يستنزفان رصيداً متراكماً منذ خمسة عقود من الصدقية والنزاهة والاحترام، وليس عن حرية التعبير وهوامشها، والقوانين والمبادئ التي تنظم عملها، فسموه من أكثر القادة العالميين حضوراً في الإعلام الاجتماعي، ويعرف مكاسب اتساع طبقة المعلومات والأفكار رقمياً، بفضل ثورة الاتصال، وانعكاسها على التنمية والازدهار. نعم، هناك «عبث وفوضى»، وقد شاهدنا عناوينها وتفاصيلها في التفاعل مع الحدث اليمني الأسبوع الماضي. تابعنا أكثر من وسم، وقرأنا تغريدات ضارة بسمعة الإمارات، تزامناً مع ضربات وجهتها قواتنا المسلحة للميليشيات الإرهابية في عدن، ومع حملات مكثفة تشنها علينا قطر وتركيا وخلايا الإخوان المنتظمة في جيوش إلكترونية على اتساع الشبكة. لدينا معركة جدية مع الإرهاب في اليمن، ولا يجب أن تكون تحت رحمة مغرد، أعجبته جملة معينة، فأطلقها وسماً، وتبعه آلاف المؤيدين. بعض مَن غرّد مطالباً بانسحاب قواتنا من اليمن،…
الخميس ٢٩ أغسطس ٢٠١٩
هل بات «الإخوان» عبئاً سياسياً ثقيلاً على الرعاة في الإقليم، ولا سيما في محطتي الهروب والاختباء التركية والقطرية، بعد تزايد الانسحابات من الجماعة، والتعبيرات الشبابية الغاضبة داخل قواعد «الإخوان» من مركزية القرار لدى قياداتهم الهاربة، والاستئثار بمزايا ضيافة الممولين، وما إلى ذلك من صفقات ومصالح تجارية، في إطار بيع الوظائف والأدوار وشرائها. الواقع، أن أصواتاً عالية ومسموعة في تركيا وأوروبا والعالم العربي بدأت فعلاً في تقليب ملف حضور «الإخوان» في الدول الراعية، وإحصاء مقدار الخسارات، والفرص السياسية والاقتصادية الضائعة، جراء إيواء أشخاص مدرجين على معظم قوائم الإرهابيين في المنطقة والعالم، وما يتبع ذلك من سمعة سيئة وفقدان ثقة في المجتمع الدولي. العبء «الإخواني» على تركيا واضح، ولا تخفيه أحاديث السياسيين. الشهر الماضي، نصح زعيم المعارضة في البرلمان التركي كمال كيلتشدار أوغلو بلاده بـ«التخلص من الإخوان»، وخاطب رجب طيب أردوغان، بصفته الحليف الأول للجماعة، بأنه «إذا أرادت أنقرة ألا تخسر في السياسة الخارجية، فعليها التخلي عن الإخوان، والتصالح مع مصر». هذا جزء من تيار داخل الحياة السياسية التركية، يرى بأن أردوغان أضر بمصالح تركيا مع العالم العربي وأوروبا، عندما وفّر بعد 2011 ملاذاً آمناً لقيادات إخوانية في بلاده، ورأى كثيرون في هزيمة مرشح حزب «التنمية والعدالة» في بلدية إسطنبول مؤخراً، تعبيراً آخر عن سخط شعبي على أردوغان، ورفضاً لدعمه «الإخوان»، والمقامرة…
الثلاثاء ٢٣ يوليو ٢٠١٩
تجني الإمارات كل يوم ثمار صدقيتها واتزانها في المشهد الدولي. الحفاوة الصينية بزيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تؤكد مكانته قائداً عربياً واثقاً بقدرة بلاده على مجاراة العالم المتقدم، فاسم الإمارات بات مرادفاً للدول الحديثة التي حققت معدلات عالية في التنمية والازدهار، في عقود قليلة، مثل غيرها في آسيا، القائدة المقبلة للقارات. نحب أن نرى كيف يستقبل بلد عظيم مثل الصين قائداً إماراتياً. وسم زيارة سموه تصدر ترند الإمارات في وقت قصير. تابعنا الاستقبال الاستثنائي الذي بدت فيه احتفالات تراثية وشعبية، ولاحظنا ارتفاع مستوى الحفاوة في الضيافة، وهذا شأن أساسي لبنات وأبناء الإمارات، يزيدنا ثقة وطموحاً ببلادنا وقيادتنا، فنحن نعرف أن بلادنا نجت من شرور السنوات الماضية في المنطقة بالحكمة والولاء للبيت المتوحد، وأن العالم ينظر إلى ذلك بكثير من الإعجاب الواضح في عمق العلاقة بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس الصيني شي جي بينغ. أحببنا ما رأيناه، وندرك أن الشعب الصيني يعرف كثيراً عن الإمارات، فمعهد الشيخ زايد لتدريس اللغة العربية في بكين، يخرِّج أفواجاً من الصينيين الناطقين بالعربية، منذ العام 1994، وقد تكفل ببنائه وتجهيزه، رحمه الله، ومد بزيارته إلى الصين في العام 1990 جسوراً قوية لعلاقة مثالية بين البلدين، تتعدى مفهوم التعاون…
الإثنين ٢٢ يوليو ٢٠١٩
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يتوجه هذا الأسبوع إلى الصين، استمراراً لسلسلة طويلة من اللقاءات المتواصلة بين قيادتي البلدين في الأعوام الأخيرة اللتين تتطلعان إلى تعميق الشراكة الاستراتيجية في راهنها، والاستعداد لمستقبل واعد، ربما يغير معادلات القوى والمراكز في العالم، مع صعود مؤشرات عدة على الثقل الكبير لآسيا القريبة جداً لنا، وللصين، القطب المنادد الجديد. تشير الأرقام إلى أن «نحو 60 % من التجارة الصينية يعاد تصديرها عبر موانئ الإمارات إلى أكثر من 400 مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، إلى جانب أن الدولة ثاني أكبر شريك تجاري للصين، مع احتفاظ الإمارات بموقعها بين أكبر الدول تصديراً للنفط، لهذا العملاق الآسيوي، المنافس المقلق لكبار المراكز السياسية والاقتصادية في عالم اليوم. هذا جزء من علاقة متراكمة ومستمرة بين البلدين، بعد 35 عاماً على بدء علاقاتهما الدبلوماسية، وهذه انعكاسات لقوة الصلات التاريخية بينهما في أكبر قارات العالم مساحة، وأكثرها اتساعاً في الأسواق والفرص، بما يثير نقاشاً وتساؤلات في أميركا وأوروبا، فالصين تنهض إلى جوار قوى أساسية أيضاً كاليابان وكوريا الجنوبية والهند في تكتل سكاني قاري، يزيد قوامه على أربعة مليارات نسمة، ويشكل أكثر من 60 % من البشر. العام الماضي، سجّل التبادل التجاري بين الإمارات والاتحاد الأوروبي نحو 47 مليار دولار،…
الإثنين ١٥ يوليو ٢٠١٩
يتحدث الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله عن التوتر في المنطقة، متقمصاً شخصية أي جنرال إيراني، يرفع قبضته، ويسرف في النبرة الدعائية والعدائية ضد الإمارات والسعودية، في مناسبة الذكرى الثالثة عشرة لمغامرة حزبه العبثية في حرب يوليو 2006، التي كلفت لبنان أكثر من 1200 قتيل، وآلاف الجرحى، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، ويبدو أنه لا يزال عالقاً في تلك الحقبة، ولَم يستوعب المتغيرات والزلازل اللاحقة في الشرق الأوسط. المقابلة لقناته «المنار»، وقد كرر فيها لغة الإعلام الرسمي الإيراني، بكثير من الوعيد والتهديد، وأعاد لنا سيلاً من ذكريات التاريخ القريب، عن محو إسرائيل من الخريطة، والقدرة على تدميرها من حيفا إلى إيلات، ولَم يخرج عن المتوقع حتى في تخيله قدرة الردع الإيرانية على مواجهة العالم بأسره، متجاهلاً أزمة حليفه الاقتصادية الخانقة، التي بلغت أسوأ مراحلها مع انهيار عملته، وعجزه عن ضبط الاحتقان الشعبي، المدفوع بالتضخم وغلاء المعيشة والبطالة. الواقع، أن لهجة حسن نصرالله في الأشهر الأخيرة تحديداً، تعكس جانباً مهماً من أزمة إيران، وذلك قبل أزمات «حزب الله» المتعددة في سوريا ولبنان، وأذرعه في اليمن. فهو يحاول التغطية على مجازفات طهران في الإقليم، التي بلغت أقصى توترها وانفعالها وتخبطها بدعم تنظيمات إرهابية صغيرة، تفجر ناقلات النفط، وتعتدي على سلامة الملاحة في الإقليم، بسلوك عصابات، لا يستقيم مع الدعاية المركزة عن «دولة…
الأربعاء ١٠ يوليو ٢٠١٩
منذ 25 مارس 2015، تتمسك الإمارات بثوابت أساسية تجاه اليمن الشقيق. لم تتغير ميدانياً وسياسياً، إلا وفق اعتبارات المعركة على الأرض، وتبعاً لما يقرره العسكريون من انتشار تكتيكي في هذه المنطقة أو تلك، أو لدعم قوات الشرعية في خريطة الحرب، أو لدرء الأذى عن المدنيين، فنحن إزاء عدو، يعتبر الأحياء السكنية، والمستشفيات، والمساجد أهدافاً حيوية لإرهابه الأعمى. مثلاً، فإن إعادة انتشار قواتنا المسلحة في الحديدة، لأغراض تكتيكية، تصب في هذا الاتجاه، مثلما هو الحال في نهوض الإمارات بمسؤوليات ميدانية لقطع إمدادات الحوثي، عبر الموانئ، وكذلك الأمر بالنسبة للعمليات الحربية التي حالت دون طموح القاعدة وداعش في إنشاء تشكيل تنظيمي في المكلّا، واستنساخ تجاربهما السابقة في سوريا والعراق. طبيعة العدو، ومصادر موارده، وتوحشه ضد المدنيين، دوافع أساسية وراء تحريك القوات ونشرها، تبعاً لاعتبارات عسكرية بحتة، تحسب مخاطر الإرهاب على المدنيين بدقة، غير أن الثوابت الإماراتية ما تزال في مساراتها الأساسية: القضاء على إرهاب الحوثي وحلفائه، وتثبيت أركان الشرعية، والحل السياسي، وخلال ذلك كله، تخفيف آثار الحرب على الشعب اليمني، باستدامة المساعدات التنموية والإنسانية، التي بلغت أكثر من 20 مليار درهم في الأعوام الأربعة الأخيرة. والحوثي، الوكيل الإيراني الواضح، يعلم تزايد خساراته العسكرية، وانكشاف أكاذيبه الإعلامية، إلى جانب انعدام صدقية روايته حول ما يحدث على الأرض، على الرغم من ضخامة الإنفاق الإيراني…
الأحد ٣٠ يونيو ٢٠١٩
ثمة إنجاز وطني على الأرض، بعيداً عن التجاذبات والصراخ السياسي في المنطقة. ثمة مواطنون يعملون بإخلاص وصمت، وسط هذا الضجيج الإعلامي من حولنا، وحين نواصل بهذه الدافعية والابتكار، فذلك لأننا اختبرنا سنوات طويلة من الصراعات المحيطة والأزمات القريبة والبعيدة، ولَم نجد ما ينفعنا إلا في نهضة بلادنا، وعلو شأنها في الإقليم والعالم. نتذكر مفاصل الأزمة المالية العالمية، وما تخللها من حروب وفوضى، قبل أعوام قليلة. نتذكر المشروعات السياسية الدولية، والتبشير باليأس والخراب وانعدام الفرص في المنطقة. لا ننسى أننا خلال ذلك كله، أنجزنا عشرات المشروعات الاقتصادية الضخمة، ودخلنا مراحل متقدمة من التصنيع والاندماج في الثورة الصناعية الرابعة، وفِي الوقت نفسه، حافظنا على بلادنا من شرور التطرف، ونظرنا في مصلحتنا الوطنية قبل كل شيء، وكلما زادت الزلازل من حولنا، تمسكنا بالاستقرار وأضفنا إلى مشروعنا منجزاً وطنياً جديداً. كانت النهضة الإماراتية ولا تزال على قدر كبير من التخطيط والإصرار على مواصلة البناء. ذلك أن الدول الراسخة أمناً واستقراراً ورخاء اقتصادياً، لا تقع فريسة للخوف والقنوط من المستقبل. ونحن كذلك، واجهنا التطرّف والإرهاب، وساعدنا أشقاءنا العرب على العبور من عتمته بالتنوير الثقافي، وبالتنمية الفاعلة، وتوازياً ظلت ورشة الإنجاز الإماراتية محافظةً على شجاعتها وقوتها وزخمها، بكل ما تعنيه الثقة بالذات من معانٍ ودلالات وشواهد. في الأيام المتوترة الماضية، حيث ارتفعت موجات التشنج هنا وهناك،…
الثلاثاء ١٨ يونيو ٢٠١٩
توطين الاستثمار مثل جلبه، يحتاجان إلى تشجيع حكومي وتسهيلات إجرائية في الدخول إلى الدولة، والإقامة، والاستقرار المعيشي والعائلي، وهذا الشأن بات هاجساً لكثير من الدول في السنوات الأخيرة، في إطار التنافس على جذب رؤوس الأموال الإقليمية والعالمية، بصفتها عاملاً قوياً من عوامل تنشيط بيئة الأعمال، ودورة الاقتصاد عموماً. بعد الأزمة المالية العالمية الأخيرة، أصبحنا نتابع سباقاً إعلانياً بين هيئات تشجيع الاستثمار في عددٍ من قارات العالم، لإغراء المستثمرين بتوطين أعمالهم في مشروعات تجارية، في مقابل تسهيلات في الإقامة والضرائب والرسوم، ولاحظنا أن الأزمة العقارية التي اجتاحت معظم العالم كانت محركاً أساسياً لذلك، فتملّك شقة سكنية في إسبانيا، أو البرتغال، أو لاتفيا، بسقوف سعرية محددة، يمنح صاحبها إقامة في الاتحاد الأوروبي، ويعفيه من تعقيدات تأشيرة «شينغن» في حرية الحركة بين دول الاتحاد. «الإقامة الذهبية» التي دشنتها الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية، قبل أيام، لا تحتاج ضامناً، وتضع حلولاً مباشرة لأوضاع مستثمرين يعيشون في الإمارات منذ سنوات، ولآخرين، تسعى الدولة إلى جذبهم نحو مناخ الاستثمار المحلي، والاستفادة من متانته، وفرصه، وعوائده التجارية المجزية، فهذا النوع من الإقامات يستهدف أولاً نحو سبعة آلاف مستثمر مقيم في الدولة، وهؤلاء مؤهلون لـ«الإقامة الذهبية» خمس أو عشر سنوات، قابلة للتجديد، وفقاً لحجم رأس المال، فضلاً عن توفير بيئة صديقة للاستثمار في بلادنا. «الإقامة الذهبية» ليست فقط تجاوباً…
الأحد ١٦ يونيو ٢٠١٩
من الولايات المتحدة إلى أوروبا والصين، ينشغل السياسيون والمبرمجون وخبراء أمن المعلومات بجدل واسع حول تقنية الجيل الخامس للاتصالات «جي 5»، يتفرع إلى أكثر من وجه لهذه الثورة العالمية الجديدة، ومكاسبها المعرفية الهائلة، وأهميتها في التقدم البشري، مثلما يطال النقاش مخاطرها في فتح المجال أمام سيطرة «إنترنت الأشياء» على حياتنا، دون القدرة على الردع البشري، وكذلك جوانب تتعلق بالتجسس واختراق المعلومات الأمنية الحيوية للدول. هناك قلق عالمي وترقب. وأيضاً هناك مَن يطالب بالانتظار إلى حين التدشين الرسمي للتقنية، المتوقع العام المقبل، كما في بعض الدول الأوروبية. أما الولايات المتحدة، فعبرت بوضوح عن مخاوفها من نفاذ الصين إلى شبكتها المعلوماتية الخاصة، ومنع الرئيس دونالد ترامب الشركات الأميركية من بيع منتجاتها إلى شركة «هواوي» الصينية، على الرغم من أن ذلك يلحق ضرراً بالشركات الأميركية نفسها. ما يهمنا في الإمارات، أننا لسنا أقل انشغالاً من العالم بكل وجوه ثورة الجيل الخامس، وسنكون من أوائل الشعوب التي تستفيد من إمكاناتها وقدراتها، في الوقت الذي تحمي فيه الأطر التشريعية والتنظيمية خصوصية المعلومات، وأمنها، وهذا يتصل بقوانين عدة، وكذلك ببروتوكول الإنترنت في الإمارات، وبالشروط التي تضبط بموجبها الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات عمل مزودي خدمات الاتصال. لا نقلل من شأن القلق في العالم، لكن أعددنا ما ينبغي لاستقبال «جي 5»، وسنراقب مع غيرنا مستقبلها. الأهم هو…
الأربعاء ١٢ يونيو ٢٠١٩
في 19 سبتمبر 2016، دهس إرهابي كان يقود شاحنة عشرات المتسوقين في سوق عيد الميلاد في مدينة برلين، فقتل 12 شخصاً، وجرح كثيرين، في جريمة، تبناها تنظيم «داعش»، وشكّلت صدمة كبيرة للدولة الاتحادية، التي كانت من أوائل دول القارة الأوروبية ترحيباً باللاجئين السوريين، مثلما ظلت طوال العقود الماضية الأكثر دعماً وتعاطفاً مع قضايا العرب، والمنطقة عموماً. اليوم، يزور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان النصب التذكاري لضحايا هجوم برلين، في خطوة تتجاوز الأبعاد الرمزية والبروتوكولية، إلى موقف إماراتي ثابت من الإرهاب ومراجعه الفكرية، وأذرعه، وبيئاته وحواضنه الثقافية والاجتماعية، وإلى رسائل سياسية، تدعو المجتمع الدولي إلى الاقتراب أكثر فأكثر من فهم منطقتنا، ومنطلقات الصراع فيها، وكيف عبثت تنظيمات ودول متطرفة بالإقليم، ولا تزال ترسل الإرهابيين لإطلاق الصواريخ، وتفخيخ السفن. ألمانيا الاتحادية تستقبل سموه للمرة السادسة، منذ العام 2006، ثم ثلاث زيارات للمستشارة أنجيلا ميركل إلى الإمارات، وبين البلدين أطر وقنوات كثيرة للتعاون السياسي والاقتصادي واتفاقيات علمية وشراكات تجارية، وتعتبر الإمارات مقراً إقليمياً لعشرات الشركات الألمانية، وتتطلع الدولتان إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى أكثر من 48 مليار درهم في 2017. ومن المعروف عن السياسة الخارجية الألمانية أنها تولي اهتماماً استثنائياً بعلاقتها مع الدول العقلانية المعتدلة، ويعتبر ذلك أساساً للعلاقات الاقتصادية، ويتيح مزيداً من الثقة المتبادلة، التي تمنح أفضلية…
الخميس ٣٠ مايو ٢٠١٩
مهما كان سقف التوقعات منخفضاً في الشارع العربي إزاء التئام القمم، إلا أن انعقادها على نحو عادي أو استثنائي، يظل مصلحة عربية، وإن حققت أدنى الطموحات في لقاء القادة، وإصدار بيان ختامي، يؤكد في النهاية أن ثمة منظومة مؤسسية للعمل العربي المشترك، وعلى من يريد أن يكون جزءاً منها أن يراجع مواقفه واصطفافاته في الإقليم، خصوصاً على وقع التصعيد العسكري، واستعراضات القوة والهيمنة في المنطقة. قمتان طارئتان، عربية وخليجية، دعا خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، لانعقادهما في مكة المكرمة اليوم، وهما لا تنشدان المستحيل، حين تضعان الدول العربية أمام استحقاق مواجهة التهديدات والأطماع الإيرانية في محاولات الهيمنة على القرار والأرض والمياه في المنطقة، والانفراد بتقرير مصائر دول، تحتل مقاعد في الجامعة العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية. إيران هي إيران، مرشدها الأعلى يتحدث عن لجان ثورية، تتابع قضايا المسلمين في العالم، بكل ما ينطوي عليه ذلك من استعلاء وأوهام، وهو يعني خريطة مذهبية، يحلم برسم حدودها وألوانها، فيما وزير خارجية طهران يجول في آسيا، محاولاً إقناع قادتها بأن الأزمة إيرانية-أميركية فقط، ولا تتعلق بالتهديد المباشر لدول عربية، والتدخل في شؤونها، ولا بإرسال الإرهابيين للاعتداء على السفن في المياه الإقليمية، ولا بتهريب الصواريخ إلى الحوثي، لاختبار مداها في السعودية، حيث أقدس بقاع الأرض، وحيث مكة المكرمة؛ المركز الروحي للمسلمين…
الثلاثاء ٢٨ مايو ٢٠١٩
الإدارة العامة أكثر الأنظمة الحكومية عرضة للانتقاد، وأحياناً السخط في العالم العربي، فالنتائج تشير غالباً إلى سطوة المركزية، وشيوع الممارسات القديمة في التعامل مع الموارد البشرية، وزيادة الترهل والبطالة المقنعة، والأسوأ يكمن في تجاوز القوانين، وانتشار الفساد الإداري. ومع أن الثورة الصناعية الرابعة، فتحت آفاقاً كبيرة أمام تحديث إداري عام في الإدارة وفلسفتها ومناهجها، إلا أن مستوى الرضى الشعبي عن كفاءة الإدارة العامة عربياً، لم يتغير عن العقود الماضية، فليس المهم أن نستخدم الكمبيوتر والهاتف والتطبيقات الرقمية الجديدة في العمل الحكومي، إذا لم نكن قادرين على استيعاب التكنولوجيا، بوصفها أداة تطوير وحداثة. لدينا في بعض الدول العربية أشكال وممارسات إدارية موروثة من عصور وجود العثمانيين والبريطانيين والفرنسيين في منطقتنا، وهي وإنْ أصبحت تاريخاً مستقراً في الأرشيف بالنسبة لهم، إلا أن بعضها لا يزال مطبقاً في أكثر من بلد عربي، ما يستدعي وضع تحديث النظام الإداري العربي في رأس أولويات العمل العربي المشترك، فإنْ لم ننجح سياسياً في بناء تكتل إقليمي عربي، تحت مظلة الجامعة العربية، فلا أقل من أن نصنع أكثر من فارق في بلورة أنظمة إدارية قادرة على التكيف مع القرن الحادي والعشرين. صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أطلق قبل أيام «جائزة التميز الحكومي العربية»، بالتعاون بين حكومة الإمارات والمنظمة العربية للتنمية الإدارية في جامعة الدول…