«وطنيون».. وقت الأزمات!

الخميس ٠٨ مارس ٢٠١٢

وقت الأزمات والأحداث الإقليمية المرتبكة، تظهر حولنا جماعات تظن أنها وحدها الوطنية وغيرها مجرد “قطيع” من الخونة. لغتهم شاتمة مشككة في النوايا ولا يسلم من أذاهم إلا من رحم ربك. يظنون أنهم من يدافع عن الوطن فيما هم أسوأ من يسيء له. في الأشهر القليلة الماضية تعرض العشرات من المثقفين في الخليج لبذاءات هذه الفئة التائهة في جهلها بالوطنية. هل من الدفاع عن الوطن أن تتبرقع بالاسم المستعار في مواقع التواصل الاجتماعي وتمارس القذف والشتيمة باسم الوطنية؟ وهل يخدم الأوطان من يسخر من أشكال المثقفين وأسمائهم وأصولهم فقط لأنهم آمنوا بالنقد من أجل تحسين أحوال أوطانهم؟ هذه الفرقة من محترفي الشتيمة تزايد – بقلة أدبها وجهلها – في “وطنيتها” حتى على بعضها البعض. لكن أدواتها لا تخرج عن تهم التآمر على الوطن والطعن في وطنية رموز تنويرية محترمة لأن تلك الرموز غالباً ما تتحدث لغة لا يفهمها هؤلاء البواسل المقنعين. الحمد لله أن هذه الفئة هي القليلة في الساحة وإلا قلنا مسكين وطن هؤلاء من يدافع عنه! إنهم يريدون اختزال الوطن في فكرة واحدة. وفي فريق واحد. ورأي واحد. يصادرون كل رأي ناقد. لا يفهمون أن النقد ضرورة وطنية تزداد أهميتها في زمن كثرت فيه التحديات والمخاطر. من حقك أن تمتدح ما شئت من مشروعات وأفكار وسياسات. لكن ليس من…

حكمة الأولين

الأربعاء ٠٧ مارس ٢٠١٢

كان كبار السن في قريتنا – وكنا صغاراً لا نفكر في غير يومنا- يرددون على مسامعنا: “اغتنم شبابك لمشيبك”! وكعادة الصغير الذي يظن أن الكبار في واد والحكمة في واد آخر، ما كنا نبالي بنصائح الكبار وتجاربهم. تمر السنون وإذا بحكمة الكبار تطل برأسها، كأنها تصرخ فينا: لماذا تجاهلتموني وقتها وسخرتم بي؟ نقل عن الكاتب الأمريكي الشهير مارك توين أنه قال يوماً: حينما كنت مراهقاً كنت على قناعة أن والدي لا يفهم شيئاً. وحين كبرت قليلاً أدركت أن أبي رجل في غاية الذكاء! ما أن يبلغ المرء منا الأربعين حتى يؤمن أن أباه رجل أوتي الحكمة من أوسع أبوابها! من يشاركك الحكمة يختصر لك الطريق. ومن ينصحك اليوم كان قد لسعته تجارب الإخفاق في الأمس. في الحياة مشتركات إنسانية تنبع منها حكمة الكبار. لا فرق هنا إن كنت حاصل على أعلى الشهادات أم لا تقوى على فك الحرف، كبير عشيرتك أم صغيرها، كثير الغنى أم شديد الفقر. كم من حكمة نطق بها آخر من كنا نظنه سينطق بها. وكم من تجربة ألهمت بعضنا على المغامرة والإبداع. الإخفاق يصنع أحياناً حكمة في العمل والصبر والصمود في وجه المصاعب وهواجس الانسحاب. لكن الاستماع -بالعقل والقلب معاً- لحكمة الكبار ربما اختصر أمامنا طرقاً وقادنا لتحقيق منجز أو تجنب أزمة. كلما كبرت سنة كلما…

اخلع عباءة العروبة!

الثلاثاء ٠٦ مارس ٢٠١٢

بدأت في كتابة هذه المقالة في براغ قبل سنة! أشعر بامتنان كبير للظروف التي هيأت لي أن أقضي إجازاتي خارج العالم العربي ولا تراودني أية مشاعر “بالذنب” لأنني – شخصياً – قد حسمت أمري منذ سنوات وقررت ألا أقضي إجازة، قصيرة أو طويلة، في أية مدينة عربية. و نصيحتي للأصدقاء بأن يقضوا إجازاتهم خارج العالم العربي أو يبقوا في بيوتهم معززين مكرمين بين أهلهم و ذويهم. يقول أهل قريتي، في غابر الزمان: “من خرج من داره قل مقداره”. لكنه مثل يجسد حال الإنسان العربي حينما يغادر داره إلى ديار “إخوانه” العرب. إن أجدادي من البدو و الحضر لو اكتشفوا العالم الجديد لعرفوا أن العربي يقل مقداره حينما يزور بلد أخيه العربي و يزداد مقداره حينما يزور بلدان العالم الآخر، خصوصاً خارج حدود البلاد التي ذبحتنا قياداتها بالحديث الطويل عن الأخوة والعروبة! في مدينة بولونيا الإيطالية ، شربت قهوتي في مقهى صغير ثم تركت قيمة القهوة على طاولتي وذهبت. في منتصف الشارع المقابل، كانت النادلة تطاردني لتعطيني “الباقي” من المبلغ الذي تركته على الطاولة وهو لا يتجاوز دولارا واحدا. وفي روما قررت شراء قميص فنصحني البائع أن أنتظر لليوم التالي ووعدني أن يحجز لي القميص. لماذا؟ لأن تنزيلات بنسبة %30 ستبدأ في اليوم التالي! وفي التاكسي، في براغ -كما في كل…

تسليح الجيش الحر

الإثنين ٠٥ مارس ٢٠١٢

بعد انكشاف جرائم بشار الأسد في حي بابا عمر قبل يومين، لم يعد مثار جدل أن نلح على أهمية تسليح الثوار السوريين الأبطال. الأسد يراهن على الحل الأمني. والحل الأمني في فهمه لا يتوقف فقط على مسح أحياء سورية كاملة عن وجه الأرض. إن المسألة بالنسبة لنظام الأسد هي مراهنة أخيرة على مواجهة ثوار سورية بكل ما أوتي من قوة أمنية تمارس عبرها “شبيحته” أبشع أشكال الجريمة وأمام العالم كله. لا حل في الأفق إلا بمواجهة مسلحة لنظام الأسد. وثوار سورية لا ينقصهم سوى السلاح وأجهزة الاتصال المتقدمة والدعم السياسي العلني كما تفعل اليوم دول مجلس التعاون. أما ما سوى ذلك فلا يخدم سوى الأسد الذي يعطي للخارج وعود الإصلاح الكاذبة فيما يمارس أبشع المجازر في الداخل. عار على العالم كله أن يستمر الأسد في ممارسة جرائمه ضد الشعب السوري وثمة من لايزال يبحث عن حلول سياسية مع نظام لا أمل في إصلاحه. بل إنه الآن -كما كتب قبل يومين محمد رشيد في العربية نت- يسعى “لإبادة السنة على أيدي السنة”. فالتركيبة الطائفية لقوى الأمن والجيش السوري جعلت القيادات النافذة فيها علوية خالصة فيما البقية، من صغار الضباط والجنود، هم من السنة. وحينما يُمكُن الجيش الحر من السلاح المتطور فإن انضمام الآلاف من صغار الضباط والجنود لصفوفه ستصبح مسألة أيام.…

حدد موقفك!

الأحد ٠٤ مارس ٢٠١٢

على فنجان قهوة قبل أيام مع الزميل العزيز علي الظفيري كنا نتندر على أولئك الذين يفترضون في الكاتب أن يكون له موقف قاطع من كل قضية وخبر في محيطه أوخارجه. من قال إن الكاتب ملزم باتخاذ موقف من أي قضية في محيطه؟، تصلني أسئلة كثيرة من مثل: لماذا لم تقل رأيك في قطار مكة؟، قلت لسائلي: اللهم أكثر من قطاراتنا داخل مدننا وبين مناطقنا. آخر يسألني: ما موقفك مما يحدث في البحرين؟ وثالث يسأل: لماذا لم تقل رأيك في رحلة علي عبدالله صالح العلاجية لأمريكا؟، يسأل علي الظفيري: هل يظن من يلح عليّ بمثل هذه الأسئلة أنني وزارة خارجية عربية ملزمة بأخذ موقف من كل ما يحدث في المنطقة؟، آخرون يريدون الزج بك في جدالات أنت -في الأصل- تنأى بنفسك من الدخول في شباكها. أُفضل ألا يكون لي موقف من أي قضية على أن يكون لي رأي مستعجل طرت به في “عجة” التكالب المخيف على تسجيل النقاط وما يتبعها من مزايدات. بعضنا يستعجل في تسجيل موقف أو رأي تجاه قضية لم يفهمها جيداً أو لم يدرك كل أبعادها، ما ظهر منها وما بطن، ثم تأخذه العزة بالإثم؛ فيكابر مدافعاً عن رأي يدرك في قرارة نفسه أنه خطأ. وآخرون ينتظرون الى أين تتجه بوصلة المواقف، ثم يركبون الموجة التي تقود لمصلحة…

ما عرفتني؟

السبت ٠٣ مارس ٢٠١٢

يرن هاتفك برقم لا تعرفه.. تجيب وأنت في زحمة العمل.. يأتيك صوت غريب يسأل إن كنت فلانا فتجيب: نعم. فيعود لتكرار مقدمات طويلة من مثل كيف الحال، وشو الأخبار، ويا الله كم أنت قطوع. يأتي دورك في السؤال: من معي؟ فيجيبك بسؤال آخر: معقولة.. ما عرفتني؟ فتجيب بلغة قاطعة أنك لم تعرف المتصل وتكرر السؤال: من معي؟، فيأتي الجواب: يا رجل.. حاول تعرف من أنا، تبلغه أنك مشغول أو على وشك الدخول لاجتماع، فيرد عليك: الله يا الزمن، صرنا مشغولين ونتكبر على الناس!، تسأل للمرة العاشرة: من معي؟، فيمتحنك: حاول تتذكر! ولا تصل معه لأي نتيجة. الفاضي يعمل قاضي كما يقال. ما الحل إذن؟ صديقي مازن العليوي يقفل الهاتف في وجه المتصل الذي يبادره بالسؤال: ما عرفتني؟، أما أنا فصرت بعد الدقيقة الأولى من اللت والعجن في: ما عرفتني أنهي الاتصال وسامح الله من أعطى رقمي لهذا المتصل الغثيث. ما الفائدة من امتحان ذاكرتي؛ لمعرفة إن كانت محتفظة بصوت المتصل الذي ربما لم أره منذ سنوات، أو ربما قابلته في حياتي مرة واحدة؟ ولماذا نضيع وقتنا ووقت غيرنا في هذه المزحة الثقيلة؟، وإذا كان هذا النوع من «الغثيثين» لا تعنيه قيمة الوقت، بل ربما لا يعرف للوقت قيمة، فما ذنب مستقبل اتصاله -في الطرف الآخر- وهو يحاول بكل ما أوتي…

كيف كنا؟

الجمعة ٠٢ مارس ٢٠١٢

حينما كنا صغاراً كان الأكبر منا سناً يحدثنا عن تعب الحياة يوم كان في عمرنا. ظننا أننا أكثر حظاً ممن قبلنا. وحينما كنا نذهب للمدرسة في صندوق سيارة نقل قديمة كان الجيل الذي يكبرنا قليلاً يخبرنا كم كنا محظوظين لأننا لم نذهب للمدرسة على ظهر حمار أو مشياً على الأقدام. وتمر السنون وإذا بجيلي يخاطب من بعده بذات المنطق ونفس اللغة: يا لكم من جيل محظوظ: تذهبون للمدرسة بسيارات مكيفة! قبل أيام سمعت من يصغرني يتحدث عن معاناته أيام الدراسة: كيف استطعنا النجاح من دون إنترنت؟ وكيف كنا نذاكر من غير قوقل؟ ولن أستغرب لو جاء زمان يقول فيه بعضنا: محظوظ شباب اليوم: يطيرون بمركبات طائرة للمدرسة! الحقيقة أن الحياة تتجدد كل يوم بمعطيات التقنية ومنتجاتها. وما كنا نظنه ترفاً بالأمس صار اليوم ضرورة حياة. كل شيء حولك الآن يعطيك فرصة ذهبية لإثبات قدرتك على التجدد والتفاعل مع الجديد من المنتجات والأفكار. حتى في هذه اللحظة التي أكتب فيها ما تقرأه الآن، يمكنني أن أسأل نفسي: يا إلهي: كيف كنت أستطيع الكتابة من دون كومبيوتر؟ وما زالت الإبداعات المتواصلة في العلوم وتكنولوجيا الاتصال تبشر بمزيد من الابتكارات الهائلة مما سينعكس حتماً على نمط حياتنا وطرق تفكيرنا ومستقبلنا. باب الإبداع متى ما فتح لا يمكن إغلاقه. أبواب الابتكار تفتح أبواباً أخرى…

إن لم تكن «ولدنا»!

الخميس ٠١ مارس ٢٠١٢

حينما يعبث “ولدنا” بأموال غيره فهو معذور لأنه في آخر النهار يظل “ولدنا”. إنه في كل الأحوال من دمنا ولحمنا! وإن قال غيره ربع ما قال قامت دنيانا ولم تقعد. وما يخسأ إلا كل من هو خارج دائرة “ولدنا”، كيف يجرؤ على نقدنا؟ كل زلة مغفورة لـ”ولدنا”. ما يحق لـ”ولدنا” لا يحق لغير “ولدنا”. وبغض النظر عن المؤهل والقدرات، “ولدنا” هو الأجدر بثقتنا وبمناصبنا وبهدايانا وكل امتيازاتنا. يخطئ فنسامحه. ينتقد فنعاتبه عتاب الأب لابنه والأخ لأخيه. يقول في الإعلام كلاماً لو قاله غيره لقطعنا لسانه، نتجاوز عنه ثقة في حسن نيته وطيب مقصده. إنه دائماً وأبداً “ولدنا” الوفي مهما أخذه الحماس حيناً أو ضلله بعض “الحاقدين” حوله من أولاد الجيران وجيران الجيران! هذا الـ”ولدنا” ميزه الله عن غيره بأنه مهما قال أو فعل يبقى منا وفينا. ولدنا هذا كان أجداده من أقرب الناس لأجدادنا. جده رعى الغنم في طفولته مع جدي. وأبوه صادق أبي. وأخوه شارك في التجارة أخي. أحياناً يكون هذا الـ”ولدنا” من أطراف جماعتنا لكنه يبقى منا وفينا مهما قال ومهما انتقد. أما غير “ولدنا” -حتى وإن حرث البحر أملاً في إقناعنا بصدق نواياه- فهو دخيل علينا، قلبه مملوء بالحقد والتآمر، وليس مكاناً لثقتنا حتى وإن حمل أعلى الشهادات أو عمل في أرقى المؤسسات! ••• إن أرادت بلداننا…

يا سعيد!

الأربعاء ٢٩ فبراير ٢٠١٢

يا سلام عليك يا سعيد! قلتها مباشرة بعد أن قرأت مقالة الزميل العزيز سعيد الوهابي الأربعاء الماضي بعنوان “لا حرية لا كتابة“. أعدت قراءة المقالة ثانية وثالثة، ثم دعوت الله أن يحميك يا سعيد من شباك أولئك الذين نسوا كل شيء حولهم وتفرغوا للاصطياد في المياه العكرة -وهي فعلاً عكرة جداً- عسى أن يظفروا بضحية من مخالفيهم ليعلنوا انتصارهم أمام هزائمهم الكثيرة! نحن يا سعيد في زمن محاكم التفتيش الجديدة. فشبيحة الفكر تطاردك في كل سطر وكل كلمة. فإما أن تقول بما يملونه عليك، في مصادرة قبيحة لرأيك ورؤيتك، وإلا هجموا عليك -بكل غضبهم المكبوت- وأطلقوا عليك تهم الضلال والعمالة والخيانة. هم الوطنيون وغيرهم خونة. وهم الحق ومن سواهم الباطل. هم الصادقون ومن يختلف معهم في صفوف المنافقين والمتآمرين و”زوار السفارات”. بعضهم يختزل الدين العظيم في فهمه وحده. ويختزل الوطن الكبير بتنوعه في رؤيته وحده. إنهم لا يرون من الألوان سوى الأبيض والأسود. ولا يعرفون من فصول السنة سوى الشتاء بصقيعه القارس أو الصيف بلهيبه القاتل. إما أن تكون “تابعاً” لهم باصماً لهم بالعشرة على كل رأي وفكرة وجملة، وإلا فأنت من رموز العمالة للخارج، من قطر إلى الصين، ومن أمريكا إلى إسرائيل! قرأت مقالك يا سعيد فخفت عليك وأنت المبدع اليافع الحر الأنيق. خشيت عليك من جرأتك وأنت تحلم…

ياسر حارب

الثلاثاء ٢٨ فبراير ٢٠١٢

تربطني صداقة وثيقة بالكاتب الإماراتي الشاب ياسر حارب. بدأت صداقتي معه قبل أن ألتقيه. كانت هي تلك الصداقة التي تتشكل من بين ثنايا حروفه وسطوره. قبل خمس سنوات قرأت له في البيان مجموعة من مقالاته فإذا بها تأسرني بخطها التنويري وأسلوبها الممتع وأفكاره الجريئة. كان في كثير منها “مغامرة” فكرية؛ فمن يجرؤ -في مقتبل الكتابة- على تبني التنوير ونقد الخطاب السائد وكشف المستور في تناقضات الثقافة والتفكير والمجتمع؟ بادرت بالتواصل معه ثم نشأت صداقة أعمق لأكتشف أن ياسر عملة نادرة ليس فقط في وعيه وفكره، ولكن في صدقه مع نفسه. هذا الكاتب يعيش عملياً أفكاره في علاقاته ومع أصدقائه وزملائه. يصعب في مجتمعاتنا العربية أن تجد من يطبق قناعاته على نفسه أولاً. إننا في الغالب من نتاج ثقافة مملوءة بالتناقضات والمجاملات والمحاذير. من شبه المستحيل أن تعيش بأفكارك التنويرية وسط مجتمع محافظ يحاصر المفكر بأسئلة الريبة والشكوك وسوء الظنون. لكن ياسر استطاع في وقت قصير أن يكسب أغلب الأطياف الشابة، لسبب بسيط لكنه صعب: كان دائماً نفسه. لم يتصنع شيئاً آخر. في كتاباته في تويتر فلسفة وحب وفكر ورؤية إيجابية للحياة. مع ياسر أنت مع شاب إيجابي يتطلع للمستقبل بروح مبادرة. وبمعرفته وثقافته وطيب شخصيته تشعر دوماً أنك مع “أخ أكبر” في نصائحه وصدقه وحرصه. وعلى الرغم من أنني أكبره…

السعوديون وثوار سورية

الإثنين ٢٧ فبراير ٢٠١٢

مرة أخرى، يظل الموقف السعودي مما يحدث اليوم في سورية، هو أبرز المواقف السياسية الداعمة لثورة الشعب السوري ضد آلة الموت والعذاب على أيدي نظام الأسد الظالم. ولذلك جاء تأييد الأمير سعود الفيصل لفكرة تسليح الثوار السوريين في محله. علينا أن نفرق بين الأمنيات والحقائق -على الأرض- في المشهد السوري. فلا الحل السلمي ينفع مع طاغية مثل الأسد و”جماعته” ولا الجيش الحر، بإمكاناته المتواضعة، قادر على حماية المدنيين من بطش أجهزة الأمن وشبيحتها. بشار الأسد قرر -وبوقاحة- أن يغلق الأبواب في وجه أي بادرة جادة لحل سلمي ينقذ البلاد من كارثة الحرب الأهلية. بل إنه يسعى لتأجيجها أملاً في تأجيل موعد نهايته. لا حل آخر غير السلاح. وتلك حقيقة أدركها من يعرف الداخل السوري منذ اليوم الأول لاندلاع الاحتجاجات في درعا. فالإرث الأمني الذي يعشعش في رؤوس كبار ضباط الأسد من طائفته ضلل بشار الأسد؛ فظن أن تكرار مجزرة حماة في عام 1982 في أكثر من مدينة ومحافظة سورية سيسكت الثائرين وينهي ثورتهم. ومع عقلية كهذه لا يمكن أن تنجح مفاوضات سلمية. لقد حسمت غالبية السوريين موقفها وقررت الخلاص من هذا النظام إلى الأبد. لكن تزويد الثوار بالسلاح سيشجع المترددين والخائفين في صفوف الجيش السوري للانخراط في صفوف الثوار وسيعجل بالتالي بنهاية مأساة السوريين. واضح أن صبر العقلاء في العالم…

صناعة الأبطال

الأحد ٢٦ فبراير ٢٠١٢

يكتب المثقف أو يقول رأياً ناقداً، في شأن محلي أو موقف سياسي، فيجد نفسه بين ليلة وضحاها وقد أصبح بطلاً وطنياً وهو لم يقصد. بعض المؤسسات العربية تجيد صناعة الأبطال. ومن ثم تصنع أعداءها بأيديها. أحياناً عن قصد وأحياناً كثيرة عن جهل. فالمثقف -أو غيره- حينما يُضايق (بالسجن أو المنع من السفر) لأنه عبّر عن رأي مختلف تجاه موقف أو سياسة إنما نصنع منه ما لم يرده لنفسه. والنقد، عموماً، ضرورة تنموية لما توجِده من توازن إيجابي في صناعة القرار. حينما أعترض على رأيك فإنني لا أعترض بالضرورة عليك. وحينما أقترح فكرة مختلفة عن تلك التي تعودت عليها وارتحت طويلاً لها فإنني لا أقصد مطلقاً التشكيك في شرعيتك أو في قدرتك. أنا فقط أعبّر عن رأيي، وتستطيع بالحوار الإيجابي أن تقنعني بخطأ رأيي. وإن استطعت إقناعي بخطئي فلك أن أبادر بالاعتذار منك مع باقة شكر صادقة لقاء مساعدتي على رؤية ما كنت لا أرى! عندي صديق تعلمت منه مصطلح «تكبير السالفة». بعض أجهزتنا، في الخليج، متخصصة في «تكبير السالفة» حينما تلاحق رأياً عابراً ربما لا قيمة له، فتصنع له قيمة ولصاحبه بطولة. ماذا سيضير لو «كبرنا عقولنا» وتسامحنا مع رأي سياسي عابر ولا يهدد الأمن الوطني، أو قيل في لحظة حماقة أو جهالة؟ أو قيل عن طيب نية وحسن قصد؟…