سارق الوقت

الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٢

بعض الصداقات تسرق وقتك وبعضها يمنحك الوقت. ولهذا فقد تعلمت من صديقي محمد خميس أن الوقت الذي نقضيه في القراءة والكتابة هو فعلاً استثمار في المستقبل. امض وقتك فيما يضفي لك، لتجربتك، لإنجازك. محمد خميس كتب أكثر من رواية وفي انتظار صدور بعضها من دور نشر غربية. سألته قبل أيام: كيف تجد الوقت للكتابة و أنت موظف و رب عائلة؟ قال لي وكأنه يحتفي بالسؤال: أنا أسرق الوقت! يشرح: ثمة شيئان في حياتي لا يقلان أهمية عن عائلتي ووظيفتي: الرياضة والكتابة. بين الوظيفة والعائلة يسرق محمد وقته للرياضة والكتابة. تلك هي السرقة الحميدة التي يمارسها محمد خميس كل يوم. فقليلاً ما رأيته في دبي يمشي من دون حقيبته التي يخفي فيها كتاباً و كمبيوتر و نسخا من أعمال لم تكتمل. و نادراً ما قابلته من دون أن أراه يقرأ كتاباً أو يكتب رواية! إن الوقت يسرقنا إن لم نسرقه ويستهلكنا إن لم نستهلكه. ما أكثر الأعذار التي بها نبرر كسلنا وهروبنا من مسؤولياتنا أو تلك التي بها نعزي أنفسنا على إخفاقاتنا وفشلنا. العمر مخزون ينقص بالدقيقة الواحدة . استثمره قبل أن يستنزفك. خذ منه بقدر ما يأخذ منك. وأسوأ الأوقات هدراً هي تلك التي نضيعها في حيرتنا تجاه ما نريد أن نفعل. لا تقل إنك محتار لا تعرف ما ذا…

صديقي القارئ

الإثنين ٢٠ فبراير ٢٠١٢

لك عليِّ حق التذكير الدائم بأنني -ككاتب- إنسان مثلك ولم أزعم يوماً أنني غير ذلك. الفارق البسيط هنا أنني ملتزم بكتابة هذه المساحة القصيرة يومياً، أعبر فيها عن رأيي، أتفاعل عبرها مع ما أقرأه وأسمعه في محيطي، أنفعل خلالها أحياناً مع الأخبار المؤلمة والأحداث المحزنة. تذكّر أن الكاتب -أي كاتب- مثلك، يخطئ ويصيب، لكنه في آخر النهار يثير قضايا من أجل النقاش والحوار وربما لفت الانتباه كي يحث المسؤول على إيجاد الحل. وحينما تختلف مع الكاتب في رأي فلا تغضب؛ فإن ما يكتبه ليس سوى وجهة نظر لك كامل الحق أن تقبلها أو لا تقبلها، تتفق مع كاتبها أو تختلف. لا… وأبشرك أن المسافة بين الكاتب والقارئ قد تقلصت. تستطيع أن تعبر عن رأيك فيما يكتبه الكاتب مباشرة وعندك اليوم منابر فسيحة للتعليق والتعبير عن الاختلاف في الرأي. وإني أصدقك القول إنني أعيد النظر الآن في مسألة الكتابة التقليدية للصحافة التقليدية في وقت أتاحت فيه شبكات التواصل كل الخيارات للكتابة والتعليق والاتفاق والاختلاف. وسبق أن كتبتها هنا أن نجوم المرحلة ليسوا أمثالي ممن يكتب الزوايا أو يقدم البرامج التلفزيونية بل هم أولئك الشباب المبدعون عبر تويتر واليوتيوب. إذن لا تحرق أعصابك وترفع ضغطك إن قرأت ما لم يوافق رأيك أو ما قد تراه نقيض فكرك. تذكّر أنه لولا اختلاف الأذواق…

في حب «ساهر»!

الأحد ١٩ فبراير ٢٠١٢

أرجو ألا يغضب مني خصوم «ساهر» وأنا أعبّر عن إعجابي بما رأيته من ساهر. قبل أيام كنت في زيارة لأبها وتجولت سريعاً بين خميس مشيط وسراة عبيدة، لفت انتباهي احترام السائقين الواضح للإشارات التي زرعت عندها كاميرات ساهر. أما تلك الخالية من كاميرات ساهر فقد تساوت عندها الألوان. لا فرق بين الأحمر والأخضر والأصفر. وأنا أدرك أن كثيراً من الأنظمة والقوانين في عالمنا العربي لا تحترم إن لم يعاقب من يخالفها. أتألم أيضاً للأرقام المخيفة لضحايا حوادث السيارات في بلادنا، وكثيرها يأتي نتيجة لطيش السائقين، أو سوء الطرق، أو إهمال بعض رجال المرور وتراخيهم في تطبيق العقوبات ضد المخالفين. وإن كان ساهر قد أسهم في الحد من حوادث السرعة وقطع الإشارات، فله علينا واجب الدعم في وجه خصومه، خصوصاً من أولئك الذين تعودوا أن يتعاملوا مع الطريق كما لو كان ملكاً خاصاً ورثوه أباً عن جد! قد ننتقد بعض الإجراءات في تحصيل المخالفات أو في بيروقراطية أعمال المرور، لكننا مع المرور، قلباً وقالباً، في جهوده لردع المتهورين في شوارعنا، والحد من مسلسل الموت المخيف على طرقنا. ومن يلتزم بالقوانين والأنظمة المرورية لن تخيفه كاميرات ساهر وغراماته. ما شاهدته بنفسي عند إشارات المرور بين أبها والخميس كان لي دليلاً قاطعاً أن من أمن العقوبة لن يلتزم جدياً بسلوك حضاري وآمن وهو…

القبيلة والثورة!

السبت ١٨ فبراير ٢٠١٢

الدهشة من تعاطي القبيلة اليمنية مع الحدث اليمني تنبئ – من ضمن مسائل أخرى – عن فهم خاطئ في أصله لثقافة القبيلة العربية. فحالة الاستغراب والانبهار من كون القبائل اليمنية لم تلجأ للعنف وهي المدججة بكل أنواع السلاح ليست إلا نتاجا لصورة نمطية ظالمة للقبيلة العربية وعلى الخصوص قبائل الجزيرة العربية. إنها صورة ملتبسة في ذهن قطاع واسع من مثقفينا حتى بعض أولئك الذين ينتمون إلى القبيلة. وهي صورة تقزم القبيلة في سلوك همجي كما لو كان أبناؤها مجموعات تتوق للعنف ولا يمكن أن تحتكم للعقل والمنطق. القبيلة اليمنية أثبتت أنها صمام أمان حمى اليمن من الانزلاق نحو الحرب الأهلية التي سعى النظام السياسي لتأجيجها. وأولئك الذين يبالغون في وصف القبيلة كعائق أمام أي تطور ديموقراطي يتجاهلون كثيراً أنه في غياب البديل الملائم للقبيلة (كالأحزاب و مؤسسات المجتمع المدني) لن تتحقق ديموقراطية. الفرد في العالم العربي يلجأ غالباً لجماعته، عشيرته، قبيلته، طالما غابت المؤسسات البديلة. وفي كل الأحوال لا يليق بمثقف الجزيرة العربية تحديداً أن يتجاهل أدوار القبيلة في حماية أفرادها و في حفاظها على السلم الاجتماعي كما تفعل اليوم في اليمن وهي البلاد النائمة على براكين الفتنة والفقر والأوضاع القاسية. لكن ما يفترض أن ننبذه هو أن يتحول الانتماء القبلي إلى نظرة فيها عنصرية أو فوقية على الآخرين أو…

هل «الحشيش» حرام؟

الجمعة ١٧ فبراير ٢٠١٢

على ذمة أحد الأصدقاء أن بعض المشايخ من تهامة اجتمعوا مرة بشيخ في الرياض وكان النقاش حول تحريم «القات». قال أحد الحضور موجهاً حديثه لمضيفهم في الرياض: «يا شيخ ما عندنا إلا القات والحشيش». ثم بدأ جدال صاخب حول تحريم الحشيش. غضب الوفد الزائر من مضيفهم وظنوا أنه شيخ متزمت إلى درجة أنه يحرم «الحشيش» الذي هو قوت «حلالهم»! ولما تبين أن أهل الجنوب يسمون العشب بـ»الحشيش» أدرك الشيخ المسألة وضحك الجميع من «سوء الفهم» الذي حدث. لا أعرف مدى دقة القصة. لكن الحقيقة أن بعض القضاة القادمين من مناطق بعيدة عن تلك التي يعملون بها قد لا يدركون مسائل لغوية وثقافية واجتماعية في المجتمعات الجديدة التي يعملون بها. يخبرني صديق من نجران قبل أيام أن هادي آل مطيف حينما سئل في محكمة التمييز إن كان يعترف صراحة بالردة فأجاب بنعم. لكنه تبين فيما بعد أن قصده كان تراجعه عما قال في لحظة طيش. فمصطلح «مرتد» عند هادي، وهو البدوي البريء، تعني أنه متراجع عما قال. كان يريد تأكيد تراجعه وأسفه لكن المحكمة سجلت اعترافه بالردة التي قادت إلى سجنه ثماني عشرة سنة. ولن أستغرب أن تكون محاكمنا قد عاشت قصصا غريبة، تشيب لها الرؤوس، بسبب قصور في فهم القاضي لثقافة المجتمع ومصطلحاته وعاداته إما لصغر سنه أو لقلة خبرته…

هجرة الطبيب السعودي

الخميس ١٦ فبراير ٢٠١٢

من أهم الاستثمارات السعودية هي تلك التي أنفقت على تأهيل الطبيب السعودي. كانت الجامعات والمستشفيات السعودية تبتعث المميزين من خريجي كليات الطب لإكمال مشروع “الزمالة” في أرقى الجامعات والمراكزالطبية في كندا وبريطانيا وأمريكا. الطبيب السعودي اليوم”ماركة” مميزة عربياً -وأحياناً عالمياً- بإنجازاته العلمية المتفوقة. وحينما أكتب عن “الطبيب” السعودي فإني أشمل الطبيبة السعودية أيضاً. لكنني مؤخراً سمعت عن “هجرة” بعض أطبائنا المؤهلين بتفوق. وسمعت أيضاً عن تردي رواتب كثير منهم في المستشفيات السعودية، حكومية أو أهلية، مقارنة بأقرانهم من حاملي الجنسيات الأوروبية والأمريكية. وأرجو أن يكون ما سمعته وقرأته عارياً من الصحة. لست بحاجة للتذكير بأن أهم الاستثمارات في أي بلد هي تلك التي تستثمر في الإنسان. والسعوديون اليوم مميزون (على مستوى المنطقة) في الطب وفي أعمال البنوك والإعلام. لكن يبقى الطبيب في رأس أولويات الاستثمار. والطبيب المتميز إن لم نوجد له البيئة الملائمة، من مستشفيات ونظام إداري لائق وامتيازات في الرواتب والخدمات الأخرى، فلماذا نستغرب إن قبل بعروض عمل خارج بلاده؟ من حقه أن يبحث عن مكان آخر -حتى خارج وطنه- يحترم تفوقه ويمنحه قدره في الراتب وبقية الامتيازات. لكننا إن لم نعمل بصدق وحس وطني على حل الإشكالات التي تدفع بالطبيب السعودي المتميز للهجرة فإننا فعلاً نهدر الاستثمارات الكبيرة التي أنفقت على أطبائنا ونخسر طاقات وطنية مهمة مجتمعنا أولى…

الموت مع الجماعة

الأربعاء ١٥ فبراير ٢٠١٢

لا يمكن لأمة أن تحقق حضارة من دون مثقفين ومبدعين. أولئك الذين يخرجون عن التقليدي في التفكير غالباً ما يشكلون نقلة نوعية في الثقافة وفي الحياة إجمالاً. ثقافتنا قليلاً ما تشجع على التفكير المختلف. تأمل في المقولات التالية: «من خاف سلم». أو: «من خرج من داره قل مقداره». أو «يارب لا تغير علينا». تلك فقط نماذج لغوية تعكس نمطا في التفكير يشد المرء للوراء كلما فكر «خارج الصندوق»! هكذا مفاهيم لا يمكن أن تنفع شبابنا لمواجهة تحديات المستقبل التي تتطلب جرأة في التفكير وأحياناً «مغامرة» في اتخاذ القرارات. في المقابل، ثمة أمثلة حقيقية من بيئتنا نجحت لأنها كسرت الروتيني وتجرأت باتخاذ قرارات ما كان لها أن تنجح لولا روح المغامرة التي صاحبتها. تقول العرب: «فاز باللذات من كان جسورا». والجسور هنا هو الجريء في اتخاذ قرارات مهمة ومختلفة. فهل كان سميح طوقان -مثلاً- ليحقق النجاح المبهر لمشروعه (مكتوب) لولا جرأته وإيمانه بفكرته؟ لم يستسلم سميح للمصاعب التي أحاطت ببدايات مشروعه لتأتي شركة ياهو بعد عشر سنوات وتشتريه بمبلغ فاق الــ100 مليون دولار. هذا نموذج واحد. قائمة طويلة من المبدعين في محيطنا، في حقول متنوعة، تؤكد تجاربهم على مسألة أساسية: الإبداع! والإبداع يعني -من ضمن ما يعنيه- الخروج عن دائرة المعتاد والروتيني والمألوف. كم في مجتمعاتنا من مواهب مدفونة تحت محاذير…

المرأة الحديدية في دبي!

الثلاثاء ١٤ فبراير ٢٠١٢

قبل البارحة، شاهدت في دبي فيلم “المرأة الحديدية” الذي يحكي جوانب مهمة من حياة مارغريت تاتشر. مر الوقت سريعاً لروعة الفيلم و إبداع مخرجه. يصور الفيلم قصة تاتشر في تألقها السياسي وإصرارها أن تصل لما أرادت أن تصل إليه. في شبابها كان مستغرباً على المرأة في بلادها أن تخوض غمار السياسة أو أن تتحدث في حضرة الرجال عن الشأن العام. ولأنها ابنة “بقال” فقد كان من شبه المستحيل أن تدخل دوائر النخبة السياسية البريطانية. كان مستنكراً عليها أن تطمح في أي منصب إداري أو دور سياسي. ومع ذلك كانت أول سيدة بريطانية تصل منصب رئيس الوزراء. نتفق أو نختلف على سياسات تاتشر و مواقفها لكن الفيلم يشرح بإبداع كيف اكتسبت هذه الأسطورة السياسية لقب السيدة الحديدية. فيلم يستحق بكل اقتدار أن يدخل قائمة أفضل الأعمال السينمائية الحديثة. ومع ذلك فقد غفيت قليلاً – خلال الفيلم- في أسئلة بدأت بتاتشر و طالت قصة مجتمعي مع المرأة و السينما والعالم: ما ذا سيحدث لو شاهد السعوديون في دار سينما بالرياض أو الخبر أو تبوك أو جدة أو أبها فيلماً بعمق ورقي فيلم المرأة الحديدية؟ ولماذا يُحرم السعوديون السينما في ديارهم و يتسابقون إليها في دبي و بيروت و القاهرة و غيرها؟ ثم سألت: لماذا لا يصدق بعضنا أن المشهد السياسي في بلاد…

طلعنا أصل العالم؟

الإثنين ١٣ فبراير ٢٠١٢

وشهد شاهد من أهلها! لقد ثبت علمياً أن جميع أجناس البشر ينحدرون من أصول عربية. يعني أن كل العالم عرب! هكذا خلصت دراسة في علم الوراثة بجامعة “ليدز” حسب ما نشرته مؤخراً وكالة أنباء الشرق الأوسط. إذن نحن أصل العالم؟ وكل أجناس البشر، من أقصى الشرق وأقصى الغرب، هم أولاد عمنا ومنا وفينا؟ لكنني حينما قرأت الخبر سألت نفسي: وهل نحن ناقصون استعراضاً وتعالياً على كل الأمم؟ ألم نمن على العالم أننا اكتشفنا الصفر ولولا هذا الصفر العظيم لما نشأت حضارات ولا ظهرت اكتشافات؟ ألم نرفع ضغط العالم بالخوارزمي وابن سينا وابن بطوطة؟ ألسنا من أشغل نفسه وأشغل العالم كله بالحديث الطويل والممل عن أمجاد الماضي وأخباره، الصحيح منها و”المزبرق”؟ اليوم معنا كامل الحق أن نذّل العالم كله بهذا الاكتشاف الجديد. فشكسبير فعلاً طلع الشيخ زبير كما أفتانا القذافي وسخرنا به. وسيتسابق العرب على تصنيف أصول مشاهير العالم ومجانينه. سيظهر لنا من يزعم أن بيل كلينتون من حمولته وآخر سيقسم بأغلظ الأيمان أن في كاسترو عرقاً من قبيلته. وهكذا تصبح كل الحضارات الإنسانية عربية لأن أصحابها من أصول عربية. تقول الدراسة إن كل الأجناس البشرية “قد أمضت مئات الآلاف من السنين في بلاد العرب قبل أن يهاجروا إلى أوروبا وآسيا والمناطق الثلجية والأمريكيتين في العصر الحديث”. يا ساتر! ماذا لو…

تويتر.. ماذا فعلت بنا؟

الأحد ١٢ فبراير ٢٠١٢

إلى عهد قريب، ما كان بإمكاننا أن ننشر أفكارنا على الملأ سريعاً. كانت المسألة معقدة: تكتب أفكارك ثم ترسلها للجريدة ليستقبلها صف طويل من «طوال الشوارب» من محررين ومدققين ورؤساء تحرير يقررون هل يجوز نشر رأيك أو لا يجوز. فيما مضى، لن يُنشر لك حرف واحد لو «اشتُمت» فيه رائحة غريبة حتى لو انطبقت السماء على الأرض. فوراء المراقبين مراقبون. أما اليوم فحبل النشر على الغارب. وقد استوى -في النشر- الذين يعلمون والذين لا يعلمون. اكتب. انشر. غرد. فتويتر قد أعطاك كل المنابر. ولا أظن أن مؤسسي تويتر أدركوا معنى أن تعطي بعض العرب منبراً للتعبير الآني والمكشوف وما يفضي إليه أحياناً من «صراخ» و»فوضى» و»قلة أدب». وفوق ذلك فقد قدم تويتر أكبر خدمة لأجهزة الرقابة العربية. أصبح المواطن العربي اليوم -عبر تويتر- مخبراً على نفسه، يُبلغ عن نفسه إن قرأ كتاباً أو التقى صديقاً أو فكّر في فكرة. ولأننا أمة تحب «الفضفضة» فقد أتاح لنا «تويتر» أن نفضفض بكل فكرة حتى إن كانت وليدة اللحظة. وكل كلمة تكتبها في تويتر مرصودة و»في الحفظ والصون». وحتى لو كان ما تكتبه ليس سوى أفكار عابرة ووليد اللحظة فالمرء في بلداننا اليوم يؤخذ بجريرة أي كلمة يغرد بها في تويتر. كم من تغريدة قالت لصاحبها دعني! الأخطر أن ذلك الرقيب الذي كنا…

حينما تضيق بك الدنيا

السبت ١١ فبراير ٢٠١٢

كانت ليلته قلقا وأرقا. غزته الهموم من كل صوب. تقلب ذات اليمين وذات الشمال وما هزم الألق. كان يرى الجانب الأسوأ من كل شأن مر بفكره. تزاحمت الهموم في رأسه. ولم ير ضوءاً في آخر النفق. نهض من سريره ليتوضأ. صلى ركعتين وكان في أصدق حالات الخشوع. بدأ الضوء يدب في قلبه. ثم استعرض قائمة بأسماء الأصدقاء الذين يأنس لهم حتى وجد أحدهم يرحب بفكرته: فنجان قهوة في الصباح الباكر. ولم يعد من قهوته تلك إلا ومعه أكثر من مفتاح لأبواب الحل والأمل. حينما تظن أن الأبواب كلها مغلقة في وجهك فانهض وأطرق باب ربك. لن تعود خائباً. ابحث دائماً عن الصديق الذي يرى في نجاحك نجاحه. فكم من صديق ساعدك – ولو على فنجان قهوة – كي ترى الأبواب المفتوحة أمامك وما كنت لتراها وأنت غارق في سوداويتك. ما ضاق هماً من رزق بصحبة الأنقياء. ابتعد دائماً عن أولئك الذين يبالغون في وصف الجانب السيئ من مشكلتك. وابتعد أيضاً عن أولئك الذين يبالغون في تبسيط مشاكلك. كن مع أولئك الصادقين في نصيحتهم الواقعيين في اقتراحاتهم. إنك لن تقوى على مواجهة مشكلة إن كنت – بداخلك – مقتنعا أنها لن تحل. لا توجد مشكلة من دون حل. المهم أن تتعرف على أفضل الطرق التي توصلك لبر الأمان. تلك مهمة تتطلب…

من طلب الوزارة فوزروووه!

الجمعة ١٠ فبراير ٢٠١٢

كتب تحت هذا العنوان قبل زمن ولا بأس من الإعادة للتذكير! لماذا ما إن انتقد مثقف موقفا تنمويا خاطئا أو بحث عن رؤية تنموية جديدة في وطنه حتى اتهم بأنه يبحث عن وزارة؟ أستغرب أيضاً أن من يلقي هكذا تهمة يظن أن “الوزارة” هي غاية مطاف الأحلام الكبيرة وكأن صاحبها قد حقق المجد كله أو أن منصب الوزير هو للتكريم و ليس للعمل الجاد والركض المضني. لكن البعد الثقافي في مثل هذه التهمة – طلب الوزارة – يغريني بطرح أسئلة أكثر: ما الذي يمنع المرء خاصة إن كان مؤهلاً من أن يطمح في الوزارة؟ ولماذا نستكثرها على المؤهل الطموح إن عبر علانية عن طموحه بالمنصب الأعلى في قطاعه؟ قال لي يوماً صديق من طلب الإمارة فلا تؤمروه. وقلت له لا يا شيخ! الغريب أن أكثر من يستدعي مقولات التراث من تلك التي تستكثر على المرء أن يعبر علانية عن طموحه في المنصب هم أناس يقبعون على كراسي المناصب العليا طويلاً. يعني حلال عليهم حرام على غيرهم! أما أحد زملاء الدراسة من أمريكا اللاتينية فما أن عين وزيراً للمالية في بلاده حتى سألته: كيف أصبحت وزيراً؟ قال لي لأنه واثق من كفاءته فقد سعى علانية للموقع وفق نظام بلاده السياسي الذي يجعل الأحزاب تتنافس على المناصب القيادية العليا بكفاءات مرشحيها لا…