جمال الشحي
جمال الشحي
كاتب و ناشر من دولة الإمارات

مليارات من ورق

السبت ١١ أغسطس ٢٠١٢

قال حكيم أوماها عندما تبرع بمعظم ثروته لصالح مؤسسة بيل غيتس الخيريه «سأترك القليل من المال لأولادي ليعملوا، فلو تركت لهم الكثير فلن يعملوا شيئاً أبداً» وفي تصريح آخر أوضح البليونير وارن بَفِت أنه لا يريد التعامل مستقبلا مع الأمور المالية في هذه المؤسسة الخيرية. في الغالب يكون التنازل عن جزء كبير من الثروة لصالح الأعمال الخيرية، قرارا قاسيا وشجاعا ونموذجا أخلاقيا نبيلا ينفرد فيه بعض الأغنياء عن بعضهم، حيث إن النظرة إلى المال تختلف من شخص إلى آخر. فالكثير من الأغنياء لهم نظرتهم الخاصة في الثراء، كما أن لهم طرقهم الخاصة في تحصيل الثروة وإنفاقها، فالبعض مشى للثروة وآخرون ركضوا لها، ولذلك يختلف الثراء الحقيقي الذي أتى نتيجة جهد وتعب، عن الثراء الناجم عن الإرث والهِبات التي يتلقاها البعض. كثير من قصص الثراء في محيطنا غامضة وغير واضحة ولا يوجد كثير من قصص الكفاح في هذا المجال يقدر أن يستفيد منها الطامحون للثروة، وتكون أنموذجا وقصة نجاح يهتدي بها المبتدئون. العصاميون في الغرب بنوا ثروتهم بصعوبة، في ظل دولة المؤسسات ورقابة إعلامية تلاحق الفساد ووجود ضرائب عالية على دخل الفرد. أما في محيطنا العربي فالوضع مختلف وأسباب الثراء الشرعي وحتى غير الشرعي عند البعض ما زالت مجهولة. للثروة أسرار، وتأكد جيدا أن القليل من الأثرياء اليوم قد يشاركونك في…

«الأماكن كلها مشتاقة لك»

السبت ٠٤ أغسطس ٢٠١٢

هل تشتاق لنا الأماكن أم نحن الذين نشتاق لها؟ أتخيل أحيانا أن للمدن قلوباً كبيرة تحتضن بشوق سكانها، تماماً كالأم الرؤوم برحمة وحب تعتني بصغارها، وأومن أيضا بأن المدن تعشق مثلنا وتختار قبلنا، تختارك حتى قبل أن تختارها ومهما أتعبتها وقسوت عليها ونسيتها، مصيرك كتفاحة نيوتن تسقط في أرضها. للمدن ذاكرة لا تنسى ذاكرة تتجدد ونحن إحدى خلاياها بعض المدن تعاني من أهلها وأصعب أنواع المعاناة عندما تأتي من الداخل عندما يظن الآخر أنه يملك الحقيقة المطلقة و يريد بجفاء أن يفرض أجندته على الآخرين هذا التفكير الأحادي والفكر المستورد يضيق بالمكان الذي كان متسعا للجميع وواسعاً بأفكاره وثقافاته وحبه للآخرين .هنالك بجهل من يساعد هدم المكان بتنظيماته وتياراته وحرصه على تحقيق رغباته ضارباً عرض الحائط بالقيم والثقافات الموروثة والمنهج الصحيح الذي يسير به المكان. هنالك مدينة للعيش ومدينة للقلب ومدينة للـ.. تخيل أنك تقف في طابور طويل حتى تحصل على تأشيرة زيارة لمدينة تعشقها وفي المقابل تخيل أيضاً أنك تقف في نفس الطابور هرباً من مدينتك مهاجراً لمدينة أخرى وتعتقد في قرار نفسك أنها ستوفر لك ما لم تستطع أن توفره لك مدينتك الأم. نفس الطابور يحمل العديد من المشاعر والأحلام. هنالك من يبحث عن حريته عند الآخرين وهناك من يجدها في مدينته. وهناك من يزور المدن فرحاً وحباً…

نعترف الأن بأنا كنا منك نغار

الثلاثاء ٣١ يوليو ٢٠١٢

أتصفح مجلة أجنبية، أبحث عن خبر غير مكرر عن الحقائق بعيون مختلفة، وأجدها حاضرة في أغلب الصحف والمجلات، وأتساءل عن سر هذه المدينة الصغيرة الكبيرة؟!. ينقذني المترو من زحمة مفاجئة وأجد نفسي  فى الموعد المحدد لاجتماعي، ويزيد ايماني  بمدينة الحلول المبتكرة . قد نختلف فى تعريف النجاح والإنجاز، لكننا جميعا سنتفق على الكم الهائل من الخيارات والخدمات التي توفرها هذه المدينة للفرد والجماعة فى جميع المجالات، ونتفق بما لاشك فيه أن العقلية أو المنهجية الإدارية الحديثة التي تدار بها المدينة صَنَعَت الفرق في تميزها إقليميا، وجعلها تقود كثير من التغيرات الإيجابية في المنطقة بطريقة مباشرة وغير مباشرة . انتبه الإعلام الغربي وبصورة دقيقة لمعطيات التطور والتنمية التي تتميز بها هذه المدينة، وركز غالباً على الواقع فى تعاطيه مع المعلومات، وطريقة إبرازها للقارئ كان محايدا أحيانا وغاضبا أحيانا، ورغم تصنيفه للتجربة على أنها قصة نجاح إلا أنه كان قاسيا فى التعامل مع الأخبار السلبية الواردة من المنطقة،  ورغم التناقض الواضح مابين الدفاع و الهجوم فى الإعلام الغربي لاتزال هذه المدينة متفردة بشكل لايخلو من الإعجاب، ومازالت بصورة متكررة فى قلب الأحداث لكن ما يهمنا الأن كما يقول محدثي هو كيفية التعامل مع الأحداث. هل للمدن طريقة تدافع بها عن منجزاتها؟ أتساءل وأنا أرى الفجوة مابين المنجَز وطريقة التعامل مع الأحداث والأزمات،…

أنا والأنا

السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢

يقول فرويد “نستطيع أن نقاوم الهجوم والنقد ولكننا عاجزون أمام الثناء! وفي إحدى نظرياته يشرح العالم فرويد أن الشخصية الإنسانية تتكون من ثلاثة أنظمة هي الأنا والأنا العليا والهو وأن الشخصية هي محصلة التفاعل بين هذه الأنظمة الثلاثة، ولا أعلم مدى صحة نظرياته في علم التحليل النفسي فهناك المختصون والعلماء الذين درسوا ونقدوا أعماله ونظرياته لكنني وقفت طويلاً عندما قرأت عن محاولاته للانتحار في آخر حياته وإخفائه مرضه عن الجميع، ورغم قوته النفسية ظاهرياً كان ضعيفاً داخلياً وكم كان يعاني وهو يحاول تخفيف معاناة الاخرين. قد نتفق معه وقد نختلف، لكن فهم الشخصية الإنسانية وسبر أغوارها والغوص فيها من الصعوبة بمكان. كلما توقعت أنك تفهم من حولك زادت هوة عدم فهمهم. نحن وجوه وأقنعة نضعها كل صباح في المساء نضع أقنعة أخرى بعض البشر كالكتب لا يخدعك العنوان! لا بد من قراءة متأنية للمحتوى، تريد أن تعرف أسرار الكتاب يجب أن تعيش بين الكلمات وتسافر بين الأسطر وكذلك البشر أحياناً الشخصية التي تراها أمامك ليست هي الحقيقية بل هي انعكاس لأحداث وتجارب ومصالح والكثير من الشوائب، ثقل أحمال الحياة تجدها معلقة على أكتاف هذه الشخصية، قلما تجد أحدهم بشخصيته الحقيقية المجردة طوال الوقت هنالك الكثير من الرتوش ومساحيق التجميل وكحل التغيير تضاف إليها ليبقى الرونق ويستمر الجمال والكمال. لا تتكبر…

لماذا أحبك !

السبت ٠٧ يوليو ٢٠١٢

"لماذا أحبك ؟.. كيف تخر بروقي لديك.. وتتعب ريحي على شفتيك.. فأعرف في لحظة بأن الليالي مخدة.. وأن القمر جميل كطلعة وردة.. وأني وسيم لأني لديك". كانت هذه الأبيات الرائعة من قصيدة "أبيات غزل" للشاعر الراحل محمود درويش و كلما قرأتها يراودني هذا السؤال لماذا الحب ؟ أو كما قال شاعرنا الراحل لماذا أحبك ؟ ولست هنا للغوص في أعماقه فهناك المختصون و أساتذة العشق وعلم الحب، لكني هنا في رحلة سريعة لشواطئه، متأملا أن أبلغ مرافئه وقد فهمت بعض أسرار أمواجه! الحب كالحياة ، كلما كبرنا، كلما تعلمنا فك شفراته، وعلمنا بعدها معاني الحياة فقط تخيل الحياة بدون حب! عندما تتأمل في معاني الحياة تجد أن القيم الإنسانية الأصلية من أساساتها و تربط العواطف فيما بينها و يسرى دم الحب في أجزائها. بعمق معنى الحياة، يأتي معنى الحب. هذه العلاقة الأزلية تجدها واضحة في مسيرة البشر كلما أمعنت في التأمل كلما اكتشفت قوة الحب. تاريخ الحياة يبدأ أزليا بتاريخ الحب. في الحب يتساوى الكبير والصغير وتتلاشى حينها الأعمار، لا فرق بيننا عندما تدق عاصفة الحب قلوبنا، بمقدور الحب أن يساوينا عندما تبعثرنا التصنيفات وتفرقنا الحياة. لا تبتئس! ففي جدول الحب لكل منا خانته. الحب كالفصول، يتعاقب عليك، ينساك فترة وثانية يرجع إليك. قيم الحياة الأساسية لا تخلو من الحب،…

التسامح أولاً ثم الغفران

الأحد ٢٤ يونيو ٢٠١٢

في جملة رائعة لمارك توين تقول: إن التسامح هو العطر الذي تطرحه زهرة البنفسج على القدم التي حطمتها. في ميزان الحياة عندما تعلو كفة القوة تذكر أن هناك كفة التسامح بعد سبع وعشرين سنة قضاها الرئيس الإفريقي نيلسون مانديلا في سجن جزيرة روبن التاريخية خرج زعيما للحرية والنضال وتوج رئيسا لدولة كان سجينا في أحد سجونها النائية وعندما دخل مكتبه الرئاسي في يومه الأول كرئيس، خير الموظفين وغالبيتهم من البيض ما بين البقاء معه أو الذهاب ولم يمارس أي تصفية حسابات أو تفرقة وهو على رأس السلطة ولم يستأثر بها بل ترك الحكم طواعية بعد فترة زمنية قصيرة. كان الكثير من شعبه يطالبه بالانتقام وهو شعور إنساني طبيعي بعد عقود من الظلم والبطش لكنه فضل التسامح والعفو ليؤسس دولة حديثة وترك الانتقام والثأر لأنه يورث الهدم وما أصعب البناء بعد الهدم. ربما تحتاج جمهوريته إلى أكثر من جيل لترميم آثار التفرقة وجروح العنصرية، لكن لا يوجد هناك مستحيل إذا كانوا يملكون سلاح الإرادة وطلقات التسامح. السعداء الجدد هم المتسامحون “وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” آل عمران134. عندما تمر بي هذه الآية كنت أتساءل كيف يستطيع البعض كظم غيظهم وهم في قمة الغيظ ؟ ومن خلال الملاحظة والتجربة وجدت أنه من أصعب أنواع التحكم في المشاعر، ليس سهلا…

لمن تغني الطيور؟

السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٢

الفكرة: يتناغم الكون ويتكاتف للعمل الصالح وحينما ينتشر فعل الخير يهتز فرحاً له الشجر والطير، لهذا عندما نسمع تغريداتها نتساءل بعجب: لمن تغني الطيور؟ هناك قلوب رغم جروحها، تضمد جروحنا.. يضع بطاقته في جهاز سحب الصراف الآلي، يكشف حسابه، بقي له ألف درهم في رصيده وعشرة أيام لنهاية الشهر، بالكاد المبلغ يكفيه ويكفي التزاماته الكثيرة. فجأة يتصل صديقه وبخجل يطلب مساعدته المادية لحاجته الشديدة، محتاج يسأل محتاجاً.. بذوقه يقدر ظرف صديقه الطارئ ويؤثره على نفسه، يعطيه كل ما يملك ويبقى دون رصيد.. في ضجيج محطات الحياة، استقل قطار الصمت، بساطة الحياة في الأشياء البسيطة، وجمالها في المقدرة على عمل الأشياء الجميلة، عندما تقدم على عمل صالح يتكاتف معك الكون ويأخذ بيدك حتى تنهي عملك. هناك من يعملون بصمت وكتمان في سبيل الآخرين، ولا يفكرون في أي مقابل جزاء أعمالهم، يؤدونها بيقين كبير وإيمان كثير، وفي المقابل تجد أصحاب الأعمال الأخرى يروجون بضجيج مزعج لأعمالهم، طمعاً في ربح مؤقت ونصر جزئي يحصلون عليه لأهداف ومصالح شخصية وأجندة مخفية تنتهي كما بدأت، وينسون أعمالهم وتنساهم عندما يحصلون على حاجتهم. الذين يملكون الأمل ولا يعطونه.. كما ملكتموه يوماً ستفقدونه. الأمل هذه الكلمة البسيطة العميقة، تعني الكثير للكثير، مرحى للذين يملكونها وبلا مقابل يهدونها وتباً للذين يحجبونها عن الناس. تجدهم يبحثون عن الأمل في…

نخل وداماس

الثلاثاء ٠٥ يونيو ٢٠١٢

يقول إبراهيم الكوني: «ما نفع الحقيقة بعد فوات الأوان» أخذ معوله، بيديه أزال نخلته، بفرح زرع أشجاره الجديدة مكانها، غرسها بحب وسقاها بشوق، رأها تكبر أمامه، تغطي جدران بيته، ابتسم ابتسامة المنتصر وهو يستظلل بظلالها، كبرت الأشجار وغطت كل المكان ومنذ ذلك اليوم كبرت معها المشاكل. البعض يفهمك بعد فوات الأوان ويقدم اعتذاره في الوقت الضائع بعض الأفكار الدخيلة كالأشجار الدخيلة، تعطيها أكبر من حجمها، يغرك منظرها الخارجي وطريقة طرحها وعرضها، سريعاً ما يتأثر بها البعض وما إن تتمكن منه حتى تبدأ آثارها السلبية تطفح على السطح، تماماً كالأشجار الدخيلة تبدأ جذورها بالانتشار تحطم جذورك تستولي على نباتاتك، وبطيئاً من حيث لا تدري تسيطر على حديقة بيتك، لا تعلم كمية الأذى التي تسببها تحت بيتك. البعض يواجهك بمنظره الحسن ويخفي جوهره الآسن. قراءة الفصل الأول لا تعني أنك أنهيت الرواية الحياة رواية عميقة لمعرفة تفاصيلها تلزمك قراءة عميقة لفصولها وتجربة طويلة لتعرف خباياها، وكذلك الأشخاص مجرد الحديث معهم أو مقابلتهم لا تعطيك صورة كاملة عن شخصياتهم، النفس البشرية أعمق من أن تفهمها بجلسة أو محادثة واحدة. الأشخاص الذين يتشدقون بأنهم “كتاب مفتوح” تجدهم يخفون أكثر مما يبدون. بطبعنا نتأثر بالأشياء الجميلة حولنا، لكنك إذا نظرت بعمق سترى زيف الأقنعة، وستعرف متأخرا أن أكتافك كانت جسر الوصول لهم. نحن وجوه وأقنعة،…

القمة ليست دائمة

السبت ١٢ مايو ٢٠١٢

ماذا بعد الفوز بهدوء الواثق تعتلي المنصة وتواجه الجمهور، ترسمك الابتسامة قبل أن ترسمها بحب، تحملك السعادة ويحيط بك الفرح من كل جوانبه. إنها اللحظة التي كنت تنتظرها، اللحظة التي عملت بجهد وسخرت كل وقتك وإمكاناتك لها، يتم تقليدك وسام الانتصار، أنت الفائز الآن، المركز الأول من نصيبك، يصفق بحرارة لك الجمهور، وينفض السامر! ثم ماذا بعد؟ ماذا بعد الفوز والمركز الأول؟ وأنت تتوهج ببريقك .. لا تنسى من انطفأ نوره لأجلك الحقيقة أننا في معارك الحياة لسنا وحدنا، هناك من ساعدنا وبحب أخذ بأيدينا، وهناك من وجهنا وآمن بقدراتنا، وأيضاً في المقابل هناك الكثير من وقف ضد طموحاتنا وأحلامنا، وبسلبيته غير المبررة ساهم في تعثرنا وتشتيت أهدافنا. في غمرة الفرح أحياناً ننسى من أهدانا شمعة أنارت لنا دروبنا. ونحن في قمة السعادة نتناسى من تسلق جبل الشقاء معنا. كيف تدير ظهرك وتتابع الحياة.. لشخص علمك معاني الحياة يقال أعمل الخير وأرمه في البحر، وأجزم أن بحارنا ممتلئة بكثير من الخيرات لأشخاص لم يتحدثوا عن أعمالهم أبداً. ما زلنا نتعلم من هؤلاء المميزين الذين يلتزمون الصمت والتواضع في عمل الخير، ما زلنا نتعلم منهم قدرتهم على نشر المحبة ومساعدة الآخرين بحب وصمت. جميل أن تكون جميلاً من الداخل، أن تعمل الخير وتساعد الناس على عمل فاضل والأفضل أن لا تتحدث…

لا تنس قوت الحمام

السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢

(معاني السعادة الحقيقية تجدها أمامك.. لا تسافر بعيدا.. أنظر حولك) يقول طاغور: لقد أنفقت ثروه طائلة في السفر إلى شواطئ بعيدة فرأيت جبالاً شاهقة ومحيطات لا يحدها حد ولكنى لم أجد متسعا من الوقت لأن أخطو بضع خطوات قليلة خارج منزلي لأنظر إلى قطرة واحدة من الندى على ورقة واحدة من أوراق العشب. لن يدفع ثمن انشغالك غيرك تأخذك الحياة بكل أوقاتها، ترهقك تفاصيلها وتتعبك محطاتها، وبين محطة وأخرى تضيع بين أزمانها وتكتشف متأخرا جداً أن كل هذا الوقت الضائع من عمرك لأسباب ضائعة، هذه الإكتشافات المتأخرة تقودك لتساؤلات مهمة ومقلقة عن طبيعة حياتك! هل كنت أطارد خيط دخان؟ كما يقول نزار قباني في رائعته قارئة الفنجان: وستعرف بعد رحيل العمر.. بأنك كنت تطارد خيط دخان. في ذروة الحياة ننسى أنفسنا ويتناسانا زماننا ونبقى على رصيف الوقت ننتظر الوقت ليسمح لنا بالعبور للضفة الثانية من الوقت. حياتنا في الاساس أوقات تتناقص والسعيد منا من يستطيع أن يستفيد من وقته. نحن إذا شئنا أو أبينا محكومون بزمان يتحكم فينا ونستطيع بسهولة إذا فهمنا قواعد اللعبة أن نقلب المعادلة عليه إذا أستطعنا أن نتحكم بزماننا قبل أن يتحكم فينا. من أسرار السعادة أن تستخدم حواسك الخمس لتعيش اللحظات تسافر بعيدا، تبحث عن السعادة وهي مختبئة في ما حولك وترحل وحيدا في أثرها…

احتياجات خاصة

السبت ٣١ مارس ٢٠١٢

غرفة الانتظار: جمعتنا غرفة الانتظار في المستشفى كان بقلق ينتظر مولوده الجديد وكل علامات الارتباك والخوف تراها واضحة في مشيته ذهابا وإيابا. كان ينتظر القادم الجديد بشغف أب وصبر وحب. الانتظار قد يكون صعبا عندما لا تعرف ماذا تنتظر، غرفة العمليات مليئة بالأسرار مادمت بعيدا في غرفة الاتظار. بفرحه حمدالله بعدها عندما عرف أن مولوده الجديد سليم ومعافى فقد كان أبا بارا لولدين من ذوي الاحتياجات الخاصة سخر لهما جل وقته لرعايتهما و جاء الثالث بصحة جيدة ومن هنا تبدأ الحكاية. الصمت أحيانا لا يعني الصمت: هناك أشياء لا نعلمها عن معاناة آباء وأمهات ذوي الاحتياجات الخاصة وتفاصيل الحياة اليومية المتعبة جدا والمرهقة لهم وهم يروون فلذات أكبادهم يختلفون عن الأبناء الباقين هذا المشهد المتكرر اليومي يبعث على الحزن وفيه الكثير من الصعوبة على الآباء والأمهات الذين يواجهونه بكثير من الجلد والكتمان والصمت ويمارسون حياتهم بصورة طبيعية ويحاولون أن يرسموا ابتسامة طبيعية على وجوه أتعبها الحزن. كنت أرى كل هذه الملامح على وجه صديقي وهو ينتظر مولوده الجديد وأملا من الله أن يأتي إلى هذه الدنيا معافى وسليماً. قلت له محاولا تهدئته : ما قدره الله سوف يكون. قال لي: ونعم بالله و لكن أمنيتي ألا يعاني أبنائي في صغرهم وكبرهم وتمتم بعدها “ربي حقق لي أمنيتي”. الأمل صديق مخلص…

دمع لا يكفكف

السبت ١٧ مارس ٢٠١٢

قبل ست سنوات أخذت بيديه وساعدته على النزول من السيارة، كان يحضن يدي كطفل على الرغم من أني كنت الذي أمسكه، دخلنا المستشفى، وعندما رأى الغرفة شكر المسؤول المرافق، وأبدى إعجابه بالمكان وبياض الجدران، ووضع شيئاً في يد الممرض وابتسم له، لم أستطع ساعتها أن انتبه لملاحظاته الدقيقة وابتساماته الصادقة، كان المكان بالنسبة لي قاتماً وكئيباً لم أكن أرى ما يراه. بالرغم من مرضه الشديد كان يزرع فينا التفاؤل والأمل على الرغم من حاجته إليهما أكثر منا. كانت هذه آخر لحظاته البسيطة “رحمة الله” في التعامل الإيجابي على الرغم من ظروف مرضه. من الغرفة البيضاء نفسها غادرنا أبي بعدها أياماً ولم يغادر قلوبنا إلى الآن. ◆ كلما ابتعدت عن المتشائمين زادت حياتي تفاؤلاً. هناك من ينظر إلى العالم بكلتا عينيه وقلبه وعقله فينشر التفاؤل والطاقة الإيجابية من حوله، وهناك من يرى العالم بعين واحدة، من زاوية ضيقة، وتصبح السلبية شعاره، والتشاؤم عنوانه، ويقضي الكثير من عمره في نطاق سلبي وضيق جداً، ينعكس بدوره على أسلوب حياته وطريقة تفكيره، فيرهق نفسه والمحيطين من حوله. الطاقة السلبية عند البعض تنعكس سلباً على المجموعة، وتؤثر بشكل غير مباشر على الطاقات الإيجابية الموجودة، ويصبح المكان أشبه بدوامة متعبة ما إن تخرج منها حتى تحس بكثير من الراحة، وعدم الرغبة في العودة ثانية. ◆ البعض…