الخميس ١٢ يوليو ٢٠١٢
لم يكن ثمة خيار من قضاء الإجازة بعيدا عن وطن مضطرب لا أمان فيه لعائلة صغيرة لم يتمكن أفرادها من رؤية أهلهم هناك بسبب "كرسي" يتشبث به من يصر على عدم القبول بإرادة الشعب وحتمية التغيير. وعلى العكس من ذلك، وبكل ديموقراطية اجتمعت الأسرة ووضعت خيارات السفر إلى أن استقر التصويت على زيارة إسطنبول وما حولها مثل "يلوا" و"بورصة". وهناك رأيت في قصور السلاطين العثمانيين كثيرا من "الكراسي" التي صنعت تاريخ دولتهم، وباتوا اليوم يستفيدون منها ومن الآثار الأخرى في السياحة الثقافية والدينية أيضا. وعلى الرغم من أن تركيا تحولت في الكتابة من الحرف العربي إلى اللاتيني منذ عام 1926 إلا أنها ما زالت تحتضن روائع الخط العربي في متاحفها وقصورها ومبانيها التاريخية. والكتابات الموجودة على المقتنيات في قصر "الباب العالي" وعلى جدران مسجد "آيا صوفيا" الذي كان كنيسة تؤكد اهتمام العثمانيين بالكتابة العربية. ذلك الاهتمام الذي توّجوه بأكبر جائزة عالمية للخط العربي يمنحها مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية في إسطنبول (إرسيكا)، الذي يضم هو الآخر عددا كبيرا من الوثائق والمخطوطات النادرة بالإضافة إلى لوحات الخط العربي القديمة والحديثة، ما يجعله من أهم المراكز في العالم لخطنا الذي أزاحته اهتماماتنا الأخرى، بالإضافة إلى "الكيبورد" الذي يكاد يقضي على مرونة الأصابع في الكتابة وعلى جماليات اللوحات الإعلانية بعد أن تقدمت…
الخميس ٠٥ يوليو ٢٠١٢
أثارت حالة "الربيع العربي" جملة كثيرة من التساؤلات على مختلف المستويات، ومنها من يمثلون النخب الفكرية العربية، إذ كان بعضهم قبل قيام الثورات لا يؤيد فكرة وجود ديمقراطية عربية لأسباب عدة منها أن العرب بانتماءاتهم القبلية والطائفية والعرقية غير صالحين للديمقراطية، ويرى آخرون أن اختصار مسألة الديمقراطية في انتخابات شكلية يسيء إليها ويجعل الشعوب تنفر منها. إلى ذلك، يعلل الكثير أن الوصول المتأخر للديمقراطية إلى البلاد العربية أدى إلى الخلل الأكبر في تكوينها العام وفهم الناس لها، فقد عجنها الغرب وغربلها ثم صدّرها إلى الشرق في هيئة مسخٍ عن حالتها الأم، فلم يفهمها الشرق إلا من باب ادعاء وجودها، فظهرت في خطابات الطغاة لتبرير استبدادهم، وصارت شعارا لهم كلهم في انتخابات هزلية أو "استفتاءات" كم تندر العرب وغير العرب على نسبتها التي كانت غالبا 99.99%. والديمقراطية بهذا الشكل تصبح مفصلة على مقاس "الزعيم" الأوحد، وإن اختل المقاس قليلا نتيجة مطالبة جماهيرية بالديمقراطية الحقيقية أو ممارسة شعبية سليمة، فإن ذلك الزعيم على استعداد لتجنيد قواه الأمنية والعسكرية وفعل أقصى ما يستطيع من قمع وقتل وسحل وسجن لإعادة المقاس إلى الوضع الذي صُمم من أجله. وهذا ما حدث في دول "الربيع العربي" مع اختلاف نسب القمع بين دولة وأخرى. بعد مرحلة "الربيع العربي" ومع سلبية كثير من النخب الفكرية والثقافية تجاه سعي…
الإثنين ٠٢ يوليو ٢٠١٢
تبدو ظاهرة السطو على حقوق الملكية الفكرية واضحة في بعض قنوات الأطفال العربية، حيث تصبح الأغنيات بألحانها وتوزيعها الموسيقي مستباحة لأصحاب تلك القنوات باسم "الطفولة"، وصار إطلاق قناة سهلا جدا، إذ يكفي أحدهم أن يجمع أفراد أسرته وجيرانه وأصدقاءه من شلة الجامعة من ذوي الأصوات الجميلة، والكل يصحب أطفاله معه، فيصير الجميع "أبطال" شاشات الأطفال. أما المادة الإعلامية التي تعتمد عليها قنوات الأطفال تلك فهي الأغنيات، إذ إن صناعة مواد احترافية تعليمية تأخذ وقتا وتكلف كثيرا من المال، أما الأغنيات فإنتاجها سهل وبـ"بلاش" بطريقتهم، إذ يبحث القائم على القناة في الأغاني الجاهزة – بما فيها القديمة - ويسرق الألحان مثل أغنية "عالمايا" للسوري ذياب مشهور، ويكلف من يكتب كلمات تناسب اللحن مثل "عالمايا عالمايا.. هوا بلادي هوايا"، والغريب أنهم من دون خجل يضعون عليها كلمات فلان وتوزيع فلان، وهي موزعة أصلا يوم غناها مطربها الأصلي، وكل ما يفعلونه هو أنهم يشغلون شريط الأغنية الأصلي ويخفون صوت المطرب بالتقنيات الحديثة، ما يعني أن التكاليف صارت مجانية بالكامل... ولا تختلف عنها سرقتهم لأغنية "من شرد لي الغزالة" للبناني طوني حنا التي صارت كلماتها لديهم "يا وطنا يا أغلى منا.. حبك في قلبي عنواني"... ولأن طريقة الكتابة أساسها التلزيق ينتقل الحديث من الجمع للمفرد في الأغنية.. ولم تسلم من عبث تلك القنوات أغاني…
الخميس ٢٨ يونيو ٢٠١٢
تؤكد انتخابات مصر الأخيرة أنه برغم هبوط الديموقراطية على العرب ذات زمن "ربيعي" من غير تدريج إلا أنهم يصرون على توشيحها بخصوصيتهم التي كم تحدثوا عنها. وأثبتت تلك الانتخابات بالإضافة إلى ما يقال عن وجود ديموقراطيات عربية أخرى كالتي في العراق وغيرها، أن العرب لم يألفوا بعد مسألة الاختيار الحر لأن ثقافته لم ترسخ لديهم نتيجة سيطرة أنظمة طوال عقود على عدد من الدول التي لم يكن للمواطن لديها رأي في اختيار أي شيء، بما في ذلك الشأن الثقافي والإبداعي الذي يفترض أن أصحابه على درجة عالية من الوعي تجعلهم قادرين على اختيار من يديرون المراكز الثقافية لكن هؤلاء يأتون دائما بالتعيين من قبل "الحزب القائد"، حتى المجالس التنفيذية لاتحاد الكتاب العرب التي يتم انتخاب أعضائها كما في سورية وغيرها، يأتي "الحزب القائد" ليعين رئيس الاتحاد من غير اكتراث لعدد الأصوات أو لإجراء انتخابات بين الفائزين لاختيار رئيسهم. ولنا أن نتخيل بقية الانتخابات الصورية في الأماكن الأخرى إذا كانت تلك هي الديموقراطية المفروضة على النخب الثقافية! تلك العقليات أفرزت ديموقراطية "أنا أو الفوضى" التي لمسناها في انتخابات مصر الرئاسية الأخيرة، من خلال إعلان كل من المرشحين واحدا تلو الآخرعن فوزه قبل أن تصدر النتائج، وهذا الأمر لا يخطر على بال أي مرشح أن يقوم به في دولة مشبعة بالديموقراطية، لأنه…
الأحد ٢٤ يونيو ٢٠١٢
حين يقول الممثل المصري عمر الشريف إنه ليس خائفاً من الإخوان المسلمين أو مرشحهم للرئاسة محمد مرسي، ويربط المنتج اللبناني محمد ياسين بدء تصوير فيلم "إشاعة واحدة لا تكفي" الذي يقوم الشريف ببطولته بانتهاء الانتخابات المصرية وظهور نتائجها. فذلك يؤكد أن السياسة أخذت مكان الصدارة في المشهد المصري الذي ألفناه صاخبا فنيا لكنه اليوم ما عاد كذلك بعد الثورة التي يبدو أنها لم تنتهِ بعد.. بدليل قرار المحكمة الدستورية العليا منذ أيام الذي قاد كلا من المرشحين الرئاسيين محمد مرسي وأحمد شفيق إلى إلقاء خطب "غير عصماء" كما رأينا وسمعنا عبر الشاشات، خطب في إحداها مرسي ود الجماهير مطلقا الوعود التي تجعل من بلاده جنة لا مثيل لها، وكسّر في الأخرى شفيق قواعد اللغة العربية فجرّ المرفوع والمنصوب والمجرور.. لنكتشف أحد أمرين، فإما أنه لم يعيّن مستشارا لغويا يدربه على اللغة والإلقاء وتلك مشكلة لدى مرشح رئاسي.. أو أن هذا هو مستواه وتلك مصيبة إن استمر تدني المقدرة اللغوية لرئيس محتمل لمصر بكل إرثها اللغوي على هذا المستوى. برغم تلك العثرات وغيرها، ظل الفن يلهث وراء السياسة، وكثير من أخبار أهل الفن صارت مرتبطة بالانتخابات، فالممثل أحمد السقا ينفي ما نسب إليه من دعم أحد المرشَّحَين، لكن أنصار كل منهما يطالبه بتأييد من يدعمونه. أما موقف نيللي كريم من الهجوم…
الخميس ٢١ يونيو ٢٠١٢
ثمة ثغرة كبيرة بدأت تظهر في الفترة الأخيرة بين فهم البعض للإسلام وبين الإبداع والفن، وإن كان هناك حالات قديمة فهي بالكاد تذكر، لكن الحالات الحديثة صارت تتزايد تدريجيا خاصة بعد وصول جماعات الإسلام السياسي إلى الحكم في أكثر من بلد عربي مثل مصر وتونس، لكن الأكثر خطورة تلك الدعوة التي أطلقها شيخ تونسي – وهو رئيس لهيئة علمية – في خطبة الجمعة مطالبا فيها بـ"قتل" الفنانين التشكيليين الذين اتهموا بالإساءة في لوحاتهم إلى المقدسات. وقد تجاهل الشيخ أن المسألة ما زالت اتهاما، وتجاهل أيضا أن فهم الأعمال التشكيلية يختلف من شخص إلى آخر، فما يراه أحدهم "كفرا" قد يراه آخر "إيمانا"... إلى ذلك، ليس من صالح جماعة "الإخوان المسلمون" وبالتالي المسلمين الذين يفترض أن الجماعة تنتمي إليهم أن يظهروا بصورة المتشددين المكفرين الداعين لقتل من يخالفهم أو يختلفون معه فكريا، فالحقيقة ليست ملكا خالصا لهم، وكذلك الدين بمفهومه الشمولي الذي جاء للبشرية جمعاء وليس لتيار بعينه يدعي امتلاكه والذود عنه. إشكالية "الإخوان" أنهم لم يكتفوا باستلام السلطة، بل صاروا يريدون السيطرة على العقول وتسييسها بفكرهم، وبرغم أن "إخوان" تونس كانوا إلى حدٍّ ما أذكى من "إخوان" مصر، إذ دخلوا اللعبة السياسية وقرروا التمدد تدريجيا أي إنهم لا ينوون السيطرة على كل شيء دفعة واحدة بدليل أنهم أعطوا الرئاسة لمثقف…
الخميس ١٤ يونيو ٢٠١٢
حين يصبح الشيخ سلمان العودة مصريا مقيما في بريطانيا، ويتحول اسم الروائي عبده خال إلى (عبدة الخال)، فلنا أن نتخيل مدى دقة قائمة الأكثر تأثيرا في العالم العربي أو قائمة أقوى 500 شخصية عربية التي أعلنت عنها مجلة "أريبيان بزنس" الصادرة منذ أيام.. وفي الوقت نفسه نتخيل مدى ثقافة القائمين على عملية التقييم ومعاييرهم. وما الاسمان إلا قليل من كثير يمكن التحدث عنه في عثرات الأسماء والخيارات التي لم توضح المجلة كيفية وصولها إلى القائمة. ويبدو أن فكرة قوائم الأقوى عربيا التي دأبت مجلات مثل "فوربس" و"أريبيان بزنس" على إطلاقها لها أهداف أخرى غير الأمور الظاهرة، ومن حق أي إنسان يقرأ خبرا عن قائمة أقوى الشخصيات العربية أن يتساءل عن أسباب دخول أسماء دون غيرها في القائمة، وعما إذا كانت القائمة متعلقة بالدول العربية كلها أو هي محلية وتم إدراج كلمة "عربيا" للترويج.. ولماذا يأتي عدد اللبنانيين في القائمة أولا ثم السعودية والإمارات ومصر بكل ثقلها البشري بالمقارنة مع عدد سكان لبنان القليل؟ يستطيع المرء أن يستوعب إدراج أسماء قياديين ودعاة تخطوا حدود بلادهم وصارت لهم شعبية خارجها، ومستثمرين لديهم استثمارات في مختلف القارات وعشرات البلدان. وقد يقبل بإدراج أسماء فنانين وكتاب و"ثوار" لهم حضور قوي على الساحة العربية.. لكنه لن يقتنع أبداً بأن يكون ضمن قائمة الأقوى عربيا -…
الأحد ١٠ يونيو ٢٠١٢
مع استمرار عرض فيلم "المصلحة" وتحقيقه لإيرادات جيدة في دور السينما بالقاهرة ودبي وغيرهما، يستمر الجدل حوله.. ذلك الجدل الذي قادني لحضوره، لأجد أنه مثل معظم الأفلام العربية عامة والمصرية خاصة يحتوي على العديد من النقاط الإشكالية والثغرات لكنه في المحصلة يعد جيدا بالمقارنة مع كثير من الأفلام الأخرى برغم "وعظيته" التي يختصرها انتصار الخير على الشر.. وكعادة الأفلام العربية تلعب المصادفات دورا كبيرا، مثل تكليف الضابط "أحمد السقا" بمهمة أمنية يوم عرس أخيه، ووجود تاجر المخدرات "سالم" لحظة محاولة شباب إحدى قرى سيناء ضربه أثناء بحثه عن قاتل أخيه، فأنقذه. ووجود حاجز أمني مفاجئ في طريق عودة شقيق سالم إلى البلدة، ليصدم سيارات الأمن ويقتل ضابطا هو شقيق "السقا"، وإطلاق اسم "أبو تريكة" على شحنة مخدرات لحظة تسجيله هدفاً... كذلك كان غريبا أن يظهر "السقا" متنقلا كل يوم بين القاهرة وسيناء برغم بعد المسافة بينهما، والأغرب أن يفلت الزمن، فيتم الاتفاق على تهريب شحنة مخدرات يوم عرس سالم، لكن عروسه اللبنانية تظهر في العرس بسيناء ثم في القاهرة للإيقاع بزوجة "أحمد السقا" لإشغاله عن موعد التهريب الذي يفترض حسب الاتقاق أنه انتهى وقت العرس. وكالعادة أيضا يسهل خداع زوجة الضابط فتتورط بتهمة مخدرات لكن مصادفة دفعها 100 جنيه عليها كتابة، ظل الصيدلاني محتفظا بها أنقذتها من التهمة. ولم يتم…
الخميس ٠٧ يونيو ٢٠١٢
لم يأتِ اجتماع عدد من النخب الثقافية والفنية العربية في الدوحة خلال الأيام الماضية في الدوحة بمهرجان "وطن يتفتح في الحرية" إلا ليؤكد على التصاق المبدع الحقيقي بهموم وطنه وهموم الإنسان والإنسانية. فالواقع في سورية يقود إلى ضرورة تضامن "الثقافي" مع "السياسي" لتبقى قضية المواطن السوري المقموع والمجروح والمقتول في صدارة المشهد العربي والعالمي. وتزامن المهرجان مع الانتخابات الرئاسية المصرية وصخب الشارع هناك لم يمنع مجموعة من مبدعي مصر من المشاركة في المهرجان لبيان أن الأولوية للوضع الأكثر مأساوية حيث لا قيمة للإنسان المطالب بالحرية، ذلك الإنسان الذي تسحقه الآليات العسكرية الثقيلة باعتباره عدوا للنظام، ويُعاقب أهله بذبحهم من قبل "شبيحة" يحملون حقدا لا يمكن أن يتصوره البشر.. "وطن يتفتح في الحرية".. ساهمت فيه أصابع علي فرزات برغم تهشيمها، وأوتار نصير شمة المنفية زمنا، وحنجرة سميح شقير المهاجرة بعد أغنية "يا حيف"، وصوت "أصالة" وعلي الحجار وقصائد الراحل محمود درويش وأحمد فؤاد نجم وعبدالرحمن الأبنودي وحضور نور الشريف.. وغيرهم ممن أثروا المشهد بوعيهم الذي يستحق التقدير، فهم وقفوا ضد الطغيان وتحملوا ما تحملوه من قسوته، لأنهم لم يرضخوا إلا للمنطق الذي أملتهم إياه قناعاتهم، فالشعب أبقى والطغاة إلى زوال.. والشعب الذي يحلم بالحرية لا بد أن ينالها مهما مر الزمن، فتلك حتمية تاريخية لم تتغير أبدا.. حتى نيرون الذي أحرق…
الأحد ٠٣ يونيو ٢٠١٢
شهد الأسبوعان الماضيان صعود الإعلام السعودي بفروعه إلى صدارة المشهد المحلي واهتمام الصحف وأحاديث مواقع التواصل الاجتماعي، وفيما كانت الصحف والصحفيون والكتاب يناقشون قرار رئاسة مجلس الوزراء بأن يمارس الصحافة من ينتسبون إلى هيئة الصحفيين فقط، صدر قرار آخر منذ أيام يقضي بتحويل الإذاعة والتلفزيون إلى هيئة عامة وكذلك وكالة الأنباء السعودية. ما يعني أن تطورا يُفترض أن يحدث في الإعلام السعودي بأنواعه المقروء والمسموع والمرئي.. وهذا هو بالضبط ما يهم المواطن - الذي في الأغلب – لا يعرف الفرق بين وضع الإذاعة والتلفزيون حاليا ووضعهما حين يصبحان هيئة عامة، ولا يهمه إن كان الصحفيون منتسبين إلى هيئة الصحفيين أم لا، لأن كل ما يريده من تلك الوسائل أن تتغير نحو الأفضل بأساليب صياغة الأخبار وبثها ونقلها وطرحها وتحليلها. وكي تكون الأمور واضحة أكثر، فإن وزارة الثقافة والإعلام ووزيرها الدكتور عبدالعزيز خوجة أمام مهمة ليست باليسيرة، فهناك صورة ترسخت في ذهن المواطن عن إعلامه بات من الضروري مسحها ورسم صورة جديدة عن الإعلام الواقعي العقلاني السريع، الذي يتخطى الحواجز البيروقراطية ويصل قبل الوسائل الأخرى. إعلام يعرف ما له وما عليه ويقدم "وجبة دسمة" جاذبة في زمن لا تنفع فيه الرقابة بمفهومها الحالي، فالانفتاح سمة من يريد المنافسة واختراق المسافات. والمعلومة مهما كانت باتت تصل إلى أي مكان في الكرة الأرضية…
الخميس ٣١ مايو ٢٠١٢
ذات يوم من أيام الصغر أواخر سبعينات القرن العشرين، وقف الفتى على منبر ليلقي قصيدة في أحد المهرجانات، كان أيامها مثل كل الطلاب تعشش في عقله أغراض الشعر التقليدية.. ولأن قصيدته كانت عن "الوطن".. فقد طلب منه مسؤول في المركز الثقافي بأن يهديها لقائد الوطن.. وببساطةِ طالبٍ في المرحلة الثانوية فعلَ لأنه افترض أن المسؤول "يفهم"، وأيضا لأن المسؤول كان أحد من درسوه في مرحلة سابقة. لم يكد ينتهي من الإلقاء وينزل حتى جاء مقدم المهرجان وهو من أساتذته آنذاك بعد أن قدم للفقرة التالية، وجلس إلى جانبه ليهمس في أذنه: "لا تعدها مرة ثانية، إن أهديت فليكن إهداؤك لوطنك، الأشخاص إلى زوال.. والوطن يبقى". كانت وصية نادرة في ذاك الزمن، ولولا ثقة الأستاذ بطالبه لما جرؤ "أبو عبيدة" على قولها. لغاية اليوم لم ينسَ الفتى الدرسَ الرائع الذي اختزله "أبو عبيدة" في كلمات معدودة.. وعلى الرغم من أن شخصيته ودروسه من عوامل عشق طالبه الجارف للغة العربية، إلا أن درسه ذاك كان أشدها وقعا في النفس لغاية اليوم.. كم كتب المبدعون عن أوطانهم وكم بثوا شجونهم ونسجوا الأحلام في خيالاتهم بحثا عن وطنٍ يتسع للجميع ويغمر الأطياف كلها بدفئه.. وطن ليس مختطفا من فئة أو مجموعة من الأشخاص.. وطن ينعم أهله بخيراته، ولا تكون خيراته باب رزق لثلة من…
الأحد ٢٧ مايو ٢٠١٢
ليس غريبا أن يكون كثير من المشاهدين قد تساءلوا عن علاقة الروائي المصري الراحل نجيب محفوظ بمهنة "طبيب توليد" بعد انتهاء حلقة الأسبوع الماضي من برنامج "تستاهل" على قناة "إم بي سي"، ففي المرحلة الأخيرة من رحلة السوري فراس حموي التي يسعى من خلالها لكسب مبلغ لعلاج صديقه عبر البرنامج جاءه السؤال: "من؟".. والمعلومة الأولى "طبيب توليد"، ومع استمرار كشف المعلومات المتوارية وراء الأرقام، تواصلت الخيوط التي تؤدي إلى الروائي نجيب محفوظ، باستثناء معلومة "طبيب توليد"، فهي بعيدة عنه في نظر المشارك. لو رأينا المعلومات التي تجمعت لدى المتسابق وحللناها، لأدركنا موقفه، ومنها: طبيب توليد: ؟؟؟ صلاح أبو سيف: مخرج سينمائي مصري راحل، أخرج أفلاما عن روايات نجيب محفوظ. 2006: عام وفاة محفوظ. محاولة اغتيال: تعرض لها محفوظ في أكتوبر 1994. نور الشريف: مثل أفلاما ومسلسلات عن روايات محفوظ. خان الخليلي: رواية لنجيب محفوظ. نوبل: أرفع جائزة أدبية عالمية نالها محفوظ عام 1988. احتار المتسابق الذي تجاوز المراحل كلها، لكنه في المرحلة الأخيرة اختار يحيى الفخراني لكونه طبيبا على أمل أن يكون له ارتباط بعمل عن إحدى روايات نجيب محفوظ. غير أنه أحبط حين رأى اسم نجيب محفوظ يظهر أمامه. فما علاقة نجيب محفوظ بمهنة "طبيب توليد"؟ ذلك السؤال الذي لم يجب عليه مقدم البرنامج سعود الدوسري، وترك المعلومة ضائعة،…