مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

“تويتر”.. في الليل

الخميس ١٢ أبريل ٢٠١٢

(الواحد صار يخاف يمشي في تويتر في الليل لوحده).. هذه الجملة الساخرة التي كتبها الأستاذ جمال خاشقجي منذ فترة قريبة على صفحته في موقع "تويتر" تلخص ما وصل إليه الوضع في مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها "تويتر" من هجوم مجموعات إقصائية على أشخاص يخالفونها الرأي قد يصل حدّ التكفير والإساءة اللفظية والترهيب وما إلى ذلك من أمور تستدعي إعادة النظر في أسلوب تعامل الكثير مع غيرهم عبر العالم الافتراضي. فجلوس أحدهم في زاوية وراء شاشة و"كيبورد" لا يعني أنه قادر على فعل كل شيء ضد مخالفيه من غير محاسبة. ووضع قوانين تجرّم من يسيء عبر "تويتر" وغيره بات ضرورة بحيث يُعتبر ذلك كأنه حدث ضمن مجريات الحياة العامة، مع فارق أن الشتيمة هنا أو الإساءة لا تحتاج شهودا لأن وثيقة الإدانة موجودة، والتهمة مثبتة، فإن كان المدان يستخدم اسمه الصريح سهُل الوصول إليه، وإن كان اسمه مستعارا فالتقنيات تسهل الوصول. وضع تلك القوانين وإدانة البعض ومعاقبتهم سوف يردع كل من تسوّل له نفسه أن يمارس السلوكيات العدوانية عبر الإنترنت معتقدا أن تخفيه وراء الشاشة يحميه من العقوبة. كما يفترض ألا تندرج تلك الحالات تحت باب قضايا النشر، بل تكون ضمن قضايا المحاكم الاعتيادية بحيث تعدّ صفحة الشخص هي الشخص نفسه، فتكون كتابته عليها بديلا عن صوته عند التلفظ بشتائمه.. أما…

الراب الذي “يرفع الضغط”

الأحد ٠٨ أبريل ٢٠١٢

لأن ما يسمى بـ"الراب" يرفع الضغط فعلا، فالنمط الغربي منه غريب عنا، والعربي معظمه غير مقنع، أجدني أنحاز إلى رأي الفنان ناصر القصبي ضد رأي معارضيه، بعد الخلاف حول هذا "الراب" مع بداية الموسم الثاني الذي انطلق أول من أمس لبرنامج المواهب العربية Arabs Got Talent على قناة mbc4، ووصف القصبي لـ"الراب" بأنه "يرفع الضغط"، وبالطبع لمخالفي القصبي مثل مقدم البرنامج "قصي خضر" وصحبه رأي معاكس تماما، بل إن مثل هذا القول "يرفع ضغطهم". العضو الجديد في لجنة التحكيم ناصر القصبي كان صريحا لدرجة نسيان عضويته التي تستدعي بالضرورة عدم إطلاقه حكما قطعيا على لونٍ له من يؤدونه ويعجبون به، وهناك من استعدوا للمشاركة به في المسابقة، ورأي عضو لجنة التحكيم المحبط لهم قد يغير موقفهم من المشاركة أو يجعلهم يضعون احتمال الفشل أولا، ما يؤثر على أدائهم فـ"يرفعون ضغط" ناصر وضغط من يؤيدون رأيه أكثر مما كانوا يفعلون... وكأننا "ناقصين رفع ضغط" مما يعرض على الشاشات المنوعة.. والإخبارية أيضاً لدرجةٍ صار بها من يبتعد ساعة عن الأخبار يشعر أنه قد ارتكب إثما بحق شعب يذبح منه العشرات يوميا، وقدم فنانو "الراب" منه عشرات الأغنيات ضد طاغيتهم لكنها لم تتمكن من خفض "الضغط المرتفع" الناجم عما يرتكب بحق شعب نابض بالإبداع، رسَم تكوين الحرية ويصر على أن يكمل لوحته. وبعودة…

الحلم بين الإبداع والواقع والحرية

الأربعاء ٠٤ أبريل ٢٠١٢

ـ 1 ـ على الرغم من اشتغال كثير من النقاد على مصطلحي "الرؤية" و"الرؤيا" في الدراسات النقدية إلا أن المسألة ظلت نخبوية، ولعل سبب ذلك دخولهم في التراكيب اللغوية الخاصة التي يتطلبها النقد، ما جعل المتلقي العادي يكتفي بالنص الذي يستشف بفطرته ما هو موجود بين مفرداته. وتبقى "الرؤيا" النابعة من حالة الحلم بالمستقبل، مع "الرؤية" الواقعية البصرية المنطلقة مما هو كائن، من الأمور الملتصقة بالإنسان أينما كان. ـ 2 ـ اتّكأ أتباع المدرسة السريالية في الكتابة الأدبية منذ نشأتها بدايات القرن العشرين على الحلم في حالة من اللاوعي المتداخل مع العقل الباطن فأنتجوا نصوصا غريبة لم يتقبلها معظم الناس آنذاك وما زالت المجتمعات لا تستسيغ الكتابة السريالية، فالتصوير غير الواقعي وإطلاق الخيال وتكريس الأحلام اعتمادا على نظريات "فرويد" لم تكن في حالتها الأدبية متوهجة كما في حالتها الفنية التشكيلية، فـ"أندريه بريتون" وصحبه لم يحققوا المنجز أدبيا، فيما كان وجود مبدع مثل الإسباني الراحل سلفادور دالي من أهم عوامل الانتشار الفني للسريالية. فالرسم يعتمد على التكوينات الجمالية التي وإن كانت مبهمة إلا أن البصر يتقبل تجانس ألوانها ولمسات الريشة فيها، فتنتقل الحالة إلى الذهن ليفكر ويخترق الحلم. ـ 3 ـ قبل ذلك، لم تغب الأحلام عن علماء ومفكري العرب والمسلمين، وأصدروا كتبهم التي لا تبدأ بتفسير الأحلام لمحمد بن سيرين…

فضل شاكر يسحب الأضواء من أزلام “البعث”

السبت ١٠ مارس ٢٠١٢

لم أكن أستمع إليه إلا عن طريق المصادفة، وكثيرا ما "لخبطت" في لفظ اسمه، إذ يتوارد إلى ذهني أحيانا أنه "شكر فاضل" وليس "فضل شاكر".. لكن الهجوم العنيف الذي تعرض له نتيجة مشاركته في مظاهرة بساحة الشهداء وسط بيروت دعا إليها السلفيون قبل أيام لنصرة أهل حمص وغيرها سيجعل اسمه يرسخ ليس في ذاكرتي فحسب، بل في ذاكرة كثير من المستضعفين الذين اكتووا بقذائف ونيران عسكر وأمن النظام السوري في المدن الثائرة المطالبة برحيله بعد أن أثبتت الأحداث أنه لا يستحق الاستمرار. هاجم أزلام "البعث" وأذناب النظام في سورية ولبنان الفنانَ الرومانسي فضل شاكر لأن وقوفه مع مظاهرة مؤيدة لأحرار سورية والنازفين فيها، وعلى مسافة أمتار منه مظاهرة "بعثية" مؤيدة للنظام، منشدا "سوف نبقى هنا"، جعل صوت الأحرار أقوى.. فضاعت "الأبواق" المؤيدة لوجود "نجم" يهتف مع الأحرار، ويقول لقناة إل بي سي: "أتيت هنا نصرة لأهلنا وإخواننا المظلومين في حماة وحمص وحلب.. يفترض بكل من عنده كرامة ودين أن يشارك في هذا المهرجان العظيم،... المشاركة بالاعتصام مع السلفيين واجب وشرف لي، فني صفر أمام هذا الأمر". المثير للشفقة هو محاولات المؤيدين خاصة الإعلاميين النيل من تاريخ الفنان وأصله واسمه.. فسمته مواقع إلكترونية فنان البارات والكباريهات، وتحدث بعضهم عن ضبط أسلحة معه ذات يوم، وكأنهم يلمحون إلى أنه صاحب "مافيا" أو…

“الرجل البخاخ” يغادر “بقعة ضوء” إلى الواقع

الأحد ٠٤ مارس ٢٠١٢

لم يتخيل خرّيج المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق وكاتب السيناريو عدنان زراعي، أن فكرته "الرجل البخاخ" التي عرضت ضمن حلقات مسلسل "بقعة ضوء" الناقد عام 2008، سوف تقوده إلى السجن عام 2012 كما جاء في الأخبار منذ أيام، بعد أن أصبحت كل المدن والقرى السورية تقريبا لا تخلو من "رجل بخاخ" يكتب العبارات المناهضة للنظام ويدعو إلى الحرية وإسقاط النظام ورموزه. ومثل الشخصية الملثمة التي قدمتها الحلقة، امتلأت سورية بالملثمين الذين "يبخّون"، وكما عبّر الشاب "البخاخ" في "بقعة ضوء" عن رفضه للواقع الخاطئ والقهر والظلم بالكتابة على الجدران، فإن الرجال البخاخين في المدن السورية أعلنوا الرفض بالأسلوب ذاته. في "بقعة ضوء" لم يستطع "الأمن" القبض على "الرجل البخاخ" الذي نال شهرة وتعاطفا شعبيا لأنه أوصل صوت الشعب إلى المسؤولين، فصار حديث المجالس، وغيرت محلات اسمها التجاري إلى "الرجل البخاخ". لكن الرجل البخاخ في نهاية الحلقة سلم نفسه للأمن بعد حديث تلفزيوني للمسؤول الأمني يناشده فيه التعريف عن نفسه ويعطيه الأمان بعد أن عجز عناصره عن القبض عليه. فكانت نهاية الرجل البخاخ في زنزانة ترافقه علب كثيرة من الدهان البخاخ ليكتب ما يشاء.. لكن الإحباط قضى على حالة الكتابة لديه، فظلت جدران الزنزانة بيضاء. لكن الحلقة انتهت بظهور الرجل النفاث الذي تملأ كتاباته الفضاء.. في إشارة إلى أن التمرد لن يزول…

اللغة العربية على الهامش

الخميس ٠١ مارس ٢٠١٢

غابت اللغة العربية ونقلت للحضور مترجمة مطلع هذا الأسبوع في ملتقى كبير نظمته مؤسسة عربية في دبي. شارك في الجلسة الأخيرة ثمانية متحدثين، خمسة منهم عرب يشغلون مناصب هامة في مؤسساتهم الإعلامية أو وظائفهم الرسمية.. حتى هؤلاء العرب نأوا بأنفسهم عن التكلم بالعربية وهم يطرحون أفكارهم أو يحاورون الحضور على الرغم من أن "إنجليزية" بعضهم ليست على ما يرام. ولولا المترجمتين الفوريتين اللتين ترجمتا حديث المشاركين للحضور العرب لغابت اللغة العربية تماما عن اليوم الثاني من ملتقى عرب سات السنوي. وليت مؤسسة "عرب سات" انطلقت من اسمها، وجعلت اللغة العربية هي الرئيسية في ملتقاها، ولن يضيرها ذلك في شيء، فمدينة دبي عربية، والمؤسسة المنظمة عربية، ومعظم الحضور عرب، والمشاهدون العرب هم المستهدفون من الملتقى.. لكنه الخلل. بغض النظر عن كل منجز دبي، لكن "العربي" يشعر أنه غريب فيها لأن أهم ما يقربه منها مفقود، إن ذهب إلى أي محل ليشتري شيئا من البائع وخاطبه باللغة العربية، فأول رد من البائع يكون "نو أرابيك"، فتضطر لمخاطبته بـ"الإنجليزية"، وإن قلت له لماذا لا تتعلم العربية وأنت في دولة عربية، فالإجابة حاضرة وهي أنه لا يحتاج ذلك، فالإنجليزية أغنته عن تعلمها. كان معي في المصعد منذ أيام ثلاثة عرب، شابان وشابة، صعدنا الأدوار الثلاثة، ولم أسمع من أي منهم أي مفردة عربية برغم…

دراما “الترك” تسقط جعجعة ساستهم

الأحد ٢٦ فبراير ٢٠١٢

لم تُجدِ كل خطب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وتهديداته للنظام السوري في تقريب الترك من العرب مثلما أفادت المسلسلات التركية المدبلجة، فالخطب والتهديدات كانت جعجعة من غير طحين بحسب رأي الغالبية ممن يحللون أو يعلقون، أما المسلسلات فقد جعلت كثيرا من العرب يحفظون أشكال وأسماء الممثلين الأتراك، وصاروا يرتحلون إلى بلادهم ليزوروا قصر "يلدز" وغيره من مواقع صورت فيها المسلسلات. ويقال أيضا إن تلفزيون دبي في مأزق مع المعلنين الذين يتهافتون بصورة غير مسبوقة على حجز أوقات دعائية خلال فترة عرض المسلسل التركي "حريم السلطان" لأنه الأعلى مشاهدة من قبل الجمهور كما يبدو خلال الفترة الحالية، ما جعله الأكثر جلبا للإعلان، وبحسب أحد مسؤولي تلفزيون دبي تعدى مجموع مبالغ الإعلانات في الحلقات المعروضة لليوم ما حققته دورات برامجية كاملة في كثير من تلفزيونات الوطن العربي. ولأن أصغر تفاصيل الفنانين الأتراك يعد خبرا تتناقله المواقع، يحكي أن سائحة عربية – على ذمة موقع إم بي سي نقلا عن صحيفة "ملييت" التركية - أخذت صورا مع الممثل التركي خالد أرجينج الذي يقوم بدور السلطان سليمان القانوني في مسلسل "حريم السلطان"، وأصرت السائحة على دفع فاتورة "عائلة النجم" في المطعم حيث رأته، ما أغضب زوجته الفنانة التركية برجوزار كوريل التي تقوم بدور "سيرين" في مسلسل أغنية الحب. وسط عمليات الدبلجة يظهر…

العبث بالإبداع لخدمة السياسة

الخميس ٢٣ فبراير ٢٠١٢

علّمونا في صغرنا وما زالوا يعلمون الطلاب في المراحل الدراسية أن موضوع التعبير يبقى ناقصا إن لم نضع شاهدا فيه لتقوية الفكرة، وفي الغالب يكون الشاهد بيتاً من الشعر. واعتاد الطلاب تداول عدد من الأبيات بحسب الفكرة، على شاكلة: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت... الأم مدرسة إذا أعددتها... العلم يبني بيوتا لا عماد لها... أنا البحر في أحشائه... ومن يخرج عن دائرة الأبيات المعروفة يحقق اختراقا ويسجل حالة خاصة قد يطرب لها المدرس. ولم يخطر ببال أي من الطلاب في جيلي أن يستعين بقصائد شاعر حديث كنزار قباني ضمن الشواهد الشعرية للموضوعات الإنشائية. ربما لأنها لم تكن متداولة إعلاميا آنذاك، كما أن الحصول على المعلومة لم يكن سهلا كما هو اليوم، وإن أردت الوصول إلى ديوان ممنوع كعدد من إصدارات نزار، أو بحثتَ عن شريط كاسيت لأمسية شاعر مثل مظفر النواب، فإنك تحسب ألف حساب للعيون التي تراقبك ولـ"كاتبي" التقارير من بعض "الرفاق" الذين لا يتورع أحدهم عن اتهامك بأي شيء حتى وإن لم تفعله. وما على الجهات الأمنية إلا أن تصدقه، لأنه حريص على الوطن ويخشى أن يختل الأمن إن سمع أحد المواطنين قصيدة لنزار أو مظفر النواب. العجيب أن هذا الموقف من قصائد الراحل قباني انقلب إلى النقيض ذات لحظة غفلة في مجلس الأمن الدولي منذ فترة قريبة،…

برغم المنع والتعتيم.. الكاميرات تصل إلى العمق

السبت ١٨ فبراير ٢٠١٢

لم يكن التقرير الذي بثته قناة "العربية" مساء أول من أمس تحت عنوان (سوريا.. في جحيم القمع) الأول من نوعه الذي يؤكد أن منع وسائل الإعلام من دخول أي بلد يمكن اختراقه، والتعتيم لا يستمر. إذ وصلت من قبل أكثر من وسيلة إعلامية بمراسليها وكاميراتها مثل الـBBC والـCNN.. وغيرهما إلى أكثر الأماكن توترا. غير أن المراسلة في تقرير "العربية" كانت مهمتها أكثر قربا من المشاهدين لأكثر من سبب، منها: اللغة، وقدرة المراسلة على التعامل مع أعضاء التنسيقيات الذين سهلوا وصولها إلى الثوار فتنقلت بين الأماكن معتمدة على خبرتهم في التعامل مع عقليات العسكر ومواقع وجودهم، باذلة جهدا كبيرا لنقل صورة واقعية عن أماكن لا يصلها الإعلام، وكل ما ينقل عبر الشاشات منها ينجَز بجهود مواطنين بإمكانات بسيطة مثل كاميرا الجوال أو كاميرا صغيرة غير دقيقة. استطاعت المراسلة والكاميرا الوصول إلى أعماق البلد حيث الاضطرابات، كما في مدينة الرستن، وحضرت إحدى الجنازات. وغامرت بالمرور في الليل بين الدبابات والمدرعات على دراجة نارية لتصل إلى موقع لواء الضباط الأحرار، فأخذت منهم تصريحات عن أسباب انشقاقهم وشهاداتهم على ما كانوا يرونه قبل الانشقاق، ومنهم من أكد عدم وجود عصابات مسلحة خلال وصفه للأحداث. كذلك دخلت الكاميرا إلى أحد المساجد حيث كانت تقام الصلاة، ومع خروج المصلين بدأت مظاهرة قوية انطلقت إلى وسط المدينة.…

الرشيد وشارلمان.. وحديث “ستيرن”

الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٢

كثيرا ما رُبط التطور باحترام الوقت، فذلك يعني الانضباط في مختلف المجالات ويعني الإنجاز والإنتاج وهو "حالة ثقافية" تتكون مع التربية وسني التعلم الأولى، فنجد مجتمعات ترتقي فيها "ثقافة احترام الوقت" وأخرى تختفي فيها، وكم تندر العرب على أنفسهم وعلى الذين يتأخرون عن مواعيد محددة لإلقاء كلمة أو لافتتاح إحدى الفعاليات من ندوات أو معارض وغيرها. وكم حدد بعضنا موعدا "بعد العشاء" للقاء صديق أو لزيارة، متجاهلين عدم دقة الوقت. كل ذلك ناتج عن تراكمات في الثقافة المجتمعية تكرس عبرها تمييع الوقت، وعدم الانتباه إلى أن دقته تؤدي إلى أمور كثيرة تنتظم من خلالها باقي أمورنا الحياتية. أشياء من التاريخ وفهم الوقت وإشكالية التطور الحضاري ونقيضه قادتني منذ يومين لزيارة "معرض فن الساعات الكبير" بمدينة جميرا في دبي، وما إن رأيت المعروضات القديمة والحديثة وشخصا منهمكا على تركيب قطع دقيقة في إحدى الساعات أمام رواد المعرض حتى تذكرت براعة العرب قديما فيما سمّي علم الحيل. عدت إلى الحكاية الشهيرة التي قرأناها عن الساعة الكبيرة أو "الأعجوبة الهندسية" التي أهداها الخليفة العباسي هارون الرشيد للملك الفرنسي شارلمان قبل اثني عشر قرنا، وقيل في بعض الروايات إن شارلمان وحاشيته ذهلوا من شكلها وطريقة عملها، أما الرهبان فظنوا أن الشياطين تسكنها واستغلوا سكون الليل وأحضروا أدواتهم وحطموها. من بعض ما ذكر عن الساعة…

كلاسيكو العالم.. متعة التعليق وأزمة “القدوة”

الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢

كان يفترض بمباراة فجر الخميس الماضي التي أطلقوا عليها "كلاسيكو العالم" بين ناديي ريال مدريد وبرشلونة في كأس إسبانيا أن تكون مثالا لفن كرة القدم واللعب النظيف، لكن جزءا كبيرا من ذلك لم يحدث كما رأينا على شاشة "الجزيرة الرياضية" بين فريقين تتابعهما الكرة الأرضية ويضمان نخبة من لاعبي العالم. فمنذ بدأ "الربيع العربي" وأخبار الثورات وتداعياتها تحتل الحيز الأكبر من الاهتمام، غير أن زحمة أخبار تلك المباراة، وطلب ابني "بشر" بتقديم شرح عن تفاصيلها جعلاني أضع مشاهدة "الكلاسيكو" ضمن برنامج السهرة بحثا عن هروب وقتي من مشاهد العنف وقمع المتظاهرين، غير أن العنف كان سيد الموقف أيضا في "الكلاسيكو" الكوني، ما يجعل قضية "القدوة الرياضية" في أزمة، فعشرات الملايين من الجيل الفتي في مختلف الدول تسمروا أمام الشاشات ليستمتعوا بفن كروي متميز من لاعبين كبار، لكن الشوائب تداخلت مع الفنى فأفسدته، وبعض الكبار صاروا صغارا بأفعالهم، وتكفي لقطتان للدلالة على غياب الروح الرياضية تم فيهما انتهاز انشغال الحكم في حالة أخرى – وكأننا في إحدى تمثيليات المصارعة الحرة – إذ تجاهل لاعبان عشرات الكاميرات المزروعة في الملعب ليمارسا العنف ضد حامل لقب أفضل لاعب في العالم الأرجنتيني ميسي أو اللاعب "الجني" على رأي عصام الشوالي الذي أمتع في تعليقه. اللقطة الأولى للاعب "الريال" بيبي وهو يدوس عامدا بقوة على…

مأزق المثقفين مع الإعلام الجديد

الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢

بعد أن اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي عالمنا العربي واستقطبت معظم الجيل الشاب، وجد المثقفون والدعاة والفنانين وغيرهم من الشخصيات العامة أنفسهم في معزل عن جمهور المتلقين فاضطروا لعمل حسابات لهم في تلك المواقع للتواصل مع الناس، لكن المأزق الذي وقع فيه عدد منهم هو اهتزاز الصورة المرسومة لهم لدى القارئ أو المشاهد أو المعجب نتيجة آراء أبدوها لم تعجب الآخرين، أو بسبب ضعف التعبير اللغوي عند كاتب صحفي أو وقوف فنان ما مع النظام الذي يثور شعبه عليه فيما هذا المعجب أو ذاك مع الثورة، فتتصادم الأفكار وتحدث القطيعة. من المآزق التي وقع فيها أحد الدعاة أمس على موقع "تويتر"، حديثه مع إحدى النساء حول راحة المرأة وراحة الرجل، فيخاطبها قائلا "طيب كون المرأة تقعد 7 أيام شهريا بلا صلاة.. و7 أيام برمضان بلا صيام.. وتسمع الأذان بشدة حر الظهر وتصلي بالبيت وحنا نخرج للمسجد.. أليس راحة لها".. فترد عليه "يا شيخ ...... شوي شوي علينا والله لو تذوقون ألم الدورة الشهرية ما تتحملونه والله والله انه ألم قوي يهد الحيل".. وهنا يأتيها الرد الذي استغربه الكثير على تويتر "أختي أعصابك علينا.. أشغلتونا آلام ولادة دورة مدري إيش!! كلش له حبوب تسكن ألمه بـ5 ريال.. لو تمسكك زحمة الدايري بالشمس عرفتي معاناتنا". وعذرا إذ نقلت النصوص السابقة بما فيها من…