الثلاثاء ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٤
انطباعاتنا عن الشعوب قد يجانبها الصواب لأنها تستند إلى تجربة فردية أو الصورة النمطية السائدة. ولذلك حاول الباحث جون غراهام وضع دراسات علمية ليفهم كيف تتفاوض الناس عند الاختلافات. فالأميركيون يركزون على النتائج والسرعة، أما اليابانيون فيعطون أهمية كبيرة لبناء العلاقات والثقة. في حين يميل البرازيليون نحو العفوية وكثرة التواصل الودي. أمّا الروس وبعض الثقافات الأخرى فيميلون نحو استخدام «التهديد الضمني أو التلميح بالقوة» بوصفه جزءاً من استراتيجيات التفاوض ولا يبوحون بمعلومات مهمة في البدايات. في المقابل، تفضل الثقافات الغربية نهجاً عقلانياً واستناداً إلى البيانات. ما يجمع الأوروبيين التركيز على التفاصيل والالتزام بالإجراءات. ولم تخرج بريطانيا من عنق زجاجة اتحادهم إلا بعد مفاوضات عسيرة قادها الفرنسيون الذين يشبهونهم بالتفاصيل ويختلفون عنهم في النهج التفاوضي. وقد ترددت هواتف «نوكيا» (الفنلندية) في فتح أجهزتها للمطورين، الأمر الذي أدى إلى فقدان ريادتها، بينما أحدثت «أبل» (الأميركية) نقلة نوعية بفتح متجرها للمبدعين، مما حوّل الهواتف الذكية إلى أسواق متنقلة ورواقاً للمعاملات الحكومية! قد لا يهم الأميركيين الإجراءات ما دامت تأخذهم الأفكار نحو النتائج المرجوة. وهو ما لا نراه حرفياً لدى أبناء عمومتهم، الإنجليز. فقد سمعت بريطانياً يقول: «نحن نمضي وقتاً طويلاً قبل اتخاذ القرار... وإذا لم نفعل نشكك بأننا قد بذلنا ما بوسعنا. بعكس الحال لدى الأميركيين الذين نعتبرهم متسرعين في قراراتهم» (انتهى كلامه).…
الخميس ١٧ أكتوبر ٢٠٢٤
أصبحت صانعة الطائرات الأمريكية «بوينغ» مضرب المثل في استخدامها الأمثل لعلم «الأرغونوميكا» الذي يهدف إلى تصميم بيئات العمل وأدواته على نحو يزيد من الإنتاج والكفاءة، ويقلل من الجهد البدني والنفسي وتداعيات الإصابات. ولأن الطائرة بطبيعتها لا تدخل خط الإنتاج في مراحلها النهائية نظراً لحجمها العملاق، فهي بحاجة إلى جيوش جرارة من الأفراد للقيام بأعمال متنوعة مثل تركيب البراغي وتوصيل الأسلاك ونقل الأشياء ولحام القطع المعدنية. كل ذلك قد يعرض الأفراد للأذى والإرهاق. ولذلك تم تصميم معدات عديدة من قبل مهندسين محترفين لشركة بوينغ مثل ما رأيته من «الهياكل الخارجية الصناعية» Exoskeleton التي تقلل الضغط على المفاصل وتخفف الإرهاق أثناء العمل. ويرتدي العامل الهياكل كملابس خارجية، تشبه في تصميمها الهيكل المعدني الخفيف الذي يحيط بجسم الإنسان. وغالباً ما يغطي الساقين والركبتين، ويكون مفتوحاً من أماكن معينة ليسمح بحرية الحركة. ومن المعدات الأخرى التي سهلت حياة الإنسان، نجد «القفازات الآلية» التي تعزز قوة القبضة وتقلل الجهد العضلي في المهام الدقيقة، و«أجهزة المساعدة على الرفع» التي تخفف الإجهاد الناتج عن رفع أشياء ثقيلة، و«أنظمة دعم الظهر» التي تقلل آلام الظهر الخطرة. والتي قد تؤدي إلى إعاقة مزمنة. كما تُستخدم «دعامات الركبة» لتريح الركبتين عند الانحناء والجلوس، و«أجهزة تصحيح الوضعية» التي تقلل من التوتر العضلي أثناء تغيير وضعيات الحركة، وخصوصاً تلك التي تتطلب وقتاً…
الثلاثاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٤
حينما ينسى الممثل على خشبة المسرح نصه، يلجأ للتندر على نفسه كحيلة للخروج من مأزق النسيان. يسمونه الإنجليز انتقاص الذات أو التندر عليها. لجأ إلى ذلك عادل إمام في «مدرسة المشاغبين»، واحترفه شارلي شابلن في أفلامه الصامتة. وفي ثنايا التقليل من شأن أنفسنا عوامل نفسية دفينة. فكم من تندر أنقذنا من موقف محرج، وبدد القلق، والتوتر، وأكسبنا شيئاً من القبول الاجتماعي. وذلك على طريقة تواضع سقراط بقوله: «كل ما أعرف أنني لا أعرف شيئاً». والإمام الشافعي ببيته الشهير: «أحب الصالحين ولست منهم / لعلي أن أنال بهم شفاعة». ويُروى أن تشرشل قال في مجلس العموم: «لقد كنت أكثر تواضعاً مما ينبغي، لكنني لن أسمح لذلك أن يحدث مرة أخرى». حينما يقول من أعد أطباقاً لضيوفه: علاقتي بالطبخ مثل علاقة راعي الغنم بالمركبات الفضائية، هو يقلل من شأنه بدعابة اجتماعية. غير أن التقليل من الذات لا يحبذ في لحظات الجد، وأروقة العمل، وعند التعامل مع المسؤول المباشر. والأخطر اللجوء إليه في ظل وجود ثلة تنقض على فريستها بأنياب السخرية. التقليل من الذات علانية دعابة، أما إضمارها في النفس فهو تدنٍ في تقدير الذات. وتقدير الذات لا يفترض أن يهتز لأنه نظرتنا لأنفسنا، أما الثقة بالنفس فتنخفض وترتفع بحسب نجاحاتنا وإخفاقاتنا. انتقاص الذات حالة ذهنية مقلقة إذا كانت جزءاً من حديث النفس،…
الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠٢٤
من أكثر المواقف المؤلمة في الإدارة أن تخذلنا نتائج فريق عمل تم اختيار أفراده بعناية فائقة. بعضنا يعتقد أن اختيار أكفاء أو تخصصات متنوعة في فريق عمل هو كل ما يجب فعله لتوقع أفضل النتائج. غير أن فريق العمل هو «كيان جديد» يتشكل، ويتطور، وهو عرضة للصدامات واختلاف الشخصيات والأجندات الخفية وغيرها. فمن الطبيعي أن يستغرق وقتاً للانسجام أو تبيان حقيقة فاعلية كل فرد. بعض الأعضاء مثلاً يمتازون بعلاقة قوية مع مديريهم، لكنهم سيئون جداً في التعامل مع الآخرين. وينسى هؤلاء أنهم يهدمون سمعتهم بأيديهم، فلا المنصب يدوم ولا التزلف يبقى من دون عواقب وخيمة. بعض أعضاء الفريق كلامه أكثر من فعله. باختصار هي حالة «جعجعة بلا طحن» كما يقول المثل. بعضهم يعرف من أين تؤكل الكتف لأنه لا يقترح شيئاً ولا يعلق إلا في صميم هدف المجموعة وعينه على النتائج. لا تأخذه العزة بالإثم فسرعان ما يتراجع عن قرار فورما يقدم زميله مقترحاً أكثر وجاهة. ولذلك برز في الإدارة ما نسميه بمعايير الفريق Team Norms وهي «حالة التكيف» المنشودة أو بالأحرى القواعد المتعارف عليها بين أفراد الفريق . والتي تحكم آلية العمل فيما بينهم وكيفية التنسيق والتعاون المشترك. تشبه الثقافة السائدة وهي مسألة في غاية الأهمية لإنجاز المهمات. فعندما تتباين أجندات الفردية يحدث الصدام، غير أن وضوح المعايير يسهل…
الأربعاء ٠٣ يوليو ٢٠٢٤
الإتيكيت ليس مقصوراً على آداب المائدة والعلاقات الاجتماعية والدبلوماسية فحسب، بل حتى سماعة الهاتف لها بديهيات في الإتيكيت. فعندما يتصل بك أحد المسوّقين مرات عديدة بحجة أنك لم ترد، أو «يسرق» رقمك من شركة أخرى، أو يهاتفك في مواعيد غير مناسبة ليلاً؛ هنا تكتشف أنك أمام معضلة عدم المهنية. وهي باختصار أسوأ صورة يمكن أن يرسمها المتصل عن شركته التي لا يبدو أنه قد تلقى منها تدريباً جيداً. كل ذلك سيصبح من الماضي، على الأقل في الإمارات، بعد قرار صدر يتوعّد من يقومون بالاتصالات التسويقية بغرامات تصل إلى 150 ألف درهم، وقد تصل إلى حد إلغاء الترخيص، والحرمان من خدمات الاتصالات في الدولة لمدة عام، وقد تضطر معه الجهات إلى وقف مزاولة النشاط كلياً أو جزئياً بحسب جسامة المخالفة المرتكبة، اعتباراً من أغسطس المقبل (2024). كان من المهم أن يكون للشركات إتيكيت عصري وصارم، لكن يبدو أن الأمر قد خرج عن نطاق السيطرة، فاضطرت الجهات الرقابية إلى وضع قرارات رادعة. منها عدم أحقية أي شركة بالاتصال على الفرد بعد السادسة مساء، وحظر الاتصال بالأرقام المسجلة في قوائم «عدم الاتصال». وحظر الاتصال بهواتف مسجلة بأسماء أفراد، ومنع معاودة الاتصال بالمستهلك في حال رفض ما قدم له من خدمة أو منتج في المكالمة الهاتفية الأولى. مشكلتنا أن كل امتعاض تبديه لا يجدي…
الأربعاء ٢٦ يونيو ٢٠٢٤
يروى أن الدستور الصيني قد كفل للعمال أخذ قيلولة قصيرة. ونراهم في الجامعات الغربية لا يتورعون عن وضع رؤوسهم على الأدراج الدراسية لدقائق يشحذون بها طاقتهم. العلم يقول إن الغفوة (أو القيلولة) تحسن مستوى التركيز، واليقظة، ومن ثم رفع الأداء العقلي، وتحسين المزاج، ودعم عمليات تعزيز الذاكرة. في تقرير لجامعة هارفارد قرأت أن القيلولة إذا تجاوزت نحو أربعين دقيقة فإن المزاج يبدأ بالتعكر. وربما لهذا جرى العرف أن تغفو الشعوب لنحو عشرة إلى ثلاثين دقيقة. ويعوّد الآسيويون والصينيون تحديداً أطفال الحضانات على الغفوة المشروعة. حتى صارت جزءاً من تقاليد اليوم في العمل. ولما زرت إسبانيا فوجئت أن محلات كثيرة تغلق بُعيد وجبة الغداء وهي عادة كانت موجودة في متاجر الكويت والخليج قديماً والسبب يعود بشكل أو بآخر إلى عادة القيلولة. عندما يطلب أحدنا غفوة في ثقافتنا قد يشير إلى قصور في نومه أو مؤشر على الكسل لكنه في بعض المجتمعات اليابانية الكادحة علامة على التفاني والإرهاق جراء عمل شاق. ويطلق اليابانيون على النوم في العمل مصطلح «إينيموري». بعض الأبحاث ترى أن ثلث ساعة في النهار تعادل نحو ساعة إلى ساعتين من النوم الليلي. أشبه الغفوة بزر «reset» في الهواتف الذي يعيد الإعدادات إلى هدوئها وطبيعتها وأدائها القوي. فمثلما لا يتحمل المرء تكالب الضغوطات الشديدة عليه، تشعر الأجهزة كذلك بحاجة إلى…
الأربعاء ٢٩ مايو ٢٠٢٤
يقول المستشار الإعلامي اللامع د.ياسر عبدالعزيز، إن هناك مفارقة لا ينتبه إليها كثير من الناس وهي أنه كلما طُرحت تكنولوجيا جديدة تَطوَرَت وسائل الإعلام وليس العكس. وضرب مثالاً على الفاكس عندما تم اختراعه بزغ نجم وكالات الأنباء (في غياب الإنترنت). وعندما اخترع غوتنبرغ المطبعة في ألمانيا نحو عام 1440، انبثق فجر جديد في عالم الطباعة، ومعها صار في مقدور البشر لاحقاً نشر صحف ورقية كانت النواة لإعلامنا المعاصر. وعندما ظهر الراديو تكاثرت المحطات الإذاعية، وبدخول الشاشة الفضية (التلفاز) إلى بيوتنا حلق الإعلام نحو آفاق رحبة من الثراء الإعلامي والثقافي والترفيهي المرئي. باختصار ما كان يمتعنا على الورق صرنا نشاهده على الشاشة. وأتفق مع د.ياسر في حديث أمس في إحدى جلسات قمة الإعلام العربي في دبي، فالأمر نفسه حدث عندما اختُرِع الإنترنت، حيث أسهم ذلك الحدث في ازدهار الصحافة الإلكترونية التي حاربها أو قلل من شأنها بعض المخضرمين في الصحافة التقليدية. إلا أن الصحافة الإلكترونية صمدت وصار لها جوائز إقليمية ولا تقل جودتها عن الورقية. وبفضل الانترنت صارت تفاصيل الأخبار وتحديثاتها متاحة على مدار الساعة، وهو ما لم يكن متاحاً في الورق. ومع ظهور الهواتف الذكية، صار هناك حاضنة للتطبيقات الإعلامية، فأضحت إشعارات الخبر تصل إلى جيوبنا، ووجدت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لملاحقتنا في الأخبار والأحداث لحظة وقوعها. ورفعت منصة «إكس»…
الأربعاء ٢٧ مارس ٢٠٢٤
ساد حتى عهد قريب اعتقاد شائع بأن المرء بحاجة إلى ذكاء بشري «IQ» ليتفوق في عمله. سرعان ما تبدد ذلك الرأي مع بزوغ نجم ما أطلق عليه بالذكاء العاطفي «EI». اكتشف العلماء أنك حتى تتعامل بمهارة وسلاسة وحكمة مع من حولك ومع مشاعرك، فلا بد أن يكون لديك شيء آخر غير الذكاء العقلي، وهو الذكاء العاطفي الذي يقصد به قدرة الإنسان على إدراك مشاعره، واستيعاب ما يختلج في خواطر من حوله، والأهم أن يحسن إدارتها بغية تحقيق هدف بعينه. وانبرى ثلة من الباحثين لقياس ذلك، فتمكنوا عبر مقاييس علمية من قياس قدرة القيادي على التفوق في عمله إذا ما كان يتحلى بدرجة مرتفعة من الذكاء العاطفي. والمفارقة أنه عندما قاس العلماء الذكاء العقلي «IQ»، عند الرؤساء الأمريكيين وجدوه في حدود المعدل الطبيعي وهو معدل غير مرتفع. وهذا دليل على أن أموراً أخرى ينبغي الالتفات إليها، فتبين أن في طليعتها الذكاء العاطفي. وتنبع أهميته من أنه يمكن صاحبه من تحديد نوعية المشاعر التي تنتابه والقدرة على تذليلها لخدمة أهداف مرجوة. قد يبدو كلاماً بديهياً، لكن واقع الحال يشير إلى أن العديد من الأذكياء عقلياً يفتقرون إلى مرونة ورشاقة الذكاء العاطفي الذي يجعل المرء يدخل إلى حقل ألغام من النقاشات العقيمة أو الملاسنات ثم يخرج منها بأقل الأضرار لأنه كان واعياً لما…
السبت ٢٧ يناير ٢٠٢٤
كان حلم نجيب محفوظ أن يستكمل دراسات الدكتوراه في الفلسفة. فقدم على بعثة دراسية في الجامعة لكنهم رفضوا! فشكل له ذلك صدمة مريرة. ثم التقى أحد المعنيين وسأله لماذا لم تقبلوني؟ فقال له أنت محفوظ؟ فقال نعم، فرد عليه بما معناه: ظنناك مسيحياً من اسمك الأخير ولأننا ابتعثنا أكثر من مسيحي فتركنا الفرصة لآخرين أي من باب العدالة الاجتماعية. فضاع حلمه، لكنه اضطر أن يضع خطة جديدة لاقتحام فن الرواية، ثم كتب خمسين رواية في خمسين عاماً ليفوز كأول أديب عربي يحصل على جائزة نوبل. ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه. كان يريد باباً آخر! طه حسين كذلك فقد بصره صغيراً لكنه أصبح عميد الأدب العربي بجلده وإبداعه ودراسته في ربوع باريس بجامعة السوربون. عملاق الفن الكويتي، عبد الحسين عبد الرضا، قال عنه الفنان المصري سعيد صالح: عبد الحسين جنني.. هو كوميديان عظيم، وعاتبته عن سبب عدم التمثيل في مصر ليكشف للمصريين عبقريته. غير أن الفنان سعيد صالح، لم يكن يعلم أن عبد الحسين كان ممثلاً بديلاً لممثل غاب عن خشبة المسرح فغضب مؤسس المسرح العربي زكي طليمات الذي كان يؤسس بواكير مسرحنا في الكويت. فقال: مين الممثل البديل؟ فرفع عبد الحسين يده ومثل فأبهر زكي طليمات. ولما انتهى قال له حرفياً: «من الحمار اللي خلى دا ممثل بديل»، كناية عن…
الأربعاء ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٣
كنت دائماً ما أتساءل وأنا أملأ طلب تقديم إعفاء من الفيزا البريطانية باعتباري مواطناً كويتياً: لماذا يسألني الموقع: كم مرة ستزور بريطانيا في الشهور القليلة المقبلة؟ مع العلم بأن الطلب لزيارة واحدة فقط أصلاً. توقعت أنها محاولة لجمع بيانات مفيدة، وربما صدق حدسي، حيث أعلنت الحكومة البريطانية عن عرض مغرٍ للمواطنين الخليجيين الراغبين في زيارة بلادهم لأكثر من مرة. كانوا ربما يجمعون بيانات تساعدهم في اتخاذ القرار. هذا بالضبط ما يحدث في عالم البزنس والإعلام، حيث نجحت بعض المؤسسات في الاستفادة مما يسمى بالبيانات الضخمة أو (Big Data)، وهي ركام من الأرقام، والصور الرقمية، والتسجيلات الصوتية، والمواد الخام التي نواجه صعوبة في تحليلها عبر أدوات آحادية. يعرفها معهد ماكنزي بأنها بيانات يصعب تخزينها بسبب ضخامتها. وكذلك تشق علينا إدارتها، وتحليلها بطرق تقليدية، فلا بد من وجود أكثر وسيلة لتحليلها. وإذا ما نجحت المؤسسات أو الدول في ذلك التحليل فإنها ستجني ثمار معلومات جوهرية ومفيدة تغير موقعها في المشهد التنافسي. وقد تطرقت، أول من أمس، في منتدى الإعلام العربي في دبي، بوصفي متحدثاً رئيساً في إحدى جلساته الحاشدة، إلى أهمية أن تستفيد المؤسسات الإعلامية من البيانات الضخمة (Big Data) في معرفة مزاج القارئ واختياراته، وهو ما نجحت فيه أكبر سلسلة «سوبرماركت» في بريطانيا «تسكو» عندما استعانت بعلماء حللوا بياناتها، فاكتشفت أن…
الأحد ١٧ سبتمبر ٢٠٢٣
«إذا كانت رؤيتي أبعد من الآخرين فذلك لأنني أقف على أكتاف العمالقة». هذه العبارة الخالدة قالها العالم إسحاق نيوتن في رسالة إلى الموسوعي روبر هوك في سنة 1675 (بحسب بحث للبروفيسور روبرت ميرتون في سنة 1965). ويروى أنها تعود إلى الفيلسوف الفرنسي برنارد شارتر الذي قال «إننا مثل الأقزام على أكتاف العمالقة، إذ نرى أكثر وأبعد منهم ليس لحدة أبصارنا أو قوة أجسادنا، بل لأننا محمولون عالياً على أكتاف العملاقة». هذه المقولة العميقة تستخدم نموذجاً لتبسيط كل الإجراءات والاختراعات العلمية المدهشة ولذلك رفعها محرك البحث غوغل شعاراً له في موقعه للبحث العلمي scholars ربما لتذكر كل باحث بألّا تأخذه الحماسة في منتوجه أياً كان وزنه أو ما يزعم أنها أسبقيته حتى يدرك أنه لولا العمالقة لما تمكن من الوصول إلى إنتاجه العلمي فمن ينظر من قمة برج إيفل في باريس يرى أبعد ممن يطل من نافذة منزله وكلما زاد حجم وقيمة ما نقف عليه من علم وتجارب ومعلومات زاد أفق المشاهدة. والأمر نفسه مقارب لمقولة «كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة» لقائلها محمد الحسن النفري، أحد أبرز علماء التصوف في القرن الرابع الهجري فقد وجد المفكرون العرب والفلاسفة في عبارته البليغة ميداناً خصباً للنقاش في أعماق معانيها فبالفعل من يشاهد كثيراً يصعب عليه التعبير عما التقطه أفق بصره من تفصيلات. والأمر…
الأربعاء ١٦ أغسطس ٢٠٢٣
من المهم أن يعرف متخذو القرارات في شتى بلدان العالم بماذا تفكر شعوبهم. وإذا ما كان الشباب يمثلون نسبة هائلة من المواطنين، فمن الأجدر أن ندرك طبيعة ما يشغل تفكيرهم. هذا ما حاول كشفه قبل أيام استطلاع سنوي لرأي الشباب العربي، حيث أظهر أن نحو «نصف الشباب العربي في دول شرق المتوسط (بنسبة 53 %)، وما يقارب النصف في شمال أفريقيا (بنسبة 48 %)»، يفكرون جدياً في مغادرة بلدانهم بحثاً عن فرص أفضل، وتحديداً فرص العمل. وتبين أن الغالبية العظمى من الشباب في دول الخليج العربي يفضلون البقاء في أوطانهم في حين أن نحو ثلث الشباب في دول الخليج (27 %) يفكرون ملياً في الهجرة. السؤال الذي أثار فضولي هو إلى أين يريد هؤلاء الهجرة وهم ينعمون في بلدان لا تستقطع ضريبة على الدخول، وترفل بلدانهم بأثواب العز والتطور والخدمات الصحية والتعليمية المتقدمة. كانت الإجابة أن نحو ثلثهم يريدون الهجرة إلى كندا (34 %)، بعدها أمريكا (30 %)، ثم ألمانيا وبريطانيا (20 % لكل منهما)، في حين كانت فرنسا خيارهم التالي. وبشكل عام، يرى العرب المشاركون في الاستطلاع الخامس عشر الصادر عن شركة «أصداء بي سي دبليو»، أن الوظائف تحتل مكانة رفيعة ضمن أولوياتهم، يأتي ذلك في ظل ارتفاع نسبة البطالة إلى 25 في المائة وهي النسبة الأعلى والأسرع نمواً…