مشاري الذايدي
مشاري الذايدي
صحفي وكاتب سعودي

الرياض… بيانٌ للناس

الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠٢٤

القمّة العربية الإسلامية، مع الحضور الأفريقي، المعقودة في العاصمة السعودية الرياض، الاثنين الماضي، نقلة مهمّة في صناعة موقف دولي لإنهاء الحرب وبداية السلام في منطقة الشرق الأوسط. خلق موقف عربي وإسلامي ودعم أفريقي ضد الانغماس الإسرائيلي في الحروب المتوالدة، في دولٍ عربية ومسلمة بالمنطقة، هو بداية خلق موقف دولي، ولذلك قيمته الفاعلة في تحريك هذا الجمود الزمني القاتل، على لحظة الحرب والضرب والفوضى والمستقبل المخيف. نحن أهل هذه الديار، وأمن المنطقة واستقرارها مسؤولية أهلها، وفي جزيرة العرب ومنبع الإسلام، المملكة العربية السعودية، ومن قلب نجد العرب، انطلق بيان الرياض، عالياً واضحاً فصيحاً ومؤذناً بعمل جديد. في كلمته أمام القمّة العربية الإسلامية بالرياض، شدّد ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، على «مركزية القضية الفلسطينية»، وأبان كيف تمّ «حثّ مزيد من الدول المُحبِّة للسلام على الاعتراف بدولة فلسطين». وشرح الأمير محمد بن سلمان، أمام ضيوف الرياض كيف «حشدنا للاجتماع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبّرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بوصف فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة، والمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية»، وكيف «أطلقنا التحالف الدولي لتنفيذ حلّ الدولتين بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومملكة النرويج التي استضافت المملكة مؤخراً اجتماعها الأول، وندعو بقية الدول للانضمام إلى هذا التحالف». وفي مجلس الوزراء السعودي، عقب…

عودة ترمبية… من الباب الكبير

الخميس ٠٧ نوفمبر ٢٠٢٤

عاد الرجل المثير الكبير، عاد عودةً ظافرة باهرة، بفوز صريح مريح له ولحزبه، بكل مواقع القرار الجوهري في الولايات المتحدة الأميركية، هكذا تكون العودة المثيرة في حلبة السياسة. عودة تشبه دونالد ترمب؛ رجل المال والأعمال... ورجل الميديا والسوشيال ميديا، والآن رجل السياسة المختلفة، المقبل من خارج نخبة واشنطن، ومن خارج علب التقاليد الحزبية والبيروقراطية. فاز المرشح الجمهوري دونالد ترمب بمقعد القيادة في البيت الأبيض، وفاز حزبه معه في الكونغرس، لنكون بمواجهة 4 سنين حافلة وجديدة، لنطوِيَ صفحة بايدن - هاريس، ومِن خلفهما أوباما والأوبامية، الـ4 سنين السالفة شهدنا تغييراً في بعض السياسات بالعالم ومنطقتنا بسبب الإدارة الديمقراطية، وشهدنا حرباً خطيرة، وما زلنا، مع روسيا في أوكرانيا، وشهدنا حرباً مدمرة في لبنان وغزة، وشبه حرب بين إسرائيل وإيران، وشهدنا من الميليشيات الحوثية تهديداً خطيراً للملاحة في البحر الاحمر وشهدنا غير ذلك، فهل سيختلف شيءٌ من هذا في السنوات الـ4 المقبلة!؟ هذا هو الاختبار الفعلي فيما يخصّنا من ترمب وحزبه وأميركا. ماذا سيفعل مع روسيا وبوتين؟ وهل سيُنهي الحرب أو الحروب المشتعلة في العالم كما وعد أكثر من مرة في خطبه الانتخابية بوقت سريع!؟ ماذا سيفعل مع الصين؛ الخطر الأكبر على أميركا في العالم؟ تَباهى ترمب بروابطه الوطيدة بالرئيس شي جينبينغ، معتدّاً بمقاربته للعلاقات الدولية «القائمة على الصفقات»، وأعربت الصين عن أملها…

كأنّك تعيش أبداً… كأنّك تموت غداً

الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٤

بعد أسابيع من الوعيد والتهديد الإسرائيليين برد كبير على إيران؛ رداً على هجمات إيران الصاروخيّة في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، شنَّت إسرائيل هجمات من الجو على بعض الأهداف داخل إيران. استهدفت الضربات مواقع عسكرية في العاصمة الإيرانية طهران، ومدينة كرج المجاورة، تضمَّنت ثكنات ومستودعات أسلحة، وفقاً لما أفاد به مسؤولون عرب لقناة «إن بي سي نيوز» الأميركية. مسؤول إسرائيلي ذكر للقناة أن إسرائيل حرصت على عدم استهداف المنشآت النووية أو البنية التحتية النفطية الإيرانية، وبدلاً من ذلك، ركّزت على مواقع تُشكِّل تهديداً أمنياً حالياً، أو قد تُشكِّل خطراً مستقبلياً. وفي أخبار أخرى أن مرشد إيران كان قد وجَّه قواته برد على إسرائيل إذا ما تمَّت مهاجمة الأصول النفطية والنووية. وعليه، فهل تكون هذه الجولة الحربية قد انتهت عند هذا الحد؟! هذا هو المأمول؛ لأن الانزلاق لحرب مفتوحة الاتجاهات بين طهران وتل أبيب، يعني اشتعال الحرائق الكبرى في منطقتنا، لأمد غير معلوم. على كل حال، فإنَّ إسرائيل بعد السابع من أكتوبر ليست كما هي قبله، كذلك إيران لن تكون هي إيران ما قبل 7 أكتوبر، وكذا المجموعات التابعة لها في الديار العربية. لا ندري حتى الآن عن نهايات هذه الضربات الإسرائيلية، وهل ستنتهي عند هذا السقف حتى لو تلتها موجات أخرى بالوتيرة ذاتها... الله أعلم، لكن سنفترض ذلك. هناك…

ترمب… السعودية التي فكرت وعملت بطريقة مختلفة

الثلاثاء ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٤

الحق أنَّ المنصف ليس بحاجة لشهادة خارجية حتى يتأكد من المؤكد ويتحقق من الحقيقة الشاخصة. ما جرى ويجري وسيجري في السعودية منذ تقلد الملك سلمان مقاليد الحكم، ومنذ تدشين ولي عهده الأمير محمد بن سلمان مسيرة الرؤية السعودية الجديدة، هو قصة القرن الجديد كما قال ذات مرة الأمير محمد. إعادة ضبط الساعة السعودية لتبحر سفنها بلا تردد في بحار الغد، لا ينقصها شيء، الرؤية وضعت للسعوديين وجهة جديدة ومقصداً ملهماً للمشاعر وحافزاً مثيراً للعمل والأمل. الأمر لا يتعلق فقط بتجديد الاقتصاد ونفض سجاداته نفضاً ليعود محركاً للتنمية وهدفاً لها أيضاً، ولا حتى بتغيير المظهر الحكومي والاتجاه نحو الحكومة الحديثة، في هذا الصدد حققت السعودية موقعاً متقدماً في الحكومة الرقمية، وفي استقطاب الاستثمارات الخارجية المتنوعة. هذا كله وأكثر منه حصل وثمة المزيد منه، غير أني أجزم أن النهضة الكبرى التي اجترحتها الرؤية السعودية الجديدة هي تغيير «المزاج» المحلي وهدم بعض الأوهام القديمة المعيقة، ومن ذلك بل من أهمه، مسألة المرأة السعودية وتمكينها. أنا شخصياً وعلى صفحات هذه الجريدة «الشرق الأوسط»، وعلى مدى أكثر من عقدين، أتذكر الاستنزاف الذي جرى لنا في قضية «قيادة المرأة السعودية للسيارة»! نعم لقد كانت قضية القضايا وبقية القضايا... وأتمنى لو تنطح شخص أو مؤسسة لجمع المادة الصحافية والثقافية حول هذه المسألة، كما فعل الدكتور عبد الله…

مصباح الرياض والقاهرة

الخميس ١٧ أكتوبر ٢٠٢٤

بالأمس أشرنا إلى الفرق بين المسار العربي «المسؤول» والمسارات الأخرى في المنطقة من القوى غير العربية، وعلى رأس هذه القوى إيران وقلاقلها، وإسرائيل وحروبها اللامحدودة بسقف سياسي حقيقي. العرب، هم «جل» سكان ودول الشرق الأوسط، هذه ديارهم وتلك مرابعهم، ومراقد أجدادهم، ومراتع أحفادهم، يقف على رأس الهرم العربي الرياض والقاهرة، هنا مخزن العرب الاستراتيجي، تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، وعدة وعديداً، والأهم: سعياً نحو مستقبل مزهر للعرب، وكما وعد ولي العهد السعودي قائد الأمل الأمير محمد بن سلمان بصناعة شرق عربي، ومن يريد ذلك من الغرب، يحفل بالتنمية والحياة الكريمة ومعانقة المستقبل بكل فرصه المثيرة. هذا رهاننا وهذا هو مسار الأمل، لكننا لسنا وحدنا في الشرق الأوسط، صحيح أننا «أغلب» أهله، لكن معنا جيران مثل إيران وتركيا وإسرائيل، وقوى دولية عظمى لها أثرها الذي لا يمكن إنكاره علينا، وعلى رأس هذه القوى الآتية من خارج الشرق الأوسط: أميركا وروسيا والصين وغيرها. لكن في النهاية، نحن «أهل الدار» لذلك كان ضرورياً لقاء السعودية ومصر في هذا التوقيت العصيب. أول من أمس قام الأمير محمد بن سلمان بزيارة عمل للقاهرة وعقد محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ووفقاً لبيان الرئاسة المصرية، تناولت محادثات الأمير محمد بن سلمان والرئيس السيسي «ضرورة احترام سيادة وأمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه». كما شدّدا على أن «إقامة الدولة…

بالمناسبة… أين «داعش»؟

الثلاثاء ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤

في غمرة الحرب الإسرائيلية ضد تكوينات «المحور» في لبنان وسوريا، فاجأ الجيشُ الأميركيُّ العمومَ بالإعلان عن شنّه سلسلة من الهجمات الجوية ضد معسكرات تابعة لتنظيم «داعش» في سوريا. البيان العسكري الأميركي قال ما خلاصته إن الهدف من هذه الغارات هو شّل قدرات «داعش» في المنطقة. والسؤال: لماذا الآن؟ أم هي عملية تقليدية ضمن أعمال «التحالف الدولي» ضد «داعش»، تعمل بمعزلٍ عن السياقات الأخرى؟ ينتشر نحو 900 جندي أميركي في سوريا، إلى جانب عدد غير معلن من المتعاقدين، كما أن تقديرات الأمم المتحدة تذكر أن «داعش» في سوريا والعراق ما زال لديه ما بين 3 آلاف و5 آلاف مقاتل، وفق تقرير لها في يناير (كانون الثاني) الماضي. على ذكر «التحالف الدولي» ضد «داعش»، فإن ألان ماتني، منسّق وزارة الدفاع الأميركية لهذا «التحالف»، كشف عن وجود استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها «التحالف» لمواجهة تهديدات التنظيم الإرهابي الأشهر في العالم. وقال ماتني، وفق تقرير نشره موقع «وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)»، الخميس الماضي، إن «داعش» لم يعد «يحكم أراضيَ»، لكن الآيديولوجيا التي يتبنّاها التنظيم لا تزال قائمة، وإن هناك حاجة لدى «التحالف الدولي» لمواجهة هذه التهديدات. هل «داعش» تنظيم جامد غير قادر على التطور واستيعاب المتغيرات من حوله وتكييف نفسه ووسائل دعايته وفق هذه المتغيرات، خصوصاً أن «داعش»، زمنياً، يُعدّ «أحدث» نسخة من نسخ الإسلام…

من حسن نصر الله لهاشم صفي الدين

الثلاثاء ٠١ أكتوبر ٢٠٢٤

إذا صحَّ ما قيل فقد تمَّ اختيار هاشم صفيّ الدين خلفاً لحسن نصر الله أميناً عاماً لـ«حزب الله» اللبناني الموالي للمرشد والنظام الإيراني. صدمة اغتيال الأمين «التاريخي» للحزب، نصر الله، بضربة إسرائيلية مهولة، ما زالت ترنُّ في مسمع الدنيا، وجمهور الحزب وأتباع نصر الله، خصوصاً من الشباب الصغار، في ذهولٍ وأمرٍ مريج. في تقرير لهذه الجريدة صورة من هذا الذهول؛ كلمة لافتة لشابٍّ عشريني اسمه حسن، من «بيئة» حزب الله يقول: «كيف نواجه مصيرنا بغياب السّيد؟». لا يشبه إنسانٌ إنساناً، مهما تشابكت ظروف التربية وتعانقت أواصر القرابة، وتواشجت أغصان التنشئة، بل مهما لعب القدر لعبته وتقاربت الملامح الجسدية والأصوات، بل واللثغة بالراء، فكل ذلك لن يجعل هاشماً نظيراً مطابقاً لحسن نصر الله، ابن خالته. كان هاشم صفيّ الدين يشغل رئيس المجلس التنفيذي لـ«حزب الله»، بمثابة الرئيس التنفيذي للحزب، لديه مسؤوليات كثيرة داخلية وخارجية، غير أنه يختلف عن ابن خالته، في أمورٍ كثيرةٍ، غير الجاذبية والخطابة والمواهب الذاتية، وطول لَبْثِ حسن دهراً في قيادة الحزب منذ 1992 حتى اغتياله قبل أيام. بعيداً عن هذا كله، من العسير أن يكون زمنُ هاشم كزمن حسن، الدنيا ليست كما دنيا الشاب الثلاثيني حسن، في مطلع التسعينات من القرن الماضي. كان هناك حافظ الأسد في سوريا، وحرب العراق وإيران، وبداية «موضة» الصحوة في نسختها الشيعية،…

الجامد والسائح… في حكاية الحاج أبي صالح

السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤

في خضمّ الحرب مع عصابات الحوثي في اليمن، بعد انطلاق «عاصفة الحزم» مارس (آذار) 2015 بسنة تقريباً، انتشر فيديو في وسائل الإعلام، لشخص يرتدي لباساً عسكرياً، يتحدث لهجة لبنانية، حتى وإن خفّفها، في خيمة مع مجموعة من عناصر الحوثي، في مكان ما باليمن. كان الرجل اللبناني يحاضر على اليمنيين الحُوَثة، حول النهج الأفضل في استهداف السعودية، وقد كان ذلك الفيديو، أول دليل «علني» للجمهور على تورط «حزب الله» المباشر في استهداف السعودية، من خلال تدريب الحوثيين على إطلاق الصواريخ والمسيّرات على المدن السعودية، والأهداف المدنية. لم يعرف أحدٌ حينها، من هو هذا المدرّب اللبناني، بالضبط، لكن كان الجميع على يقين أنه ضابط مهم من ضبّاط «حزب الله». أما اليوم، في نهاية سبتمبر (أيلول) 2024 فقد عرفنا من هو هذا الرجل، إنه محمد حسين سرور، المُكنّى أبو صالح، أو «الحاج» أبو صالح. وعلى فكرة، كلمة «الحاج»، صارت علامة على أهمية الموقع القيادي في الحزب، كما يبدو. الرجل، الذي لقي حتفه، في غارة إسرائيلية حديثة، بقلب الضاحية، كان، قائد الوحدة الجوية في «حزب الله»، وكان مدرّب الوحدة الجوية في اليمن، ومسؤولاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات من هناك، داخل وخارج اليمن. المثير في هذه المعلومات، أن الأخ «أبو صالح» هذا، قد عاد من اليمن إلى لبنان قبل 3 أيام فقط من اغتياله! هذه…

اذهب وقاتل وحدك إنّا ها هنا بنيويورك مفاوضون

الخميس ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٤

ما نراه هذه الأيام هو «هزيمة» علنية لـ«حزب الله» في لبنان، ربما ينجو منها لكن بعد حين، الخسائر فادحة، والصورة مكسورة، والأهل والعشيرة من «بيئة» الحزب يحاولون الذهاب بعيداً حيث لا تقصف الطائرات الإسرائيلية، لكن الحال كما قال النابغة يوماً: فإنكَ كالليل الَّذي هو مُدرِكي/ وإن خِلتُ أَنَّ المُنتَأى عَنكَ واسعُ! ماذا لدى إيران، راعية «حزب الله» اللبناني، وماذا لدى «وليّ أمر المسلمين» مرشد الثورة، ليغيث به الأتباع المؤمنين به، ديانة، من أعضاء «حزب الله»، وأولهم أمين الحزب، حسن نصرالله؟! الجواب معلن، وهو: قال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، يوم الثلاثاء، خلال مقابلة مع شبكة (سي إن إن) الأميركية، حول ما إذا كان سينصح «حزب الله» بضبط النفس، قال: «لا يمكن لـ(حزب الله) أن يواجه بمفرده دولة تدافع عنها وتدعمها وتزودها بالإمدادات دولٌ غربية والولايات المتحدة». إذن، بما أن مهمة «حزب الله» في الانتصار على إسرائيل مهمة مستحيلة حسب الرئيس الإيراني، فبماذا تنشغل السياسة الإيرانية حالياً، مع مشاهد «شنق» الحزب علنياً في لبنان؟ وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، خلال زيارته الحالية إلى نيويورك، يجيب، حسب الأخبار المنشورة: «طهران تركز على بدء جولة جديدة من المفاوضات النووية». وقال أيضاً: «نحن جاهزون في هذه الزيارة نفسها»! إذن لسان الحال الإيراني لحزبه في لبنان: تدبّر أمرك، أنت قوي بما فيه الكفاية للتحمّل، وليس للانتصار.…

القطب التيجاني… وحماية المستهلك الروحي!

السبت ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤

رجلٌ في مصر، شهرته، صلاح الدين التيجاني، يزعم أنه مؤسس طريقة صوفية جديدة، متفرّعة من الطريقة الأصلية وهي التيجانية، لكن ما جعل اسمه متداولاً هذه الأيام، ليس علومه الروحانية ولا كشوفه الصوفية، ولا فيوضه النورانية، بل بسبب رفع بعض النساء عليه دعاوى تحرّش واستغلال. هذه القضية، قادت لما هو أهمّ، ما هي أسرار التصوف وأتباعه، في مصر، وغير مصر، كالمغرب وأفريقيا المسلمة، وما أوجه الشبه بالتصوف الشيعي؟ في البداية، يجب التأكيد على أن حرية الاعتقاد والتمذهب، أمر مفروغ منه، وهو شأن سيادي قانوني لكل دولة، لذلك نقاشنا هنا مجرد لمحة علمية تاريخية... للتأمل، مع الاحترام للجميع، ومؤكد أن صلاح التيجاني هذا لا يمثّل كل التيجانية، ولا كل رجال الطرق الصوفية، وقد أعلنت مشيخة التيجانية في مصر براءتها من الرجل. نقلت الصحافة المصرية عن الفتاة المصرية التي دشّنت القضية ضد هذا الشخص، أنه كان «يدّعي أنه القطب مما يعني أعلى رتبة للشيخ أو الإنسان بعد النبي محمد... يجب إطاعة أوامره، وليس التفاوض، فهو يعرف القدر والمصير، وعدم اتباعه سيؤدي إلى الجحيم... هذا ما تعتقده عائلتي لأن هذا ما صوره لعائلتي». في موقع «الإمام» صلاح هذا الرسمي على الإنترنت يتمُّ التعريف به على هذا النحو: «مُحدّث العصر، علّامةُ مصر، عالم الأشراف وشريف العلماء الإمام المجدّد صلاح الدين التيجاني الحسني، نادرة عصره في…

العبودي… الشاهد والشهادة والسوشيال ميديا

الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤

بالأمس كان الحديثُ عن الشيخ محمد الناصر العبودي، العلَّامة السعودي الموسوعي، والرحَّالة الشهير... ومناسبة الحديث الآنية هي الكتاب الذي صنّفه طارق بن محمد العبودي، عن والده، ونشرته دار جداول؛ كتابٌ لطيفُ العبارة، عميقُ الإشارة، جديرُ بالقراءة. توقفنا عند لحظة مبكرة من حياة الشاب النبيه، طالب العلم محمد العبودي، في مطلع الخمسينات الميلادية، ببلدته الكبيرة والوادعة، بريدة، قلب إقليم القصيم، أحد أقاليم نجد في السعودية. بهذه اللحظة كان الجُلُّ شديد الحذر من أي جديد، متشبثاً بالتقاليد الدينية والاجتماعية، والتشبُّث بالهوية أمرٌ حسن، لكن ليس كل ما نراه ثابتاً هو بالفعل من الثوابت، بيد أن الزمن، غالباً، كفيلٌ بتمييز الثابت من المتحوّل. كما جرى في تعليم البنات، والتلفزيون، وقبل ذلك الراديو، وكانت قصتنا مع اقتناء الشاب الطُّلعة، محمد العبودي، بقلب بريدة المحافظة قبل 7 عقود، جهاز الراديو، وأطلق عليه الاسم السرّي (حَمَد)، وكانت تلك «مغامرة كبرى». هذه لحظات اجتماعية يجب رصدها وتأملها، توثيقياً وإبداعياً، وتلك حكاية مختلفة، اليوم ألفت نظركم الكريم، لحكاية من كتاب طارق. الشيخ العبودي، صاحب التآليف الغزيرة، للمفارقة، لم يبدأ النشر إلا بعد بلوغه الخمسين عاماً، وتلك رسالة تفاؤل للمحبطين من عدم التأليف، وهم بعدُ في الثلاثين أو الأربعين، كما نوّه المؤلف. مؤلفات العبودي وصلت إلى 216 عنواناً، منها ما بلغ 23 مجلّداً، ومنها 27 صفحة. حاول الشيخ العبودي…

أمسِك ماسك… إن استطعت

الخميس ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٤

الثري الأميركي العالمي، إيلون ماسك، في نظري، هو أكبر نكبة حلّت بالتيارات اليسارية الأميركية، أو الليبرالية المتأيسرة، أو الليبرالية الأوبامية، صِفها بما شئت! يمكن تقسيم عالم السوشيال ميديا، وقطاع الثراء والتأثير الجديد، أعني تجارة البيانات ومواقع التواصل، ثم الإعلانات، وصولاً لموقع «كل شيء»... أقول يمكن تقسيم هذا العالم، إلى ما قبل ماسك وما بعد ماسك. قبل ماسك، كان المهيمنون على هذه القطاعات، هم من المناصرين سياسياً وفكرياً لكل أطروحات اليسار الجديد أو الليبرالية الجديدة، في مسائل مثل: الهجرة، المناخ، التحوّل الجنسي، تأييد الثورات، معاداة المؤسسات، ومنها مؤسسة الشرطة. أكبر برهان على ذلك، في أميركا، هو حظر حساب الرئيس الأميركي الجمهوري السابق، والمرشّح الحالي، من منصة تويتر، التي صارت بعد امتلاك ماسك لها منصة «إكس». لك أن تتخيّل القوة والتفرّد الذي وصلت له هذه الشركات العملاقة في عالم السوشيال ميديا، بحيث تضرب «أكبر راس» في البلد، فما بالك بالآخرين؟! كان الميزان مختّلاً، والاستبداد بالرأي ساطعاً، وتجهيل أو تخوين أو تتفيه كل مخالف لهم، من أهون ما يفعلون. كل ذلك صار من الماضي، بعد «صفقة القرن» حين اشترى ماسك أهم منصة تفاعل عالمي، تطبيق تويتر. يوماً بعد يوم يفصح هذا الرجل الخارج من كل الصناديق، عن ميوله الفكرية والسياسية ضد اليسار الأميركي العالمي بصورته الأوبامية. من آخر معاركه المستفزة للديمقراطيين الأوباميين، نشر…