الإثنين ١٣ أبريل ٢٠٢٠
الخطوة التي أعلنت عنها المملكة العربية السعودية، بصفتها قائدة التحالف من أجل دعم الشرعية في اليمن، بوقف إطلاق النار لمدة محددة، من أجل إتاحة الفرصة للعمل الإنساني في مجابهة جائحة كورونا، وكذلك توفيراً لمناخ مناسب لمن يريد - حقاً - جلب السلام والحوار في بلاد السعيدة. لاقت هذه الخطوة حفاوة إقليمية ودولية، رغم - أو ربما بسبب - انشغال العالم كله بقصة كورونا المستجد. مجلس الأمن الدولي رحّب بقرار وقف النار الذي أعلنه تحالف دعم الشرعية في اليمن، من جانب واحد، لدعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وبتجاوب الحكومة اليمنية، المعترف بها دولياً، مع نداء الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، لوقف الأعمال العدائية فوراً. وطالب جماعة الحوثي، بتقديم التزامات مماثلة من دون تأخير، كما ثمَّن مجلس الأمن تجاوب الحكومة اليمنية مع نداء وقف إطلاق النار، مطالبين الحوثيين بتقديم التزامات مماثلة من دون تأخير. مجددين تأييدهم القرارات السابقة لمجلس الأمن، منها القرار 2216 لعام 2015، وشددوا على دعمهم لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني. الدافع الرئيسي لهذه المبادرة من قبل قيادة التحالف السعودية، كما الحكومة اليمنية الشرعية، هو التفرغ لمعاجلة الداهية الدهياء، فيروس «كوفيد - 19» أو «كورونا المستجد»، ومن المعلوم أن اليمن، حتى قبل الحرب الحالية، يعاني من ضعف النظام الصحي العام، ليس بسبب…
الإثنين ٠٢ مارس ٢٠٢٠
مع خصوبة الخيال لدى صنَّاعِه، لا يُمكنُ لك تصوُّر الحدود التي يمكن الوصول إليها. مصيبة اليوم، هي فيروس كورونا المخيف، الذي وُلِدَ في الصين وَرَضَعَ في كوريا وحَبَا في إيران، ومشَى في إيطاليا، ورَكَضَ في بقية المعمورة، من الولايات المتحدة، غرباً، حتى اليابان شرقاً، ومن أصقاع الشمال إلى صحارى الجنوب. هو فيروس، سريع الانتشار، ما يقال حوله، جهلاً، أكثر مما يقال علماً، إلا من أهل الشأن طبعاً، وفي مقدمهم منظمة الصحة العالمية، لكن لست أعلم لم يؤثر بعض الناس الإصغاء إلى مصادر مجهولة أو جاهلة، عِوَضَ الأخذ عن أهل العلم، لأنَّ الطريق الراشد هو أنْ نسألَ أهلَ العلم إنْ كنَّا لا نعلم. مقاطع فيديو، أو رسائل صوتية، أو صور أو غرافكيس أو نصوص، حول أصل الفيروس وطرق الوقاية أو الشفاء منه، عبر «واتساب» أو «تويتر» أو «فيسبوك»، ينتشر مثل الوباء نفسه، من أناس مجاهيل، لكنَّها - بأسف - تجد من يهشُّ لها ويبشُّ ويمنحُها طبلة أذنِه وثمرة فؤادِه. غير أنَّ الأغرب من فتاوى المتطببين تجاه فيروس كورونا، هو هراء المتفيهقين والمتعالمين من مدخّني المؤامرات والمحاكات في الغرف المظلمات، ولا نعلم كيف تيَّسر لهؤلاء الجهابذة الاطلاع على همسات وخطرات الغرف المغلقة بين عتاة المتآمرين العالميين؟! من يقول إنَّ فيروس كورونا تمَّ تصنيعه في معامل الأميركان بغرض قتل المنافس الصيني، ماديا ومعنوياً،…
الإثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٠
كانت عاقبة «السفه» الذي اقترفه، جيف بيزوس، رئيس شركة أمازون العالمية، ومالك جريدة «واشنطن بوست»، تجاه السعودية، وبالاً عليه. الرجل منذ تملَّك الصحيفة الأميركية الشهيرة، وهو منخرط في حملة عدائية ضد المملكة العربية السعودية، وفي صلبها حملة ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وقد ركَّز جيف بيزوس هجومه، سواء بشكل مباشر شخصياً، أو من خلال صحيفته المذكورة آنفاً، على ولي العهد السعودي، عرَّاب الرؤية والنهضة السعودية الجديدة، الأمير محمد بن سلمان. لست أعلم: هل دافعه في ذلك، دوافع إيديولوجية، أو انتهازية لمغازلة جناح اليسار المتطرف في الحزب الديمقراطي، أو تحالف ما، مع قطر وتركيا وإيران، لا نعلم عنه... الله أعلم، لكن ما نعلمه على وجه التأكيد، هو أنَّ الرجل، ورغم أن الأمير محمد ألقى عليه تحية السلام في البداية عند زيارته لأميركا، سيئ النية تجاه السعودية، وهو لسوء طبعه، ردَّ التحية بالسوء. خلاصة مهزلة جيف بيزوس، هو أنه كان على علاقة غرامية مع عشيقة سرية، ثم انفضح أمره، وانتشرت رسائله الغزلية وصوره الحميمية، وتسبب ذلك في طلاقه من زوجته، ذلك الطلاق الذي كلَّفه زهاء نصف ثروته، وهو أغنى رجل في العالم، تقريباً كلَّفه الأمر 38 مليار دولار! لم يكتفِ الرجل بابتلاع الفضيحة، بل كما يقال «رمى بلاه» على عاتق السعودية، وسرعان ما تبيَّن مهزلة تلك التهمة، ومن داخل الصحافة الأميركية نفسها،…
الأربعاء ٠٨ يناير ٢٠٢٠
ليس الغريب قتل قاسم سليماني، المصنف إرهابياً على قوائم دولية كثيرة، في هذا الوقت. بل الغريب المريب العجيب ترك هذا الرجل يعيث في الأرض فساداً كل السنين الماضية. وكما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كان يجب قتل سليماني منذ 15 عاماً. ما هي الخدمات التي قدمها قاسم سليماني وأتباعه للبشرية؟ بماذا سيحتفظ الناس في دول الشرق الأوسط، في تاريخهم وذكرياتهم، لهذا المرء؟ كيف سيتذكره الشعب السوري؟ والشعب العراقي؟ والشعب اللبناني؟ والشعب اليمني؟ والشعب البحريني، والكويتي، والسعودي، والمصري أيضاً؟ هو من غذّى الساحة السورية بالميليشيات الطائفية الخبيثة، التي كانت تنحر الناس، وتحرقهم وتقتلهم بشكل طقسي غرائزي، كما في حمص، وحلب، وحماة، ووادي بردى، وقرى القصير، وجبال القلمون... ميليشيات مثل النجباء والخراساني العراقية، و«فاطميون» و«زينبيون» الأفغانية والباكستانية، وطبعاً «حزب الله» اللبناني. هو من درّب أشرار اليمن، من عصابات الحوثية، لست أقول الزيدية، بل أقول الخمينية، التي اغتصبت المستقبل اليمني، ولوّثت السلم الأهلي. وأرسل ضباط سليماني من خبراء الصواريخ، سهام الخراب على أبها، وخميس مشيط، وجدة، والرياض، ومكة المكرمة حتى! هو، قاسم سليماني لا غيره، من اغتصب مفهوم الدولة في لبنان والعراق، وهو من درّب وأمر عصابات «الأشتر» في البحرين، و«حزب الله الحجاز» في السعودية، الذين قتلوا وخطفوا وفجّروا في مدن وقرى السعودية والبحرين. هو لا غيره، مع رفاقه من خبثاء الحرس الثوري،…
الإثنين ٠٤ نوفمبر ٢٠١٩
من المرات النادرة التي يتفق فيها المرء مع المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، تعليقه، أمس (الأحد)، على الدعوات الملحاحة من طرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أجل جلوس إيران مع إدارة ترمب للتفاوض. خامنئي، حسب التلفزيون الإيراني، قال إن: «الحكومة الفرنسية تتوسط، وتنقل الرسائل، وتجري اتصالات، والرئيس الفرنسي يقول إنه في حال عقد لقاء مع أميركا، فستحل المشكلات كافة؛ إنه إما ساذجاً وإما متواطئاً مع أميركا». الواقع أن الشاب المصرفي، القيادي سابقاً بالحزب الفرنسي الاشتراكي، إيمانويل، يتمتع بالصفتين ربما... يتمتع بالصفتين: المكر مع السذاجة. مزيج غريب، أليس كذلك؟ لديه ثقة مفرطة بحكمته السياسية، وبعد نظره، وأنه مبعوث جديد لتنقية السياسة العالمية، وهو ملتقط روح العصر، ونصير القضايا الكبرى، وهادم التقاليد السياسية القديمة. يشبه في ذلك -كما لاحظ كتاب وصحافيون عدة- قدوته الرئيس الأميركي، الظاهرة الليبرالية المتياسرة الشعبية، باراك أوباما. رصدت عدة تقارير وجوه الشبه بين تقنيات الحملة الانتخابية لماكرون وأوباما، وتجنيد جيل الشباب، واستخدام أسلوب جمع البيانات المباشرة عن الناس، كما في نمط الخطاب السياسي الثوري، وأنهما (باراك وإيمانويل) أتيا من خارج الطبقة السياسية القديمة. كان ماكرون يفعل ذلك عن وعي، فبعد أن أسس حركة «إلى الأمام»، وغادر حزبه الاشتراكي، تعلم الكثير من الحملة الانتخابية التي قادها باراك أوباما في الانتخابات الأميركية 2008. لذلك، لم يخفِ باراك أوباما دعمه الحماسي…
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٩
يوماً ما كان سيُقتل إبراهيم عواد السامرائي، الذي نصَّب نفسه خليفة للمسلمين أجمعين، في فصل من فصول الكوميديا السوداء المضحكة المبكية في هذا الزمان. من حمل السيف فبالسيف يقتل، وهذا المخلوق المشوّه كان عنواناً شيطانياً لوَّث صورة الإسلام، لكن جلَّ المسلمين عافوه وكرهوه، كيف لا وهو من وجَّه قتلته الحشّاشين الجدد إلى المسلمين، قبل الغربيين والشرقيين، وجعل الولد يقتل والدته، كما في قصة التوأمين السعوديين الداعشيين اللذين نحرا والدتهما، وأبدع شياطينه في فنون الإعدام، كما في قصة حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، ونحر وتغريق الناس، وإسقاط الأبرياء من شواهق البنايات. قتلت قوة أميركية خاصة البغدادي، بعملية مرتب لها من شهر كما قال الأميركان، وكما قالت القوات الكردية السورية، لكن «الغزو» التركي للشرق الشمالي السوري عطَّل العملية كل هذا الوقت. الرئيس ترمب، في إعلان مقتل خليفة «داعش» أبي بكر البغدادي، شكر الحكومة العراقية، وشكر القوات الكردية السورية، والأتراك! ثمة أسئلة من الحسن التفكير بها، ومنها: هل مقتل «خليفة داعش» يعني نهاية تنظيم داعش نفسه؟ وهل ثمة شبه بين دلالات مقتل زعيم تنظيم القاعدة في بلدة أبوت آباد بباكستان، ومقتل البغدادي ببلدة باريشا في إدلب شمال سوريا؟ بعيداً عن التشابه في الأسلوب العملياتي والمكاني، عنيت التشابه في وزن وقيمة الرجلين لدى أتباعهما حول العالم. هل توقيت مقتل البغدادي في هذه الأيام، رغم…
الثلاثاء ٣٠ يوليو ٢٠١٩
حسناً فعلت الرئاسة الفلسطينية، بإصدار بيان تدافع فيه عن الموقف السعودي من القضية الفلسطينية عبر التاريخ. البيان كما نشرته وكالة (وفا) الرسمية ثمّن «مواقف المملكة العربية السعودية المشرفة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، في كل ما تتبناه من مواقف، وما تقدمه من دعم شامل لفلسطين والقدس الشريف». كما أدانت الرئاسة الفلسطينية، ما سمتها «الأصوات النشاز» و«المشبوهة» التي تفسد علاقات فلسطين مع الأشقاء العرب. بكل حال، فإن استمراء الشتم والهجاء ضد السعودية وبعض الدول العربية ليس حديثاً في بعض أدبيات فلسطينية وغير فلسطينية أيضاً. أكذوبة أن الملك المؤسس عبد العزيز باع فلسطين، أكذوبة عمل على تشييد عمارتها وسقايتها عبر الزمن، بعض من الكوادر الحزبية القومية واليسارية ثم الإخوانية الرثّة، وتعاسى حزب التحرير خاصة الفرع الهندي منه، والحقيقة أن مواقف السعودية من فلسطين، في بواكير الأزمة، معلومة النقاء، منشورة اللواء، ولا حاجة حتى للإفاضة فيها. هناك كتب ودراسات وفيرة، وأذكر في هذا الصدد قراءة رصينة للباحث السعودي علي العميم تقصَّى فيها أصل الأكذوبة، وأرجعها إلى ضابط تركي من جماعة الاتحاد، هو الذي بدأت قصة البيع عنده، ثم حرفها العقل الغوغائي لدى بعض الفلسطينيين والعرب إلى عبد العزيز. وفي ذلك تفاصيل كثيرة، لا يعلمها الجهلاء والغوغاء، كان ذلك في معرض ردّ…
الإثنين ١١ مارس ٢٠١٩
الفكرة التي طرحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته أمام جمع من القوات المسلحة المصرية بمناسبة يوم الشهيد، أمس (الأحد)، ضرورية وماسّة. الفكرة، حسب نص الرئيس، هي المطالبة بـ«تشكيل لجنة لدراسة الأحداث التي تمت في أعوام 2011 و2012 و2013، لنضعها أمام الشعب والجميع بأمانة وشرف». صحيح أن كتابة التاريخ، خصوصاً بلحظاته المصيرية، تحتاج إلى سنوات مديدة بعد «برودة» الحدث، وتحوله من لحظة سياسية ساخنة إلى حقل علمي موضوعي، فالروائي الروسي العظيم تولستوي، في ملحمته «الحرب والسلام»، احتاج أكثر من نصف قرن حتى يكتب روايته عن حروب نابليون الروسية 1812، وروايته نشرت من 1865 حتى 1869 على دفعات، غير أن عماد الدرس العلمي، والتناول الإبداعي حتى (روايات، وأفلام، ومسلسلات)، هو توفير المادة الوثائقية «الخام». قدّم الرئيس السيسي في هذه الندوة روايته هو لما جرى في تلك السنوات الرهيبات بمصر، بوصفه هو شخصياً صانعاً، من موقعه، للحكاية كلها. رواية الرئيس السيسي، الذي كان مديراً للمخابرات الحربية ثم وزيراً للدفاع حينها، بعهدي المجلس العسكري و«الإخوان»، فتحت النقاش المهم حول بعض القضايا. من ذلك «أحداث محمد محمود»، وهي الاشتباكات الدامية في ميدان محمد محمود، واتهم السيسي صراحة «الإخوان» بافتعال تلك الأحداث للوقيعة بين الجيش والشعب، كما صار أيضاً في ماسبيرو وبورسعيد. السيسي قال إن الدولة والجيش كانا حريصين على عدم سقوط أي مصري…
الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٨
في كلمته بمنتدى الدوحة الأخير، طلب أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، من الآخرين «عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية». مجدداً التأكيد على أن «الحوار هو الذي يكسر الهوة بين الفرقاء مهما اشتدت الخلافات». كلام جميل، ولكنه مخالف لواقع السياسات القطرية الحالية، حتى في شكل ومضمون المنتدى الأخير نفسه هذا الذي افتتحه الأمير تميم، تحت عنوان: «صنع السياسات في عالم متداخل». في فندق الشيراتون بالدوحة. أمس الأحد، كان وزير خارجية تركيا، وأحد ألسنة الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان، الحداد، السيد مولود جاويش أوغلو، يشنّ هجوماً حاداً على دولتي السعودية والإمارات بوجه خاص، ويتولى المرافعة عن السياسات القطرية المثيرة للقلاقل والفتن بديارنا. كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف هو الآخر يشتم السعودية والإمارات من على منبر الدوحة، وكان ضيفاً نشطاً يوزع الابتسامات، مع زميليه وزير الخارجية التركي والقطري، بأيدٍ مشبوكة وثغور مفترّة عن حبور وسرور! من دعم كل الأصوات الشاتمة للسعودية، قبل أزمة خاشقجي بسنين؟ من يدعم الفضائيات الهاربة في تركيا، مثل «مكملين» و«الشرق» وغيرهما، التي احترفت بث الأراجيف والأخبار السامّة عن السعودية والإمارات ومصر، مصر خاصة، قبل أزمة خاشقجي بسنين؟ من سلّط قنوات «الجزيرة» وحسابات مذيعيها الأشاوس لشتم السعودية قيادة ودولة وشعباً وسياسات وتاريخاً؟ من انغمس في الحضن الإيراني في اللحظة التي تنهال فيها…
الإثنين ٢٦ نوفمبر ٢٠١٨
عندما يأتي الرأي من صاحب تجربة من أجمل تجارب الحكم الرشيد في العصر الحديث للعرب، يكون الإصغاء لازماً. هذا هو الإحساس الذي يغمرك وأنت تقرأ الخلاصات التي قدّمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صانع معجزة دبي وملهم دولة الإمارات والعرب قاطبة. الشيخ محمد في حوار أجراه الزميل رئيس التحرير غسان شربل بهذه الصحيفة، تأمل وقلّب النظر الفسيح، وتحدث بلسان عربي فصيح، عن الداء والدواء، في عيادة المرض العربي المقيم. سألته الصحيفة: هل يمكن أن يتطور الشرق الأوسط ويجذب الاستثمارات مع ديمومة هذه النزاعات المدمرة في ربوعه؟ فأجاب أحد من خبر هذه النزاعات منذ عقود، وقال: «التوتر في منطقتنا ليس جديداً، يكاد يكون حالة مستمرة منذ أربعين عاماً». هذا وصف صادق، لكنه يضيف له بعين رجل التنمية ورجل الدولة في آن: «ثم إن المستثمرين يعرفون أن للدول ذاكرة قوية تحفظ، وأن الاستثمار المجزي يتسم بالاستمرارية، وقراراته لا تستند فقط إلى معطيات لحظة توتر، أو حدث عابر». والإشارة هنا واضحة للتفريق بين جماعة: اضرب واهرب، أو نهّازي الفرص، وبين المستثمر الاستراتيجي الدائم، والدولة، تفرق بين هذا وذاك، ولديها عقل واعٍ وذاكرة غنية يقظة! يعني كيف يتوقع مثلاً أن يكون تصرف «الدولة» السعودية مع من قفز عن المركب، مركب الرؤية، عند أول حدث «عابر» كما وصفه الشيخ محمد بن راشد. ثم إن…
الإثنين ١٥ أكتوبر ٢٠١٨
الحملة المجنونة، وهذا أصدق وصف لها، ضد السعودية، خلال الأيام القليلة الماضية، تستوجب رداً صارماً من السعودية، وهكذا كان. من غير المعقول أن يتطابق وزراء خارجية في أوروبا أو أعضاء برلمانات محترمة، كما في أميركا، مع هراء قناة «الجزيرة» وشتائم مذيعيها. حتى حملات منابر اليسار الأميركي مثل «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز»، ناهيك عن صحف اليسار البريطاني، كان من الممكن مواجهتها، إما عبر الإعلام نفسه، أو عبر القانون في حالات الرصد القانوني «لجرائم» إعلامية اقترفتها هذه المنابر، تحت عنوان قضية «اختفاء» الصحافي السعودي جمال خاشقجي، على الأرض التركية. اتهامات مجنونة، أملاها الحقد الأسود الذي يسيّر كتبة هذه التقارير، حتى من بعض وكالات الأنباء العالمية، التي يراسلها صحافي صاحب أجندة طائفية أو سياسية ضد السعودية... لو فتّشنا في خلفيات الكتبة للتقارير، خلف واجهات «إفرنجية». المثير للغضب السعودي هو ابتزاز الدولة التي تحتضن قبلة المسلمين، وهي حامية الحرمين الشريفين، وهي التي تقود اليوم توجّهاً إسلامياً للقضاء على جماعات التطرف وتشويه الدين وتوظيفه في سوق الإرهاب، وفي مقدمها جماعة «الإخوان المسلمين». ماذا يريد أعضاء كونغرس، أميركان، وغيرهم من ساسة الغرب من السعودية أن تفعل؟ أن تكفّ عن مواجهة «الإخوان المسلمين»؟ أن تتوقف عن عزمها على مواجهة خطاب التطرف وجماعات الفوضى «اليسارية» الداعمة لهم؟ هذا مستحيل. لذلك جاء الرد السعودي الواضح والحازم، في البيان الذي…
الإثنين ٠٨ أكتوبر ٢٠١٨
لست أعلم لم اختار البعض من الإعلاميين العرب، وربما بعض السعوديين، التركيز في حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لوكالة «بلومبرغ» الأميركية على جزء من الحديث دون الآخر. الأمير محمد بن سلمان ردّ بوضوح على المستغرب من تعبيرات الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن السعودية والملك سلمان بن عبد العزيز. ردّ بحسم وحزم، وذكّر الناسين أو المتناسين بتاريخ السعودية الضارب في أعماق الزمن، منذ 1744م، قبل حتى إعلان الدستور الأميركي، كما وجّه رسالة بيّنة عن أن السعودية ليست كما يصورها بعض مخابيل العرب أو الغربيين دولة تنثر المال بسفه وثقافة «التزبيط والتربيط»، بل هي دولة لديها مؤسسات ومختبرات تنضج القرارات الكبرى، وما شراء السلاح، ومعرفة السلاح، وغير ذاك من سلع وخدمات وتكنولوجيا و«معرفة»، إلا نتاج دراسات وخلاصة خبرات، وليست أعطيات أو «شرهات» باللهجة المحلية، يسري ذلك على أميركا، وعلى غيرها. لكن المهم في حديث الأمير أنه وضع الخلاف في حجمه الطبيعي، وشدّد على أن العلاقة مع الولايات المتحدة «خصوصا» في عهد الرئيس ترمب، بالنسبة للسعودية، أمر ليس فيه مزاح أو مجال للفورات العاطفية. أقتطف لكم هذا الجواب عن أسئلة «بلومبرغ»، قال ولي العهد السعودي بخصوص العلاقة مع الرئيس ترمب: «أنا أحب العمل معه. أنا حقاً أحب العمل معه، ولقد حققنا الكثير في الشرق الأوسط، خصوصاً ضد التطرف والآيديولوجيات المتطرفة،…