الأربعاء ٣١ أغسطس ٢٠١٦
دوما هناك٬ عند أي مجتمع٬ بل عند كل إنسان عادي٬ مقاومة للجديد٬ ونفرة من الجديد٬ حتى تتعود نفسه عليه. قديما صور المتنبي هذا المعنى في صورة أخاذة حين قال: خلقت ألوفا لو رجعت إلى الصبا لفارقت شيبي موجع القلب باكيا هذا لفهم المسوغ النفسي التلقائي للمقاومة ورفض التحول٬ ولكنه سلوك لا يلبث أن يزول ويضمحل مع الوقت٬ وثبوت الفائدة العامة٬ وكثرة الممارسة له٬ وغلبة البلاء به٬ حسب لغة الأوائل. من أجل ذلك يجب أن لا يجفل صاحب القرار٬ الذي ثبت بالدراسة والتجربة منفعته العمومية٬ من المقاومة الطبيعية العفوية٬ الأولية. إنما يجب محاصرة ولجم المقاومة الرفضية المقننة٬ التي يقف خلفها من يتاجر بهذه المشاعر العفوية٬ لحاجة في نفس يعقوب. يحصل هذا دوما مع القرارات الإصلاحية الجديدة٬ خاصة في قضية المرأة والانفتاح الاجتماعي عامة. دوما نرى ذلك. لنطالع هذه النماذج التاريخية٬ الطريفة٬ من تاريخنا في الكويت. في كتاب الصحافي والمؤرخ الكويتي عبد الله الحاتم (من هنا بدأت الكويت). نطالع: 1930 أصدر أمير الكويت أحمد الجابر أمرا للأهالي بخلع (البشت) وهو العباءة الرجالية (المشلح) وألزمهم تنفيذ هذا الأمر٬ فقوبل هذا القرار من الأكثرية بالانتقاد والتحدي. ولما رأى أمير البلاد عدم انصياع الأهالي هّدد بمصادرة عباءة كل رجل من على ظهره وحرقها. فخاف الناس وخرج معظمهم بلا عباءة٬ وهناك من لزم منزله. وكان أول…
الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١٦
مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة، كاد يكون على درب الشيخ حسين الذهبي، وزير الأوقاف المصري السابق، الذي خطفته وقتله عصابة شكري مصطفى، زعيم «التكفير والهجرة». نجا الشيخ علي من المخطط الشيطاني، وهو يوشك على إلقاء خطبة الجمعة بأحد مساجد السادس من أكتوبر بالقاهرة، وأصابت الرصاصات حرسه الشخصي، لكن المفتي السابق، خرج بعدها ليجدد عزمه على مواجهة الفكر الإرهابي، ويركز على نقد ونقض فكر وعمل جماعة الإخوان. في التفاصيل أعلنت حركة تابعة لجماعة الإخوان في مصر تطلق على نفسها اسم «حسم» - كما يعرفها بها الإعلام المصري - مسؤوليتها عن محاولة اغتيال مفتي مصر السابق علي جمعة، قرب منزله بمدينة السادس من أكتوبر في القاهرة. هذا الاستهداف للمشايخ المناهضين ليس جديدا على السلوك الإرهابي في مصر وغير مصر، وأبرز مثال يستحضر هنا هو جريمة مقتل الشيخ الذهبي، الذي كان كل ذنبه أنه ألف كتيبا في الرد على انحرافات فكر جماعة شكري مصطفى التكفيرية. كان مقتل الشيخ الذهبي حدثا داميا، خاصة أنه قتل بعد أن خطف، وقايض به قتلة التكفير والهجرة، بل كان من مطالبهم الغريبة نشر كتاب زعيمهم شكري مصطفى، على حلقات في إحدى الصحف، وإطلاق مجموعة من سجنائهم، ودفع فدية مالية. لم يحصل الأمر، وأصدر شكري أمره لجلاوزته بقتل الذهبي، فعثر عليه بشقة في الهرم في 7 يوليو (تموز)…
الأربعاء ٠٣ أغسطس ٢٠١٦
تعجب البعض من لغة علي عبد الله صالح الأخيرة، تجاه السعودية، بخطاب متلفز، وحوله ثلة من أتباعه، حيث لاطف السعودية وقدّر «الشقيقة الكبرى»، وأوضح لمن يتوهم أنه قال هذا الوصف «سهوا» أنه تعمد اختيار هذا الوصف للسعودية. التعجب مصدره أن هذا الكلام لا ينسجم مع أفعال صالح وأصدقائه الجدد من الحوثيين، أو «أنصار الله» كما صار يسميهم «الأخ» صالح. الحدود السعودية اليمنية في حالة حرب، بفضل صالح «العلماني»، وصديقه «الخطيب الديني» عبد الملك الحوثي. وقد استبق هذا الغزل، بالانقلاب الثاني على اليمن، من خلال إنشاء ما سمي المجلس السياسي لحكم اليمن، مع شريكه «السيد» عبد الملك. مجلس وصفته الحكومة السعودية باجتماعها الأخير بـ«الخرق الواضح» للشرعية الدولية والعربية والخليجية واليمنية نفسها. هناك من يقول من «بعض» الخليجيين والسعوديين - ويفرح بكلامهم إعلام إيران وروسيا واليسار البريطاني والغربي - ماذا حققنا في حرب اليمن؟ وهل هزمنا؟ وغير ذلك من أسئلة الإحباط والتشكيك. لا يقال: إن المطلوب من الإعلام الخليجي والسعودي «البصم» على كل ما يقال رسميا، لكن أيضا غير عادل ولا مهني - ولن نقول ولا وطني - أن تطرح أسئلة هي ترديد للدعاية النفسية الحوثية والصالحية، ومن يساندهم من جيران اليمن الأقربين والأبعدين. حرب «عاصفة الحزم» هي حرب ضرورة، لا مناص منها، لأن البديل هو قيام حكم عدواني في اليمن، مرتهن…
الإثنين ٢٥ يوليو ٢٠١٦
كنت في جلسة ودية مع بعض الأصدقاء المصريين في القاهرة قبل أيام٬ ودار حديث كان منه ما يتصل بالسعودية ومصر. لفت انتباهي أن هناك مساحات من الغموض والضبابية حول الشأن السعودي وطبيعة النقاش في البلد٬ بعبارة أخرى التركيبة السعودية. لست أتحدث عن الحق في الاختلاف٬ بل عن غموض محّير بالنسبة لطرف من «النخبة» المصرية٬ ولست أقول عامة الناس٬ يتجلى مثلاً في الخطأ بتهجئة أسماء الشخصيات وطريقة نطقها٬ عناوين مناصبها٬ صلاحياتها٬ شبكة الإدارة والحكم٬ ولا ينتهي عند الغموض أيًضا في ديموغرافيا وجغرافيا وسيسيولوجيا السعودية. غموض في جانب منه ليس مقصوًدا٬ أو برغبة التجاهل والإهمال لأن هذا النوع من الجهل أو «التجاهل» موجود٬ وله أسبابه المعروفة أتحدث عن نوع بريء من العجز عن الفهم التام٬ يستعاض عنه بالاجتهاد والعفوية التي تصل إلى حد العشوائية٬ خصوصا في عروض الحكي التلفزيوني اليومي٬ وبشكل أجلى٬ في منتجات السوشيال ميديا. من يلام على هذا الغموض؟ سؤال يحتاج لإجابات وليس إجابة واحدة٬ ولا ريب أن المثقف والإعلامي السعودي والجانب الحكومي٬ يتحمل نصيبه من بقاء الفراغ هذا٬ لكن يتحمله بالدرجة نفسها المثقف والإعلامي المصري٬ ذلك أن الأرض السعودية بالنسبة للمصري ليست كأي أرض٬ فهي مهوى الأفئدة التي يفد إليها الناس من كل فج عميق في كل موسم حج أو رحلة عمرة وزيارة للمدينة٬ ونعلم كم هي…
الإثنين ١١ يوليو ٢٠١٦
من قال إن التاريخ لا يعيد نفسه٬ ليته يرى ما يجري اليوم في العراق٬ مثلا. في العراق٬ تجد صراعا واضحا٬ فيه حساسيات طائفية لا يمكن المغالطة فيها٬ واضحة لكل ذي عينين. ومقاطع الفيديو تشهد بالصوت والصورة على انفلات الغرائز الطائفية الحاقدة٬ من كل حدب وصوب. كان خطأ السنة في العراق التهاون مع الزرقاوي وعصابته القاعدية من قبل٬ الذين اختطفوا المعركة الوطنية العراقية٬ ولوثوها بالشعارات الطائفية الحاقدة ضد كل الشيعة العراقيين٬ بما هم شيعة٬ وحتى ولو كان ذلك الفرد الشيعي العراقي٬ علماني النزعة وطني الهوى. صحيح أن جَّل السنة في العراق كانوا ضد ثقافة الزرقاوي ثم البغدادي٬ هذا لا ريب فيه٬ ولكن لم يصل صوت هؤلاء٬ بسبب غباء الإدارة الأميركية للعراق٬ المدفوع ببعض نصائح الخبراء في واشنطن للتحول نحو الإسلام الإيراني٬ وهو ما كشفه بجلاء الرئيس أوباما. بالنسبة للحكام الجدد في بغداد٬ من الجعفري للمالكي وحتى للعبادي٬ وأسوأ هؤلاء طبعا هو المالكي٬ فإن القرار هو لصالح إيران٬ ولرعاية الجماعات الشيعية التي تعمق الحقد الطائفي٬ ممثلة بجرائم الحشد الشعبي٬ وقادته٬ العامري والمهندس. الجسد العراقي مريض٬ ولذا هو عرضة لصراع الإرادات الدولية والإقليمية٬ ونزاع الشيعة والسنة جسر يعبر عليه صراع الإرادات الخارجية هذه. هذا بحاضر العراق٬ فهل هذا جديد٬ أم له تاريخ؟ بعد جولات كر وفر بالصراع الصفوي العثماني على العراق٬ وبعد استغاثة…
الأربعاء ٠٦ يوليو ٢٠١٦
جعل قتلة داعش٬ الجدد منهم والقدامى٬ الصغار والكبار٬ وكلهم صغار٬ من العشر الأواخر من رمضان موسماً للتوحش. يجب أن نربط الحوادث ببعضها٬ فنحن أمام جريمة واحدة٬ قتلة من القماشة نفسها٬ دماغ أسود يدير هؤلاء أو يستقبل طلبات التبرع بالجرائم٬ من معاتيه الأرض. من هؤلاء٬ معتوه أورلاندو الأمريكية٬ عمر متين٬ الأمريكي من أصل أفغاني٬ الذي قتل بدم بارد٬ رواد حانة في أورلاندو٬ 19 رمضان٬ وقدم العملية هدية لداعش٬ وتبين طبعاً أن متين هذا عبارة عن {مشكلجي} طيلة حياته٬ وقرر أن يظهر إجرامه هذه المرة بثوب ديني. بعدها بأيام وقعت جريمة مطار أتاتورك بإسطنبول٬ وحصد سفلة داعش العشرات من رواد المطار٬ من جنسيات مختلفة٬ منهم سيدة فلسطينية٬ وثلاثة رجال من السعودية. ثم أعلنت الكويت عن القبض على خلية داعشية تستهدف مسجداً شيعياً ومقراً للداخلية٬ بعدما قبضت على أعضاء الخلية٬ ومنهم للأسف أم داعشية كويتية مجرمة٬ جلبت هي وابنها الداعشي من الرقة السورية. ثم وقعت جريمة داعش الرهيبة بكرادة مريم في بغداد٬ وكانت حصيلة دموية مرعبة من المدنيين العراقيين. قتل وجرح فيها حوالي 389 بريًئا٬ وبسبب فداحة الجريمة٬ قدم وزير الداخلية العراقية٬ استقالته٬ وبادرت وزارة العدل العراقية بتنفيذ 5 أحكام إعدام بمتهمين دواعش٬ حسب كلام بغداد. ثم {خاتمة} السوء بالسعودية٬ وفي يوم وليلة٬ استهدف قتلة داعش٬ القطيف من الشرق٬ إلى جدة غرباً٬ ثم…
الجمعة ٠١ يوليو ٢٠١٦
السياسة القوية٬ الناجعة٬ تستمد ذلك من سلامة المبدأ الذي تنهض عليه٬ والعكس صحيح. الباقي٬ مثل التكتيك٬ والإعلام٬ والجاذبية الشخصية «الكاريزما» كلها مكملات ومتمات لنجاعة وفعالية السياسة٬ لكنها ليس هي «روح» السياسة التي تمنحها الحياة والبقاء والاستمرار. من هذا الباب الكبير نفهم لماذا نجح التأسيس السعودي٬ وعبر تحديات الداخل والخارج٬ على يد المؤسس عبد العزيز٬ ورفاقه ورجاله من الآباء المؤسسين٬ للصرح السعودي الكبير٬ رغم العواصف والأنواء التي عصفت بالمنطقة منذ قرن وأزيد. من جواهر السياسة السعودية٬ الالتزام بالعهد٬ والانطلاق من حسن النية حتى يثبت العكس٬ وتحريم سياسة الاغتيالات الفردية٬ التي احترفها عدد من حكام العرب٬ أهل الجمهوريات! لنطالع هذا الموقف: صباح العاشر من شهر ذي الحجة 1353 هـ٬ اعتدى على الملك عبد العزيز وهو يطوف بالكعبة ثلاثة أشخاص من اليمن٬ حاولوا قتله٬ لكنهم لم يفلحوا٬ وقتل بعضهم في الحال٬ وتلقى نجل الملك عبد العزيز٬ ولي العهد الملك سعود الطعنات عن والده٬ وحمى الحرس عبد العزيز ببسالة٬ خاصة الأول منهم٬ عبد الله البرقاوي. لاحقا بالتحقيقات ثبت أن هؤلاء القتلة فعلوا فعلتهم بعلم الإمام يحيى٬ إمام اليمن٬ وتخطيط ولي عهده الإمام أحمد٬ أحد هؤلاء القتلة٬ واسمه (علي حزام الحاضري) كان برتبة نقيب بجيش الإمام. كان في الرياض عدد من اليمنيين٬ الذين سكنوا العاصمة بغرض التعليم الديني٬ على طريقة المشايخ بحي «دخنة» الشهير في…
الإثنين ٢٧ يونيو ٢٠١٦
من أصعب المعارك التي خاضها المؤسس عبد العزيز معركة السبلة التي وقعت صبيحة 30 مارس (آذار) 1929. الصعوبة ليست عسكرية، على العكس حقّق الملك عبد العزيز انتصارا ساحقا عليهم في تلك الروضة من رياض نجد بالقرب من مدينة الزلفي، لكن الصعوبة كانت بسبب الخطر «الوجودي» والوجداني، الذي شكلته حركة «الإخوان» في السعودية، خاصة وسط البلاد وشمالها، من طرح ديني، في ظاهره، سياسي في باطنه، يزايد في الدين، عن خفة وجهل، ويهدد مصالح الناس وسابلة الطريق، ويفتئت على الدولة في خوض معارك خارجية من تلقاء أنفسهم. إخوان السبلة، هم غير إخوان حسن البنا، وإن كانا سواء في الخطر على الدين والدنيا. وقد نجح عبد العزيز بالامتحان، وعبر بالبلاد والعباد لضفة المستقبل. من أعمق الكلمات التي علق بها المؤسس عقب تلك المواجهات، السبلة وما بعدها، حتى سجن قادة الإخوان 1930. قال: «من اليوم سنحيا حياة جديدة». ذكرها مستشار الملك عبد العزيز، حافظ وهبة بكتابه «جزيرة العرب في القرن العشرين». هذا النص الخطير الذي أورده الباحث السعودي قاسم الرويس بكتابه المفيد «يوميات الدبدبة» - الذي حقق فيه مقالات المرافق للملك عبد العزيز، ومستشاره السياسي، يوسف ياسين - كاشف. يضيف قاسم واصفا السبلة بـ«الغزوة التاريخية المختلفة في تلك المرحلة الحاسمة». حافظ وهبة هو من المستشارين المقربين من المؤسس، وصف السبلة بالمعركة الفاصلة «بين الفوضى…
السبت ١٨ يونيو ٢٠١٦
«أنا اليوم في بلد حليف لنا٬ في وقت حساس جدا». لعل هذه العبارة التي صرح بها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع٬ في زيارته لأميركا حاليا٬ هي «مفتاح» السر في معنى العلاقات بين السعودية وأميركا. علاقة تأسست منذ انطلاقة أميركا ما بعد الحرب العالمية الثانية٬ على يد الرئيسين روزفلت ثم ترومان٬ مع المؤسس الملك عبد العزيز٬ رغم الخلاف الذي كان حينها بين الطرفين٬ خاصة تجاه القضية الفلسطينية سنتحدث عنه لاحقا في استكمال سلسلة (التأسيس السعودي). علاقة مبنية على أسس راسخة٬ ومصالح عميقة٬ ورؤية متشابكة التفسير والتحليل والنتائج٬ مع بقاء التباين الثقافي في النظام السياسي طبعا٬ والتقاليد٬ وأيضا اختلاف المقاربات حول بعض الملفات. غير أنه مع ذلك كله٬ كانت كفة المصالح٬ ومساحات التلاقي٬ دوما هي الراجحة في ميزان العلاقات السعودية الأميركية٬ حتى مع لحظة كاللحظة الأميركية الحالية. هناك٬ رغم كل المقاربات السلبية في بعض الميديا الأميركية ضد السعودية٬ لأسباب مختلفة٬ فيها الجديد وفيها القديم٬ ليس هنا موضع الحديث عنها٬ رغم ذلك كله٬ يبقى أنه لا غنى لأميركا عن السعودية في محاربة الإرهاب وتكريس الاستقرار في الإقليم٬ والتعاون في مجالات الطاقة٬ كما أنه٬ وهذا بديهي٬ لا غنى للسعودية عن أميركا. هذا ما جدد التأكيد عليه الأمير محمد بن سلمان٬ من واشنطن٬ حين أشار إلى أن حلفاء أميركا٬…
الجمعة ١٠ يونيو ٢٠١٦
قال: إن زخم معركة الفلوجة التي تشنها الحكومة العراقية٬ مصحوبة بميليشيات شيعية٬ وفرق عشائرية سنية٬ وإسناد جوي واستخباري أميركي٬ يضعف لسببين: الأول٬ شراسة مقاومة «داعش» في الفلوجة٬ والثاني وهو الأهم نكث الطرف العراقي الرسمي بما تعهد به لواشنطن. حتى لا يكون الأمر ملتبًسا٬ فإن أي جهد ومسعى لمحاربة «داعش»٬ هو مسعى حميد٬ بل هو واجب الدولة العراقية٬ وكل العالم المتحضر٬ فـ«داعش» وأمثاله خطر على الإنسانية كلها. وهذا الكلام من باب «توضيح الواضحات». لكن حملة الفلوجة كما قلنا سابقا معرضة للانتكاس٬ وحصد الحنظل المر٬ إن تركت قيادتها لأمثال هادي العامري وأبي مهدي المهندس وقاسم سليماني٬ وغيرهم من محاربي الراديكالية الشيعية٬ بنكهتها الخمينية. هذا لم يحدث٬ وهناك نقمة غربية «خفيفة» على عدم التزام رئيس الوزراء حيدر العبادي٬ وهو أيًضا القائد الأعلى للقوات المسلحة٬ بمنع الميليشيات الشيعية (الحشد الشعبي) من دخول مدينة الفلوجة٬ والاشتباك مع سكان المدينة المنكوبة. وترك هذه المهمة لقوات الجيش والفرق المتخصصة٬ والحشد العشائري السني. قيل من قبل٬ ويقال الآن٬ إن أي استسلام للدوافع الانتقامية الغرائزية٬ سيعزز من شرعية «داعش»٬ وغير «داعش»٬ لدى المعرضين لانتقام جنود الحشد الشعبي الجهلاء. هذا بالضبط ما حصل٬ فقد أصدر «داعش» قبل أيام مقطع فيديو به لقطات تتضمن قيام أحد عناصر «الحشد الشعبي» بضرب نازحين من الفلوجة٬ على اعتبار أن قتلة «داعش» هم…
الأربعاء ٠١ يونيو ٢٠١٦
الجدل حول شفافية و«وطنية» الحملة العسكرية التي تقوم بها حكومة العبادي ضد الفلوجة٬ لا ينقطع. جدل متوقع٬ في ظل الشك العميق بنظافة الحملة من الغرائز الطائفية الانتقامية٬ من قبل الميليشيات الشيعية المشتعلة بنار الحقد الغبي٬ والهمجي٬ ولقطات الفيديو المصورة لصرخات وجرائم هذه الميليشيات موجودة على «يوتيوب». وهي جرائم من نفس النبع الأسود الذي يشرب منه فم «داعش» البخر. مجرد وجود قاسم سليماني ضمن الحملة العسكرية على الفلوجة٬ هو بحد ذاته وصفة للفتنة والتوتر. لكن كل هذا لا يلغي أن تنظيم داعش يحتل الفلوجة منذ زمن٬ وأن واجب رئيس الحكومة العراقية٬ وكل أجهزة الدولة٬ تحرير هذه المدينة٬ وكل مدن العراق٬ من شرور هذا التنظيم الخبيث٬» دولة داعش». كما يجب دعم ومساندة أي جهد تقوم به حكومة العراق٬ لبسط سيادة الدولة وهيمنة القانون على كل ربوع العراق٬ وحسنا فعل السفير السعودي في العراق٬ ثامر السبهان٬ بالكشف عن تأييد بلاده تحرير الفلوجة من «داعش»٬ هذا هو منطق الدولة. وهذه أصلا معركة السعودية الكبرى مع «داعش» و«القاعدة»٬ داخل السعودية وخارجها٬ بشكل يومي تقريبا. قد تنجح حملة الفلوجة٬ خاصة مع الدعم الجوي الأميركي٬ والأرجح أنها ستنجح٬ لكن من المؤكد أن إدارة ما بعد حملة الفلوجة٬ بطريقة فيلق بدر وكتائب الخراساني وعصائب أهل الحق٬ وغيرها من الجماعات المنغمسة في المياه الخمينية٬ سيعيد «داعش»٬ وربما ما هو…
الإثنين ٣٠ مايو ٢٠١٦
«الخناقة» التي وقعت بين المذيع الرياضي المصري، والنائب البرلماني السابق، أحمد شوبير، والمعلق الرياضي أحمد الطيب قبل يومين، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة على شاشات الفضائيات، ليس بين الرجلين فقط، بل بين كثير غيرهما. في التفاصيل تحول النقاش بين الرجلين، لنقاش رياضي، ثم رياضي اجتماعي، ثم رياضي سياسي، إلى قصة شخصية حساسة، فتحولت طاولة الاستوديو إلى حلبة لقذف قناني الماء وتسديد اللكمات. ليس مهما من هو صاحب الحق ومن هو المظلوم، المهم هو في «استمراء» المشاهد لمثل هذه اللقطات، صحيح أن البشر غير الملائكة، وأن الغضب جزء من طبيعة الإنسان، وأن الناس كلها متوترة. لكن ذلك شيء، غير مفاجأة المشاهد بمثل هذه المناظر غير المتوقعة. أو على الأقل تنبيه المشاهد قبل اندلاع المعارك. كما يحصل في بعض برامج العروض الواقعية. ليس الأمر محصورا بالمشهد المصري، فهناك لقطات إعلامية سعودية رياضية أيضا، مشهورة، قيل فيها الكلام السيئ، وتبودلت فيها الشتائم، وتلامس «الخشوم» أي الأنوف المحمرة غضبا. كما أن المشكلة ليست محصورة بالنقاشات الكروية الساخنة بطبيعتها، بل وصل التراشق والعراك اللفظي والجسدي لحلقات النقاش السياسية، وقد أفردت صحيفة «التقرير المصري» أمثلة لبعض أشهر «الهوشات» التلفزيونية العربية منذ نحو عامين، فمن ذلك: معركة المستشار وجيه حسن، عضو الحزب الوطني المنحل، مع الدكتور يحيى القزاز، أحد رموز المعارضة. في إحدى حلقات برنامج «حرب النجوم»،…