الإثنين ٠٤ أغسطس ٢٠١٤
إن المتتبع للشأن الإيراني يدرك مدى ما تشكله أحداث العدوان الإسرائيلي على غزة من أهمية كبيرة لدى متخذ القرار في إيران؛ فبالإضافة إلى الجانب الإنساني والديني الذي يجري على ألسنة المسؤولين الإيرانيين وتغص به وسائل الإعلام الإيرانية، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يأتي هذا العدوان بعيدا عن جوانبه الاستراتيجية التي تمس المصلحة الإيرانية في المنطقة. فالمعتدي الغاشم، ونقصد هنا إسرائيل، لطالما ظل وقودا لآيديولوجيا النظام الإيراني الحالي، في تهييج العواطف الدينية. وفي المقابل تأتي حماس ومن ورائها «الجهاد الإسلامي» بوصفها عاملا مساعدا في مواجهة إسرائيل وتوسيع نطاق المحيط الأمني الإيراني. ولما كان لهذا الأمر جوانبه الاستراتيجية فقد تصدى له عدد من أرفع المسؤولين في النظام الإيراني، لا سيما المرشد علي خامنئي. غير أن ما يعطي لهذه الحالة بُعدا يؤكد الأهمية الاستراتيجية لاستمرار المقاومة من المنظور الإيراني، هو انفراد قائد فيلق القدس اللواء سليماني، الذي تندر تصريحاته، برسالة موجهة للمقاومة في غزة. يبدأ سليماني رسالته بالآية القرآنية «ألا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» صدق الله العظيم. وبالتالي فالآية تؤكد ضرورة القتال وتحديدا اليهود، وهو ما جعل سليماني يذكر هذه الآية دون غيرها. يؤكد سليماني أن الشعب الفلسطيني في غزة لا يُلقن العدو وحده درسا، بل…
الإثنين ٢١ يوليو ٢٠١٤
لعل القارئ منذ الوهلة الأولى يتساءل كيف يمكن الربط بين الخدمة الوطنية وفكر زايد. فقانون الخدمة الوطنية قد أُقر منذ فترة بسيطة فقط. الإجابة في السطور القادمة. بداية ولكي تأتي الأفكار مترابطة ومتسلسلة دعونا نتساءل ما هي الأهداف العليا لقانون الخدمة الوطنية. يطالعنا بها صاحب الاختصاص في هذا المجال، فأهل مكة أدرى بشعابها. يقول رئيس هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية اللواء الركن طيار الشيخ أحمد بن طحنون آل نهيان، إن الهدف من قانون الخدمة الوطنية هو الوصول بمنتسبيها إلى درجة من الكفاءة بحيث يصبح هؤلاء سفراء للوطن بخلقهم الحميد وسلوكهم الإيجابي. تحقيق هذا الأمر لا شك أنه يتطلب جهداً للوصول إلى النوعية التي تستطيع بدورها أن تتشرف بأن تكون سفيرة بأخلاقها الحميدة لهذه الدولة التي احتلت مكانة مرموقة بين دول العالم. وهنا يتجلى فكر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي يؤكد معه أن قانون الخدمة الوطنية لا يسير بعيداً عن توجهات الوالد المؤسس. يقول طيب الله ثراه «الرجال هم من يصنعون المصانع، وهم من يصنعون سعادتهم، وهم من يصنعون حاضرهم ومستقبلهم». عن أي رجال يتحدث طيب الله ثراه؟، وكيف هم وما هي صفاتهم؟ لا يسير فكر الشيخ زايد بعيداً عن الصفات التي يوصي بها ديننا الحنيف ويرتضيها الله سبحانه وتعالى لعباده. يقول الله عز وجل في كتابه…
الجمعة ١٨ يوليو ٢٠١٤
20 يوليو (تموز) هو الموعد النهائي للاتفاق المؤقت بين إيران و«5+1»، فإما الوصول إلى اتفاق شامل أو الانتقال إلى فترة ثانية تمتد لستة أشهر أخرى. فكيف يمكن توقع ما ستؤول له الأمور؟ نسير مع القارئ في حوار افتراضي يدور داخل تلك المباحثات، يرتكز على العناصر التي بيدها مفاتيح حلحلة الموضوع، ونتحدث تحديدا هنا عن أميركا وإيران. كيري يصافح ظريف بحضور كاثرين أشتون. «ماذا لدينا هنا سيدة كاثرين؟» يتساءل وزير الخارجية الأميركي. كاثرين أشتون: «دعوتك وبقية وزراء خارجية (5+1) تأتي لدفع المفاوضات وإحداث انفراجة في الموقف الحالي، فهناك العديد من العقبات». كيري مبتسما: «لا مشكلة في ذلك فكبير المفاوضين الإيرانيين قال إن مسودة الاتفاق الشامل اكتملت بنسبة 60 إلى 70 في المائة، ولم يتبق سوى نسبة قليلة نستطيع حلها، أليس كذلك سيد ظريف؟». يجيب وزير الخارجية الإيراني: «صحيح، فلا مشكلة في ذلك، فمطالبنا التي تقدمنا بها تأتي ضمن الأطر المشروعة». كاثرين آشتون: «رائع، يبدو أن الأمور ستسير بسلاسة». تُعرض مسودة الاتفاق الشامل بين إيران و«5+1»، وإذا «ما بين الأقواس» يملأ تلك المسودة. تنظر أشتون إلى تعابير وجه كيري التي تلاشت معها نظرة التفاؤل. بعد نفس عميق يقول كيري: «يبدو أن نسبة الـ30 في المائة المتبقية أكثر ثقلا وقيمة عن نسبة الـ70 في المائة التي تحدث عنها عراقجي». الهدوء يخيّم على الطاولة…
الجمعة ١١ يوليو ٢٠١٤
لم تشهد الأروقة السياسية وحلقات الفكر والبحث، مثل ما تشهده اليوم حول موضوع بات يشكل واحدا من أهم المواضيع نظرا لتداعياته على المنطقة والمتمثل في التقارب الأميركي الإيراني. هذا الأمر لا شك ينعكس بصورة أكثر وضوحا على المشهد الخليجي، الأمر الذي يدفعنا لتناول أبعاد هذا الأمر، والذي يطرح بدوره الأسئلة التالية: هل نعد القادم تقاربا أم اتفاقا؟ هل من الممكن أن يحدث ذلك؟ هل يتوجب أن ينظر إلى أي تقارب بين أميركا وإيران على أن له تداعيات سلبية؟ هل توجد معطيات يمكن البناء عليها في قياس الإيجابيات والسلبيات لذلك التقارب؟ ما قراءتنا لمستقبل ذلك التقارب؟ يمكن اعتبار ما سيحدث بين أميركا وإيران على الأقل في المنظور القريب، نوعا من التقارب وليس اتفاقا. ولعل للبعض وجهة نظر مغايرة مستندا إلى حدوث نوع من التفاهمات بين أميركا وإيران في ملفات من قبيل الملف الأفغاني أو العراقي. وهو الأمر ذاته الذي يدفعنا لتأكيد صعوبة الوصول إلى اتفاق بينهما في المنظور القريب. فما حدث من تعاون وتنسيق في تلك الملفات، لا يعدو كونه تعاونا على المستوى التكتيكي، وهو ما أكده قاسم سليماني قائد فيلق القدس بقوله، إن التعاون بين البلدين حينما بدأ كانت هناك شكوك بأن طلب أميركا للمساعدة كان إجراء تكتيكيا، وأن أميركا لا تستهدف التعاون طويل الأمد، الأمر الذي دفع بالمرشد الإيراني…
الإثنين ٢٣ يونيو ٢٠١٤
«الإخلاص والتفاني والعطاء والانتماء الحقيقي والولاء المطلق للقيادة»، بهذه العبارات لخص اللواء الركن طيار الشيخ أحمد بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، نظرته للشاب والشابة الإماراتية. فمعانٍ من قبيل الولاء والانتماء هي معانٍ متجذرة لدى المواطن الإماراتي، وتأتي الخدمة الوطنية بدورها لتكون رافداً لتعزيز تلك المفاهيم وكشف زوايا أخرى لها تصب في نهاية المطاف في مصلحة الوطن والمواطن الإماراتي. لقد تشرفت في الأسبوع المنصرم بإدارة الجلسة الأولى لندوة الخدمة الوطنية وتعزيز الهوية، والتي أصبحت، أي الخدمة الوطنية، محط اهتمام الرأي العام الإماراتي وحديث المجالس والأسر الإماراتية التي نستقي منها العبر في تلاحم الشعب مع قيادته. كان معي في الجلسة كل من اللواء الركن طيار الشيخ أحمد بن طحنون، وكذلك الدكتورة أمل القبيسي النائب الأول لرئيس المجلس الوطني، مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم. وفي الورقة التي قدمها رئيس هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية تتكشف لدينا الجوانب الاستراتيجية للخدمة الوطنية، والمتمثلة في استثمار طاقات الشباب الإماراتي وتنميتها وتطويرها، بحيث لا ينعكس ذلك على تحقيق الأهداف الوطنية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية فحسب، وإنما انعكاسه أيضاً على البعد الشخصي لمنتسبي الخدمة الوطنية، بحيث يأتي هؤلاء كما يرى الشيخ أحمد بن طحنون آل نهيان سفراء للوطن بأخلاقياتهم الحميدة وسلوكياتهم الإيجابية. وفي رؤية متعمقة للأبعاد التي تطرق لها رئيس هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، يمكن أن…
الإثنين ٠٩ يونيو ٢٠١٤
«لم يعد لمؤتمر جنيف معنى بعد الانتخابات السورية». كان هذا تصريح علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية لمجلس الشورى الإيراني (البرلمان). والحقيقة أنه تصريح واقعي جداً في ظل ما نراه حالياً. فخلال الفترات السابقة ظل المجتمع الدولي يسعى إلى عقد مؤتمر يجمع الفرقاء في الداخل السوري أملاً في الوصول إلى حل سياسي يوقف معه آلة الدمار التي لا يشعر بويلاتها سوى الشعب السوري. لكن هذا المؤتمر غفل أو لنكن أكثر تحديداً تغافل عن أمر مهم وهو أن الجمع بين الفرقاء الإقليميين والدوليين حول الأزمة السورية هو المفتاح الرئيس للوصول إلى حل لهذه الأزمة. فجاء مؤتمر جنيف الأول وتبعه مؤتمر جنيف الثاني وكان الهدف الرئيس تشكيل حكومة انتقالية لا يكون لبشار الأسد أي دور فيها. هذا الأمر لم يتحقق نتيجة العديد من الأسباب ومنها: • استمرار تباين الرؤى الإقليمية والدولية حول الأزمة السورية نتيجة تضارب المصالح بين اللاعبين الرئيسيين فيها. • دخول الجماعات الإرهابية في الساحة السورية والتخوف الدولي من وصول الأسلحة إليها. • نجاح النظام السوري واستعادة السيطرة على العديد من المناطق. • تباين تام من قبل الوفدين الممثلين سواء للنظام السوري أو المعارضة السورية حول قضايا جوهرية ولاسيما مصير بشار الأسد. وبالتالي انفض المؤتمر وعجز مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي مثلما عجز سلفه كوفي أنان، وانتهى…
الأحد ٠١ يونيو ٢٠١٤
لاقت دعوة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، الموجهة لنظيره الإيراني السيد محمد جواد ظريف، اهتماما من قبل وسائل الإعلام العربية والأجنبية، التي اندفعت باتجاه تقديم كثير من التحليلات والرؤى حول أبعاد هذا الدعوة ودوافعها، وما ستؤول إليه من نتائج. ورغم ذلك، تبقى الصورة غير مكتملة للقارئ العربي الذي يتطلع لمعرفة الوجه الآخر من ردود الفعل، والقادمة بطبيعة الحال من إيران، الفعل لهذه الدعوة. لا شك أنه لا يمكن لهذه الدعوة أن تمر من دون اهتمام من قبل المسؤولين والمحللين الإيرانيين ووسائل الإعلام الإيرانية، الذين قدموا بدورهم تصوراتهم الخاصة حولها. من خلال السطور القادمة نسير مع القارئ لنعكس القراءة الإيرانية لأسباب هذه الدعوة ونتائجها واستشراف مستقبلها. بداية، أعلنت مرضية أفخم أن زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى السعودية أصبحت على جدول أعمال الخارجية الإيرانية، مؤكدة أن إيران والسعودية دولتان مهمتان في المنطقة، وأن تعزيز التعاون الثنائي بينهما سيؤثر على المنطقة. هذا ما ذهب له مساعد وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان، بوصفه للمملكة بالدولة المهمة في المنطقة التي تلعب دورا خاصا في العالم الإسلامي، الأمر الذي يحتم معه، كما يرى، ترتيبات وإعدادا تمهيديا لهذه الزيارة. مما تقدم تتضح الأهمية الجيوسياسية للمملكة العربية السعودية وتأثيرها في المنطقة لدى الداخل الإيراني، الأمر الذي دفع بعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية…
الإثنين ٢٦ مايو ٢٠١٤
لعل عبارة «قُتِل بحثاً» تسير على لسان كل من تسقط عيناه على أي مقال أو موضوع يتحدث عن تنظيم «الإخوان المسلمين». فلا شك في أن هناك العديد من المقالات والأطروحات التي تناولت موضوع «الإخوان المسلمين»، بحيث بات الأمر جلياً للجميع وتكشفت جوانب كثيرة ظلت خافية عن هذا التنظيم وتوجهاته. وبعيداً عن مناقشة الجوانب الفكرية لهذا التنظيم، والحديث عن مخططاته السرية، وغاياته التي لا تظهر للفئة المستهدف استقطابها في بادئ الأمر، نسير مع القارئ الكريم لمحاولة إعطاء بُعد آخر يتكشف معه أنه وبالرغم من قدرات هذا التنظيم الكبيرة في الانتشار والاستقطاب، إلا أنه يفشل في المقابل وبصورة ساذجة في القراءة الواقعية لواقع المجتمعات التي يتغلغل فيها. وأنا لست هنا معنياً بالحديث عن تجارب مجتمعات أخرى مع تنظيم «الإخوان» فأهل مكة، كما يقول المثل، أدرى بشعابها. وبالتالي فكل الأفراد والمفكرين والباحثين أدرى وأولى بتشخيص حالات مجتمعاتهم. وبالتالي فإنني أطرح وجهة نظري الشخصية لحالة تنظيم «الإخوان» في دولة الإمارات. كما أشرنا في البداية، يعتبر هذا التنظيم ذا قدرة كبيرة على الانتشار والاستقطاب وتحديداً مع بداية عمله ونشاطه في أي من المجتمعات الإسلامية، لماذا؟ لأنه باختصار يوظف الوسيلة التي لا يختلف اثنان في مقدرتها على تجييش عواطف تلك المجتمعات، ألا وهي أداة «الدين والتدين». وبالنظر للمجتمع الإماراتي، فإنه ذو طبيعة متدينة تأتي الوسطية سبيلاً…
الأحد ١١ مايو ٢٠١٤
بعد مضي ما يقارب التسعة أشهر على أدائه اليمين الدستورية، إيذانا بتوليه منصب رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بث التلفزيون الإيراني مقابلة جديدة مع الرئيس حسن روحاني، تطرق خلالها إلى عدد من القضايا المحلية والدولية، ومدى التقدم الذي أحرزته حكومته خلال الفترة السابقة. وننطلق مع القارئ لإسقاط ما تقدم به الرئيس روحاني على الواقع، ومدى ما يمكن أن تحققه حكومته خلال الفترات المقبلة. لم يكن السيد روحاني ليفوّت هذه الفرصة لتوجيه الخطاب للداخل الإيراني وعرض النجاحات التي حققتها حكومته في ظل الانتقادات المتواصلة من قبل الأصوليين ومحاولتهم التقليل من شأن ما أنجزته الحكومة الحادية عشرة. فقد وصف تلك الانتقادات بطريقة غير مباشرة بالقول إن الضجيج والصخب يأتي بوصفه قلة فهم سياسي، ولن يصل إلى نتائج. ففي ما يتعلق بالتضخم أشار إلى أن حكومته استطاعت خفض التضخم ليصل إلى 32 في المائة، بعد أن وصلت نسبته فترة الرئيس السابق أحمدي نجاد إلى 43 في المائة. الحقيقة أن نسبة التضخم ينازعها عاملان متناقضان في تأثيرهما عليها في إيران. ففي ظل تهافت الشركات الغربية على إيران والانفراجة في عدد من المجالات لا سيما قطاع السيارات والبتروكيماويات، وسعي الحكومة إلى خفض حجم السيولة أو المعروض النقدي المتداول في الأسواق الإيرانية والذي بلغ ما يقارب الـ200 مليار ريال إيراني، يأتي تنازل ما يقارب مليون شخص فقط…
الأحد ٢٠ أبريل ٢٠١٤
تنتهج الأنظمة التي تراودها الشكوك من نيات الدول الأخرى والرغبة في الإطاحة بها، أساليب تجد فيها الطرق الناجعة لدرء تلك المخاطر. ويأتي توسيع المحيط الأمني نموذجا لدرء تلك الهواجس. إن دراسة مفهوم المحيط الأمني وأثره على مدى بعد أو قرب التهديد، وإسقاط هذه الدراسة على دولة مثل إيران ونظامها، ربما تعلل سبب استمرار نهج النظام الإيراني لسياساته التي تأتي مغايرة في العديد من المواقف لتوجهات دول المنطقة، بل إنها تسير في بعض الأحيان مهددة لاستقرار المنطقة. بداية، يعرف المحيط الأمني بأنه الحيز أو المساحة التي في حال جرى اختراقها من قبل طرف آخر بأي وسيلة من الوسائل، يعدّ تهديدا مباشرا لأمن تلك الدولة. ويتوقف نطاق المحيط الأمني على قدرة البلد وسعة نفوذه في العالم الخارجي، فكلما كانت قدرة ونفوذ البلد ضئيلة، كان محيطه الأمني محدودا أيضا، والعكس صحيح. لقد كان للتحولات التكنولوجية واختراع الأسلحة بعيدة المدى، دور في زيادة القابلية العسكرية للدول للقيام بالهجوم ما وراء الحدود الوطنية، وبالتالي دفع دائرة التهديدات إلى أبعد نقطة خارج تلك الحدود. وتتمثل تلك الوسائل في التالي: الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، والطائرات الهجومية، والخلايا والتنظيمات السياسية أو العسكرية في الدول المجاورة، وإنشاء قواعد وتحالفات عسكرية، وإقامة نظام أمني مع دول الجوار. يلتفت صانع القرار السياسي والاستراتيجي والعسكري داخل دائرة النظام الإيراني ليجد نفسه منذ…
الإثنين ١٤ أبريل ٢٠١٤
يجمع الأب أبناءه في حديث عن حب الوطن والتضحية لأجله. تعيده الذكريات إلى وقفات في الماضي وقصص وعِبر عما تكبده الأجداد في سبيل رفعة الوطن وحمايته. يأتي الحديث ليلامس مواضيع مثل الانتماء والولاء. يرى الأب علامات الاستفهام تحوم حول أبنائه. يدرك الأب أنه لا يوجد شك في حب أبنائه لوطنهم واستعدادهم للذود عنه. فانتماؤهم فطري وولاؤهم متجذر في قلوبهم. «لا بأس في طرح هذا التساؤل على أبنائي» يقول الأب. «إنني على يقين بمدى إخلاصكم وتفانيكم لوطنكم، ولكن هل تعرفون الفرق بين الانتماء والولاء؟ أيهما يسبق الآخر؟ هل من سبيل لتعزيز الولاء والانتماء؟». يبدأ الأب في الإجابة عن هذه التساؤلات، ونسير معه والقارئ للاستزادة من المعرفة، فما أجمل أن يختلط حب وطننا الفطري والولاء لقيادتنا بنور العلم والمعرفة. يأتي مصطلح الانتماء في أبسط صوره على أنه الانتساب إلى الأب. ولما كانت الأسرة هي الدائرة الأضيق للمرء، فإن هذا الانتماء ينتقل بدوره من مجرد انتساب للأب إلى انتساب وانتماء للأسرة. ينتقل بعدها الانتماء من تلك الدائرة إلى دائرة أرحب تظهر معالمها في القبيلة. ومع تطور نظم الحكم انتقل ذلك الانتماء من مجرد انتساب للأب والقبيلة، إلى انتماء لدولة ذات معالم حدودية تجمع تحت ظلها مجتمعاً مختلف الأطياف والأعراق. فيصبح ذلك المرء بالتالي منتمياً لهذه الدولة بالفطرة. هل هناك أنواع للانتماء؟ يتساءل أحد…
الإثنين ٣١ مارس ٢٠١٤
تستعد إيران مع بداية عامها الجديد (يبدأ 21 مارس من كل عام) لعقد مؤتمر لا يمكن النظر إليه بعيداً عن سياقه الزمني والظرفي. فما تشهده إيران بعد توقيع الاتفاق المبدئي مع مجموعة 5+1 حول برنامجها النووي وتهافت الشركات الأجنبية لنيل حصتها من السوق الإيرانية الكبيرة، يدفع للقول إن هناك توجهات إيجابية في الداخل الإيراني لمستقبل العقوبات المفروضة عليها والآمال المعقودة على ذلك الاتفاق لرفعها. نسير مع القارئ هنا لعرض أبعاد وتصورات هذا المؤتمر وكيف أن للسياق الزمني والظرفي دوره في فكرة إقامة هذا المؤتمر. بداية أشار بهروزيفر نائب رئيس اتحاد اقتصاد الطاقة الإيراني أنه وبالنظر إلى التوجهات التنموية في سياسات الطاقة الإيرانية، يعتزم هذا الاتحاد إقامة مؤتمر دولي في قطاعي النفط والطاقة. وإقامة مثل هذا المؤتمر تؤكد اهتمام النظام الإيراني بهذا القطاع نظراً لـ: 1- أهمية قطاع النفط وما يشكله من رافد رئيسي للاقتصاد الإيراني حيث لا تزال خزانة الحكومة تعتمد في عوائدها على قطاع النفط بنسبة 85%. 2- يعتبر هذا القطاع العامل الرئيس في تأثر النظام الإيراني بالعقوبات الاقتصادية. فالعقوبات الاقتصادية على إيران تزامنت مع الثورة الإيرانية عام 1979، ولكن ظل النظام الإيراني متعايشاً معها وقادراً على الالتفاف عليها إلى أن جاءت العقوبات القاسية على قطاع النفط. 3- إدراك النظام الإيراني ما يشكله هذا القطاع وما تختزنه إيران من…