الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠١٤
ما زال المشهد السعودي مرتبكا جدا في مواجهة التطرف والإرهاب، وهذا طبيعي بعد أن عشنا سنوات طويلة في فهمه وتعريفه والتأكد من خطورته، منذ حادثة جهيمان وحتى مقتل أبنائنا بين يدي «داعش» و«النصرة» وبقية منتجات «القاعدة» المشوهة. هناك تركيز كبير على «العناصر» السعودية في كل مناطق التوتر، وهذا راجع إلى جملة من الأسباب تتصل بطبيعة تحول «السعودي» المقاتل إلى قيمة إضافية خارج قدراته الذاتية، فهو عامل دعائي مهم ومزدوج من حيث استخدامه ككرت ضغط سياسي، كما أنه عامل استقطاب لكوادر جديدة محملة عادة بالتمويل والدعم والمساندة أحيانا للأسف من الأهل عن جهل وخوف من التواصل مع السلطات (عادة يجري اتخاذ قرار التبليغ بعد انقطاع التواصل أو القتل). اليوم يتكرر الحديث ليس عن توصيف «الإرهاب» فهو أمر قد تجاوزه المجتمع بعد أن طال العنف الداخل السعودي، وأصبحت الحرب على الإرهاب مهمة الدولة الأولى والمعركة ضده، كما قال الملك عبد الله مرارا طويلة ومستمرة، الحديث اليوم عن بأي سلاح نحارب التطرف، وهنا تحولت المسألة من الرغبة في المعالجة والإصلاح من قبل التيارات الرئيسة في المشهد السعودي إلى الاستغلال والإسقاط السياسي والاحتراب. الإسلام السياسي بمرجعية رموز الصحوة يتعامل مع الإرهاب على طريقة أكل الميتة، يستخدمه حين يفشل ويتضاءل موقعه وحجمه داخل المجتمع، إما بالدعم أو التبرير أو باعتباره نتيجة لأسباب سياسية يريد بها…
الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٣
في السياسة فتش دائما عن المصالح الإقليمية وليس الداخلية، وبحسب عبارة جون كيندي الشهيرة فإن «السياسة الداخلية قد تخذلنا ليس إلا، أما السياسة الخارجية فبإمكانها قتلنا»، طبقا لهذه المعادلة السياسية فإن من المهم على محور الاعتدال الخليجي الآن بعد سقوط «الإخوان» وخروجهم الذي يبدو طويلا من المشهد، التفكير في مسارات الحسابات الإقليمية للمرحلة المقبلة. وإذا اعتبرنا بعد زوال غبار الربيع العربي الذي امتد طيلة الأعوام الماضية أن ثمة ثلاثة محاور رئيسة، وهي دول الاعتدال والمحوران التركي والإيراني، فإن من المهم قراءة السقوط المدوي لـ«الإخوان» ومصكوكة «الإسلام السياسي»، وفق حسابات الربح والخسارة على مستوى السياسة الخارجية. خسرت تركيا حليفها الاستراتيجي قبل أن تخسر نظيرها الآيديولوجي مع الفارق، فمكونات ما بعد مرحلة «الإخوان» لا يمكن لهم أبدا أن يشكلوا أي تحالف سياسي مع «النموذج التركي» الذي طالما تغنى به «الإخوان» وجماعات الإسلام السياسي. الثوار والقوى السياسية المدنية تنظر إلى التجربة التركية بعين الريبة، لا سيما بعد أحداث «تقسيم»، والجيش المصري ذو النزعة القومية يتحسس من هيمنة حزب العدالة والتنمية التركي على الجيش وتحييده له، والسلفيون يرون في علمانية تركيا نموذجا غير صالح للحكم، كما أن الاقتصاد التركي رغم ضخامته لا يشكل عامل إغراء للانفتاح المصري على المنتجات الرخيصة القادمة من آسيا. في المقابل خسرت تركيا النموذج الديمقراطي الذي أنتجه الربيع العربي وسلمه…