الثلاثاء ٢٤ يوليو ٢٠١٢
قبل الهجوم على بغداد في عام 2003 بلغ الضغط أشده على الرئيس العراقي حينها صدام حسين. كان من الواضح أن الهجوم الأميركي واقع، وهزيمة صدام أكيدة، وتقلصت خياراته إلى اثنين: الخروج أو القضاء عليه. للتاريخ، صدام اختار الأول، حيث وافق من خلال مبعوثه وسكرتيره الشخصي عبد حمود على التخلي عن الحكم وتجنيب العراق الحرب بوساطة مع القيادة الإماراتية. اجتمع القادة العرب في قمة شرم الشيخ، حيث رفض حينها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إدراج الحل الإماراتي، وانتفض رئيس الوفد العراقي بحجة أنه لا يمكن لصدام أن يستسلم. صدام في بغداد صار في موقف محرج وأخذته العزة، فتراجع عن الاتفاق وكان ما كان، ولو خرج لتغير تاريخ العراق من دون دماء. قبل أيام، ألقى السفير الروسي في باريس قنبلة عندما كشف عن أن الرئيس السوري بشار الأسد وافق على التنحي بصورة حضارية، ضمن اتفاق جنيف الذي طبخه المندوب الدولي كوفي أنان، إلا أن المتحدث الرسمي في دمشق سارع لينفي الرواية.…
الثلاثاء ٢٤ يوليو ٢٠١٢
في العقد الأول من الألفية الثانية تغيرت شعوب الخليج في تلقيها للمعلومة.. حيث انتقلت من تلقي المعلومة الحكومية إلى معلومة الفضاء المفتوح. في الوقت نفسه كانت حكومات المنطقة تكافح التطرف وتبحث عن نماذج معتدله تظهر على الشاشات لتصنع رأيا دينيا معتدلا، تلقف هذه الحاجة من يسمون بـ"حركيي التيار الإسلامي" وغيروا جلدهم فورا من معارضين إلى موالين تائبين ليفتح لهم المجال. اقتنصوا فرصة عشر السنوات الماضية لتكوين الشعبية على القنوات الفضائية، فأخفوا مخالبهم تحت غطاء القصص المؤثرة، والبرامج الاجتماعية، وفقه التسهيل الذي يجذب الجماهير ويبعدهم عن العلماء الثقات.. إلى أن جاءت سموم الربيع فتغيرت النغمة وخشن الصوت وظهر المخلب.. وجاءت فرصتهم التاريخيه التي لا تتكرر، فبدأوا يركزون على الإعلام الجديد الذي غير المنطقة أملا في أن يوصلهم إلى ما وصلت إليه مرجعياتهم من كراسي الحكم. وعقد اجتماع في بيت أحدهم في أكتوبر العام الماضي ضم كثيرا من أعضاء الاتحاد العالمي للعلماء (الحركيين) وعلى رأسهم أمينه المساعد لشؤون الإعلام لإعلان خطة التواجد…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
الإثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٢
سيستيقظ قادة المنطقة ذات صباح قريب على شرق أوسط من دون بشار الأسد، وعلى سورية متفتحة عليهم، من دون نظام قمعي شمولي، خطفها بعيداً عن عالمهم وأغلق أبوابها عليهم، وحوّلها من شريك إلى تهديد، كلهم يعلمون أن ذلك سيؤثر في بلدانهم بشكل أو بآخر. إنه عالم جديد يطلون عليه في ذلك الصباح بكل ما فيه من فرص ومخاطر وتحديات. أخيراً سقط النظام ومن الداخل، ومن دون تدخل منهم، يتنفسون الصعداء، فلم يكونوا يرغبون في التدخل مباشرة حيث مخاطر حرب لا تضمن عواقبها على دولهم. كان رأي خبراء الأمن عندهم أن لا داعي للتورط فيها طالما أن السوريين يقومون بواجبهم، اكتفوا بالدعم المالي وبعض من السلاح والسماح للمعارضة بحرية الحركة، ولكنهم قلقون الآن من تداعيات الوضع المنهار في سورية. بالكاد نجت من حرب أهلية ماحقة. لقد انهار الجيش النظامي، تفرق بين منشق وهارب، لم يقم بشبه انقلاب كالجيش التونسي أو يحافظ على الدولة ويسمح بالثورة كما فعل المصري. حارب حتى الرمق…
الإثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٢
تحدَّث ابن منظور في قاموسه الشهير «لسان العرب» عن لفظة غوغاء فذكر من معانيها: أنها من مراحل نمو الجراد، وأنها شيء مثل البعوض لا يؤذي، وأن الغوغاء هم السفلة من الناس، والغوغاء هي الفوضى والجلبة. يتّبع المثقفون والمصلحون طريقتين شهيرتين في نشر الثقافة والإصلاح، الطريقة الأولى تعتمد على إعداد مثقفين ومصلحين آخرين ورفع كفاءاتهم، وهذه الطريقة هي الأسهل لأنها لا تحتاج لمهارات «خاصة» في التعامل مع الجمهور ولا لبراعة تبسيط المعلومة، فالمتلقي هنا أصلاً مثقف، أو عنده استعداد لنيل الثقافة وقبول الرأي المخالف، كما أن هذه الطريقة توافق هوىً في نفس المتكلم حيث «يأخذ راحته» في الاستعراض بألفاظ رنانة ومصطلحات معقدة يبرز بها -بقصد أو بغير قصد- علوَّ كعبه في المجال الذي يتكلم فيه. أما الطريقة الثانية فتعتمد على توجيه الخطاب المباشر إلى الشعب، وأقصد بالشعب هنا الطبقة غير المثقفة، التي تتأثر بالإعلانات التجارية وتقتنع بالأصوات العالية وتنخدع بالمصطلحات اللذيذة، حيث يسعى المثقف أو المصلح إلى «تخدير» عقول المستمعين بإحدى…
الإثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٢
لا يخفى على أحد أن الوطن هو الحب الخالد والقيمة الأسمى بعد حب الله عز وجل، وقد سعت قيادتنا الرشيدة لترسيخ قيمه العليا، على النهج الذي تركه المؤسس الكبير (أبونا زايد) طيّب الله ثراه، وعلى ذات المنهج سار خلفه، (خليفة الطيب والخير)، فتوالت المنجزات التي تتكئ على هذا الحب، واستمر نهر العطاء بالتدفق، فروى أرض الإمارات ووثق المحبة بين الشعب والقيادة. ومن أهم ما اتخذته القيادة من آليات وتميزت بها وبتفرد، هو مبدأ سياسة الأبواب المفتوحة، وتحديداً "الميالس" الأسبوعية للقيادات ومتخذي القرار، وهو تقليد إماراتي عريق، حيث تلتقي في هذه المجالس القيادات بأعداد كبيرة من المواطنين، فتستمع وتصغي لهم ولاحتياجاتهم، وتوجه باتخاذ كل الإجراءات المؤدية لتلبيتها، على وجه السرعة، بل وتتابع شخصياً تنفيذ ما تم التوجيه بخصوصه. إن فكرة التواصل بين القيادة والشعب من أهم استراتيجيات الإدارة الواعية لمصلحة الفرد والمجتمع، والساعية لتحقيق أعلى معدلات السعادة والرضا، وهذا ما شهد به مؤخرا تقرير دولي صدر عن الأمم المتحدة تناقلته وسائل…
الإثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٢
يخترع المصريون (الظرف) كل دقيقة ليسهلوا طرق حياتهم الصعبة جدا، وليشعروا بأنهم على قيد الحياة الكريمة التي يستحقونها، ومع اقتراب شهر رمضان سمى المصريون تمورهم بأسماء الساسة المتنازع عليهم، فأصبح هناك (تمر مرسي) و (تمر شفيق) و (بلح الشعب)، والأخير هو الأرخص في التقاط ذكي لقيمة الشعب إذا ما قورن بالإخوان الأغلى في مصر الجديدة، وبالفلول الذين لا يقلون غلاء سوى بنسبة واحد فاصلة بالمائة.!! ويقول أحد الباعة الظرفاء : إن كل شيء في أرض الكنانة تغير بعد ثورة 25 يناير ، حتى مسميات التمر التي نداعب بها الزبائن، فبينما كانت أسماء تمر رمضان تخييلية عاطفية تتوزعها ليلى علوي وهالة صدقي وإلهام شاهين، سميناها هذا العام بأسماء واقعية سياسية لعلمنا بهموم جمهور الثورة، والقصد الذكي للبائعين ـ فيما يبدو ـ هو أن تتلذذ بالتمرة إن كنت تحب مرسي أو تسحقها بأسنانك إن كنت تكره شفيق والعكس صحيح، وفي الحالتين البائع هو المستفيد، سواء تلذذ المشترون بالتمر أم مارسوا السحق، الذي…
الإثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٢
شخصياً، لم أستبعد، من قبل توضيح أمين الرياض، أن تكون قصة «الحارس والمظلة» جاءت كمصادفة بريئة وليست من تدبير أو بقناعة الأمين. فحماس بعض الموظفين لخدمة «كبار المسؤولين»، من باب التقدير أو الانبهار، واردة جداً. والأهم أننا اليوم في زمن ترصد فيه «الكاميرا» كل حركة وموقف. فمن منا اليوم يمشي وليس في جيبه هاتف بكاميرا؟ صار أكثرنا صحفياً ومراسلاً ومصوراً وفضولياً بفضل التقنية. ولأن بيننا من يظن أن المسؤول -كل مسؤول- حق مباح للنقد والتطاول وربما الشتيمة فلا رادع -إلا ما ندر- لاختلاق الحكايات وصناعة الأكاذيب. لست هنا مدافعاً عن أمين الرياض. هو وفريقه الإعلامي أقدر على شرح ملابسات قصة «المظلة». لكنني هنا أتساءل: كيف نصدق أية صورة أو جملة كتبت في مواقع التواصل الاجتماعي من دون فرز أو تساؤل أو سماع لوجهة النظر الأخرى؟ في غياب ثقافة النقد و أخلاقياته وشروطه ومعاييره، لا نستغرب أن يخلط البعض بين النقد والشتيمة وبين النقد البناء والترصد واستغلال الفرص للتشكيك في المسؤول-…
الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٢
آخر اقتراع شارك فيه الليبيون كان قبل واحد وخمسين عاماً، في عهد الملك السنوسي، أي أن أحداً من ذلك الجيل ربما لم يشارك في انتخابات المؤتمر الوطني العام بليبيا التي جرت الأسبوع الماضي. أما نتائج الانتخابات الليبية، فكانت ضربة قوية ومبكرة لتيارات الإسلام السياسي، لكنها تبدو منطقية ولم تكن مستبعدة. والسؤال هو هل تسهم في استفاقتهم وتساعدهم على إعادة قراءة الواقع بشكل منطقي وعقلاني، خصوصاً أنهم لا يزالون غارقين في نشوة الانتصار؟! التجربة الليبية عدلت البوصلة السياسية في المنطقة وصححت خط سير "الربيع العربي" الذي اعتقد البعض لوهلة أنه لا يؤدي إلا إلى حكم الإسلاميين، فتبين أن هذه ليست حقيقة مطلقة، وأن الإسلاميين ليسوا وحدهم في "الميدان" وأن الناخب العربي واع بما يكفي ليدرك ما يدور حوله، وبالتالي لم يعد قاطعاً أن تكون نتائج الانتخابات في دول "الربيع العربي" وإفرازاتها متشابهة... وأن استمرار اختطاف الإسلاميين لـ"الربيع العربي" ليس دائماً، فهذا "الربيع" يسير ويتنقل ويتطور بسرعة ولا أحد يعرف ما الذي…
الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٢
قبل أيام تلقيت أكثر من رسالة من أصدقاء ومعارف يخبرني بعضهم بقرارهم إلغاء حساباتهم في تويتر والفيسبوك، وبعضهم الآخر يفكر جدياً في إنهاء العلاقة كلياً مع تويتر تحديداً، وأنا أعذرهم وأقدر موقفهم، تويتر في عالمنا العربي مثل سوق من أسواقنا الشعبية، تدخله وأنت تعرف كثيراً من رواده، تعرفهم بالاسم أو بالوجه، تتجادل معهم في شؤون كثيرة، تتفق وتختلف، ولكنك وبينما أنت تجادل أو تحاور من تعرف، منذ زمن أو منذ ساعات، تتلقى لعنة من «ملثم» لا يريك وجهه. أو تُقذف فجأة ببيضة لا تعرف من رماها ولماذا. وحينما يكثر عليك «البيض» تدرك أنك في السوق الخطأ. ولأنك تؤمن بالحكمة القائلة «السفن الكبيرة لا ترسو في الموانئ الصغيرة» فأنت لا يمكن أن تقل من قدرك وترد على شتائم وأذى أصحاب «البيض» من الملثمين أو المُرسلين متأكداً تماماً أن منبراً عظيماً مثل «تويتر» لم يخترع أصلاً لمنطقة مثل العالم العربي. فحق الاختلاف وثقافته المتأصلة في مجتمعات كثيرة تجعل من مساحة كهذه أشبه بقاعة…
السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢
يقول فرويد “نستطيع أن نقاوم الهجوم والنقد ولكننا عاجزون أمام الثناء! وفي إحدى نظرياته يشرح العالم فرويد أن الشخصية الإنسانية تتكون من ثلاثة أنظمة هي الأنا والأنا العليا والهو وأن الشخصية هي محصلة التفاعل بين هذه الأنظمة الثلاثة، ولا أعلم مدى صحة نظرياته في علم التحليل النفسي فهناك المختصون والعلماء الذين درسوا ونقدوا أعماله ونظرياته لكنني وقفت طويلاً عندما قرأت عن محاولاته للانتحار في آخر حياته وإخفائه مرضه عن الجميع، ورغم قوته النفسية ظاهرياً كان ضعيفاً داخلياً وكم كان يعاني وهو يحاول تخفيف معاناة الاخرين. قد نتفق معه وقد نختلف، لكن فهم الشخصية الإنسانية وسبر أغوارها والغوص فيها من الصعوبة بمكان. كلما توقعت أنك تفهم من حولك زادت هوة عدم فهمهم. نحن وجوه وأقنعة نضعها كل صباح في المساء نضع أقنعة أخرى بعض البشر كالكتب لا يخدعك العنوان! لا بد من قراءة متأنية للمحتوى، تريد أن تعرف أسرار الكتاب يجب أن تعيش بين الكلمات وتسافر بين الأسطر وكذلك البشر أحياناً…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢
إذا كان ثمة محررة أزياء بارعة في هذه المجلة، فعليها أن تحمل قلمها وكاميرتها وتتوجه إلى شارع نايتس بريدج الراقي في لندن، وتجلس على طاولة مقهى لتراقب السعوديات والخليجيات وهن يستعرضن آخر موضات الحجاب، نعم بات أخيراً للحجاب موضة. سأبتعد عن الدين والحلال والحرام، ولكنى أميل إلى أن ما من عالم شرعي سيجيز هذا الكرنفال من الألوان والأشكال المسماة «حجاب». من الواضح أن «الحجاب» يسبب أزمة هوية لبعض السيدات والفتيات، لذا أقترح على زميلتنا الصحفية التي تركتها قبل أسطر أن تسأل الفتيات: لماذا تتحجبن؟ على افتراض أن ما يرتدينه حجاب، فإن كانت الإجابة: دين وتقوى وامتثال لأمر الله عز وجل، فعليها أن تحيلهن إلى العالم الشرعي الذي تركناه في الفقرة السابقة يشرح لهن الحلال والحرام وشروط الحجاب الشرعي، وما يمكن للمرأة أن تظهره وما وجب عليها أن تخفيه، إلى نهاية المعالجة الدينية للموضوع. أما إن كانت الإجابة: إنها «تتحجب» عادة أو حتى لا يراها من يعرفها فيقول رأينا بنت فلان…
السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢
بالنسبة لي على الأقل، تعد حادثة بلجرشي، التي راح ضحيتها أب وبترت ذراع زوجته وأصيب طفلاه إثر مطاردتهم من قبل دوريتي أمن وهيئة، دالة مهمة للتأمل في موقف قطاع من المجتمع من إخضاع هيئة الأمر بالمعروف للضبط والمحاسبة، سواء كان ضبطا ومحاسبة من داخل الجهاز نفسه أو من قبل أجهزة مجتمعية أخرى، بما في ذلك القضاء وهيئة التحقيق وإمارات المناطق والصحافة ورأي الجمهور. ليست الحادثة بتفاصيلها هي الدالة، بل ردة فعل بعض أفراد المجتمع وطريقة توجيه النقاش حول المأساة هي السبب. لأبين أولا أن هذا القسم من المجتمع في تضاؤل، إنه جزء يصغر ويتناقص. فبعد قراءة المئات من مشاركات القراء في مواقع الإعلام الإلكتروني حول الحادثة التراجيدية، لاحظت أن الغالبية العظمى من القراء بنت مداخلتها بناء على الوقائع ذاتها لا بناء على نوعية الجهات المشاركة فيها، أي أن أحكام هؤلاء القراء تأثرت بالواقعة نفسها وتفاصيلها وليس أن الهيئة أو دورية الأمن أو المقاول أو الأب القتيل نفسه كانوا أسبابا في…