آراء

إلى متى؟

السبت ٢٤ مارس ٢٠١٢

يا إلهي، كيف صار العنف خبزنا اليومي في العالم العربي وخبرنا المعتاد في كل نشرة أخبار؟ نموت يومياً بالمئات وتصبح أخبار الموت مجرد خبر معتاد نقرأه و نشاهده كل ساعة. في العراق و في سوريا و في السودان و في الصومال حكاية الموت العبثي مجرد “لعبة” في عالم السياسة التي لا تقود لشيء سوى حرق الأخضر و اليابس من منطلقنا العربي الشهير: “عليَّ وعلى أعدائي”. كل القتلة يجيدون تبرير القتل، مرة باسم الدين و أخرى باسم المؤامرة الخارجية و ثالثة وفق عقلية ” البادي أظلم”! حينما يقتل فرد في فرنسا و في غيرها في الغرب تقوم دنياهم و لا تكاد تقعد. الموت العبثي ليس خبراً مألوفاً في أي ثقافة تؤسس الفرد على فكرة احترام حياة الإنسان و قيمته. تجاهلنا تعاليم عظيمة في ديننا العظيم الذي يؤكِّد على أن قتل النفس البريئة الواحدة كما قتل العالمين أجمعين. انظر لخارطة العنف العربي الراهنة، يا الله، كم هي مرعبة و مهلكة لا يمكن…

لأني أخاف عليك!

الخميس ٢٢ مارس ٢٠١٢

إن كنت أحبك وأخاف عليك فسأخبرك أحياناً ببعض أخطائك وبآراء قد لا تسرك. فهل يعقل أن يهمني أمرك وأجاملك فيما يهمك ويؤثر على مستقبلك؟ أما إن كنت أبحث عن مصلحة أو مكسب خاص فستجدني أصف لك أجمل العبارات وأرق المدائح ولا يمكن أن تسمع مني إلا ما يسعدك ويشرح صدرك. فأنت على حق في كل الحالات وأنت الصواب وغيرك الخطأ وكل نقد يوجه لك مصدره حاقد وكاذب وحسود. أما لأني فعلاً وصدقاً ومن أعماق القلب أخاف عليك فلابد أن أحذرك من خطر ربما أنت لا تراه ومن منافق يزين لك الكلام من أجل غرض خاص، أكبر همه الفوز ببعض غنائمك! أنا أنبهك لمواقع الخطأ والخطر لأني أنا الباقي هنا أما هو فلن يبقى فيها لحظة واحدة متى ما أغلقت في وجهه أبواب غنائمك. وفي كل الحالات، أنا أسعى أن أصدقك الرأي الذي أعتقد به وأعدك إن تبين لي فيما بعد أن رأيي لم يكن في محله أن أتعلم من خطأي…

نظافة الشارع وشرعية الدولة!

الأربعاء ٢١ مارس ٢٠١٢

آلاف الطالبات والطلاب في الجنوب والقصيم ممن اعتصموا أو تظاهروا في جامعاتهم كانوا يعبّرون عن غضبهم إزاء تجاهل مطالبهم. لقد أصابهم اليأس بعد الإمعان في تجاهل شكواهم. هؤلاء لم يتظاهروا من أجل جدالات «إسلامي» مقابل «ليبرالي»، ولا من أجل مصطلح «الخصوصية» أو مخاطر «الأصولية». همومهم أكبر من جدالات النخب الثقافية، لأنها مرتبطة بواقعهم اليومي وبمستقبلهم في الوظيفة والبيت وتأسيس العائلة. قبل البارحة كنت أقول لمسؤول خليجي إن حفرة في الشارع قد تستفز الناس أكثر مما تفعله جدالات ونقاشات النخب، المحترم منها والفاسد. خطأ استراتيجي كبير أن تنشغل الدولة -أي دولة- بالحديث الطويل والممل في تأصيل «شرعية النظام» تاريخياً أو أيديولوجياً. شرعية النظام اليوم، في أي مكان في العالم، هي في قدرته على الاستجابة لمطالب الناس، وطريقة تعاطيه مع التحديات اليومية في الاقتصاد والإدارة المحلية والخدمات اللائقة. فأن يضمن المواطن نظافة شارعه وأمن بيته قد يكون عنده أهم مليون مرة من الحديث الطويل عن «الشرعية» وما يرافقه من جدالات وتجاذبات. ولهذا…

هل هذا وقته؟

الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٢

في محيطك، في العمل أو في دائرة الأصدقاء، ناهيك عن دوائر صنع القرار، دائماً هناك من يظن أن الوقت -كل الوقت- غير مناسب لأي تغيير أو إصلاح. تجده يسابق الجميع في سؤال يقطع الطريق أمام أي حوار: وهل هذا وقته؟ وحتى وإن تعاطف -مثلاً- مع مطالب طلاب وطالبات جامعة الملك خالد، إلا أنه مقتنع بسؤاله الذي لا يفارقه: وهل هذا وقته؟ تسأله لماذا تراكمت إحباطات الطالبات والطلاب عبر السنوات حتى كانت هذه التجمعات والاحتجاجات التي شهدتها أروقة الجامعة على مدى أيام، فيجيبك متفهماً الظروف لكنه مضطر أن يعترض على التوقيت، متسائلاً من جديد: صحيح، ولكن هل هذا وقته؟ وحينما تطرح فكرة إصلاحية متداولة منذ سنوات تتعلق بتطوير صلاحيات مجلس الشورى، رد عليك معاتباً: لا وأنا أخوك، وهل هذا وقته؟ تخبره أن في مجتمعنا أصواتاً تنادي منذ عقود بتطوير المناهج وإصلاح التعليم، فيعلق: الله يصلحهم، وهل هذا وقته؟ العالم يتغير بالدقيقة الواحدة، وتحديات البطالة وسوء الخدمات وعقد البيروقراطية تضاعف من غضب…

من هم دعاة الفوضى؟

الإثنين ١٩ مارس ٢٠١٢

لأننا في زمن توزع فيه تهم الخيانة والتحريض على قارعة الطريق، فهنا مكاشفة سريعة مع حملة لواء التخوين. أسألكم -وبربكم أجيبوا- من منا يدعو للفوضى وخراب الأوطان: مثقف يحذر من تنامي الفساد لدرجة لا يستطيع معها أحد إيقافه أم فاسد يستغل نفوذه ومناصبه للتكسب واستغلال المال العام وعيني عينك؟ هل يدعو للفوضى، شباب جامعي ضاق بهم تجاهل إدارة جامعتهم لشكاواهم ومطالبهم أم مدير الجامعة الجاثم على صدورهم منذ سنين ويصر على أن يعاند البلد كله متجاهلاً كل التهم الموجهة له ولإدارته؟ من هو الذي يحرض على الفوضى: كاتب مهمته الأساسية أن يبحث عن مواقع الخطأ من أجل الإصلاح أم «رقيب» وظيفته اتهام كل من يجرؤ على نقد أي وضع بالعمالة والخيانة والدعوة للتحريض؟ كيف نلوم من ينبه للخطأ ونصفق لمن يمارس الخطأ؟ ومن الذي يسعى لإثارة الفتنة: مواطن يبحث عن حقه في الوظيفة أم مسؤول يستغل نفوذه لتوزيع المناصب والوظائف على أقاربه وجماعته وأبناء منطقته؟ ولنا أن نسأل المزيد: هل…

الفساد: بين «الذيب» و«الدجاجة»!

الأحد ١٨ مارس ٢٠١٢

أخطر ما في الفساد أنه يفسد الأخلاق والقيم، حتى يصبح ذاته مسألة مقبولة. وحينما تعرف الناس أن مسؤولاً من دائرتها قد «سرق» و«خان» الأمانة ثم يقولون عنه بافتخار: ذيب، فأنت أمام حالة خطيرة من فساد المجتمع. وعندما يتقاعد «المسؤول» من عمله فقيراً أو «على قد الحال» ثم يقال عنه: مسكين، ما عرف يذيّب نفسه، فأنت أمام حالة أخرى من فساد الأخلاق. أن يصبح الفساد ذاته «قيمة» و«مفخرة» فأنت أمام معضلة اجتماعية حقيقية. إن الثقافة التي تنظر بإعجاب للمسؤول الفاسد وتشفق على المسؤول الأمين، لأنه خرج من وظيفته بلا مكاسب غير مشروعة، هي ثقافة تعاني من علل أخلاقية كبرى. نحن هنا لا نرتهن فقط لثقافة المجتمع التي نفترض فيها أن تكون قامعة للفساد. ما يجب أن نرتهن إليه هو الأنظمة والقوانين التي تراقب وتعاقب الفاسدين. لا أفهم كيف تقوم قيامة البعض إن تزوج ابنهم من خارج قبيلته، ولا تهتز فيهم شعرة إن تورط ابنهم في سرقة أرض أو تسبب في خسائر…

جمال الشحي
جمال الشحي
كاتب و ناشر من دولة الإمارات

دمع لا يكفكف

السبت ١٧ مارس ٢٠١٢

قبل ست سنوات أخذت بيديه وساعدته على النزول من السيارة، كان يحضن يدي كطفل على الرغم من أني كنت الذي أمسكه، دخلنا المستشفى، وعندما رأى الغرفة شكر المسؤول المرافق، وأبدى إعجابه بالمكان وبياض الجدران، ووضع شيئاً في يد الممرض وابتسم له، لم أستطع ساعتها أن انتبه لملاحظاته الدقيقة وابتساماته الصادقة، كان المكان بالنسبة لي قاتماً وكئيباً لم أكن أرى ما يراه. بالرغم من مرضه الشديد كان يزرع فينا التفاؤل والأمل على الرغم من حاجته إليهما أكثر منا. كانت هذه آخر لحظاته البسيطة “رحمة الله” في التعامل الإيجابي على الرغم من ظروف مرضه. من الغرفة البيضاء نفسها غادرنا أبي بعدها أياماً ولم يغادر قلوبنا إلى الآن. ◆ كلما ابتعدت عن المتشائمين زادت حياتي تفاؤلاً. هناك من ينظر إلى العالم بكلتا عينيه وقلبه وعقله فينشر التفاؤل والطاقة الإيجابية من حوله، وهناك من يرى العالم بعين واحدة، من زاوية ضيقة، وتصبح السلبية شعاره، والتشاؤم عنوانه، ويقضي الكثير من عمره في نطاق سلبي وضيق…

جمال خاشقجي
جمال خاشقجي
كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية

تنمية عربية بالقليل من المال

السبت ١٧ مارس ٢٠١٢

لا بد أن هناك اقتصاديين يقولون بذلك، إذ لا يعقل أن تستحيل التنمية إلا ببلايين الدولارات، فدول كثيرة تفتقر للمال، حتى الغنية منها تعتريها دورات اقتصادية كالركود تقل فيها السيولة، مثل الولايات المتحدة اليوم. بل مرت عليها أيام سود في سنوات الكساد العظيم من عشرينات القرن الماضي. لم تيأس، وإنما تفتقت عقول جبارة عن حلول ذكية أطلقها رئيسها المقعد روزفلت، وحوّل بخطة تنموية طموحة عرقَ الرجال إلى مشروع بناء للوطن عاشت أميركا في خيره حتى نهاية القرن، ويستحق مشروع روزفلت أن يقرأ ويدرس في دول «الربيع العربي». السعودية أيضاً مرت بسنوات كساد عندما انخفضت أسعار النفط في منتصف الثمانينات، وقال ولي العهد آنذاك الملك عبدالله: «حان وقت شد الأحزمة». من المفيد تنموياً أن تتعود الدول على «الإنفاق الذكي»، وتجيده في زمن الرخاء حتى يعطي لمالها عائداً أكبر في زمن الشدة. عندما يختفي المال أو يقل، يبقى العقل والجهد وحسن التدبير. هذا ما تحتاجه اليوم مصر وتونس واليمن وغداً سورية، وقد…

ياسر حارب
ياسر حارب
كاتب إماراتي

لماذا يكتبون الرسائل؟

السبت ١٧ مارس ٢٠١٢

«مجنون آخر يبحث عمّن يراسله على صندوق بريده..» كتبتها إحداهنّ في رسالتها التي وصلتني بعد أن أرسلتُ تغريدة على تويتر قلتُ فيها إنني أشتاق إلى رسالة مكتوبة بخط اليد، ثم وضعتُ عنوان صندوق بريدي ووعدتُ بإرسال رسالة مكتوبة بخط يدي -الرديء- إلى كل من يراسلني. وبعد أيامٍ قليلة ذهبتُ إلى مركز البريد وعندما فتحتُ صندوقي تناثرت الرسائل على الأرض كأوراق الخريف. لم أستطع الانتظار حتى أصل البيت لفتحها، فلقد مضى زمنٌ لم تصلني فيه عبر بريدي سوى الفواتير والرسائل الدعائية التي تخلو كلها من مشاعر. مع الأسف، لم تصلني رسالة غرامية واحدة، ولكن وصلتني رسائل إنسانية كثيرة تحكي كل منها جزءاً من حياة كاتبها أو كاتبتها. فكل رسالة تحوي خطاً مختلفاً، روحاً مختلفة.. رغبات وانكسارات، طموحات وأحلاماً، اشتياقاً والتياعاً. كانت الرسائل تنضح برائحة المشاعر المكبوتة في صدور أصحابها. لمستُ في كلام المرسلين رغبة ملحة في «الفضفضة» والتحدث عن كل شيء، وعن أي شيء. معظم الرسائل كانت تتحدث عن الشوق إلى…

اليمن الجديد وأمن الخليج

السبت ١٧ مارس ٢٠١٢

تزداد مخاطر فوضى اليمن على الأمن القومي لدول مجلس التعاون كل يوم. أما اللاعب الرئيسي في تغذية هذا الخطر فهو إيران. المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، أعربت عن مخاوف بلادها من نوايا إيران لزعزعة استقرار اليمن. تقريرات كثيرة تؤكد تدفق مزيد من الأسلحة والأموال من إيران لبعض «أتباعها» في اليمن. تلك ليست «مبالغات» أو «دعاية» مضادة لإيران. اليمن -حتى من دون إيران- «قنبلة موقوتة» في وجه أمن الخليج. وفي لعبة المصالح والتجاذبات السياسية الإقليمية يصبح طبيعياً أن تلعب إيران -مثلما يلعب غيرها- بأي ورقة إقليمية متاحة. واليمن «ورقة» سهلة في ظل المرحلة الانتقالية الحرجة التي يمرّ بها. ألم نتعلم من دروس الأمس القريب؟ حينما سحبت دول الخليج يدها تماماً من العراق، دخلت إيران -بكل ما عندها من نفوذ- لتتسلم العراق على طبق من فوضى. وإن كنا قد خسرنا العراق فكارثة أن نخسر اليمن لصالح الفوضى ومن يقف وراءها. لا ننسى أن علي صالح وفريقه مازالوا يراهنون على الفوضى القادمة…

أرامكو في «العلاقات العامة»

الجمعة ١٦ مارس ٢٠١٢

كان عبدالله جمعة، رئيس أرامكو السابق، من المتحدثين الرئيسيين في مؤتمر العلاقات العامة الدولي الذي عقد للتوّ في دبي. ركز كثيراً على أهمية الصدق والمصداقية في عمل العلاقات العامة. وهو محق في نصيحته. فممارسات البعض في منطقتنا للعلاقات العامة تشكك أحياناً في عمل العلاقات العامة عموماً. بعض الممارسات أساءت كثيراً لفكرة العلاقات العامة. كأن العلاقات العامة ليست إلا أكاذيب ومبالغات «لتحسين الصورة» أو لتجميل واقع مملوء بكل أشكال القبح والأخطاء. العلاقات العامة في أي مؤسسة معنية ببناء جسور حقيقية من التواصل مع وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع والمجتمع نفسه. لماذا تختزل أحياناً في كتابة البيانات الصحفية المنمقة وذات اللغة «الدعائية»؟ وعندما تسعى «العلاقات العامة» لبناء جسور مع الصحافة فإن المنتظر بناء جسور من الصدق والموضوعية، لكيلا يُضلل الناس حول أداء الأجهزة وحجم المنجز. هناك فعلاً -من العاملين في هذا الحقل المهم- من يعتقد أن العلاقات العامة ليست سوى «لسان معسول» على حساب الحقائق والمهنية. إنها -كما في قصة أرامكو- معنية ببناء…

من «07» إلى «05»!

الخميس ١٥ مارس ٢٠١٢

صديقنا إدريس الدريس كتب في الوطن مقالين طريفين عن بعض مظاهر العنصرية المناطقية في مجتمعنا. فمن «طرش البحر» إلى «صفر سبعة» ضاع نصف الوطن. المشكلة أن تنشأ أجيال بقناعة أنها هي وحدها الوطن ومن غيرها ليسوا سوى «ملاحق» تابعة. تلك النظرة العنصرية تتحول من «كلام» للتندر بالآخرين إلى موقف في التعامل وربما في اتخاذ القرار. يقول المثل الغربي: «حبني أو اكرهني لكن لا تتجاهلني». بمعنى آخر: احتفظ بعنصريتك لنفسك ولا تقحمها في تعاملك مع الآخرين أو في قراراتك في العمل، كأن تمارس الظلم في عملك ضد من تظن أنه «دخيل» على الوطن ممن تسميهم «طرش بحر» أو «صفر سبعة». العنصرية غالباً ما تنشأ بسبب الجهل بثقافة وتاريخ الآخر، يمارسها غالباً من نشأ على فكرة أنه هو «الأصل» ومن سواه ليس سوى «الفرع»! وحتى نكون منصفين، فهي -العنصرية- مرض قليلاً ما يسلم منه أحد. فمن ينزعج من «صفر سبعة»، كيف ينظر لغيره بأنهم مجرد «طرش بحر»؟ أو كيف يتعالى، بعنصرية، على…