الأربعاء ٠٦ أبريل ٢٠١٦
قبل سنوات أقل عدداً من أصابع اليد، كان مأسوياً أن معظم وسائل الإعلام العربي تناقلت خبر قطع رأس تمثال طه حسين على يد متطرّفين يدّعون الإسلام، من دون أن تجرؤ على ذكر سبب هذا الفعل الشنيع! اكتفى بعض ذلك الإعلام بالقول إن متطرفي الأصولية الجهاديّة الإسلامية هم الذين أقدموا على هذا العمل، وهو فعل مجازي عن قطع رقبة «عميد الأدب العربي»، وهم مناهضون للتماثيل بعمومها، وأن ثلّة مُشابهة لم تتورع عن نسف تمثال بوذا في أفغانستان. وبعدها، جاء نبأ قطع رأس الشاعر أبو العلاء المعري في سورية، الذي تمتد خيوط كثيرة بينه وبين حسين، ليس أقواها العمى أو التمرّس بالأدب واللغة. بعد قطع «رأسه» بأسابيع، ظهر كتاب لعميد الأدب العربي، عنوانه «من بعيد». وفي مقطع منه، يناقش حسين بعض الإسلامويين الذين يحاولون إثبات تفسيراتهم لبعض ما جاء في القرآن، بالاستناد إلى مكتشفات العلم. وفي لهجة ساخرة، طرح حسين على هؤلاء سؤالاً عما يفعلونه لو تراجع العلم عن الأسانيد التي يستعملونها…
الثلاثاء ٠٥ أبريل ٢٠١٦
مرت سنة على الحرب التي تقودها السعودية مع التحالف العربي هناك منذ إسقاط الحكومة الشرعية! والسؤال يفرض نفسه، ما النتيجة؟ هل نقول إن صنعاء لم تحرر، وإنه لم يُقضَ على قوات العدو؟ أم نقول إنه تم إسقاط حكم الانقلاب، وإفشال مشروع إيران في خلق دولة جنوب المملكة العربية السعودية تهدد الخليج كله وتغير معادلة التوازن الإقليمي؟ لنقارن حرب اليمن بحرب أفغانستان. الولايات المتحدة دخلت الحرب هناك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، أي منذ أكثر من أربعة عشر عامًا، وتستطيع أن تقول إنها دمرت منظومة «القاعدة»، وأقصت حكومة طالبان طوال هذه الفترة. بمقاييس أفغانستان، قوات التحالف العربي فعلت في سنة أكثر مما فعله الأميركيون في عقد ونصف العقد. حققت نتائج مماثلة، إضافة إلى أنها فعليًا تسيطر على مساحات ومحافظات يمنية أكثر من خصومها. وهذا لا يعني أنها قضت على قوات الرئيس السابق علي صالح ولا ميليشيات الحوثي، كما أن تنظيم القاعدة المستوطن هناك، قبل الحرب بسنوات، لا…
الثلاثاء ٠٥ أبريل ٢٠١٦
بعد جريمة 11 أيلول (سبتمبر) 2001، طُرح سؤال أميركيّ ساذج: «لماذا يكرهوننا؟»، والمقصود بالطبع العرب والمسلمون. لكنّ سذاجة السؤال لا تلغي كراهية عربيّة لأميركا، كراهيةً لا تجد نفسها أحياناً مضطرّة إلى تبرير أسبابها بأحداث ووقائع بعضها قد يكون مقنعاً. وعلى رغم ضعف تمثيليّة اليسار، فإنّ وجهته ومساره كانا شديدي الدلالة على هذا الصعيد: فبدل التوكيد القديم على الوحدة مع رفاق الاضطهاد والظلم الأميركيّين في وجه الرأسماليّة والإمبرياليّة الأميركيّتين، عانق اليسار في العقود الأخيرة تلك النزعة الشعبويّة المنتشرة في «العالم الثالث» والحاضرة في أوروبا، المعروفة بكره أميركا. وعن هذا التحوّل تأدّى التحاق يساريّين بكلّ من يقول إنّه مناهض للولايات المتّحدة، حتّى لو كان من مناهضي الشيوعيّة، أكان تنظيماً دينيّاً أصوليّاً أم حزباً قوميّاً شبه فاشيّ. هذا التصوّر حافظ، حتّى عام مضى، على صحّته. لكنْ مذّاك، وخصوصاً مع إبرام الاتّفاق النوويّ بين إيران والدول الغربيّة، وعلى رأسها أميركا، صرنا أمام وعي ولغة جديدين. فحينما ذُكر، قبل أيّام، ولو من قبيل التكهّن، أنّ…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الثلاثاء ٠٥ أبريل ٢٠١٦
في واحد من أكثر الكتب طرافة «كيف تُكتب الرواية»، يكتب الروائي العظيم جارسيا ماركيز، «إن أكثر سؤال يوجه للروائيين هو كيف تكتب رواية، وفي الحقيقة فإننا جميعاً نمتلك الإجابة المرضية التي قد تقنع صاحب السؤال، لكن المشكلة ليست في إفشاء سر الكتابة وشرح طريقة صنع كعكة الرواية، ليس هناك خطوات أو وصفة جاهزة للرواية أبداً». لقد بحث ماركيز عن الحقيقة وليس عن الطريقة، ليقول لهم في النهاية إن الرواية تعاش ولا تكتب، بمعنى أنك يجب أن تعيش الحياة بكل تفاصيلها ودقائقها، بكل مسراتها وأوجاعها، تتغلغل في وجوه الناس، كل الناس ما استطعت، تتغلغل في وجدانهم دون اختيار أو انتقاء أو تعال، لتكتب في النهاية رواية الناس، رواية للناس، الرواية الواقعية الساحرة والمهيمنة على الوجدان، فالصدق صفة إنسانية متبادلة، يجب أن تكون حقيقياً لأصدقك. وكفى، ليس هناك ألغاز أبداً، الحياة في موازاة القص، العيش في تقاطعه الحار والمتدفق مع الرواية! كتبت منذ فترة عن الكتابة حين تكون فعل استشفاء، هذا لا…
الثلاثاء ٠٥ أبريل ٢٠١٦
عندما نقول ابتلينا فنحن ورب العزة فعلاً قد ابتلينا ذات اليمين وذات الشمال، المزيفون المتملقون المتصنعون منتشرون في كل مكان، سابقاً لم نكن نعرفهم أو نسمع عنهم، لكن بات بإمكانهم الآن إرسال كل ما هو فاسد بكل يسر وسهولة، عبر الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي. أعرف أحدهم ممن يعاني عقدة النقص، كان قبل ثورة الإنترنت منطوياً على نفسه، ليس لديه أصدقاء، يشك في من حوله، ويتجنب الدخول في أي نقاش، لكن الإنترنت أعطته الفرصة، ليحاول أن يبدو مختلفاً، يرتدي رداءً لا يناسبه، ليُظهر أنه المثالي والمتحضر والإنسان الراقي، يتحدث عن الاختلاف والتعامل الحسن، يحاول أن يفصّل الدين على هواه، يروّج نظريات غريبة، يغلّفها بالمثالية والإنسانية، ولو تعارضت مع الشريعة الإسلامية، فعلياً هو يعتقد أن الدين مثل البوفيه المفتوح، يختار منه ما يشاء، ويترك منه ما لا يعجبه. كثيرون تحولوا فجأة إلى خبراء في كل شيء، يتحدثون في السياسة ولو كان الواحد منهم ناجحاً بالواسطة، وغيرهم توهموا أنهم يفهمون في علم الاجتماع،…
الثلاثاء ٠٥ أبريل ٢٠١٦
الاختطاف، قد يكون مزحة أو أثر لوثة أو ضمن أجندة مبرمجة مدججة بعدوانية فجة، والأمر سيان في كل الحالات، لأن من يسرق وجدان الناس في ساعة خطف طائرة تكون الأرواح معلقة ما بين السماء والأرض، يكون قد ارتكب جريمة شنعاء ونكراء، فكيف لنا أن نتصور مشاعر الذين حبسوا الأنفاس وارتجفت أوراحهم وأطرافهم وصاروا في حالة اللاحياة واللاموت، والسبب في أن شخصاً ما مشحوناً بالحقد والكراهية أراد أن يخفف من وطأة الحقد في داخله، ففكر في أبسط وسيلة رغم الإجراءات المعقدة التي تتخذ بحق كل من ينوي السفر على متن طائرة ما، إلا أن هذه الإجراءات لا تخلو من الثغرات لكونها عملاً بشرياً يحتمل الصواب والخطأ. فإذا كان الشخص قرر أن ينفذ عمليته الإجرامية، فإنه سوف ينتحل شتى الطرق كي يصل إلى مرماه ويحقق هدفه، وهذا لا يحتاج إلى ذكاء بقدر ما يكون لوسائل الكراهية أدواتها العقيمة والقميئة التي من خلالها يتم اتخاذ قرار ارتكاب الجريمة. ويعرف الخاطف أنه لو نفذ…
الإثنين ٠٤ أبريل ٢٠١٦
أثبت الإعلام - ولا سيما وسائل التواصل الاجتماعي - أنه أهم أدوات الجماعات الإرهابية في تنفيذ أنشطتها، بدءاً من كسب التعاطف والإعجاب وإقناع قطاعات من الرأي العام بوجهات نظرها، أو تفكيك المقولات والروايات المضادة، مروراً باستقطاب مجندين جدد إلى صفوفها، وصولاً إلى استخدام هذا الإعلام الجديد سلاحاً حقيقياً في لحظات مصيرية من المعارك الحربية، لضمان الفوز فيها. وقد أشار مراسل صحيفة «ذي غارديان» في القاهرة باتريك كينغسلي إلى الطبيعة «الهوليودية» لبعض الأشرطة التي صورها «داعش»، وإلى استخدام تطبيقات معينة في «تويتر» قبل احتلال مدينة الموصل العراقية عام 2014، أثارت الرعب ولعبت دوراً في تسهيل احتلال «داعش» المدينة. واستقطب موضوع الإعلام، بشقيه الجديد والتقليدي، واستخدامه في دعم أفكار الإرهاب وجماعاته اهتمام كثير من المعنيين في العالم العربي، مثقفين وكتاباً وإعلاميين وأكاديميين وسياسيين ورجال أمن، وقُدِّم عدد من الجهود النظرية المفيدة، لكن هذه الجهود لا تزال جهوداً موسمية تزيد وتبرز إثر أحداث معينة، وتفتر في أوقات الهدوء التي لا تطول. وهي جهود…
الإثنين ٠٤ أبريل ٢٠١٦
«السوشيال ميديا» (أو التواصل الاجتماعي، الذي أصبح سياسيًا أكثر من كونه اجتماعيًا) في الحضارات الشفوية هي الخرسانة المسلحة أو (اللبشة) لمعمار الديكتاتورية الاجتماعية أو سلطة الزحام والأعراف المتوارثة على حساب سلطة العقل وسيادة القانون. فرغم أن الهدف من «السوشيال ميديا» كما تصور البعض في البداية هو تحرير المجتمعات من الخطاب الرسمي الجاثم على الصدور منذ عقود والانطلاق نحو خطاب متعدد، أصبحت «السوشيال ميديا» وسيلة انغلاق لا وسيلة انفتاح، فلا يتواصل الفرد مع الآخر البعيد والمختلف بقدر ما يتواصل مع القريب المتشابه، فيصبح كل جروب أو تجمع افتراضي بما لديهم فرحين مهنئين بعضهم البعض بمثليتهم الفكرية والسياسية. معمار الديكتاتورية في المجتمعات الشفوية لا يبنى من فوق من قبل الحكومات بل من أسفل عن طريق أساس تصنعه ديكتاتورية «التخجيل». في مجتمعات تكون فيها قوة العار الاجتماعي وذهنية الفضيحة أعظم من قوة القانون وقوة الحق تصنع الديكتاتورية من أدنى وليس من أعلى. بينما يكون معمار الحرية هو معمار النوافذ والإطلالة على الخارج، يكون…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الإثنين ٠٤ أبريل ٢٠١٦
من الأشياء التي تبهجني فعلاً مشاهدة السينما والحياة داخل الأفلام التي أشاهدها، سأقول لكم كيف يعيش الإنسان في الفيلم الذي يشاهده، يحدث ذلك حين تكون قماشة الفيلم مشغولة بحرفية قطعة دانتيل نادرة، بحرفية مخرجين عمالقة وممثلين أفذاذ وكتاب قصة وسيناريو أصحاب رؤية حقيقية، كتلك الأفلام التي مثلها وأخرجها كلينت إيستوود، وكأفلام أنتوتي هوبكنز وجوليا روبرتس وميريل استريب مثلاً! يعيش الإنسان داخل الفيلم، تماماً مثلما يحدث حين يقرأ رواية، فيكون البطل هو الراوي العليم والمطلع على كل الخفايا والأسرار، أنت تشاهد بعض الأفلام فتشعر بأن هذا البطل هو أنت أو هو صديقك أو تعرفه جيداً، وكأنك تجلس في عقله إلى درجة أنك تغضب إذا لم يفعل ما كنت تريده أن يفعل في اللقطة التالية، تشعر بأنك بديله، وبأن التصرف السليم أن يمسك بصديقه الخائن مثلاً ويلقي به في المنحدر ليلقى حتفه، وطبعاً لا يفعل البطل ما تريده ولكن ما يريده السيناريو والمخرج بالتأكيد. في فيلم «الحافة»، يتماهى العملاق أنتوني هوبكنز مع…
الإثنين ٠٤ أبريل ٢٠١٦
عام بأكمله انقضى على عاصفة الحزم في اليمن، المواجهة بين قوات الشرعية والانقلابيين لم تتوقف يوماً، وفي المقابل قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لم تتأخر ساعة في دعم الشرعية، ومساعدة الشعب اليمني، والمساهمة في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، ورد الطامعين والعابثين. منذ أسابيع، ونحن نسمع الأخبار الإيجابية والمبشرة بعقد حوار بين أطراف النزاع في اليمن، وبقرب انتهاء الأزمة، وبالأمس زف الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أخبار وبشائر النصر، فقد قال سموه في الجزء الثاني من حواره مع شبكة بلومبيرغ الإخبارية، إن السعودية تدفع باتجاه الحل السلمي في اليمن، وفرصة الحوار الحالية مهمة، وأكد سموه أن الأطراف المتنازعة في اليمن قريبة جداً من الوصول لاتفاق لحل الأزمة، وأضاف أن هناك مؤشرات إيجابية وواضحة. هذه بشائر خير، وبشائر نصر، ليس لطرف على آخر، وإنما هي بشائر نصر للشعب اليمني والدولة اليمنية، فالمنتصر دائماً هو الوطن وليس الأشخاص، ولا الجماعات،…
الإثنين ٠٤ أبريل ٢٠١٦
بخلاف اسم المؤلف، فإن أول ما يواجهه القارئ في أي كتاب، هو عنوانه وغلافه، وهما عتبتان مهمتان في تهيئة القارئ للدخول إلى المحتوى الذي بين دفتيه، وفي بعض الأحيان، تتغلب العناوين على الأغلفة، وفي أحيان أخرى يحدث العكس، فيطغى جمال الغلاف أو غرابته على العنوان، وكم من كتاب اقتنيناه بسبب إعجابنا بغلافه، دون أن نفكر بتصفحه أو البحث عن جماليات عنوانه، وكم من كتاب نفرنا منه بسبب غلافه أيضاً. إلا أن العنوان يبقى أكثر قوة من الغلاف في حال غياب النسخة المكتوبة، فعندما نتحدث عن كتاب ما، فإننا نتداول اسمه، ولا نتحدث عن غلافه إلا إن لزم الأمر. لذلك، فإن اختيار العنوان يؤدي دوراً مهماً في لفت الانتباه إلى العمل، بل والتصاقه بذاكرة القارئ أو السامع، وتحتفظ ذاكرة كثير منا بأسماء كتب بعضها قرأناها وبعضها لم نقرأها بعد. وكان العرب في الماضي يختارون أسماء لمؤلفاتهم، تحمل في أحيان كثيرة سجعاً وجرساً موسيقياً، وكان ذلك إدراكاً مبكراً منهم بأهمية العنوان وتأثيره…
الأحد ٠٣ أبريل ٢٠١٦
نعى العالم، وبمؤسساته المدنية كافة، الخميس الماضي، سيدة عربية تعد مصدر فخر، ورمزًا حضاريًا، وهي زها حديد، المعمارية العراقية الشهيرة، بينما في مايو (أيار) 2011 ابتهج العالم بمصرع الإرهابي أسامة بن لادن! ما علاقة هذا بذاك؟ لن أتحدث عن فن المعمار الذي أبدعت فيه الراحلة زها، فلست بالخبير. إلا أن بوفاة الراحلة زها مفارقة عجيبة بين معمارية لم تولد لعائلة معمارية، وسعت لعمار الأرض، بينما سعى ابن «المقاول»، والمعماري، أسامة بن لادن لدمار الأرض، والإفساد فيها. ولدت زها عام 1950 لعائلة سياسية عراقية لم يعرف عنها شغفها بالمعمار والفنون، بحسب ما قالت نفسها في مقابلة نادرة، هي الأولى عربيًا، مع صحيفتنا هذه عام 2008، ويوم كنت رئيس تحريرها، وأجرتها الزميلة جميلة حلفيشي التي أجرت أيضًا مع الراحلة مقابلة تاريخية أخرى هذا العام، بينما ولد أسامة، زعيم الإفساد بهذه الأرض، عام 1952. المبدعة زها درست الرياضيات بالجامعة، بينما درس الإرهابي أسامة الاقتصاد. سعت زها للإبداع بالإعمار والمعمار، بينما سعى الإرهابي أسامة…