الأحد ١٢ يوليو ٢٠١٥
في ظل المفاوضات الجارية بين إيران ومجموعة 5+1 في فيينا، تتهيأ العديد من الشركات ورجال الأعمال إلى استثمار الفرص الهائلة التي تزخر بها السوق الإيرانية بمجرد رفع العقوبات الاقتصادية وعودة إيران إلى النظام المالي العالمي. وبين ثنايا الانتظار تطالعنا زاوية أخرى لا تقل أهمية عن ذلك الانتظار بل إنها تتزامن معه ولعلها تتأثر بذلك الانفتاح سلباً وإيجاباً. تتمثل تلك الزاوية في الدور المنوط بالحرس الثوري وتحديداً في الجانب الاقتصادي الذي أصبح لهذا الأخير ما يمكن أن يطلق عليه بـ«مملكة اقتصادية». نسير مع القارئ في هذا المقال لنرى ما هي تداعيات ذلك الانفتاح على تلك المملكة ومستقبلها. بداية، ولتقريب الصورة لدى القارئ وكما نعلم جميعاً، اتجه التيار الديني الحاكم في إيران مع نجاح ثورة عام 1979م ورغبة منه في الحفاظ على هذه الثورة وصد أي ثورة معاكسة أو انقلابات في المستقبل، اتجه إلى تشكيل قوات الحرس الثوري بوصفها قوات ذات قيادة وتنظيم مستقل عن الجيش النظامي الذي كان يتخوف التيار الديني…
الأحد ١٢ يوليو ٢٠١٥
بالكلمات أعلاه غرد صاحب السمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ـ وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ـ ناعيا ومؤبنا أخاه صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السابق، والمشرف على الشؤون الخارجية ـ الذي فجع العالم من أدناه إلى أقصاه برحيله عن هذه الدنيا الفانية ليلة الجمعة الماضية، في ليلة نفيسة من ليالي رمضان الأجل.. كلمات سمو الشيخ أعادتني إلى التفتيش عن منهج الراحل الكبير، لا سيما أن القائل والراحل من (الأقران)؛ كما يعبر عن ذلك طلاب العلم الشرعي، الذين ذكروا في قواعدهم المعروفة قاعدة شهيرة، هي: "شهادة الأقران تُطوى، ولا تروى"، وفي حالتنا هذه أثبت الشيخ عبدالله أن القاعدة ليست مطلقة، وأن معناها أن أي كلام "سلبي" بين من تساوت رتبهم لا يعتد به، بل إن "شهادة الأقران تطوى وتروى"، خاصة إذا أتت بعد معاصرة استمرت قرابة عِقد من الزمن. عودا على تفتيشي عن (منهج الأستاذ)، عدت بالذاكرة إلى مقال كتبه سمو الشيخ عبدالله نفسه…
الأحد ١٢ يوليو ٢٠١٥
تمثل وفاة الأمير سعود الفيصل علامة فارقة بالنسبة إلى السعودية. برحيل وزير الخارجية السابق تكون المملكة خسرت صوتاً كان يتمتع إقليمياً ودولياً بقبول واسع، واحترام كبير، وكسب ذلك ليس لأنه كان يمثل دولة إقليمية كبيرة فحسب، بل بشخصيته التي تميز بها، إذ عُرف عن سعود الفيصل ثلاثة أمور: تهذيب يتداخل مع ذكاء لماح، وصلابة موقف تعكس قناعة متجذرة، وقاموس يخلو من اللغو حتى في أصعب اللحظات. في عام 2009 تحدث سعود الفيصل من مكتبه في الرياض إلى صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، حينها كان أكمل 35 سنة في وزارة الخارجية. وقال عن هذه السنين للصحيفة الأميركية: «لم نعرف في كل ذلك الوقت لحظة فرح واحدة، كل ما رأيناه حتى الآن لحظات أزمات، ولحظات صراع». ثم أضاف: «كيف يمكن أن ترى لحظة سعادة في أي شيء يحدث حولك، ولديك شعب مثل الشعب الفلسطيني يعيش كما هي حالهم الآن». قال ذلك قبل ما يقرب من السنتين من انفجار الانتفاضات الشعبية في خمس دول…
الأحد ١٢ يوليو ٢٠١٥
دعوني أعترفُ أولاً بأنني أكتبُ السطور التالية بمشاعر متناقضة بين حزنٍ وامتنانٍ وشكرٍ وعزاء .. الحزنُ على فقد رجلٍ كان يوازي أمّةً في حكمته وحنكته وسياسته ومهابته وثقافته وبُعد نظره. أكتبُ هنا كفردٍ من جيلٍ فتح عينيه ليقرأ الدبلوماسية السعودية عبرَ شخصية سعود الفيصل. جيلٌ اقترنت لديه علاقات وطنه الخارجية بأيقونة سعود الفيصل. جيلٌ كان يستمع لصوت سياسة بلاده عبر مؤتمرات سعود الفيصل الصحافية وخطاباته ومداخلاته. سواء في أزمنة السلم أو الحرب، وفي أحلك الظروف وأصعب المنعطفات، ذات الهدوء وذات الاتزان وذات الخطاب العقلاني هو ما يميز الأمير الراحل. في كل الزيارات الخارجية للوفود السعودية ومشاركاتها في مؤتمرات القمم الإقليمية والدولية، كنا نبحث دائماً أين يجلس أمير الديبلوماسية في كاريزما ثقة وهدوء يتمتع بها ويمتد تأثيرها إلى كل من يتابعه. الامتنان لفارسٍ قضى من عمره أربعين عاماً في موقعٍ حساس يعصفُ بشاغله في كثيرٍ من حكومات العالم قديمها وحديثها. لكنه الفيصل، المستشار الأمين لملوك هذه البلاد في رسم السياسة الخارجية…
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
يكرر ساسة الولايات المتحدة الأميركية التزامهم بأمن دول مجلس التعاون بدءاً بالرئيس مروراً بقادة الكونجرس وانتهاءً بوزراء الخارجية والدفاع من خلال وعود وتطمينات يطلقونها بهذا الشأن بين فترة وأخرى. وفي تلك الوعود لا يوجد شيء مغاير أو مختلف في المضمون أو الفحوى لسياسة الإدارة الأميركية القائمة كما صدرت على لسان الرئيس أوباما في قمة كامب ديفيد الخليجية لعام 2015. وهنا تجدر الإشارة إلى أن تصريحات الرئيس أوباما في نهاية القمة تبقى مفتوحة على مصراعيها لشتى التفسيرات، ولكنها في جوهرها تعني بأنه في الوقت الذي يمكن فيه للولايات المتحدة أن تفي بالتزاماتها القائمة، وبأنها راغبة في توفير مظلة أمنية ونووية ودرع صاروخي واقٍ في حالة وجود أخطار خارجية مهددة لأمن دول المجلس آتية من أية قوى خارجية عدائية، إلا أنه يجب على دول المجلس ذاتها أن تكون صاحب المسؤولية الأولى للدفاع عن نفسها. التصريحات التي خرجت على لسان أوباما تعطي انطباعاً بأن دور الولايات المتحدة المستقبلي في الخليج العربي سيكون متركزاً…
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
فعلاً.. محظوظ من يتوفاه الله ويرحل عن الدنيا وهو كسعود الفيصل. ليس فقط لاسمه الذي طاف الآفاق ولوى الأعناق، ولا لعمله الذي سيبقى شاهدًا على إخلاصه لوطنه وشعبه، بل لذلك الحب الكبير والشعبية التي خطفها الراحل داخل بلاده وخارجها. لم يكن زعيمًا فتكون الشعبية مفهومة وفي سياقها الطبيعي. لم يكن وزيرًا خدماتيًا يبرع في خدمة مواطنيه ويحتك بهم مباشرة. كان وزيرًا أبعد ما يكون عن التعاطي المباشر مع الناس، إلا أن السعوديين، كما الخليجيين والعرب، أحبوه وتابعوه حاضرًا، وحزنوا عليه ميتًا. لم يفقد الناس وزيرًا كما فقدوا سعود. لم يكن الراحل وزيرًا أو دبلوماسيًا يذهب ويأتي بديل له، بقدر ما حمل على عاتقه مسؤوليات أوطان وبلدان، فما أثقلت كاهله ولا خففت من عزيمته، فلما ترجل الفارس عن جواده، قال له خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بوفاء غير مستغرب: «عرفناكم كما عرفكم العالم أجمع على مدى أربعين عامًا متنقلاً بين عواصمه ومدنه شارحًا سياسة وطنكم وحاملاً لواءها، ومنافحًا…
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
دائمًا كانت قوة السعودية الأولى دبلوماسيتها، مع كثرة الأزمات وعنفها. وحتى عندما تقسو الظروف، وتعجز الحيل السياسية، ويطلق النار، أيضًا تلعب دبلوماسيتها دورًا أساسيا في حماية الدولة بعلاقاتها مع الحكومات والمنظمات الدولية. وعادة يدير السياسة الخارجية للدول اثنان؛ الرؤساء ووزراء الخارجية. والسعودية ليست استثناء، فالملك ووزير الخارجية يتوليان هذه المهمة التي تتطلب مهارات دقيقة وثقافة رفيعة، وهاتان خصلتان عرفنا بهما الأمير الراحل سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي. ولا شك أنه من أكثر الدبلوماسيين علمًا وعلاقات وحكمة ونجاحًا، بدليل أن المملكة نجت من معظم أهوال المنطقة لعقود بفضل قدرتها على الحوار وكذلك المناورة، ونجحت في إدارة حروبها أيضًا بفضل نشاطها الدبلوماسي. وما كان ممكنًا للسعودية، التي رسمت خطا أحمر حول جارتها اليمن ثم استولى عليها أتباع الإيرانيين وحلفاؤهم، إلا أن تواجههم. كان للدبلوماسية الخارجية جهد كبير ضَمَن اعتراف مجلس الأمن بشرعية العمل العسكري، وتجريم قيادات المتمردين، وتحريم تسليحهم. ونجحت في كسب الدول، حكومات تصوت مع المملكة، وحكومات ترسل رجالها للحرب، وحكومات…
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
قبل أيام، نشر تطبيق «سنابشات» صوراً وفيديوهات من عاصمة الكيان الصهيوني تل أبيب. وكما يحدث كل مرة، تكرر حديث خجول حول مقارنة فلسطين المحتلة تحت حكم الصهاينة ببقية العالم العربي، باعتبار «عواصم العرب» تحترق؛ بسبب حروبهم وصراعاتهم الأهلية وثوراتهم واستبدادهم، في مقابل التقدم والتحضر الذي يُشاهد في تل أبيب. عوضاً عن أن المعطيات غير دقيقة، ومعايير التقويم غائبة، وتختصر الحاضر والتاريخ ببضع ثوانٍ بثت عبر تطبيق في هاتف ذكي، ويتعامى عن الجرائم اليومية لهذا الكيان الغاصب، إلا أن الحديث عن هذه الآراء مهم، وإن لم تكن ظاهرة، بقدر ما هي وسيلة للفت انتباه والحصول على شهرة لحظية. الأمر هنا يشبه تماماً، لو انتصر تنظيم مجرم كتنظيم داعش، وبدأ بالاحتفال بعد عقود بانتصاره، وربما مدنيته وتسامحه، وربما أسس مدينة سماها «البغدادية» تيمناً بخليفته، هل هذا سيمحو ماضيه الأسود آنذاك؟ بالتأكيد لن يحدث هذا. لم ينس أحد أن تنظيم داعش عبارة عن خليط من أمم وجماعات مختلفة متباينة تجمعت من أصقاع الأرض؛…
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
يشير البعض لمسألة الزيادة السكانية المطردة ويربطها بكثير من مشاكلنا الحالية مثل البطالة وتكدس المدن، بل ويشير البعض لأهمية فرض سياسات تحديد النسل للتحكم في هذه الزيادة السكانية السريعة. واقع الأمر أننا في المملكة لا نزال إلى اليوم دون استراتيجية سكانية واضحة تبين إذا ما كانت الدولة بحاجة حقا لاتباع سياسات تحديد النسل أو أنها بحاجة لسياسة تحفز النمو السكاني. على مدى تاريخها لم تشهد المملكة سوى 5 عمليات إحصاء سكاني في الأعوام التالية (1962، 1974، 1992، 2004، 2010). وطبقا للباحثة فرانسواز دو بلاير Francoise de Bel-Air كان الإحصاء الأول (1962) ناقصا ولا يعتد به كونه لم يغط كافة أنحاء المملكة أو مناطقها السكانية. أما الإحصاء الثاني (1974) ورغم كونه أول إحصاء سكاني شامل في تاريخ المملكة إلا أن نسبة تغطيته ودقة معلوماته اعتبرت ضعيفة. أما الإحصاء الثالث (1992) فمن الواضح مما تبين من الإحصائيات اللاحقة أن أرقامه ونسبة الزيادة السكانية فيه تم تضخيمها. أما الإحصاء الرابع (2004) فيبدو أنه…
جعفر الشايبكاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف
السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
لا شك أن هناك كرها دفينا وظاهرا بين بعضنا بعضا تراكم على مدى عقود بسبب انحسار مساحة التسامح بمعناه الحقوقي وليس اللفظي، وهيمنة الرؤية الأحادية عبر احتكار قنوات ومصادر المعرفة والتوجيه العام، وبث خطاب التحريض ضد المختلف. ما الذي يفرق في العلاقة المجتمعية الحاضرة وبين ما كانت عليه في “الزمن الجميل”؟ فالمذاهب من أفكار ومعتقدات وشعائر لم تتغير أو تزد عما كانت عليه سابقا. ما تغير هو أن هامش التسامح كان سائدا بشكل أوسع، وكان ينظر للآخر باعتبار أنه يمارس حقا مشروعا له. بل إن جيل الآباء من أتباع المذاهب المختلفة كانوا يتندرون ببعض الآراء المذهبية المختلفة بينهم، باعتبارها جزءا من عادات وأفكار قد تتحول إلى نقاش يمتزج بالهزل والتندر، دون أن يعتبره الآخر إهانة أو استهزاء. وهكذا كانت مثل هذه العلاقات الاجتماعية هي السائدة بين المختلفين مناطقيا أو قبليا. غاب التسامح بين الناس من مجتمعنا، وسادت تيارات التشدد التي امتزجت بالعنصرية المناطقية، وانتشرت التصنيفات بين مكونات المجتمع، وحدثت مفاصلات…
الجمعة ١٠ يوليو ٢٠١٥
تحوّلت القضية الفلسطينية من قضية سياسية مرتبطة بمأساة واقعية محددة، إلى قضية وجدانية غائمة وعائمة، ومع هذا غنيّة بالحمولات الرمزية الدينية والقومية، التي يسهل توظيفها في كل الاتجاهات؛ وفقا للظروف المصاحبة سياسيا ودينيا. لقد أصبحت هذه القضية هي قضية النضال الذي حدث - وقائع وأبطالا -، وهي قضية النضال الموعود الذي لم يحدث - أماني وأحلاما -. إنها قضية الماضي الأليم، والحاضر البائس، والمستقبل الواعد. ولأنها كذلك؛ فكلٌ يمتاح منها شرعية ما، شرعية تمكنه من الصمود في عالم الوقائع المادية، حيث السياسة المتحولة إلى مستويات العبث، أو في عالم المعاني، حيث الزعامات الروحية لم تعد مقتنعة بحدود عوالم الروح. لم تعد القضية الفلسطينية مجرد قضية، بل أصبحت أيقونة يتمسح بها الجميع للتطهر من الخطايا، لما تقدّم من الذنوب وما تأخر!. إنها ملاذ ذوي الآمال؛ لعل وعسى أن تثمر الآمال بتعوذياتها، كما أنها ملاذ الفاشلين للتواري خلف الهدف المستحيل، أو الذي يريدونه أن يكون مستحيلا. كل شيء يُبرر بفلسطين، وبالنضال من…
الجمعة ١٠ يوليو ٢٠١٥
تحمل بعض الأسئلة طابع الغرابة، ولكنها تدخل حاجز المنطق والمعقول، طالما كانت غير بعيدة عن مرمى الإجابة، ولعل السؤال المتمدد في الأعلى أكثر الأسئلة التي يتداولها الشعب المتابع لمشاريع الوهم الإسلامية، وما تتطلبه من عمل ظلامي يهدف إلى دفع الشباب إلى مواقع الفتن والزج بهم في المناطق الممتلئة بروائح البارود وأصوات الأسلحة وصداع التفجيرات، ومن يدفع إلى هذه الأمكنة ينعم برفاهية عالية ويتنقل من مساحة جغرافية لأخرى شريطة أن تمتلئ مساحاته بالماء والخضرة والوجه الحسن. لا يزال بيننا من يحتفي بشرف أن يكون الإنسان من هذه المنافذ «شهيداً»، ويصب متعة ذلك في أذهان البراعم من الأفكار المهيأة للتطرف رغبة في الترقي لصفوف الناشئين والشباب، في ظل أن الانضمام للكبار لا يتطلب سوى تخطيط مع موظفي تهريب، وسفر عبر المنافذ البرية إلى المواقع المعدة للبروفات التاريخية، والتي يختلف فيها القادة كثيراً، لأن دور البطولة هو الدور المغري وعليه ترتقي نوعية التغذية بالجواري وتزيد ساعات القلب. ثمة من يعتقد أنه ليس من…