زياد الدريسكاتب سعودي؛ كان سفيراً لبلاده في منظمة اليونسكو
الأربعاء ٢٤ يونيو ٢٠١٥
حظيت زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا، الأسبوع الماضي، باهتمام إعلامي كبير وبتساؤلات سياسية أكبر. لم يكن الملفت للانتباه في تلك الزيارة عنصر واحد فقط كما قد يحدث مع بعض الزيارات السياسية المثيرة للجدل، لكنها عناصر عديدة اجتمعت في ذلك الحدث، وقلّما اجتمعت: أولاً: الوجهة/ روسيا التي لم تعتد الأقدام السعودية على طرق خطواتها هناك كما تفعل في وجهات أخرى مألوفة، منذ قطع العلاقات مع الاتحاد السوفياتي في العام ١٩٣٨ على رغم عودة العلاقات في العام ١٩٩٠ ثم المحاولة التقاربية التي كانت من الملك عبدالله بن عبدالعزيز إبان زيارته إلى موسكو في العام ٢٠٠٣. لكن روسيا ظلّت الوجهة السياسية الأبعد، على رغم قربها الجغرافي. ثانياً: التوقيت / حيث تعصف بالمنطقة أحداث مربكة وحساسة، قد يرى البعض أنها لا تحتمل المجازفة بخطوات غير مسبوقة أو بتحالفات غير معهودة. ثالثاً: الأجندة / حيث لم تكن تلك الزيارة المفاجئة في وجهتها وفي توقيتها زيارة مجاملة باردة،…
خالد الفيصلمستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة
الثلاثاء ٢٣ يونيو ٢٠١٥
في يوم مشرق بالأمل -أوائل القرن العشرين- انشق الأفق عن شمس الجزيرة العربية تعلن ميلاد الدولة السعودية الثالثة. وكان معظم الوطن العربي -آنذاك- يرزح تحت نير الاستعمار، الذي رسّخ لمبدأ فصل الدين عن الدولة وأنظمتها وكافة فعالياتها، وقصره على كونه مجرد علاقة بين الإنسان وربه!! لكن هذه الدولة السعودية الوليدة أبت إلا أن تسبح ضد هذا التيار، وراهنت على أن مبدأ الإسلام هو الصالح المصلح لكل زمان ومكان، فاتخذت القرآن والسنة دستوراً ومنهج حياة. وبهذا الخيار نجحت الدولة نجاحا منقطع النظير، فبعد أن كانت قبائل وشعوباً تتقاتل على الماء والكلأ، أصبحت -في زمن قياسي- دولة موحدة كاملة الأهلية، بحكومة ووزارات ومؤسسات وميزانيات، وخطط تنموية توظف ما وهبها الله من خيرات -خاصة بعد تدفق النفط من أرضها- في البناء والتأسيس لمستقبل واعد. كانت مجهولة مقصية -عالمياً- فأصبحت من أهم دول الشرق الأوسط.. بل والعالم! كانت فقيرة، فأصبحت -عضواً في نادي العشرين- تشارك في قيادة اقتصاد العالم! كانت الأمية فيها طاغية، فأصبح…
الثلاثاء ٢٣ يونيو ٢٠١٥
في وقت لا تزال فيه المرأة في كثير من دول العالم والمنطقة تعاني من التمييز سواء في التعليم أو الحصول على العمل أو المشاركة في صنع القرار، فإن المرأة في الإمارات تعيش عصرها الذهبي أو تكاد. وقد اختارت الأمم المتحدة أن يكون أحد أهم أهدافها في الألفية الحالية هو خلق التكافؤ بين الجنسين من أجل المشاركة في التنمية وبناء المجتمع وإنهاء أشكال التمييز ضد المرأة، فالاختلاف البيولوجي لم يعد مبرراً مقبولاً للتمييز ضد المرأة، خصوصاً بعد أن أثبتت نجاحات كبيرة في جميع المجالات بلا استثناء. في الإمارات نجحنا في أن نكسر «السقف الزجاجي» على الرغم من محاولات البعض وضع سقف لطموح المرأة وحدود لأحلامها، إلا أن المرأة الإماراتية نجحت في أن تقفز إلى المستقبل من خلال دعم الرجل لها والدعم الرسمي، وقبل ذلك بفضل حماسها ومهارتها الفائقة التي أثبتتها على مر السنين لتؤكد أنها كانت الشريك الطبيعي للرجل في مواجهة تحديات الماضي، وهي اليوم معه في جهود البناء والتنمية والتخطيط…
الثلاثاء ٢٣ يونيو ٢٠١٥
انتكاس المتورطين في قضايا الإرهاب بعد برامج المناصحة، وتصدرهم قوائم المطلوبين أمنيا يثير العديد من الأسئلة التي تحث على التعمق في التركيبة المعقدة للتشكل الإرهابي والنظر إلى برنامج المناصحة ومخرجاته كنتيجة نهائية لاختبار صحة فرضيات سابقة يمكن على أساسها من جديد العمل على بناء فرضيات جديدة لمكافحة الإرهاب وتوسيع رقعة أفق السعي في سبيل اجتثاث هذا المرض الذي يلوث ديننا وقيمنا ومجتمعنا. أثبتت الأفكار الظلامية المعتقد الرئيس للإرهابي أنها ليست إلا أحد مكونات التركيبة الإرهابية المعقدة. لو كانت الأفكار وحدها من تعمل على اعتناق الإرهاب لكانت برامج المناصحة كضد فكري يقابل فيه الفكر بالفكر لقضي على الإرهاب. لكن يبدو أن المناصحة الفكرية تقابل مكونا واحدا فقط للتركيبة الإرهابية وهو التكوين الفكري. ماذا عن التكوين النفسي؟ يفترض أن نبحث بالبروفايل النفسي للمتشكل في طور الإرهاب، وأن نتتبع عوامل نموه النفسي منذ مراحله المدرسية المبكرة وظروفه البيئية وما إذا كانت هناك علامات اضطراب نفسي وأمراض نفسية محددة تشترك فيها عينة الإرهابيين. يجب…
الثلاثاء ٢٣ يونيو ٢٠١٥
نحن العرب كل المؤتمرات الدولية التي تعقد تحت رعاية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الخاصة بقضايانا أصبحت عقدتنا النفسية، وتكونت هذه العقدة النفسية بسبب أننا لم نحصل منها على حق، ولكن حصلنا منها على باطل في كل قضايانا! منذ المؤتمرات الخاصة بقضية فلسطين التي اغتصبها اليهود والتي لم نخرج منها بشيء! مرورًا بالمؤتمرات الخاصة بالعراق الذي قسموه وقدموه على طبق من ذهب إلى أطراف دولية وخصوصا إيران التي كان لها نصيب الأسد! وإلى المؤتمرات الخاصة بسوريا التي يحاولون فيها الإبقاء في الحكم على شخص واحد وهو الأسد! واستبعاد الشعب السوري وثورته! والآن يحاولون في اليمن! قالوا لنا ذاهبون لجنيف للتشاور لا للتفاوض لأن كل شيء متفق عليه، ولكن العاقل يعرف أن أي مؤتمر خاص بالعرب في جنيف سوف يفشل، وأن جنيف مقبرة قضايانا العربية العادلة. لا تنتظروا بعد مؤتمر جنيف الأخير والخاص باليمن شيئًا، فجنيف دائمًا يريدونها مصيدة لنا كعرب، ومؤتمرات جنيف الهدف منها سحب البساط من تحت أرجلنا ووضع…
الثلاثاء ٢٣ يونيو ٢٠١٥
سمعت في أخبار الصباح عن مقتل شاب فلسطيني. فكرت: أين كان متوجها؟ لأي برنامج كان يخطط؟ فكرتُ بوالديه: كيف سيقضيان أول أيام رمضان؟ بشكل يومي، صرنا نسمع عن القتلى بالعشرات في دول كليبيا وفلسطين والعراق وسوريا واليمن. صار الموت مجرد رقم بالنسبة إلينا. كيف تتحول الأحلام والمشاريع إلى أرقام باردة نحصيها ونستمر في اقتراف الحياة؟ ذلك الشاب السوري الذي قتل منذ أشهر... كانت له حبيبة في حلب. سيشتريان بيتا بحديقة. سينجبان ثلاثة أطفال... ذلك اليمني الأسمر. كانت له طفلة يحبها. مشاكسة. مراوغة. يحلم بأن يراها تكبر أمام عينيه. تدرس. تتخرج. تشتغل. تنجح. قتل ولم يعرف شيئا عن مصير الطفلة الصغيرة. وتلك الشابة الفلسطينية التي قتل زوجها في قصف بينما كانت في زيارة لقريبتها. ماذا ستقول للطفل الذي في أحشائها حين سيسألها عن أبيه؟ كيف ستشرح له أن أباه ولد في الحرب ومات في الحرب، وأن هذا سيكون ربما قدرَه أيضا؟ ذلك الرجل الليبي الذي عاد إلى بيته ليجده حطاما، وتحته…
الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥
علق متهكماً؛ أحد الألمان المفاوضين في تنفيذ عقد حكومي عند عبارة: تسليم المشروع وفق مواصفات عالية، بالسؤال: ما المقصود بكلمة عالية في العقد؟ وأشار بيده إلى مستوى الأرض، وقال: هل هذا هو المستوى العالي؟! ثم رفع يده إلى الأعلى، وقال أم هذا هو المستوى العالي؟! ثم أوضح أن صفة «عالي» ما هي إلا عبارة مطاطية، لا يمكن للطرفين المورد والمستهلك النظر إليها وتعريفها بالطريقة نفسها. يتبادر إلى ذهني المثال نفسه في كل مرة أسمع فيها مصطلح «الإسلام الوسطي»، فأسأل نفسي: إلى أي درجة هو وسطي؟ سيقول البعض إن صفة «وسط» يحددها النص الديني المقدس الثابت الصحيح الذي يُزكي الوسطية ويمتدح الاعتدال، ولا مشكلة إطلاقاً من الأخذ بهذا النص والامتثال له، لكن وفق أي فهم للنص سأتوافق معك؟ الفهم الذي يقرره عقلي أم عقلك أم عقل العالم الشرعي الذي تتبعه؟! كأننا خرجنا أنا وأنت من جدالنا حول ظرف المكان «وسط» إلى ظرف أكثر تعقيداً يرتبط بفهم النص وتأويله. لنبدأ من خط…
الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥
«ما استل سيف في الإسلام مثل ما استل على الإمامة»، هكذا قال الشهرستاني، كما يقتبس وجيه كوثراني في كتابه «الفقيه والسلطان: جدلية الدين والسياسة في تجربتين تاريخيتين، العثمانية والصفوية». ويمكن ببساطة افتكاك مقولة الشهرستاني من سياقها الخاص بإعادة صوغها كالتالي: «ما استل سيف في تاريخ البشر مثل ما استل على الحكم». أُس مسألة السياسة واجتماع البشر، إذن، وجذرها المُتحفز للتفجر يكمن في السلطة والسلطان. ليس هذا حصراً في فضاءات العرب والمسلمين بل هو ديدن البشرية على اختلاف شعوبها وأديانها وثقافاتها. ظلت السلطة هي المغرية الدامية والمُدمية، من أجلها وفي سبيل السيطرة عليها قامت حروب وأبيدت جماعات وأُهلكت دول وأمصار. إذا تم الوصول إلى صيغة ما يمكن عبرها إدارة الصراع سلمياً على السلطة، عندها تنحسر الصراعات وينخفض منسوب الدم، وبدون ذلك فإن دورة العنف لن تهدأ. بيد أن جوهر ذلك الصراع يدور حول خلاصة واحدة، ظل المهمومون بالسياسة من ثيوسيدس إلى الماوردي وصولا إلى ميكافيلي وهوبز يكررونها: كل الوسائل مشروعة في…
الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥
كل إنسان يصوغ رمضانه بالطريقة التي يراها. هناك من يرسم صورة مثالية، تخالف الواقع. لكن مثل هذا الإنسان، لا يمكن الاعتداد برأيه، لأنه يتجمل. وهناك من يتوخى أن يكون واقعه أفضل، ويضع جملة من الأمور التي تساعد على ذلك. وهذا التغيير قد لا يكون كبيرا، المهم أن يكون تغييرا قابلا للتنفيذ. والكلام هنا يدخل في باب السلوكيات والممارسات. إن المبادرات الإيجابية في رمضان تبدأ من الذات، وتصبح أكثر تميزا، عندما تركز على بناء هذه الذات وتهذيبها. كن صادقا في كل حالاتك، أن تكون جميلا، لا يعني أن يتضاد جمالك مع الواقع من حولك. حتى تضفي على هذا الواقع مزيدا من الجمال: كن أنت مرآة هذا الواقع، ولا تجعل الواقع مرآتك. فعلك هذا يحقق لك انتقاء ما يناسبك وغض الطرف عن أي شيء لا يروق لك. عندما تجد شيئا مستفزا لك، سواء كان سلوكا أو حتى إنسانا، عليك أن تتجنبه بشكل كامل، إذ لا جدوى في التعامل مع أوضاع تحمل تجاهها…
الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥
ظهر في ثقافتنا العربية على مدى قرون ظاهرة يمكن تسميتها بـ"الانتحار الفكري" يشعر فيها الفرد بأنه معزول عن بقية العالم، لا يستطيع فعل شيء إزاء التغيرات الحضارية والثقافية المعاصرة، مما يدفعه للزج بنفسه في أتون فكر التطرف الذي يعتقد أنه بالانتماء إليه يستطيع مواجهة تلك التغيرات باختيار "رمزية" ما توضع موضع العدو المخيف. ولأن الركون إلى مبدأ الوصاية الفكرية هو بمثابة الركون إلى انتماء أكبر مطمئن، فإن كل الثقافات التي مرت بتغيرات أدت إلى نتائج حاسمة في تاريخها كان الصراع فيها أساسيا بين قوى النور وقوى الظلام، أو بعبارة أخرى: بين العقل والكهنوت؛ ولذلك تثار فكرة وجود العدو الأزلي بهدف إقناع المتحمسين بفكرة صناعة العدو بانعدام الثقة في جدوى التعايش في ظل التعددية الفكرية والاختلاف الثقافي، وتصوير ذلك بأنه خطر مستمر يهدد الوجود والهوية. ولذلك، فإن تسليم الفرد عقله إلى الفكر الوصائي هو انتحار فكري يودي به في النهاية إلى الموت المادي أو المعنوي، فمن يرضى لنفسه أن يكون تابعا…
الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥
في كل عام يتكرر الهجوم على الفنون الساخرة من دعاة ووعّاظ، استناداً إلى النَّهي الوارد في القرآن الكريم عن السخرية من الآخرين، وهو استدلال غير صحيح. السخرية في الفن لا تهاجم الأشخاص لذواتهم، ولا قيم المجتمع كما يدّعي هؤلاء، بل تهاجم الخطاب الذي يتّحدث عن هذه القيم على نحو مزيف، أو يقدِّس الأشخاص، ويُنزلهم منازل القِيَم، فضلاً عن أن السخرية في الدراما أصبحت أحد قوالب النقد، وتولد من عدم الرضا عن وضع معين. وكلما تخلّت السخرية عن المنطق لمصلحة كلمة أو موقف زاد إبداعها، وهي تميل بطبيعتها إلى السلبية المطلقة، ولا تكترث بالتوازن. لكن هناك من يحاول تعريفها على طريقة المعاجم بأنها تعني التسخير والتذليل، والقهر. والصحيح أنها إظهار الواقع بعكس ما يقال عنه، وهي لا تختلف عن «النكتة»، بمعنى أنها تصل إلى نتائج غير متوقعة. ولهذا فإن تحريمها استناداً إلى الآية الكريمة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ»، هو تعسُّف في…
الأحد ٢١ يونيو ٢٠١٥
كنت قد كتبت بتاريخ 27/8/1431 مقالا هنا بعنوان "المفطِّرات بين الحسم والتأجيل" وبعد ذلك كتبت بتاريخ 3/9/1433 مقالا بعنوان "المفطرات الدوائية مرة أخرى" ثم كتبت بتاريخ 19/9/1434 مقالا بعنوان "يا مجمع الفقه.. إن نسيتم فالناس لا تنسى" القاسم المشترك بين كل المقالات السابقة هو ما يكثر السؤال عنه في شهر رمضان المبارك من حكم (المفطرات في مجال التداوي).. ما دعاني للتكرار القديم، والتأكيد الحالي هو أنه في عام 1418 وفي الدورة العاشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي ـ وهو غير المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي المنعقدة بمدينة جدة- قرر المجتمعون فيها بعضا مما لا يعتبر من المفطرات، وأجلوا حينها إصدار قرار في بعض المفطرات الدوائية؛ للحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة عن أثرها على الصوم. وفي كل مرة يعقد المجمع الموقر فيها دورته لا يفتح هذا الموضوع أبدا، حتى جاءت الدورة الثامنة عشرة التي عقدت عام 1428 وقرر المجمع وبصريح العبارة تأجيل النظر فيما أجل…