الثلاثاء ٠٥ مايو ٢٠١٥
ما دام الموت، الذي شغل البشر منذ الإنسان الأول، نهايةً يحتمها قانون بيولوجي لا يُرد، تم التحايل عليه بطرق عدة، فقد نشأت، مثلاً، فكرة «الخلود» بوصفها تهميشاً للموت، أو تحويلاً له إلى مجرد محطة للعبور. وكانت الأهرامات الفرعونية التجسيد النُصبي الأعظم للفكرة هذه. كذلك، وعلى مستوى السلطة في معناها المباشر، نشأ «التوريث» الذي يُراد له أن يُبقي الميت حياً من خلال نجله وأنجال نجله. ولأن الابن، كما قيل، سر أبيه، فهذا التواصل الجيلي يضفي الخلود على «السر» المقدس فيزيده قدسيةً. وهنا، في التوريث، بات الهرم هو الشخص المتواصل نفسه. إنه خوفو الذي من لحم ودم. لكنْ كثيراً ما تصالحت هاتان التقنيتان التاريخيتان، والدراميتان، في ملاعبة الموت، فأقيمت التماثيل والنُصب للحاكم الوريث. والحجرُ، كما هو معروف، لا يُزال ولا يُمحى مع الزمن. هكذا اجتمع الخلود والتوريث في طوطم شبه إنساني، شبه ميثولوجي. وفي سورية، انطوت مفردة «الأبد» على هذه المعاني مجتمعة، وعلى الهامش، وفي اللحظات الصعبة، وُجدت تقنية ثالثة للتحايل على…
الثلاثاء ٠٥ مايو ٢٠١٥
أعلن سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، أن الإعفاء من تأشيرة الاتحاد الأوروبي (الشنغن) بات قريباً جداً، لتنطلق بعدها التغريدات والتعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بهذا الإنجاز للدبلوماسية الإماراتية، الذي من شأنه تسهيل تنقل الإماراتيين في دول الاتحاد الأوروبي دون تأشيرة. كانت معظم التغريدات تشيد بهذا الإنجاز، على اعتبار أنه يصب في مصلحة المواطن الإماراتي، الذي يتردد بشكل مستمر على القارة الأوروبية، وكالعادة كشفت بعض التغريدات والآراء توجهات وهوى أصحابها الحزبية، ليقللوا من شأن أي إنجاز لأنهم لا يرون إلا الجانب الأسود من كل شيء، وحتى عندما يكون الثوب ناصع البياض سيبحثون عن نقطة سوداء لا تُرى إلا بالمجهر المكبر، ليجعلوها كبيرة الحجم لا تختلف عن مدى الحقد الذي في صدورهم. إلا أن هناك نوعاً آخر من الأغبياء والجهلة، ذكّرني بشكل أو بآخر بتلك العقلية التي كانت سائدة في عصر الظلمات، والمشكلة عندما تكون هذه العقلية حاضرة في وقتنا هذا، بعد ما وصلت إليه البشرية من…
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
غريب عجيب هذا الرجل، وأعجب وأغرب تعاملنا معه. فبعد الصفح عن مؤامرته مع آخرين في إنشاء مجالس وروابط معادية للمملكة بعد حرب تحرير الكويت، وابتزازه دول المنطقة سنين طويلة بدعوى حفظ الأمن ومقاومة الإرهاب، وبعد اكتشاف تآمره مع "القاعدة" ضد المملكة، ثم استدراجه الحوثيين نحو مغامرة الاعتداء على حدود المملكة، ثم اكتشافه من قبل قومه وانقلابهم عليه. بعد هذا كله، وبعد أن عالجته المملكة وكان شبه متوفى؛ حسب اعترافه الشخصي، وإعادته واستمرار رفضه من قبل الشعب اليمني، وقفت المملكة معه فأخرجته من كل القضايا التي كانت مرفوعة والتي كانت سترفع عليه مثل "الشعرة من العجينة" آمنا على ماله وأسرته ونفسه قبل هذا كله. انقلب علي صالح على أكبر من تفضلوا عليه، ليثبت نظرية قديمة جديدة هي أن "ذيل الكلب أعوج". كما أثبت قبلها نظرية "أنا وبعدي الطوفان". يعلم المخلوع أن اليمن لن يكون بخير ما دام ضحية للميليشيات وما دام عملاء إيران يعيثون في الأرض الفساد، ويرهنون الوطن، كما فعل…
سطام المقرنخبير، قطاع الرقابة على الأداء الحكومي ومدرب في ديوان المراقبة العامة والأمانة العامة لدول الخليج والمجموعة العربية لأجهزة الرقابة العليا (آربوساي).
- مدرب مشارك في الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين وعضو في لجنة تطوير النظام المحاسبي في المملكة ، لدي العديد من البحوث والدراسات المنشورة في مجال المحاسبة والرقابة.
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
القرارات الملكية الكريمة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله – وما سبقها من قرارات – في مجملها تهدف إلى تحقيق الكفاءة وتحسين الأداء المؤسسي للجهات الحكومية، وهي بمثابة منعطف تاريخي ومهم في مسيرة التنمية بالمملكة، وهي كفيلة بإحداث نقلة مهمة وكبيرة في الجهاز الإداري للدولة، وجعله أكثر فاعلية، حيث تسعى هذه القرارات إلى إعادة هيكلة بعض أجهزة الدولة وفقاً لرؤية استراتيجية متطورة، وإرادة حاسمة للتخلص من الترهل الإداري والتضخم الهيكلي في بعض الوزارات والمصالح الحكومية. ولكي نفهم بشكل عميق حيثيات القرارات الملكية، وخاصة فيما يتعلق بتأثيرها على تطوير واقع الإدارة الحكومية في المملكة، من الضروري أن نمر على جذور تكوين الإدارة العامة أولاً، لكي نستطيع تلمس أسباب المشكلات التي تعاني منها، ومن ثم الحلول التي طرحتها القرارات الملكية الأخيرة. عندما وحد المملكة المؤسس الملك عبدالعزيز – رحمه الله – كانت الإدارة المحلية تتمثل في صورة بسيطة، فكل منطقة كانت تحكم عن طريق أمير يرتبط رأساً…
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
من الواضح أن الملك سلمان بن عبدالعزيز يعمل بحزم وعزم لافتين على نقل المملكة العربية السعودية من المرحلة الثالثة إلى المرحلة الرابعة في الدولة السعودية الثالثة. بدأت المرحلة الأولى بدخول الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله ورفقاء التأسيس والتوحيد مدينة الرياض عام 1902 واستمرت قرابة الثلاثين عاماً. وكانت فترة عسكرية بامتياز، إذ كان المطلوب من كل سعودي حينها، مدنياً كان أم مجنداً، أن يشارك بما يستطيعه في المجهود الحربي الرامي إلى استعادة الأمن في الجزيرة العربية وتوحيد أقاليمها وأطرافها ومكوناتها البشرية تحت علم واحد. شُدت الأحزمة على البطون في تلك الفترة، ووضع الناس آمالهم وأمنياتهم في «مؤجلات الغيب» لحين تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في استعادة الدولة من يد الفوضى والانفلات الأمني. ثم جاءت المرحلة الثانية بعد اكتمال التوحيد في قلب الملك المؤسس وإعلان اسم المملكة العربية السعودية عام 1932، وتميزت بوضع الأسس المتينة للدولة، وبناء الكيانات السياسية والاقتصادية والخدمية الرئيسة التي ضمنت آنذاك الحد الأدنى من المعيشة الكريمة…
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
ارتكبت إيران في اليمن مجازفة صعبة. توهّمت أن السعودية لا تملك غير خيار التعايش مع ترسانة صاروخية في عهدة عبد الملك الحوثي. اعتبرت أن تطويق السعودية سيدفعها إلى القبول بنظام إقليمي جديد، تكون إيران اللاعب المهيمن فيه. لم تتوقع أن تستنهض السعودية اللاعب العربي في الإقليم وبغض النظر عن الموقف الأميركي. والحقيقة هي أن إيران تطالب السعودية منذ سنوات بالاعتراف بما تسميه الحقائق الجديدة في الإقليم، أي ثمار الانقلاب الكبير الذي أطلقته إيران، خصوصاً غداة إسقاط نظام صدام حسين. أعادتني التطورات إلى ما سمعته قبل سنوات من سياسي يعرف إيران وأهل القرار فيها. قال: «أعرف أن السعودية دولة مهمة وذات ثقل اقتصادي وسياسي وإسلامي. وأعرف أن المنطقة لن تستقر إذا لم يحصل تفاهم إيراني- سعودي. الحل هو أن تنتهج السعودية سياسة واقعية. أن تتقبّل أن سقوط نظام صدام حسين أدخَلَ تغييراً كبيراً على موازين القوى، لا يمكن الانقلاب عليه. رفْضُ الاعتراف بالوقائع ليس سياسة. أميركا تستعد للانسحاب من العراق وستترك…
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
عِشرة عمر لعقود في تفاصيلها أربعون عاما من الأزمنة عاشها السعوديون على اختلاف الحقب الملكية السياسية وهم لا يكادون يعرفون أكيدا إلا وزير خارجيتهم المتصدر على عرش اللباقة الديبلوماسية حول العالم سمو الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود متعه الله بالعافية والصحة. والاسم بحد ذاته يحمل من الترف والبذخ ما يفوق وصف كل أحبار الزمن ومواهب الرسامين في التعبير عن الجودة والفخامة الوصفية لبانوراما الشعور والإحساس العظيم في دواخلهم. شعرت كسعودية بحزن وفراغ نفسي كبير عندما استيقظت مشدوهة تملؤني حسرة ليس من سبيل إلا تقبلها على خبر إعفاء الفيصل بناء على طلبه ولظرفه الصحي، علامة حاسمة في وجدان كل سعودي وسعودية لو كان للناس خيار ضامن للفيصل بقاءه مزيدا من الزمن على المنصة الديبلوماسية لما ترددوا. هكذا سنة الحياة تتقلب الصفحات بناء على رغباتنا أو رغما عنها. المقالات والأخبار والتغريدات والتقارير والعالم بأسره حديثه الأبرز عن الفيصل، أغلب هذا الجيل من أبناء وبنات الوطن لم يعاصروا البدايات المبكرة للأمير…
الأحد ٠٣ مايو ٢٠١٥
واجه شيجيتاكا كوريتا عام 1998 صعوبة بالغة في إيصال مشاعره إلى أبناء جلدته اليابانيين عندما يبعث لهم برسالة إلكترونية. يضطر في أحيان كثيرة أن يهاتف زميله حتى يوضح له أنه غاضب أو سعيد. فالكلمات القصيرة المحدودة في الإيميل، وقتئذ لم تشفع له بضخ انفعالاته في الرسالة. تصل ببرود شديد يصقع متلقيها. كانت طبيعة عمل كوريتا تتطلب أن يرسل إيميلات عديدة على مدار الساعة. إيميلات إلى زملاء وغير زملاء. تشتمل هذه الرسائل على مضمون حساس. شعر بالحرج لأنه يتبع كل رسالة باتصال. أحس أن الإيميل لم يساعده على تسهيل مهامه؛ بل عقدها. فكر في ابتكار وجوه تعبيرية بسيطة تكون مرافقة للكلمات التي يكتبها لتمنح الرسائل المشاعر المفقودة. برمج أكثر من صورة تعبيرية على الشبكة الداخلية في الشركة التي يعمل فيها لعلها تساعده على تأدية وظيفته على نحو أفضل. وسمّاها (إيموجي) وتعني الوجوه التعبيرية باللغة اليابانية. بعد مضي شهور قليلة أصبح كثير من زملائه يستخدمون هذه الوجوه التعبيرية البسيطة الباسمة أكثر منه.…
الأحد ٠٣ مايو ٢٠١٥
سأصدقك القول.. الحب من عند الله.. أحببته حين شدا بـ«صاير إنتا سندباد». كنت أحياناً أسمعها ثم أستغفر، وأحياناً أخرى أستغفر، ثم أسمعها! وأحببته حين وصل إلى ما يعرف بالقمة/القاع، بحسب المتحدث، وفي أي اتجاه يتحدث. أحببته حين أصبح ثورياً يطالب بالحريات، ويقف في وجه الميليشيات الدموية التي تعطي ولاءها لما وراء حدود العروبة، على حساب أبناء الوطن، والمصير الواحد، أحببته حين رحل أو حين جاء، وأحببته حين عاد أو حينما ارتحل، أو قل انتكس، إن شئت هذا، لا يهم بحسب أي أرض تقف عليها، وأي عرض تنتوي انتهاكه اليوم! لحية فضل شاكر، التي أصبحت قضية لبنان والوطن العربي الأهم، في فترة ما، هي فعلياً ليست لحيته صدقني، لا أقصد أنها تركيب، ولكنها حقيقة لحيتنا جميعاً، هي ذلك الرمز الذي نضعه في أحيان معينة لظرف معين، ثم نراجعه أو نتراجع عنه. لحية فضل شاكر حين وضعت فقد أظهرت مخاوفنا كلها، في داخل كل منا فضل شاكر، يخاف على «طرابلس» الخاصة به،…
الأحد ٠٣ مايو ٢٠١٥
كتبت في تغريدة لي وأنا أستمع إلى الأوامر الملكية الكريمة الأخيرة فجر اليوم الذي أعلنت فيه: "اليوم ـ الأربعاء ـ عرفت بلاد الحرمين الشريفين معنى دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "اللهم بارك لأمتي في بكورها".. ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين ـ أيده الله ـ صبَّح شعبه الذي يثمن له كل الذي قام به منذ أن بايعوه ملكا عليهم، على كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؛ يومها بجملة قرارات دقيقة، أهمها ـ في نظري ـ ذلك التغيير الجذري في منصبيْ ولاية العهد، وولاية ولاية العهد، وإسنادهما لكُفئين من أكفاء هذه البلاد المباركة ـ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، أعانهما الله، وأدام توفيقه عليهما ـ، اللذين أجدد لهما البيعة على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. قبل الدخول في شجون الموضوع، واجب الوفاء يفرض علي أن أقدم جزيل الشكر مع كل…
الأحد ٠٣ مايو ٢٠١٥
نجحت إيران في فرض خطاب مذهبي على المنطقة. كانت البداية بتبنيها مشروعاً مذهبياً، وتبعاً لذلك وتكاملاً معه تبني آلية الميليشيا المذهبية ذراعاً للمشروع. كلاهما، المشروع والآلية، أساس دور إيران الإقليمي. على الناحية الأخرى، وكما هو متوقع، استفز تمدد هذا الدور الطرف الآخر مذهبياً، فتكامل الفعل ورد الفعل في تناسل الميليشيات كبديل للدولة، وتفشي الخطاب المذهبي كبديل لخطاب الدولة. السؤال: لماذا نجحت إيران في فرض هذا الواقع المظلم على المنطقة؟ سأعود إلى هذا السؤال لاحقاً. قبل ذلك لا بد من تناول سؤال مهم طرحه داود الشريان يوم الأربعاء الماضي من وحي الواقع المظلم. يقول السؤال: هل نستمر (أمام هذا الواقع) في النقاش المذهبي أم نتوقف؟ هناك إجابتان وفق الشريان: الأولى تقول إن «الخوض في الصراع المذهبي هو خدمة لدول وأحزاب تدير الصراع بشعارات دينية»، وبالتالي المفترض «تفويت هذه الفرصة عليها، ولجم هذا النوع من النقاش». الإجابة الثانية ترى أن «المسيطرين على الساحات طائفيون، والتعفف عن الخوض في هذا النقاش ليس هو…
مصطفى النعمانكاتب وسياسي يمني عمل سفيراً لليمن في عدة عواصم كان آخرها مدريد
الأحد ٠٣ مايو ٢٠١٥
الصراع الدامي الذي طال كل بيت في اليمن شمالاً وجنوبًا - وإن تفاوتت درجات العنف والقتل والدمار - سينتج أجيالاً من البشر يحترفون القتل والنهب ولن تختلف نفسية القاتل الشاب عن ذلك الذي يدافع عن عرضه وأرضه فالاثنان ضحايا جشع طبقة سياسية تفرغت لتضخيم رغباتها وجعلت من الشباب والأطفال وقودًا لتحقيقها، وحين تضع الحرب أوزارها سيرى الجميع ذلك الركام المفزع من الدمار، وكيف تحولت مدن اليمن إلى أكوام من الأطلال، وسيتذكر من يسكنها ومن عرفها ومن سمع بها بحرقة وحسرة أنها تحولت بفعل الأحقاد والنفسيات الصغيرة إلى مقبرة كبيرة ستظل تنتج سيلاً من الأحزان على القتلى من شبابها وكهولها وعلى الدمار غير المبرر، وسيكتب أهلها أنه ذات يوم تحول شقيق الوطن إلى قاتل حاقد. الحرب في كل مكان وزمان تترك من الندوب والآثار ما يحتاج إلى عقود لتصير قصصها عبرة وذكرى، وسيكون الأطفال والشباب هم من يستعيد قسوة لحظات المعارك ويحكي القصص وسيشرحون كيف تجاوزهم الموت وسينقلون معاناتهم وكيف أحسوا…