الإثنين ٣٠ مارس ٢٠١٥
من حضر القمة العربية الـ26 التي أنهت أعمالها بالأمس في شرم الشيخ في مصر، واستمع إلى كلمات القادة فيها وتجول في أروقة قاعات المؤتمر، ونظر إلى وجوه المشاركين والحضور سيشعر بشيء مختلف، وبأن شيئاً قد تغير في هذه المنطقة، وأن أشياء تتغير. روح هذه القمة فيها شيء مختلف مزيج من التفاؤل والريبة.. وكثير من الإيجابية ومن الرغبة في إثبات أن الأمور قد تغيرت... بعض العرب متحمس للتغيير، للتقدم إلى الأمام، للفعل بدل انتظار رد الفعل، البعض الآخر من العرب لا يزال يعيش الريبة والشك، ولا يؤمن بقدرته على فعل شيء، أو أي شيء! وهذا متوقع في ظل سنوات من التشرذم العربي، لكن كل شيء قابل للتغير والإصلاح. بلا شك أن ما جعل قمة العرب في 2015 مختلفة هو أنها جاءت بعد عملية «عاصفة الحزم» من أجل إعادة الشرعية لليمن، وجاءت في وقت لم يكن أحد في العالم العربي أو خارجه يعتقد أن العرب يمكن أن يتخذوا قراراً بهذا الحجم، وأن…
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
«عاصفة الحزم» واضحة الأهداف، لا أجندات خفيّة، ولا ممارسات توسعية سرية وظلامية، ولا أطماع في توسع أو أرض أو ثروة. دول مجلس التعاون لا تريد ذلك من اليمن، ولا غير اليمن، ولا تطمع من وراء التحرك العسكري إلا في تحقيق أهداف واضحة معلنة، أيدتها فيها الدول العربية، ومعظم دول العالم والمنظمات الدولية. إفشال انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية اليمنية، والعودة إلى المسار السياسي المتفق عليه دولياً، والمستند إلى الشرعية والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار اليمني، هذه أهداف واضحة لـ«عاصفة الحزم» الخليجية العربية، وذلك بعد أن استبد الحوثيون وتمادوا في استخدام العنف والاحتكام إلى شريعة الغاب والبنادق، ومحاولة السيطرة بشكل كامل على اليمن، وإلغاء الشرعية، والانقلاب على السلطة. ولا يخفى على أحد سبب آخر مباشر لردة الفعل الخليجية، هو إيقاف التغلغل والعبث والتوسع والهيمنة الإيرانية المتعطشة لإنهاك الجسد العربي والنخر في كل أطرافه، لقد سيطرت إيران شمالاً، وامتد نفوذها ليجتاح العراق وسورية ولبنان، ما شجعها على تكرار التجربة في جنوب…
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
أي كلمات ترسم اليوم حجم العذاب السوري، في الذكرى الرابعة للثورة؟ وما جدوى أي كلمة أو مقال أو خطاب، في حضور هذا الكم الهائل من الدم والموت والدمار والتشرد والأيتام والثكالى.. والآمال المحطمة؟ خطوتان في اعتقادي أقدم عليهما النظام، أوقعتا بالثورة كل هذا الضياع والدمار. الأولى، إجبار المتظاهرين وجر المعارضين بالعنف والقتل، للجوء إلى السلاح وترك النضال السلمي لتحقيق أهداف التغيير. والثانية، خلق الأصوليات المتوحشة والجماعات «الجهادية» الدموية الموغلة في العنف وفي سحق آدمية الإنسان، وعلى رأسها «داعش». الخطوة الأولى، أفسحت للنظام المجال ليجرب مع المعترضين والمتظاهرين والمدن المتمردة والقرى المتهمة بالاعتراض، أبشع أسلحة الدمار. والثانية، غمرت الساحة بقوى مغرقة في الدم والإجرام وجز الرقاب، ومدعومة بخبرة أجهزة حزب «البعث» في العراق وسوريا وتنظيمات الإرهاب الدولية، فجعلت العالم ينصرف عن عنف النظام إلى عنف خالص لا نظام فيه، وجريمة خالية من أي قانون أو رحمة. كانت حصيلة السنوات الأربع، كما جاء في الصحف في مارس 2015، مقتل 210 آلاف شخص،…
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
مشهور بين الناس كثيرا أمر (حزب الفضول) الذي سأتطرق إليه لاحقا، غير أن حزبا ـ حلفا أو هيئة إصلاحية ـ آخر مهما سبقه لنفس الغرض، وهو نصرة المظلوم، وردع الظالم، لا بد أن أستفتح به مقالي.. الحزب الذي أقصده هو (حزب الْمُطَيّبِين)، الذي تأسس بسبب فريق من (قريش) أجمع على أن يأخذ من (بني عبدالدار) مجموعة أعمال شريفة هي: (الحجابة) ـ خدمة الكعبة ـ ، و(اللواء) ـ حمل راية الحرب ـ، و(السقاية) ـ سقي الحجيج ـ، فاستنصر بنو عبدالدار أصحابَ النخوة، فأخرج بنو عبدمناف قصعة مملوءة طيبًا، ثم غمسوا أيديهم فيها، وتعاقدوا، وتعاهدوا، على نصرة بني عبدالدار، والمظلومين من بعدهم، ثم طيبوا الكعبة المشرفة بأيديهم توكيدا على أنفسهم، ـ من هنا جاءت تسمية الحلف ـ ، وتم الصلح والاتفاق على أن تكون الرفادة والسقاية لبني عبدمناف، وأن تستقر الحجابة واللواء والندوة في بني عبدالدار.. أما الحزب الثاني ـ التالي ـ فهو (حزب الفضول)، الذي تميز بشهوده صلى الله عليه وسلم،…
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
إذا أردت أن تعرف وقع «عاصفة الحزم» في اليمن على من فوجئوا بها ويتخوفون منها، ومما يمكن أن تقود إليه، وما يمكن أن يتحقق بسببها في المنطقة فاستمع (لا تقرأ فقط) إلى ما قاله الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني، حسن نصرالله، مساء الجمعة الماضية. لا تنبع دلالة ما قاله من أهميته هو، وإنما مما يمثله كذراع إيرانية في المنطقة، وكمتحدث باسم النظام الإيراني في الشام. ثلاثة ملامح في كلمة نصرالله تعكس هذه الدلالة. الملمح الأول أن الكلمة جاءت سريعة، في اليوم الثاني من بدء العاصفة، وأن هذه العملية كانت الموضوع الوحيد لها. الملمح الثاني كان الحالة النفسية التي سيطرت على نصرالله وهو يلقي كلمته. منذ بدايتها كان يغالب بلسانه تجمع الزبد بين شفتيه، ما اضطره أكثر من مرة إلى تناول كأس الماء لـ «مقاومة وممانعة» جفاف في حلقه كان يفرض نفسه عليه. لم يحدث هذا من قبل في كل خطابات نصرالله، وهي خطابات كثيرة. أما الملمح الثالث، والأهم، فهو…
مصطفى النعمانكاتب وسياسي يمني عمل سفيراً لليمن في عدة عواصم كان آخرها مدريد
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
لا أشك لحظة واحدة أن قرار قادة دول مجلس التعاون المشاركة في «عاصفة الحزم» كان أقسى ما أجبروا على تجرعه، ليس لصعوبة تنفيذه، ولكن لأنهم يدركون أن السلاح العربي لا يجوز استخدامه في عمليات عسكرية داخل بلد عربي، والمؤكد أيضا أن حساباتهم قرأت - وإنْ متأخرا - تعاظم الخطر القادم من وراء حدود المنطقة حتى أصبح خطرا داهما يتهدد جوار اليمن، كما أن استمرار الطفولة السياسية للحوثيين مقرونة بالقوة والغرور لم يبق للمجلس خيارات مفتوحة كثيرة. وكم كان غريبا أن يقرر «السيد» إجراء مناورات على الحدود السعودية، فالمشارك فيها ليس جيشا نظاميا، وإجراؤها في تلك اللحظة برهان إضافي على قلة التدبير والافتقار إلى الحكمة وعدم الإدراك لتبعات هذه الأعمال الاستفزازية. توجهت ميليشيات الحوثيين صوب تعز محتقرة رغبات الناس فيها بل توسلاتهم المتكررة بإبعاد مدينتهم، التي لا تعرف السلاح ولا تستخدمه، عن الصلف وعدم إقحامها في أتون معارك لا طائل من ورائها إلا جلب المزيد من الفرقة والحزن والوهن وقسوة العيش،…
السبت ٢٨ مارس ٢٠١٥
حجم الاهتمام الإقليمي والخارجي بالحرب في اليمن فاق التوقعات، لم تبقَ حكومة أو مؤسسة دولية معنية إلا وكان لها رأي أعلنته صراحة. ومعظمها عبرت عن تفهمها ضرورة حماية النظام اليمني الذي كان يتعرض لعملية تدمير ستدخل اليمن حتما في حرب أهلية طويلة وخطيرة كما يحدث في سوريا وليبيا. مر وقت طويل من الصبر على المفاوضات وتقديم التنازلات للمعارضين والرافضين، من أجل المصالحة. لكن عندما لجأ المعارضون إلى استخدام السلاح، واستولوا على العاصمة، وعدد من المحافظات، وحاولوا قتل الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقبلها قاموا بسجنه في قصر الرئاسة واعتقال كبار أعضاء حكومته، ولم يبقَ سوى الرد العسكري الخارجي عليهم. هذه حكومة شرعية من دون قوة عسكرية تحميها تواجه عصابة أعلنت صراحة عن نياتها. هذا ما دفع معظم الحكومات الإقليمية والكبرى تأييد الخطوة العسكرية، ولم يبدأ الهجوم إلا بعد أن استوفت كل الشروط المطلوبة منها، المسوغات القانونية، وبناء تحالف يعبر عن موقف جماعي كبير للدول المعنية، وإشراك المؤسسات الإقليمية مثل الجامعة…
السبت ٢٨ مارس ٢٠١٥
كانت المبادرة الخليجية لترتيب أوضاع اليمن، خيارا يسعى إلى الحفاظ على وحدة اليمن ومقدراته. لكن فئة من فئات المجتمع هناك، بإيعاز ودعم من إيران، أرادت أن تستأثر بكل شيء. وهكذا بدأ ضرر الحوثيين الذين ارتضوا أن يكونوا وكلاء لإيران يتزايد، وأصبح المشهد اليمني وإيقاعاته، بالهيمنة الحوثية عليه، يهدد بالقضاء على الدولة اليمنية الوليدة، كما أنه ينسف كل ما توصل إليه المتحاورون اليمنيون، وفقا للمبادرة الخليجية. أصبحت إيران تتبجح بأن لها وجودا وتأثيرا في عواصم عربية منها صنعاء. لم يعد الضرر على اليمن داخليا، بل صار يهدد الجيران والإقليم. هذا التآكل الذي عمل الوكيل الإيراني على إنجازه، وكاد ينجح فيه، تم تداركه بعد أن توالت الاستغاثات والمناشدات من الحكومة اليمنية الشرعية، وكان آخرها دعوة الرئيس اليمني الشرعي للسعودية ودول الخليج للمساعدة، خاصة أن قوى الحوثيين ومن ورائهم الرئيس السابق والقوى التي لا تريد خيرا لليمن، كانت تقف على أعتاب عدن، ملاذ الرئيس الشرعي بعد احتلال صنعاء من الحوثيين. خلاصة ما سبق،…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
السبت ٢٨ مارس ٢٠١٥
كتبت قبل أسابيع مقالة عنوانها «لكل زمان دولة ورجال وسياسة خارجية». اليوم وبعد «عاصفة الحزم» فإن الزمان سيجود بما هو أكثر من ذلك. إنه «مبدأ سلمان». والحق أن كلمة مبدأ لا تشرح الفكرة تماماً، إذ إن أصل هذا المصطلح الكلمة الإنكليزية Doctrine التي تعني «سياسة تقوم على مبادئ والتزامات أخلاقية». وأبرز «مبدأ» اشتهر في العصر الحديث هو «مبدأ ايزنهاور»، الرئيس الأميركي الوحيد الذي أنصف العرب عندما «أمر» الإسرائيليين والبريطانيين والفرنسيين بالانسحاب من مصر بعد عدوانهم الثلاثي عام 1956. لكن مبدأه اشتهر قبل ذلك، ويقوم على التزام الولايات المتحدة بالنصرة وتقديم العون مادياً أو عسكرياً لأي دولة تتعرض للتهديد من دولة أخرى. فما هو «مبدأ سلمان»؟ يمكن لبيان دول الخليج الخمس الذي أسس لتحالف «عاصفة الحزم» أن يشرح المبدأ، فهو استجابة للرئيس اليمني الذي عرض بخطاب وجهه إلى قادة الخليج تداعي الوضع في بلاده واعتداءات ميليشيات الحوثيين على مؤسسات الدولة والأفراد بدعم خارجي، وفرضهم رأيهم على الشعب اليمني بالقوة والتخويف، فكان…
السبت ٢٨ مارس ٢٠١٥
كم حربا خاضتها دول منطقة الشرق الأوسط منذ أتى ملالي إيران إلى الحكم؟ وكم أزمة وفتنة نشبت في المنطقة وحتى حول العالم بسبب أطماع تلك الطغمة الضالة؟ وكم روحا أزهقت، ومدينة دمرت، وشعبا تشرذم، ودولة سقطت في مستنقع التفكك، وثروات أهدرت، منذ صعود تلك الطغمة إلى سدة الحكم في إيران؟ إن رصدا تاريخيا دقيقا لما نتج عنه وجود تلك الطغمة الصفوية منذ حكمها لإيران حتى اليوم، سيظهر للجميع أننا في مواجهة حقبة زمنية تدون في التاريخ الطويل للأمة الإسلامية، على أنها من أكثر الحقب الزمنية، التي لا يقل خطر ما جرى فيها من كوارث وحروب وفتن عما تضمنته سيطرة جذورها الهالكة على أجزاء من الدولة الإسلامية (القرامطة للفترة 900 - 966، الفاطميون للفترة 909-1171، الصفويون للفترة 1501 ــ 1785)، والحروب الصليبية واجتياح التتار والانقسامات الكبرى طوال تاريخ أمتنا الممتد لأكثر من 14 قرنا مضى. إنه وجود سرطاني أفضى إلى إضعاف وتشرذم الأمة، دفعت ثمنا له الملايين من الأرواح، وآلاف المليارات…
السبت ٢٨ مارس ٢٠١٥
إذا كان نجاح الثورة الفرنسية قد أطلق الحرب النابوليونية والحركات القومية وعدداً لا يُحصى من التحولات الكبرى في أوروبا والعالم، فإن فشل الثورات العربية لم يطلق إلا الحروب الإقليمية الضعيفة المعنى، ممزوجة بقدر من العفن تعبر عنه حركات العنف الحاكمة منها والمعارضة. لكن هذا لا ينبغي أن يحجب حقيقة صارخة هي أن النظام الإيراني، الذي ولد من رحم ثورة شعبية جبارة، كان من البداية مصدراً لا ينضب للثورة المضادة في العالم العربي. فلئن اتُهمت أنظمة كثيرة تشتبك اليوم مع إيران بمحاولات استيعاب الثورات أو تدجينها أو حرفها عن أهدافها، ولئن حاولت أنظمة كثيرة في المنطقة أن ترعى الثورات المضادة، بقي أن طهران لم تفوت فرصة للوقوف على رأس المدافعين عن «العالم القديم»، كي تبقى وحدها من يحتكر «الثورة». وهي إنما فعلت ذلك بانتظام ومنهجية افتقر إليهما كل الأنظمة الأخرى على اختلافها. وإذا كان من السهل البرهنة على هذا الافتراض في بلد كسورية، حيث الإيرانيون وتابعوهم هم الذين يسندون نظام البراميل…
الجمعة ٢٧ مارس ٢٠١٥
قبل نحو شهر كتبت مقالة بعنوان: «السعودية والأزمة اليمنية»، مطالباً بضرورة التدخل الخليجي - العربي في اليمن، بعد أن أفسد الحوثيون والرئيس السابق علي عبدالله صالح المبادرة الخليجية، والحوار الوطني، عبر التآمر والدسائس والمراوغة، مستخدمين فرض سياسة الأمر الواقع بالقوة. وليل أمس، قادت السعودية تحالفاً إقليمياً ضخماً لمواجهة الغطرسة الحوثية، بعد أن تضخمت، وأصبحت لا ترى غيرها في اليمن، متجاهلة كل المكوّنات اليمنية، ومستخدمة الأسلحة والقوة الجبرية، والنهب والتعذيب والسجون، وارتكاب الجرائم، واختطاف اليمن وإذلال أهله. العمل العسكري الذي تقوم به دول التحالف السعودي - الخليجي - العربي، هو جزء من تحالف إقليمي - دولي يتوافق مع الشرعية والمعطيات الدولية، وهو بالتأكيد ليس موجهاً ضد اليمنيين، بل لإنقاذ اليمن واستعادته، ورفض منطق القوة والغطرسة والاستقواء الذي يستخدمه الحوثي، وخصوصاً بعد أن كشف عن نيات للاعتداء مجدداً على الحدود السعودية، كما أنه يرسل رسالة قوية إلى حليفته إيران، مفادها الكف عن اللعب بالنار في كل أرض عربية من الآن فصاعداً. ومنذ…