الأربعاء ٢٥ مارس ٢٠١٥
لم يعهد عن النظام الإيراني ترويجه لقياداته العسكرية والأمنية، رغم كثرة الحروب التي انخرط فيها على مدى ثلاثة عقود، وهذا ما يجعل الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في الحرس الثوري، حالة لافتة، نظرا للظهور الإعلامي الخارج عن المألوف، ويسمح به في الوسائل الرسمية الإيرانية، والأخرى العربية المحسوبة على طهران. ومن الواضح أن أهمية الجنرال أبعد من مركزه كقائد لفيلق، حيث يقود حروب إيران الخارجية، السياسية والعسكرية. قد يكون بروزه نتيجة طبيعية لتزايد اعتماد إيران على قوتها العسكرية، بعد أن كانت تتكل بشكل أكبر على دعم وكلائها المحليين، مثل حزب الله وحماس والميليشيات الشيعية العراقية. فقد عُهد إليه بدور كبير في سوريا، وليس مبالغة ما قيل من أنه «لولا النجدة الإيرانية لسقط النظام السوري»، ويقول الأميركيون «إنه من يقود الحرب في سوريا». فقد كان نظام بشار الأسد، بالفعل، يترنح منذ عامين، وحوصرت قواته في كل مكان، ثم عادت إليها الحياة في أعقاب تولي الإيرانيين الكثير من المهام القيادية، وقيامهم بجلب…
الأربعاء ٢٥ مارس ٢٠١٥
من العبث أن نقرأ، أو أن نتابع قراءة ما يحدث في اليمن، على أنه يحدث في اليمن. ومن دون حاجة إلى الدخول في الدراما وتكبير الأشياء، فإن ما نشهده هو درس جديد في العمل أو في النهج السياسي، أو في الأخلاق السياسية، ولو أن السياسة عادة لا قطرة فيها من الأخلاق. احتل الحوثيون صنعاء، ثم تعز، ثم الحُديدة، ثم ركبوا طائرات الدولة اليمنية ليقصفوا بها الرئيس، الذي سجنوه في العاصمة، وأجبروه على الفرار إلى العاصمة الثانية. يفعل الحوثيون ذلك أمام الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، وخصوصا أمام مجلس الأمن والأمم المتحدة. يريدون القول، بكل بساطة، إن هذا زمن جنكيزخان، ومن يُرد مواجهته فليس من أسلوب آخر سوى الثقافة الجنكيزية. ويريدون القول إن هذا هو المستوى السياسي في العالم العربي من الآن فصاعدا. براميل متفجرة في سوريا، و«حشد شعبي في العراق»، ومطاردة الرئاسة قصفا في اليمن. لم يبدأ هذا المستوى الأخلاقي من السياسة في اليمن طبعا. كانت له علامات ومدلولات كثيرة،…
زياد الدريسكاتب سعودي؛ كان سفيراً لبلاده في منظمة اليونسكو
الأربعاء ٢٥ مارس ٢٠١٥
شاعت هذه العلامة الترقيمية (ههههه) في كتابات الجيل الجديد، أو أيضاً في كتابات الجيل القديم في الوسائط الجديدة، للدلالة على أن ما قبلها هو موضع تبسّم! لم تكن هذه الإشارة موجودة ومستخدمة في ما سبق من أزمنة التكاتب، فما الذي فرض الحاجة إليها: هل هو تفاقم صعوبات فهم عند القراء المعاصرين، بحيث لم يعودوا قادرين على فهم مواضع الفكاهة من دون مساندة ولوحات إرشادية؟! أم أنها صعوبات تعبير عند الكتّاب الذين ما عادوا قادرين على إيصال فكرتهم بأسلوب واضح وسلس يمكّن القارئ له من فهم مواضع السخرية والتفاعل معها من دون مساعدة أحد؟! أم أنها خارج نطاق مسؤولية الكاتب أو القارئ، بل هي مسؤولية الإعلام الجديد الذي خلط الحابل بالنابل والساخر بالدامي والمضحك بالمبكي والمبهج بالمقزّز، فاستدعت هذه الاختلاطات الحاجة إلى تمييز أنواع وفئات ما يحويه الخلاّط الإعلامي؟!! وهل ستكون العبارة الساخرة المكتوبة للقارئ بعذرية وعفوية، جالبة للضحك والمسرّة له من تلقاء نفسها، كمثل مفعولها إذا اغتُصبت عبر إلحاقها بـ…
الأربعاء ٢٥ مارس ٢٠١٥
تعصف الأشياء الصغيرة من حولك فتتسلل إليك كل السلبيات التي تصل عبر "واتساب" و"تويتر" و"فيسبوك"... إلخ. لكنها تتضخم في داخلك، إن استسلمت لها. لكنك لست سوى جزء هامشي ضئيل من العالم. لا تملك حلولا ناجعة. وليس صحيحا أن عليك الاهتمام بما يحدث في كل مكان، وأن يكون لك رأي فيه، فبعض الآراء ليست شأنك، فلماذا تشغل نفسك بها أصلا؟ الهدوء في الداخل مهمة تبدو صعبة في بعض الأحيان، لكنها ليست مستحيلة. صعوبة هذا الأمر أن البعض يتفنن في ضخ وتبني الصور والأخبار السلبية، وهو يتفنن أيضا في إفساد الأخبار الإيجابية، إذ إنه يؤمن أن نشر السلبية مهمة حتمية بالنسبة له في الحياة. مثل هؤلاء، من الجيد أن يسعى المرء إلى عزل نفسه عنهم، بحيث إنه يراهم وكأنه لا يراهم، وليس القصد حتما الاحتقار، ولكن الهدف النأي عما يشيعونه من سلبية وسواد. إن أغالب العداء الذي يستحكم بين أفراد مجتمعاتنا، أساسه خلافات على أمور لا تعنينا ولا تمسنا بشكل مباشر. هناك…
الأربعاء ٢٥ مارس ٢٠١٥
«إيران تحسب نفسها قوة عظمى وهي كيان متهالك، إيران تتمدد وتوسع نفوذها وهي لا تعدو أن تكون فقاعة صابون، إيران تنتهج سياسة خرقاء بهذا التوسع والنفوذ وحشر أنفها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، إيران سقطت في الوحل اليمني وستغرق هناك، إيران ستواجه طوفانا داخليا من الثورة الغاضبة». ما بين القوسين مختصر لطروحات عدد من الساسة والمثقفين العرب مبثوثة في تصريحاتهم ومقالاتهم ومقابلاتهم المتلفزة، قد تبدو في الظاهر عبارات مطمئنة ومدغدغة للمشاعر لكنها تحمل في طياتها تثبيطا عن مواجهة الخطر. إن الخطورة على الكيانات والأوطان لا تأتي فقط من سياسة التقاعس وعدم اللحاق بركب الأمم القوية التي أعدت لخصومها ما استطاعت من قوة ومن رباط الصناعات الحربية المتقدمة ما يرهبون به أعداءهم، بل من تقليل حجم الخصم الحقيقي، وهذا يتسبب في تخدير الهمم وخداع العقول وتغشية الأبصار عن التقييم الحقيقي والمنطقي لقوة الخصوم. منذ أن تفجرت ثورة الخميني وأحلامه التوسعية سياسيا وآيديولوجيا وعسكريا واضحة المعالم، نسي العرب حكاية تصدير الثورة الإسلامية…
الثلاثاء ٢٤ مارس ٢٠١٥
تعلمت من حرب لبنان ألاّ أتابع اليوميات التي تضيّع الوقت. أناس يكررون كل يوم ما لا يعرفون، والذين يعرفون، لا نعرفهم ولا نعرف من هم. وكان المعلّقون اللبنانيون، كل يوم وبلا تعب، يطلعون قرّاءهم على مواقف ومخططات أميركا والاتحاد السوفياتي، وتفكير فرنسا وبريطانيا والصين. تابعت أخبار الاتفاق النووي الذائع الصيت من خلال العناوين. يوم تفاؤل، يوم لا. بالتساوي، ومثل لعبة زهرة الأقحوان: بتحبني؟ ما بتحبنيش. ولم أتوقف يوما عند التفاؤل، ولا عند التشاؤم، لأنه لو كان هناك حقيقة في هذا أو ذاك، لما تغيّر بين ساعة وأخرى. ولو كان الفريقان يكنّان أدنى احترام لبقية العالم، لأحجما عن معاملة الآخرين بهذا الازدراء، في مسألة بالغة الخطورة، في جوهرها وفي تفرعاتها وفي انعكاساتها على الوضع العالمي. يتساءل المرء: من نصدّق؟ الجانب الأميركي أم الجانب الإيراني؟ التفاؤل أم التشاؤم؟ والأكثر راحة هو ألا نصدّق كليهما، لأن كليهما لا يخاطبنا، بل يخاطب جمهوره، وكليهما يمهد الطريق لإعلان نهاية الخداع، فما هو شأننا في المسألة؟…
الثلاثاء ٢٤ مارس ٢٠١٥
لم يتوقع رئيس النظام السوري بشار الأسد ومن يخطط له، أن تقتصر عقوبة نزيل البيت الأبيض باراك أوباما ضده، نتيجة استخدامه للسلاح الكيماوي ضد المواطنين السوريين في غوطة دمشق، على الاكتفاء بطلب تسليم سلاحه الكيماوي، مقابل التراجع عن القيام بعملية عسكرية، لم يكن قرار تنفيذها جديا، بعدما تمت إحالتها إلى الكونغرس للتصويت من أجل أخذ الموافقة عليها، لما توانى الأسد في استخدام الكيماوي بشكل كثيف وحاسم ضد شعبه. القبول الدولي بقرار تسليم الأسد سلاحه الكيماوي مقابل إلغاء العمل العسكري ضده، سابقة غير مألوفة في قوانين العدالة الدولية في محاسبة مجرمي الحرب، خصوصا من يرتكبون إبادات جماعية. ولذلك فإن اكتفاء الرئيس الأميركي باراك أوباما ومن معه، ممن يسمى «المجتمع الدولي»، بنزع أداة الجريمة، والتغاضي عن محاسبة المجرم، فتح شهية الأسد، الذي أفلت من العقاب، على استخدام أقصى درجات العنف والقسوة ضد شعبه، وشجعه على ارتكاب المزيد من جرائم الحرب، فأمطر المدن السورية بالبراميل المتفجرة، التي لا يقل خطرها عن خطر الكيماوي.…
الثلاثاء ٢٤ مارس ٢٠١٥
صادف يوم 20 آذار (مارس) الجاري، يوم السعادة العالمي، والذي أقر في الأمم المتحدة في مبادرة من دولة بوتان، وتسعى الأمم المتحدة من هذه الفعالية العالمية إلى تحقيق السعادة بمفهومها الواسع، وأنها جزء أساسي من مفهوم حقوق الإنسان. وقد غطى التقرير 156 بلداً من خلال مقابلات لحوالى 130 ألف شخص في دول البحث، ويركز البحث على معايير السعادة في أوجه عدة، منها قضايا الحرية السياسية والعلاقات الاجتماعية الناجحة في المجتمعات، إضافة إلى معايير الصحة العقلية والجسدية والأمان الوظيفي والأسري ومعدلات الجريمة والفساد في أي مجتمع. وللمعلومية أتت الدول الخليجية في مراتب متقدمة عربياً في هذا التقرير، وتقدمت في مراكزها العالمية من حيث سعادة شعوبها، والمملكة احتلت المركز الخامس عربياً و33 عالمياً، وهذا باعتقادي مركز لا بأس به، ولكن نأمل أن نكون في مركز متقدم في الأعوام المقبلة، وأعتقد بأن قضية الرعاية الصحية لدينا تحتاج إلى الكثير من الاهتمام، حتى تنعكس على سعادتنا، وهذا مطلب بسيط، ويمكن تحقيقه في ظل توافر…
الثلاثاء ٢٤ مارس ٢٠١٥
شكراً لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم العرب)، التي وضعت النقاط على الحروف، فخرجت الكلمات أروع، والعبارات أبلغ، تصدح في أرجاء الوطن العربي. عندما يكون الحديث صادراً عن أم الشيوخ وأم الإماراتيين، فلابد أن يفيض بالحكمة، التي يتوجب أن نفكر فيها ونتأملها، لتكون منهاجاً للعمل، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأم والزوجة والأخت والابنة. وأكدت سمو الشيخة فاطمة أن المرأة الإماراتية تستطيع مواكبة العصر، دون تفريط في خصوصيتها وشخصيتها وهويتها، أو بالتزامها بتعاليم الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية، والمحافظة على العادات والتقاليد. كان هذا رداً لكل من يروّج بغباءٍ سافر وعقلية «مُخبقة»، أن مواكبة العصر بالتحرر من كل سبق.. يشيعون أنّ الهوية الإماراتية والعادات والتقاليد تعيق تقدم ورفعة المرأة، وأنّ الالتزام بالشريعة الإسلامية يقف بالمرصاد لطموح المرأة في وقتنا الحاضر. يا سادة يا كرام، إنّ مواكبة العصر غير مقترنة بتغيير الملابس، وتفصيل العباءات الكاسية العارية، ولا باستيراد الأفكار الغربية غير المتناسبة مع مجتمعنا، وليست بالتحدث باللغة الإنجليزية بدلعٍ، وإهمال اللغة العربية، ولا…
الإثنين ٢٣ مارس ٢٠١٥
لم تعد الرقابة على الإنترنت سرية أو خجولة. ولا تشعر الحكومات بالحرج حين تشهر إجراءات ضبط وتعقب جديدة لمستخدمي المواقع الإلكترونية. نعم، انتهى زمن الشعور بالتردد أو الارتباك لدى إعلان أي سلطة خطط رقابية على الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. من يمكنه أن يجادل حكومة حين تقول إنها تفعل ذلك في سياق إجراءات قمع الإرهاب والعنف. بل كيف تقاوم هذا المنطق حين نجد فعلا كيف يجري استخدام الإنترنت ومواقع التواصل للتخطيط والتجنيد وتنسيق هجمات والدعاية. «الرقابة على مواقع الإنترنت موجودة ومستمرة وهي جزء من استراتيجيات العمل الحكومي». قالها رئيس الحكومة التونسية حبيب الصيد بعد الهجوم الدموي على متحف باردو. وهذا الهجوم هو الامتحان الأقسى لهذا البلد الذي يحمل سمات شبه النجاح الوحيد في بلاد الربيع العربي. فقبل هذا الهجوم كنا نكيل المديح للنجاح التونسي في اجتراح ديمقراطية ما عكس الدول التي انقلب ربيعها إلى مقتلة وفوضى، لكن الهجوم الأخير شكل صفعة قاسية لكل من كان يتمسك بأمل اسمه التجربة التونسية.…
الإثنين ٢٣ مارس ٢٠١٥
مؤلم ذلك المشهد، ومؤلمة أكثر منه، حالة عدم الاكتراث، وعدم احترام المكان والزمان والمعلم، ومؤلم أيضاً رؤية جيل جديد يخطو خطواته نحو الفوضى، لا يأبه بأي شيء، ولا يحترم أية قواعد، ويبعد بعيداً عن مساحة الذوق والأدب والأخلاق. مشهد لطلبة في المرحلة الثانوية، يبدو من ملابسهم وشكل الفصل الدراسي أنهم في مدرسة حكومية، يتفاخر أحدهم بالجلوس على الأرض قرب مقعده الدراسي ليدوخ «الدوخة»، ويفخر بكل سحبة ونفخة دخان وهو ينظر إلى كاميرا الهاتف التي يلتقط بها زميله لقطات له، ثم يبعد «الزوم» أكثر فأكثر، لنكتشف أن الطالب يجلس في فصل دراسي، وفي مقدمة الفصل هناك مدرس يجلس على طاولته! «الدوخة» تغزو المجتمع، وتجتاح الفئات العمرية من 14 عاماً فما فوق، وتنتشر في المدارس، والآن نكتشف أنها موجودة حتى داخل الفصول الدراسية، وأثناء الحصص، وبوجود المعلم، يدخنها الطلبة بكل جرأة، وبشكل طبيعي لا يختلف عن إخراج قلم من «المقلمة»، بل إنها أصبحت أداة عادية من أدوات الدراسة، موجودة في جيوب معظم…
الإثنين ٢٣ مارس ٢٠١٥
ليس مستغربا أن يحاول الثنائي اليمني، الرئيس المعزول والحوثيون، اللحاق بالرئيس الشرعي الذي أفلت من أيديهم، وكانوا يحاصرونه في القصر الرئاسي بالعاصمة صنعاء، وظهوره فجأة في مدينة عدن، وإعلانه عن نقل العاصمة مؤقتا. ربما كان مفاجئا أن يستخدم الطيران العسكري لقصف الرئيس هادي في عدن، فالمسافة بين المدينتين شاسعة (430 كيلومترا). القصف الجوي لم يعطل نشاط الحكومة الشرعية، وأعطاها دعما كبيرا، خاصة في الجنوب الذي لم يكن متحمسا للإبقاء على الوحدة بين الشمال والجنوب. ووفق المتعاملين مع الوضع في عدن، فإنهم يعتقدون أن إفلات هادي من سجانيه الحوثيين، وقيام المتمردين بمحاولة قتله وقصف عدن، منحاه تعاطفا وشعبية كبيرة. هادي قبل ذلك كان يعاني من التشكيك في قدراته القيادية وشعبيته، المتمردون في الشمال والانفصاليون في الجنوب كانوا يشكلون طابورا كبيرا ضده. الآن هادي يمثل المشروع اليمني الوطني، وتعترف به الشرعية الدولية المتمثِّلة في مجلس الأمن، واتفاق مجلس التعاون الخليجي على دعمه. المشهد تغير قليلا؛ بعد أن كانت المواجهة في صنعاء، انتقلت…