الثلاثاء ٣١ مارس ٢٠١٥
مصيبة.. عندما يتوهم الفأر أنه أسد، فيصول ويجول، يستفز يميناً وشمالاً، وينهق متوعداً ومهدداً، يتفرعن على الشعب، ويعتقد أنه الحاكم بأمر الله، ولا حاكم في هذه الأرض سواه، لم ينفع معه الحوار ولا النصح واللين، نسي أنه مجرد فأر قد تم نفخه، ومهما كبر حجمه فلن يعدو أن يكون أكثر من فأر! وعندما لا يجدي الكلام نفعاً، لابد أن يأتي الحزم، ليعرف الفأر حجمه الحقيقي، وليعلم أصحابه ومَنْ يقف خلفه أنه ما كان لعصفورٍ أن ينازل باشقاً إلا لطيشه وخفة عقله. كنت أحد القلقين جداً مما يحدث على الساحة اليمنية في الشهور الماضية، وكان واضحاً جداً أن المؤامرات تحاك عن طريق أطراف داخلية وخارجية، سهلت للحوثيين أن ينتفخوا إلى هذا الحجم، وإعلان انقلابهم على الشرعية، بحجة تصحيح الأوضاع السياسية والداخلية في اليمن الشقيق، ليس ذلك فقط، بل بدأت الاستفزازات تتزايد تجاه المملكة العربية السعودية بدعم خارجي واضح في النهار والليل. لقد جاءت «عاصفة الحزم» لتشفي غليل الشرفاء في اليمن والخليج…
الثلاثاء ٣١ مارس ٢٠١٥
في غضون لحظات استطاعت عملية «عاصفة الحزم» أن تغيّر نمط الإحباطات الذي يهيمن على العالم العربي منذ أعوام، وأن تبرهن وجود قدرات عربية للبدء بمواجهة تحدّي «الخواء الاستراتيجي» العربي الذي أدّى الى دمار أو إضعاف عدد من الدول، مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان. ففي النهاية، كان هناك نوع من الغزو المبرمج لبلدان ومجتمعات عربية، غزو خارجي يستخدم قوىً داخلية ويعرفه الجميع، ويرفضون الاعتراف به، أملاً في تجاوزه، داخلياً أيضاً، ولئلا يصبح واقعاً أو أمراً واقعاً لا مجال لمعالجته سلمياً، ولا حتى للتفكير في تغييره والتخلّص منه. عملية «عاصفة الحزم» هي بداية كان لا بدّ منها، إذاً، وإلا فإن مسلسل التخريب كان في طريقه إلى اختراق آخر منطقة عربية مستقرّة، وهي دول الخليج، ليسود بعده تقاسم دولي - إقليمي للهيمنة على مجمل المنطقة دولاً وشعوباً. وهي بداية لأن هناك الكثير من العمل المطلوب للبناء عليها، أولاً لتأكيد وتثبيت ما بعثته من آمال، وكذلك لاستنهاض كل الطاقات التي كمنت واستكانت في العالم…
الثلاثاء ٣١ مارس ٢٠١٥
القوة والحزم، وما تمثله «عاصفة الحزم»، التي تقودها المملكة؛ لإعادة الشرعية الدستورية في اليمن، قد أفزعت أعداء الأمة العربية والجيوب التابعة لها في منطقتنا العربية، والتي تعيش أزمات متلاحقة منذ بدء ما يسمي «الربيع العربي». دول عربية انهارت، ودخلت تلك الدول في حروب أهلية كما هي الحال في سورية وليبيا، وكادت مصر تنزلق إلى هذا الوضع الخطر لولا وقوف المملكة ودول الخليج العربي مع الشعب المصري، اليمن كان في وضع خطر جداً بعد وصول المظاهرات له ووقفت دول الخليج العربي معه وقدمت مبادرة خليجية وأكدت أن حل الوضع اليمني لا يمكن أن يكون إلا بالحوار الوطني بين جميع مكونات الشعب اليمني، ولكن لم يخرج اليمن، على رغم هذا العمل السياسي الخليجي والمدعوم من القوي الدولية ومن الأمم المتحدة، إلى توافق سياسي يجنبه الانزلاق في حرب أهلية. للأسف أن بعض القوى السياسية اليمنية، وهم جماعة الحوثي وبقايا نظام علي عبدالله صالح فهموا خطأ أن الديبلوماسية الخليجية ضعيفة وغير حاسمة، لذا نجد…
الثلاثاء ٣١ مارس ٢٠١٥
عاد الوفد الإيراني المفاوض إلى لوزان بعد عطلة «النوروز» مطمئنا إلى موقفه وموقعه في المفاوضات مع مجموعة دول 5+1، وخصوصا مع الولايات المتحدة. بالنسبة إلى المفاوض الإيراني فإن الخريطة السياسية الجديدة في المشرق العربي، وسواحل المتوسط التي يسعى إلى إتمام السيطرة عليها، اكتملت أجزاؤها. فرجال الحوثي على أبواب عدن، وحزب الله يحرس ما تبقى من نظام دمشق، أما الجنرال قاسم سليماني، فهو يتحرك بحرية كاملة بين العراق وسوريا ولبنان، وقد وصل إلى حدود الأردن، مستعجلا الانتهاء من رسم حدود الإمبراطورية الجديدة. منت طهران النفس، أنها ستعود من مفاوضاتها النووية منتصرة سياسيا، على الرغم مما ستقدمه من تنازلات تقنية وسيادية، ستعوضها بصك اعتراف دولي، بأنها الشرطي الجديد للمنطقة، بمباركة أميركية، لن يتجرأ أحد على الطعن بها أو الاعتراض عليها، وقد تهيأت لذلك عبر سلسلة من التصريحات، لمسؤولين رسميين في النظام والدولة، وصلت في فجاجتها إلى مستوى مطالبة دول المنطقة وشعوبها، بمبايعتها والاعتراف بأدوار عامليها، الذين من خلالهم طوعت إرادة الشعوب، وهددت…
الإثنين ٣٠ مارس ٢٠١٥
بعد الإطاحة بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح، زرتُ اليمن مرتين، آخرهما قبل 3 أشهر. في الزيارتين كثيرا ما استوقفتني تلك الصور الممزقة للرئيس السابق التي كانت تملأ صنعاء، لكنها بعد سقوطه بهت لونها وتآكلت أجزاء منها. مرت أشهر على سقوطه، وبقيت الصور تعاند الاهتراء الكلي، فيجد المتجول في حارات صنعاء القديمة كثيرا منها متناثرا هنا وهناك. تشبه الصور حال صاحبها تماما، وتشبه علاقتها بالجدران التي لا تزال ملتصقة بها علاقة اليمنيين بإرث هذا الرئيس الذي حكمهم لثلاثة وثلاثين عاما. فليس مجازا القول إن تلك الصور الممزقة تشبه هذه الحقبة الطويلة والقاسية من تاريخ اليمن، التي ترفض الزوال تماما. وليس افتراء أبدا القول إن اللحظة الخطرة التي يعيشها اليمن يتحمل فيها علي عبد الله صالح مسؤولية أولى ومؤسسة قبل الحديث عن مسؤوليات الآخرين. بقي صالح في اليمن بعد سقوطه عام 2011. قضت التسوية ببقائه فلم يُحاكم، واستمر ممارسا السياسة والأمن، وكثف من حضوره الإعلامي ونشاطه، ودأب على إطلاق مواقف ناقدة…
الإثنين ٣٠ مارس ٢٠١٥
يخطئ من يتصور أن اتخاذ قرار الحرب أمر هين، ولكنه في الحالة اليمنية يأتي استجابة لمطلب حكومة وشعب اليمن. وقد كانت قمة شرم الشيخ، فرصة لسماع الأصوات العربية، التي أكدت أن استعادة اليمن العربي والحفاظ عليه مسألة لا تقبل التراخي. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز واضحا خلال خطابه أمام الزعماء العرب، إذ عبر عن آماله " أن يعود من تمرد على الشرعية إلى صوت العقل، والكف عن الاستقواء بالقوى الخارجية، والعبث بأمن الشعب اليمني العزيز، والتوقف عن الترويج للطائفية وزرع بذور الإرهاب". هذه الكلمة جاءت لتلخص معاناة اليمن والشعوب المجاورة من الحالة اليمنية التي يتنازعها غلو الحوثيين وتطرف "القاعدة" وتغول "داعش" وتدخلات إيران وسواها. لقد تم تحريض الحوثيين وقوى محلية أخرى من أجل الخروج على الشرعية. ومن الغريب أن الهول أصاب أصواتا موالية لطهران، فحاولت تغيير الحقائق والزعم أن دعم الشرعية تدخل. ولكنها وهي تطرح هذا المنطق الهش لا ترى في تحريض الحوثيين على التفرد بالسلطة وتسليحهم…
الإثنين ٣٠ مارس ٢٠١٥
من حضر القمة العربية الـ26 التي أنهت أعمالها بالأمس في شرم الشيخ في مصر، واستمع إلى كلمات القادة فيها وتجول في أروقة قاعات المؤتمر، ونظر إلى وجوه المشاركين والحضور سيشعر بشيء مختلف، وبأن شيئاً قد تغير في هذه المنطقة، وأن أشياء تتغير. روح هذه القمة فيها شيء مختلف مزيج من التفاؤل والريبة.. وكثير من الإيجابية ومن الرغبة في إثبات أن الأمور قد تغيرت... بعض العرب متحمس للتغيير، للتقدم إلى الأمام، للفعل بدل انتظار رد الفعل، البعض الآخر من العرب لا يزال يعيش الريبة والشك، ولا يؤمن بقدرته على فعل شيء، أو أي شيء! وهذا متوقع في ظل سنوات من التشرذم العربي، لكن كل شيء قابل للتغير والإصلاح. بلا شك أن ما جعل قمة العرب في 2015 مختلفة هو أنها جاءت بعد عملية «عاصفة الحزم» من أجل إعادة الشرعية لليمن، وجاءت في وقت لم يكن أحد في العالم العربي أو خارجه يعتقد أن العرب يمكن أن يتخذوا قراراً بهذا الحجم، وأن…
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
«عاصفة الحزم» واضحة الأهداف، لا أجندات خفيّة، ولا ممارسات توسعية سرية وظلامية، ولا أطماع في توسع أو أرض أو ثروة. دول مجلس التعاون لا تريد ذلك من اليمن، ولا غير اليمن، ولا تطمع من وراء التحرك العسكري إلا في تحقيق أهداف واضحة معلنة، أيدتها فيها الدول العربية، ومعظم دول العالم والمنظمات الدولية. إفشال انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية اليمنية، والعودة إلى المسار السياسي المتفق عليه دولياً، والمستند إلى الشرعية والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار اليمني، هذه أهداف واضحة لـ«عاصفة الحزم» الخليجية العربية، وذلك بعد أن استبد الحوثيون وتمادوا في استخدام العنف والاحتكام إلى شريعة الغاب والبنادق، ومحاولة السيطرة بشكل كامل على اليمن، وإلغاء الشرعية، والانقلاب على السلطة. ولا يخفى على أحد سبب آخر مباشر لردة الفعل الخليجية، هو إيقاف التغلغل والعبث والتوسع والهيمنة الإيرانية المتعطشة لإنهاك الجسد العربي والنخر في كل أطرافه، لقد سيطرت إيران شمالاً، وامتد نفوذها ليجتاح العراق وسورية ولبنان، ما شجعها على تكرار التجربة في جنوب…
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
أي كلمات ترسم اليوم حجم العذاب السوري، في الذكرى الرابعة للثورة؟ وما جدوى أي كلمة أو مقال أو خطاب، في حضور هذا الكم الهائل من الدم والموت والدمار والتشرد والأيتام والثكالى.. والآمال المحطمة؟ خطوتان في اعتقادي أقدم عليهما النظام، أوقعتا بالثورة كل هذا الضياع والدمار. الأولى، إجبار المتظاهرين وجر المعارضين بالعنف والقتل، للجوء إلى السلاح وترك النضال السلمي لتحقيق أهداف التغيير. والثانية، خلق الأصوليات المتوحشة والجماعات «الجهادية» الدموية الموغلة في العنف وفي سحق آدمية الإنسان، وعلى رأسها «داعش». الخطوة الأولى، أفسحت للنظام المجال ليجرب مع المعترضين والمتظاهرين والمدن المتمردة والقرى المتهمة بالاعتراض، أبشع أسلحة الدمار. والثانية، غمرت الساحة بقوى مغرقة في الدم والإجرام وجز الرقاب، ومدعومة بخبرة أجهزة حزب «البعث» في العراق وسوريا وتنظيمات الإرهاب الدولية، فجعلت العالم ينصرف عن عنف النظام إلى عنف خالص لا نظام فيه، وجريمة خالية من أي قانون أو رحمة. كانت حصيلة السنوات الأربع، كما جاء في الصحف في مارس 2015، مقتل 210 آلاف شخص،…
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
مشهور بين الناس كثيرا أمر (حزب الفضول) الذي سأتطرق إليه لاحقا، غير أن حزبا ـ حلفا أو هيئة إصلاحية ـ آخر مهما سبقه لنفس الغرض، وهو نصرة المظلوم، وردع الظالم، لا بد أن أستفتح به مقالي.. الحزب الذي أقصده هو (حزب الْمُطَيّبِين)، الذي تأسس بسبب فريق من (قريش) أجمع على أن يأخذ من (بني عبدالدار) مجموعة أعمال شريفة هي: (الحجابة) ـ خدمة الكعبة ـ ، و(اللواء) ـ حمل راية الحرب ـ، و(السقاية) ـ سقي الحجيج ـ، فاستنصر بنو عبدالدار أصحابَ النخوة، فأخرج بنو عبدمناف قصعة مملوءة طيبًا، ثم غمسوا أيديهم فيها، وتعاقدوا، وتعاهدوا، على نصرة بني عبدالدار، والمظلومين من بعدهم، ثم طيبوا الكعبة المشرفة بأيديهم توكيدا على أنفسهم، ـ من هنا جاءت تسمية الحلف ـ ، وتم الصلح والاتفاق على أن تكون الرفادة والسقاية لبني عبدمناف، وأن تستقر الحجابة واللواء والندوة في بني عبدالدار.. أما الحزب الثاني ـ التالي ـ فهو (حزب الفضول)، الذي تميز بشهوده صلى الله عليه وسلم،…
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
إذا أردت أن تعرف وقع «عاصفة الحزم» في اليمن على من فوجئوا بها ويتخوفون منها، ومما يمكن أن تقود إليه، وما يمكن أن يتحقق بسببها في المنطقة فاستمع (لا تقرأ فقط) إلى ما قاله الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني، حسن نصرالله، مساء الجمعة الماضية. لا تنبع دلالة ما قاله من أهميته هو، وإنما مما يمثله كذراع إيرانية في المنطقة، وكمتحدث باسم النظام الإيراني في الشام. ثلاثة ملامح في كلمة نصرالله تعكس هذه الدلالة. الملمح الأول أن الكلمة جاءت سريعة، في اليوم الثاني من بدء العاصفة، وأن هذه العملية كانت الموضوع الوحيد لها. الملمح الثاني كان الحالة النفسية التي سيطرت على نصرالله وهو يلقي كلمته. منذ بدايتها كان يغالب بلسانه تجمع الزبد بين شفتيه، ما اضطره أكثر من مرة إلى تناول كأس الماء لـ «مقاومة وممانعة» جفاف في حلقه كان يفرض نفسه عليه. لم يحدث هذا من قبل في كل خطابات نصرالله، وهي خطابات كثيرة. أما الملمح الثالث، والأهم، فهو…
مصطفى النعمانكاتب وسياسي يمني عمل سفيراً لليمن في عدة عواصم كان آخرها مدريد
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
لا أشك لحظة واحدة أن قرار قادة دول مجلس التعاون المشاركة في «عاصفة الحزم» كان أقسى ما أجبروا على تجرعه، ليس لصعوبة تنفيذه، ولكن لأنهم يدركون أن السلاح العربي لا يجوز استخدامه في عمليات عسكرية داخل بلد عربي، والمؤكد أيضا أن حساباتهم قرأت - وإنْ متأخرا - تعاظم الخطر القادم من وراء حدود المنطقة حتى أصبح خطرا داهما يتهدد جوار اليمن، كما أن استمرار الطفولة السياسية للحوثيين مقرونة بالقوة والغرور لم يبق للمجلس خيارات مفتوحة كثيرة. وكم كان غريبا أن يقرر «السيد» إجراء مناورات على الحدود السعودية، فالمشارك فيها ليس جيشا نظاميا، وإجراؤها في تلك اللحظة برهان إضافي على قلة التدبير والافتقار إلى الحكمة وعدم الإدراك لتبعات هذه الأعمال الاستفزازية. توجهت ميليشيات الحوثيين صوب تعز محتقرة رغبات الناس فيها بل توسلاتهم المتكررة بإبعاد مدينتهم، التي لا تعرف السلاح ولا تستخدمه، عن الصلف وعدم إقحامها في أتون معارك لا طائل من ورائها إلا جلب المزيد من الفرقة والحزن والوهن وقسوة العيش،…