الإثنين ٠١ ديسمبر ٢٠١٤
بالنسبة إلى العرب تبقى دولة الإمارات العربية المتحدة التجربة الاتحادية الوحيدة التي أصبحت صنواً للنجاح والتماسك والفاعلية، وبالنسبة إلى كثيرين في العالم، حكومات ومؤسسات وأفراداً، بات اسم الإمارات عنواناً مألوفاً للعديد من رموز المعاصرة والحداثة: التنمية، الاستقرار، والانفتاح. ورغم سخونة موقعها الجيوسياسي والاضطرابات القريبة منه، لم تتوقف الإمارات عن إكمال مسيرتها خطوةً خطوة، ومشاريع تلو مشاريع، مؤكدة بذلك جملة من المبادئ: السلمية الأصيلة المربكة لأي خصوم، الوسطية التلقائية المحصّنة من أي غلو، التنمية المستدامة التي تتلمسها فئات المجتمع كافةً في الداخل، والاستعداد الإيجابي للتعاون مع الخارج في كل ما يخدم أهداف السلم العالمي. البلد الذي يستطيع أن يعيش الفكرة والصورة اللتين يريدهما لنفسه، هو بلا شك بلد محظوظ جداً بمقاييس هذه الأيام، ولكي يتأمن له ذلك لابد من تضافر عناصر عدة، أبرزها: حكم رشيد تملك قيادته رؤية لمسار البلد، وشعب تتماهى طموحاته مع تلك الرؤية التي لا تنفك تفاجئ نفسها بل تتخطاها. ولا يختلف اثنان على الروح المستقبلية الفذة التي…
الإثنين ٠١ ديسمبر ٢٠١٤
الواقع أننا نحن العرب مجرد رقم هامشي أو مجرد مستهلك لمعظم مقومات المدنية الحديثة، وهذا نتاج كوننا لم نسهم في إبداع وخلق أسس هذه المدنية، وعليه وجب دائماً وبداية أن نعود للمبدع الأول أو للصانع الأساس لنتعلم منه ونحتذي نهجه، ثم لاحقاً يمكننا أن نضيف إلى ذلك شيئا من هويتنا أو ذائقتنا أو خصوصيتنا. أقول هذا الكلام توطئة للدخول في جدلية وجدارة الدعوة للسعودة التي تخرج رأسها كلما دار الحديث عن البطالة والعطالة بين شبابنا. وأنا هنا لو قلت رأيي بوضوح فإنني كمن يفتح على نفسه عش الدبابير، لكنني رغم كل شيء سأقول بوضوح وصراحة لا أداهن فيها: إنني ضد هذه الشوفينية المستعرة، وإنني مع أحقية المواطن المقتدر بالوظيفة، لكن الاقتدار لا يتوفر للجميع إلا بالتدريب والمحاكاة وهذه لا يقدمها ولا يتقنها إلا أولئك السابقون في مدارج التنمية والمدنية، وهم في الأعم الأغلب من غير السعوديين بل ومن غير العرب، وهذا هو الذي يعزز عندي الحاجه إلى إيكال كثير من…
الإثنين ٠١ ديسمبر ٢٠١٤
أعتقد أن الهاجس الأول للمواطن السعودي هو الفرق بين الصرف الهائل على التنمية، وهزالة المخرجات الحقيقية للتنمية على المستوى المعيشي. إذا كان الهاجس الأول هو هذا، فإن الهم الأول للمواطن هو الحصول على السكن الملائم، بما يحفظ كرامته وأسرته وصحته وراحته النفسية. هذا الهم يتشارك فيه على الأقل ثلاثة أرباع المواطنين السعوديين. الحديث عن الهاجس الأول والهم الأول للمواطن السعودي هو أهم قضية ويجب البحث فيه مراراً وتكراراً حتى يوجد الحل، كما أن البحث فيه يقود حتماً إلى الحديث عن الفساد المستشري الذي يعقّد الأمور ويجعلها مستعصية على الحلول رغم توفر السيولة المالية، على الأقل حتى الآن. الاستعصاء على الحلول سببه الأول والوحيد هو استعصاء رموز الفساد الكبار على التوقيف أمام القضاء الشرعي للمساءلة وإنزال العقوبة المستحقة واسترداد المسروقات. أصبحت كلمة «رموز الفساد» أكثر كلمة متداولة في المجالس السعودية. المشكلة هي بقاء رموز الفساد بدون أسماء، وفي وضع يشبه وضع نائب الفاعل والمبني للمجهول في اللغة العربية. تعلمنا في الابتدائية…
الإثنين ٠١ ديسمبر ٢٠١٤
لطالما ظلت التجربة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة مثالاً ونموذجاً لأولئك الباحثين عن التجارب الاتحادية الناجحة في المنطقة. وبات المنظرون والمفكرون يتخذون من هذه التجربة مقياساً ومؤشراً في دراستهم للتجارب الوحدوية الأخرى. ونحن بدورنا وفي خضم احتفالاتنا بعيدنا الوطني الثالث والأربعين يتوجب علينا أن نعود من جديد وننظر إلى تجربتنا الاتحادية لنستخلص منها تلك العوامل التي أسهمت في تدعيم ذلك الاتحاد وديمومته الممزوجة بالتطور في جميع المجالات. ولعل أولى تلك العوامل التي أسهمت بداية في ظهور هذا الاتحاد بعد توفيق الله ورحمته لهذا الشعب هو وجود شخصية ذات توجهات وحدوية لديها إيمان راسخ بأهمية الوحدة والاتحاد، إنه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي يقول عن الاتحاد «إن الأصل هو الوحدة، أما التجزئة فهي الاستثناء المؤقت وغير الدائم»، وبالتالي فـ«الاتحاد هو طريق القوة وطريق العزة والمنعة والخير المشترك». العامل الثاني هو وجود قناعة ودعم من قبل المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن…
الإثنين ٠١ ديسمبر ٢٠١٤
غريبة خريطة «هذه» الطريق: إيران تسعى إلى العودة إلى الإمبراطورية الفارسية وأيام داريوس الكبير، وتركيا تسعى إلى العودة إلى أيام الإمبراطورية العثمانية والسلطان سليم والسلطان سليمان «القانوني». والمتطرفون يريدون العودة إلى العصر الحجري. والشعب العربي وحده خارج من بلدانه تاركا أرضه، لا يعرف أي قنابل يرد وأي خناجر يتقي، بعدما انتقلنا من عذر خناجر الصدور. لم نعد أكثر من موضوع على جدول أعمال. استقالت مفوضة اللاجئين في الأمم المتحدة، لأن المسألة أصبحت أكبر منها ومن الأمم: نصف الشعب السوري في حاجة إلى مأوى وطعام ومياه وكل شيء بشري مُتخيّل. والدكتور وليد المعلم، يُبشّر من موسكو، أنه «لا بدّ من وضع آلية للتفاوض». «آلية» لماذا؟ للتفاوض؟ على ماذا يا دكتور؟ السيدة أموس تقول إن نصف الشعب السوري في عراء الحياة والأرض. ونصف سوريا يقال إنه برلين 1945. وثلث سوريا في كنف الكهوف. ومعاليك تتحدث عن «آلية». وهذه الأسرة الدولية وصِيتُها المعروف تتحدث عن العودة إلى جنيف واحد. أي من الصفر. وفي…
الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤
استحالت ساحات مواقع "التناحر " الإجتماعي في عالمنا العربي منذ يومين الى "ساحة الفنا " ؛ فتلك التي تترحم على الفنانة اللبنانية الراحلة "صباح" والآخر الذي يكفرها لمجرد وجهة نظره التي تستقي من أن الرحمة لا تجوز إلا على المسلم ! لم يكتف القدر بنا لكشف الطاغوت الذي نحصره في صدورنا ؛ حتى ارتحل الشاعر اللبناني سعيد عقل عن عمر ١٠٢ عاما بعد ارتحال الصبوحة بيومٍ واحد ؛ قرابة التسعون عاما التي أوسعها شعرا وأدبا واصطفته فيروز حين غنت له قصائد لا يمكن أبدا وصفها إلا بقطعٍ من الفن ؛ ارتحاله كشف للذين اكتفوا بشعره عن مواقفه السياسية بمعرفة موقفه من الفلسطينين وحرب جنوب لبنان وتأييده العدو الصهيوني ذات نرجسية يبدو أنها عبرت بالرجل وازاحته تماماً من الإنسانية وحتى المنطقية ! شتائم ودعاء رصف عالم إلالكترون ووثائق وأدلة ترصد تصريحاته حول صبرا وشاتيلا ؛ وبين المنابر أو حتى " المناحر" ومرات "الطناجر " التي كانت تتداول وسم #سعيد_عقل ترى العجب…
الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤
أرسل لي صديق تجربة جميلة خاضها العام الماضي مع أبناء عمومته. يقول الأخ سامي في رسالته إنه كان يلاحظ غياب الكثير من أقاربه الأيتام، الذين فقدوا آباءهم، من المناسبات الاجتماعية. وحزن عندما شاهد بعضهم يفتقد أبسط المهارات الاجتماعية، إثر عدم خروجهم من المنزل كثيرا وانطوائهم. فقرر أن يستلهم من الهدي النبوي: "خيركم خيركم لأهله" مبادرة يحسن فيها سلوك أقاربه الأيتام. جمع أربعة شباب في عقدهم الثالث من أسرته وطلب منهم أن يقيموا بالتناوب برنامجا أسبوعيا لأطفال الأسرة الأيتام وغيرهم؛ حتى لا تشعر الشريحة المستهدفة بأي شعور بالنقص. وكذلك ليتداخلوا مع بقية أبناء عمومتهم. وضعوا جدولا لشهرين مقبلين. في الأسبوع الأول استأجروا استراحة واحتفلوا بالمتفوقين. الأسبوع الثاني أقاموا في الاستراحة نفسها مسابقة لتلخيص كتاب، والفائز يحصل على قسيمة شراء من متجر لبيع الإلكترونيات. الأسبوع الثالث حضروا مباراة كرة قدم مع بعض. الأسبوع الذي يليه جلبوا مدربا للخط العربي لتدريب الصغار على تحسين خطوطهم. سمع القاصي والداني في عائلتهم عن هذا المشروع؛…
الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤
بعد جلسة مطولة مع متخصصين في مرض اضطراب الهوية الجنسية، الذي أفردت عنه مقالا كاملا قبل ثلاثة أشهر، وعنوانه "المضطربون جنسيا ليسوا شواذا"، وصل الحضور من شرعيين وأطباء إلى أن مفتاح مصير المرضى بهذا المرض عند الأطباء النفسيين، فهم من يقرر بداية أن دعاوى المضطربين صادقة، أو غير ذلك، ثم انتهى الشرعيون إلى سؤال في غاية الأهمية وهو: هل يعتد بالأمور النفسية في الأحكام الشرعية؟.. الحقيقة أنه راق لي جدا السؤال المُنتهى إليه في الجلسة، وبشكل استباقي أخذت أخطط للكتابة عنه، ليستعان به مستقبلا، وزادت قناعتي في أهمية أن يتناول الفقهاء المعاصرون هذا الأمر بصورة أكثر توسعا، لا سيما أن الفقهاء المتقدمين لم يذكروا المرض النفسي في مؤلفاتهم القديمة، إنما عرضوا للمجنون، والمعتوه، والصغير غير المميز، والسكران، والغضبان، والمكره، وكلها وإن كانت أمورا نفسية، لكنها ليست من الأمراض النفسية.. لا شك أن الكل متفق على أن الإنسان متكون من أعضاء ومشاعر، وهذه الأخيرة كما تقدم معنا مفتاحها عند الأطباء في…
الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤
ما هي علمنة الوعي؟ إذا كانت العلمانية (بفتح العين والميم وتسكين اللام) تشير إلى الحياة الدنيا بدلالتها الشاملة، تصبح العلمنة هي عملية الوعي بالقوانين والنواميس التي تحكم الحياة الدنيا (الطبيعة والإنسان والمجتمع والتاريخ)، وضرورة الاعتراف بها وبإكراهاتها، وبالتالي التعامل معها بما يحقق مصلحة الإنسان والمجتمع. لكن عملية الوعي هذه ليست بالسهولة والبساطة التي يوحي بها هذا التعريف. على العكس، علمنة الوعي هي عملية ثقافية اجتماعية سياسية طويلة ومتدرجة، مرت وتمر بصعوبات ومعوقات متعددة، منها ما يتعلق بدرجة التعليم والوعي، ومنها ما يتعلق بهيمنة أيديولوجيا، دينية أو غيرها، أو بحال سياسية تعرقل، أو تشجع صيرورة هذا الوعي. والحقيقة أن علمنة الوعي بهذا المعنى هي في مقابل الوعي الديني، بما في ذلك الوعي المذهبي، عندما يتخذ صيغة أيديولوجية شاملة تهدف إلى السيطرة على الوعي الإنساني، والتضييق عليه ليصبح في حال ارتياب من فكرة العلمنة. ظاهرة العنصرية التي عرفتها الولايات المتحدة حتى ستينات القرن الماضي، وجنوب أفريقيا حتى أواخر القرن ذاته، كانت تستند…
الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤
الذي يدفعني إلى كتابة هذا الموضوع، هو الشعور العظيم بالسعادة والفخر بنجاح قيادات سعودية للإعلام السعودي، والذي بدأ منذ ثلاثة عقود تقريباً، بتأسيس صحيفة «الشرق الأوسط» وشقيقاتها، مروراً باستحواذ المال السعودي على صحيفة «الحياة» المرموقة، والتطور الذي تحقق لها، ثم تأسيس مجموعة «إم بي سي»، ومجموعة روتانا. ومما يؤسف له، أن معظم هذه القيادات والنجاحات التي تحققت تحت أيديهم، ربما لم تكن لتتحقق لولا وجود هذه المؤسسات خارج الوطن، ولكن تلك قصة أخرى لن أتناولها اليوم. بالأمس غادر الإعلام قيادي متفرغ، وأحد أبرز فرسان الإعلام السعودي - وأقصد عبدالرحمن الراشد - محطة «العربية» الإخبارية، مأسوفاً عليه من الكثيرين، بعد عقد من الزمن استطاع خلاله، على رغم المنافسة الشريفة وغير الشريفة بواسطة بعض المحطات الأخرى، وضع هذه القناة على رأس القنوات الإخبارية العربية، مصدراً موثوقاً به لوكالات الأنباء والمحطات الإخبارية العالمية. نعم نجحنا في مجال الصحف - كما أشرت - لكن من كان يتخيل أن تؤسس رؤوس الأموال السعودية قناة إخبارية…
مصطفى النعمانكاتب وسياسي يمني عمل سفيراً لليمن في عدة عواصم كان آخرها مدريد
الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤
صار من المؤكد أن يأتي فبراير (شباط) 2015 واليمن يواصل العيش تحت شعار المرحلة الانتقالية التي كان من المفترض أن تنتهي في فبراير 2014 لولا إصرار البعض على مواصلة العبث وإرباك العملية السياسية في مراحلها الأولى، وانهماك الأحزاب بتثبيت حصصها في الحكم. وساهم جمال بنعمر، مبعوث الأمم المتحدة، في مسايرتها والاندماج في دوره الأممي والاستمتاع بمزاياه، وكرر استخدام عبارته الأثيرة والمحببة «العملية السياسية مهددة بالانهيار»، وبرع في إيجاد كل مبررات تمديد مهمته عبر السعي للتمديد لكل الهيئات القائمة تحت عنوان «المرحلة الانتقالية ليست محددة بفترة زمنية، ولكن بمهام يجب الانتهاء منها». أنا لا أوجه انتقادا لرغبته مواصلة زياراته إلى اليمن، والتي بلغت حسب ما يصرح به أكثر من خمس وثلاثين رحلة مع مرافقيه، وهي على ما أعتقد، واحدة من أطول مهام مبعوث للأمم المتحدة إلى بلد لم يكن يواجه خطر حرب أهلية تحتاج معه إلى هذا الجهد والزمن، لأن هذا التصنيف لم يكن حينها ينطبق على الحالة اليمنية التي كانت…
د. خليفة علي السويديــ عضو هيئة التدريس بكلية التربية ـ جامعة الإمارات
ــ حاصل على الدكتوراة من جامعة جنوبي كاليفورنيا و الماجستير من جامعة جورج واشنطن
ــ عميد سابق لوحدة المتطلبات في جامعة الإمارات ووكيل لكية التربية
ــ من أبرز كتبه: المنهاج و أراء في التربية
الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤
يحتفل وطني الغالي هذا الأسبوع بذكرى التأسيس وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة التي غرس أركانها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات من الجيل المؤسس، جيل من القادة تنازلوا عن أحلامهم الشخصية كي يكون لهم حلم واحد وهو قيام دولة الإمارات، فكان لهم ما توقعوا. وها هي السنون تمر سراعاً، ونطوي 43 عاماً من الإنجازات، هذا العمر عند غيرنا يمثل مرحلة الطفولة التي تتعلم فيها الدول الحبو قبل المشي، لكن عند قادة الإمارات نحن اليوم في مرحلة الرشد الذي تظهر علاماته في إنجازاته. فمن يزور دولة الإمارات، ويقارن صور الماضي القريب بما تحقق اليوم يعرف أننا في وطن حرق مراحل التنمية المتعارف عليها عند غيرنا، فإن قارنت الإمارات بدول تأسست في فترة متقاربة معنا، تجد أنهم ما زالوا في مرحلة الحبو، ولو قارنت الامارات ببعض الدول العربية التي قامت قبلنا لرأيت أنهم تحولوا إلى شيخوخة مبكرة بها أعراض الخرف الحضاري بشقيه المعنوي والمادي، بينما تسطع شمس…