الثلاثاء ١١ نوفمبر ٢٠١٤
سيمر وقت طويل قبل أن ينسى السعوديون جريمة الدالوة. لقد اختلفنا كثيرا وبحثنا عن كل المبررات الممكنة كي نرمي بعضنا بقلة العقل أو قلة الدين أو قلة العلم، وكل ما يستدعي الكراهية والتنافر. لكننا لم نتخيل أن تلك الجهالات ستفضي إلى مذبحة علنية كالتي جرت في الدالوة. خسرنا في هذه الحادثة الأليمة 12 مواطنا. وهذا ليس سوى الدفعة الأولى من تكلفة باهظة سنضطر إلى تحملها ما لم نعمل سويا على لجم السفه المذهبي الذي أوصلنا إلى الفجيعة. ربما نرمي الخارج بالمسؤولية عما جرى، لكن هذا لن يعالج علتنا. ربما نرمي تجار التغرير والفتن، لكن هذا لن يمنع تكرار الجريمة. ربما نجلد ذواتنا بالسياط، لكن هذا لن يغير المسار الذي أوصلنا إلى شواطئ نهر الدم. الذي يعالج العلة ويمنع تكرار الجريمة ويوقف الانزلاق إلى مستنقع الفتنة هو استراتيجية شاملة لتعزيز الوحدة الوطنية وتجريم دواعي الفتنة وأسبابها وكل ممارسة يمكن أن تشعلها أو تصب الزيت على نارها. خلال الأيام الماضية أعاد كثير…
الثلاثاء ١١ نوفمبر ٢٠١٤
لم يطلب منهم أحدٌ أن يتدخلوا في حياة «بوسلوم»! كان بوسلوم يعيش حياته مرتاحاً وسعيداً على هامش الحياة كأي موظف بسيط وتقليدي، إلى أن هبت رياح الإبداع والنجاح على الجميع فجأة، صديقه الضابط يقول له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك فتقفز في السلم الوظيفي ويحسّ كتفاك بوزن النجوم عليهما؟! صديقه المدرّس يقول له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك وتعود إلى قريتك في مدرسة محترمة، وتريح ظهرك من وجع «ضرب الخطوط»؟! صديقه الإداري يقول له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك وتريح رأسك من مراجعي الكاونترات وقرف الزحمة في الصالات؟! أهل بيته يقولون له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك فيزداد معاشك وتملأ بطنك بأطايب الطعام الإيطالي في زيارتك الصيفية لها، وهكذا، فإن كل طرف من أطراف المجتمع كان يضغط على بوسلوم بجزء حميم من جسده، فأحدهم يذكره بكتفيه والآخر بظهره والآخر ببطنه ورأسه ورجليه! لم يطلب منهم أحد أن يتدخلوا في حياة «بوسلوم»! ورغم ذلك، فقد فعلوا حرصاً…
الثلاثاء ١١ نوفمبر ٢٠١٤
بعد كل حادثة لدينا تخرج كلمة "مثيرو الفتنة"، تُستخدم هذه الكلمة المواربة؛ لتشير بشكل قد يضيق، فتعني بوضوح أشخاصا نفذوا عملا تخريبيا، كحادثة الأحساء مؤخرا، وقد تتسع حتى تدخل فيها شخصيات ذات ثقل ووزن وجماهيرية، دون إدانة أو إجراء تصحيح جاد للخطاب، ولنفترض مثلا أن هناك ستة أسئلة أساسية، يمكن من خلالها رسم تلك الشخصية التي صنعت وتصنع "الفتنة"، ومن حين لآخر تحاول أن تثير المجتمع ضد نفسه، وضد بعضه البعض، وهي أسئلة بسيطة، جميعها تبدأ بـ"من؟"، وتنتهي بـ"لماذا؟"، وما دام أنه ليس هناك عمل كاف وحازم لتغيير الأفكار، فهي بلا ترتيب من حيث الأهمية: - من الذين يقفون ضد أي عملية تطوير في قطاع التعليم؟ ولماذا؟ - من الذين يناهضون برنامج الابتعاث ولا يتركون فرصة ولا حادثة إلا ويحاولون استغلالها لتعطيله؟ ولماذا؟ - من هم الذين يستعدون وجود وحقوق آخرين غيرهم "مذهبيا، أو فكريا" في الوطن؟ ولماذا؟ - من الذين يغضبهم أي قرار يصب في توسيع حقوق المرأة وتعليمها…
الثلاثاء ١١ نوفمبر ٢٠١٤
... وفعلهم كذلك. هم صخب الطلاب في الفسحة إلى أن تسكتهم صفارة المعلم، فيتبخّرون مثل فقّاعة صابون. لا أعرف سبب اعتقال محمد العريفي، لكن ملايينه الـ 10 ذابوا كأنهم سراب، حتى ليشك المرء في اعتقاله، لأن الصبيّ حمزة كشغري نال اهتماماً يفوقه مراراً، بل إن نجوم الصحوة، على رغم ضجيجهم، صمتوا كأنما تلبّستهم حال البيات، أو كأن العريفي من سكان بورتويكو. لا لومَ على «تابعي» العريفي، لأنهم قد يكونون حسابات وهمية تدار مركزياً، فلما وجدت صاحبها اختفى شلّها الصمت، لكن ما سبب سكوت الأصوات الفعلية التي كانت ترفع النبرة عالياً وتهدّد بالويل والثبور وتتفاخر بكثرة الإعادات لتغريداتها؟ ألا تثق بقوة تأثيرها وحضورها وتراهن على سطوتها أم أن الوهم واحد؟ قبل انتخاب السيسي رئيساً لمصر، ابتكر «الإخوان» وسماً بذيئاً ضده، قالوا إن التغريدات فيه جاوزت البليون، لكن المصريين انتخبوا السيسي وهاهو يمضي بمصر في طريقها من دون منغّصات سوى عمليّات جبانة، مثل حرق محوّلات الكهرباء أو محاولات تفجير محطّات «المترو»، بينما…
الثلاثاء ١١ نوفمبر ٢٠١٤
الحادثة الإرهابية التي استهدفت مواطنين أمنيين في منطقة الأحساء من قلة تدَّعي الإسلام قد أصاب الغيورين على أمن وطننا ومجتمعنا بالألم والفجيعة، فعزاؤنا لإخوتنا ممن فقدوا أقاربهم وأهلهم في تلك الحادثة الإجرامية، ولا ننسى من فُقدوا من رجال أمننا جراء العلميات الأمنية التي قامت بها الأجهزة في مناطق من بلادنا الحبيبة. باعتقادي أننا يجب أن نواجه الحقيقة ونعترف بأننا نعاني من مشكلة، وهي قضية التشدد والغلو الفكري لدى بعض مكونات مجتمعنا وادعاء بعض هذه الفئات أنها هي من تمثل الإسلام الحقيقي وأن غيرها قد ضل الطريق القويم، والمتابع لمشهدنا المحلي يلحظ درجة الغلو والإقصاء للآخر منذ نحو 30 عاماً، وقد تكون لحركات الإسلام السياسي أو ما يسمى «الصحوة» دور في هذا التأجيج، وهدفها -للأسف- ليس الدفاع عن الإسلام الوسطي، كما تدعي، ولكنها تستغل الإسلام؛ لتحقيق أهداف سياسية، وخطاباتها خدعت الكثيرين من أبناء وطننا الذين تأثروا بتلك الحقبة، وكلنا يتذكر مرحلة أفغانستان وما جرَّته علينا من ارتدادات إرهابية، وقد يكون للجانب…
الثلاثاء ١١ نوفمبر ٢٠١٤
الشعوب بطبيعتها وبفطرتها تتوق إلى التوافق والمحبة والسلام، ولكن هناك أحيانا من يريد أن يجرها إلى الصراعات بمختلف أشكالها العنصرية والطائفية والمذهبية. السعودية منذ أن أنشأها الملك عبد العزيز بن سعود - رحمه الله - وهي بلاد التآخي والتعاضد، وتتمتع جميع الطوائف فيها بالمساواة والعدالة الاجتماعية، فالذي وحد الجزيرة العربية المترامية الأطراف أسسها على هذه الثوابت والمبادئ والقيم الإنسانية؛ قيم الإسلام السمحة، وهي فوق ذلك بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي، ومصدر الأمن فيها دعوة سيدنا إبراهيم؛ إذ قال تعالى: «وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا وأجنبني وبني أن نعبد الأصنام». بيد أن بعض الجماعات نشأت على الكراهية والحقد فيما بينها وبين الجماعات الأخرى، وهي موجودة في كل المجتمعات البشرية. بالنسبة للسعودية فهي لم تعرف الإرهاب إلا في السنوات الأخيرة بظهور «القاعدة» وغيرها من الجماعات الدينية المتطرفة، وكان هناك مصدر خارجي للإرهاب في السعودية، وخاصة في موسم الحج عندما عملت بعض الدول على تسييس الحج؛ ولذا فالإرهاب ليس شيئا…
الثلاثاء ١١ نوفمبر ٢٠١٤
الرئيس الأميركي باراك أوباما متحمس لبدء تاريخ جديد مع إيران، وإعادة العلاقة الجيدة مع طهران التي كانت حليفا مهما في عهد الشاه حتى سقوطه. ولهذا يلتقي الأميركيون والأوروبيون مع الوفد الإيراني في العاصمة العمانية في سباق زمني للتوصل إلى حل لطموح النظام الإيراني النووي. ولنا، في منطقة الشرق الأوسط، مع هذه المفاوضات إشكالات جدية؛ أولها السرية! فقد تعمدت إدارة أوباما التكتم على اتصالاتها مع طهران ومفاوضاتها، حتى عن حلفائها الإقليميين. وهو أسلوب يخالف نهج الولايات المتحدة في اتصالاتها، مثل مفاوضاتها مع كوريا الشمالية؛ حيث شاركت الدول المعنية في المنطقة الأسرار والقرار، فأدخلت الغرفة كوريا الجنوبية، واليابان، والصين، وروسيا، مع وفد الولايات المتحدة. أما في مفاوضاتها مع إيران فقد أغلقت الباب في وجه دول حليفة ومعنية مباشرة، مثل مجموعة دول الخليج، وتركيا، ومصر، وكذلك إسرائيل. وثانيها أن ما صدر عن الإدارة الأميركية من تطمينات بعدم تقديم تنازلات اتضح أكثر من مرة عدم صحته، وكان آخرها تنازلها عن موقفها بألا يسمح بأكثر…
الإثنين ١٠ نوفمبر ٢٠١٤
إما أن يصفي الشيعة السنة أو أن يصفي السنة الشيعة. المطلب الجذري الأقل إما أن يهدي الشيعة السنة إلى مذهبهم، أو أن يهدي السنة الشيعة إلى مذهبهم. كلتا الحالتين تتطلب على الأقل حرباً تستمر أكثر من ألف سنة مع نتائج غير مضمونة. من الجنون أو السخف أن يضع أي إنسان هدفا من هذا النوع ويقاتل من أجله. ولكن من لا يملك هدفا على هذا المستوى ويستمر في الشحن الطائفي ليس سوى إنسان معتوه. فهو يشعل حربا لا هدف لها ولا نهاية. ما الحل؟ الحل في ظني أن نبدأ في التفريق الصريح والقانوني والعقلاني بين السعوديين وبين غيرهم من الشعوب العربية أو المسلمة لا من حيث العقيدة بالطبع ولكن من حيث المدى القانوني. يتوجب علينا أن نفرق بين السنة السعوديين والسنة غير السعوديين، والشيعة السعوديين والشيعة غير السعوديين. أي صراع بين السنة والشيعة لا يكون له اعتبار إلا إذا كان بين سعوديين. إذا لم نضع حدا للخلطة الدولية سوف تبتلعنا الدوامة…
الإثنين ١٠ نوفمبر ٢٠١٤
الوطن ليس رقصة في الأعياد والمناسبات فقط، الوطن ليس غناء وسيوفاً مشعة وملابس مزركشة وأجساداً تتمايل يمنة ويسرة، الوطن ليس برنامجاً تلفزيونياً وإذاعياً ينتهي بلملمة أوراق المذيع وإنهاء واجبه الوظيفي. الوطن هو حق لنا جميعاً وأن نعيش على هذه الأرض التي تحمل في باطنها ملامح أمهاتنا وآبائنا وأجدادنا. الوطن هو هذه التربة المعجونة بصور أصدقائنا الذين عبروا الى الضفة الاخرى وهم يحملون في قلوبهم التي توقف نبضها، ولم ولن يتوقف نبض الوطن بأجياله المتعددة. لم نكن نعرف الى ما قبل جهيمان والقاعدة والنصرة وداعش والإخوان ان هذا سني وان هذا شيعي وذلك من القبيلة الفلانية. الدين الحقيقي.. والذي تعلمناه لا يهرب الى الوهم والكذب والازدراء لكنه يبني العلم والحقيقة والبحث والإضافة والإبداع، الدين الحقيقي... يعشق الابتسامة والفرح. كل تاريخنا الذي نعرفه مملوء بالغناء في كل المناسبات، من زراعة وبناء وسفر، كنا نغني من قلوبنا حبا لهذا الوطن وأهله، أنقياء كنا حتى وصلتنا الكراهية ونبذ الآخر، أنقياء حتى فرقنا اكثر من…
الإثنين ١٠ نوفمبر ٢٠١٤
نعم غيرت السعودية، إنها جريمة قرية «الدالوه» في الأحساء. عندما أقدم مسلحون إرهابيون.. داعشيون بشكل أدق، على فتح النار على زوار حسينية في قرية من قرى المحافظة القابعة شرق البلاد، فقتلوا 8 مواطنين (بينهم 3 أطفال!). صحيح لم تكن المرة الأولى التي تشهد السعودية فيها جريمة إرهابية يكون ضحاياها من المدنيين والأطفال، فقد شهدت ما هو أقسى منها، إلا أنها المرة الأولى التي يصل فيها الإرهاب للعب على وتر الطائفية بهذا الشكل القبيح والخطير، بحثا عن فتنة بين المواطنين. والمرة الأولى التي يخرج فيها مفتي السعودية للدفاع عن مواطنيه الشيعة، وهكذا كان رد فعل هيئة كبار العلماء وبشكل غير مسبوق، وكذلك فعلت غالبية شرائح المجتمع السعودي بإدانة الجريمة ورفضها بشكل غير موارب وصريح. ليست مفاجأة أن نشهد رجال الأمن السنة يضحون بحياتهم من أجل جريمة ضد مواطنين شيعة، وأيضا ليست مفاجأة عندما ينتقل وزير الداخلية لقرية الدالوه معزيا في الحادث الأليم، وكذلك يفعل أمير المنطقة الذي يقطع إجازته، ويعود فورا…
الإثنين ١٠ نوفمبر ٢٠١٤
فعلا، رب ضارة نافعة. فالدم الذي سفحته أيادي الجهل والغدر والخسة والوضاعة في تلك القرية الوادعة في أحسائنا الجميلة تحول إلى إكسير في عروق الوطن، استنهض فيه قيما نبيلة وأصيلة ظن البعض أنها لم تعد موجودة، أو أنها ستتحول إلى عكسها عندما اعتقدوا أنهم أشعلوا شرارة فتنة تحقق لهم أمانيهم المريضة بعدما أطلقوا الرصاص على صدور الأطفال والشباب الأبرياء. لقد ظنوا وخاب ظنهم، وحلموا وتبدد حلمهم، ومكروا لكن مكرهم ارتد عليهم وبالا، فأصبحوا ما بين معفر بالتراب أو في يد العدالة التي ستقتص منه وتطبق عليه عدل السماء. لولا أن الحادثة أزهقت أرواحا بريئة لقلنا إننا كنا بحاجة هذا الاختبار، ولولا أنها مؤلمة وبغيضة لقلنا إننا كنا بحاجة تمحيص كهذا لمعدن الوطن وحقيقته الكامنة تحت القشور والمظاهر التي صنعها ولونها واستغلها المزايدون عليه والعابثون به من الذين نصبوا أنفسهم وكلاء الله في الأرض وسدنة الإسلام الوحيدين وموزعي صكوك الإيمان والتقى على البشر. كنا في حاجة إلى «خضة» تنبه الغافل وتحذر…
الإثنين ١٠ نوفمبر ٢٠١٤
العمل الإجرامي الذي وقع مؤخرا في بلدة الدالوة في الأحساء كشف لنا عددا من الحقائق التي لا بد أن نتنبه لها إذا ما كنا نريد حقا أن نحمي الداخل السعودي من السرطانات الطائفية التي تحيط بنا، والتي تعمل على التسلل مستغلة بعض أجواء الاصطفاف المقيت الناتج عن الجو المشحون بالتصارع الفكري والعقائدي والسياسي. الإدانة الرسمية كانت أولى تلك الحقائق، فعلى الرغم من أن هناك مجهودات لا ترقى بعد لتوحيد الصف الداخلي ضد الصوت الطائفي إلا أن وجود الفعاليات الرسمية في عزاء المواطنين الذين استشهدوا جراء هذا العمل الإرهابي في أجواء اتسمت بكل الطقوس الشيعية؛ هو في أحد أوجهه اعتراف ضمني بأن هؤلاء المواطنين الشيعة هم أبناء الوطن، وهو كذلك اعتراف ضمني بحق الجميع في أن يمارس معتقده بالشكل الذي كفله له حق الاختلاف الديني الذي طالما ادعى البعض أنه غير موجود! الشيعة في المملكة ليسوا كلهم على شاكلة مجرمي العوامية كما أن ليس كل محافظ ومتدين تابع للقاعدة أو داعش،…