الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
طبعا لم يكن من قبيل صيانة أو خلل فني عندما عُطلت شبكة الهاتف والإنترنت، ثم أوقفت حركة المطار وأغلقت الطرق المؤدية له، فكلها جزء من الحرب في دمشق. لقد دخلنا الأيام الصعبة والخطرة جدا في حرب إسقاط بشار الأسد، فمنذ أمس بدأت حملة توعية موجهة للشعب السوري في حال استخدمت قوات الأسد الأسلحة الفتاكة، كيماوية وبيولوجية. نحن هنا نتحدث عن احتمالات ارتكاب مذابح مروعة بعد أن بلغ الثوار مراحل متقدمة في هجومهم، وهم الآن يدقون أبواب دمشق. هذه ليست حربا نفسية، ولا مجرد خواطر قلقة، نحن نعرف أن النظام مجرم وأحمق معا، لكن عسى ألا يرتكب أعظم حماقة في نهاياته. الأسلحة الفتاكة من دلالات النهاية مع تقهقر قوات النظام، حيث صار انهياره وشيكا. إنها سلاحه الأخير الذي يريد به الانتقام وإلحاق أكبر أذى ممكن بخصومه، ويعتقد أنه قد يوقفهم ويضطر العالم إلى التدخل وعقد صفقة سياسية تنقذه! سيمارس الادعاءات والأكاذيب نفسها التي ادعاها مع المجازر التي ارتكبتها قواته خلال الأشهر…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
كنت، وما زلت، على ثقة أن قراءة تفاصيل وجه الرئيس المصري، محمد مرسي، وكذا كيميائه الشخصية تقول إنه وجه ودود أبوي لطيف وطيب، مثلما أنا مؤمن أنه نزيه نظيف اللسان واليد. معضلة (التنظيم الإخواني) في كل مكان ليست في الرأس ولا في القلب: مشكلة التنظيم دائما، وكما لاحظت، هي في بعض النهايات الطرفية، مشكلة القائد (الإخواني) ليست من مناوئيه قدر ما تكون من أخيه. مرسي، في الأنموذج، لم يكن ضحية المرشد، بديع، ولا نائبه خيرت الشاطر. مشكلته بالضبط هي مع (أخيه) الأصغر الذي يظهر في كل مكان، يدفعه إلى الشكوك في الجميع، يصور كل شيء له على أنه مؤامرة. قصة محمد مرسي بالضبط هي مع العريان ومحمد البلتاجي وهما بالتحديد مثال لحفرة (الإخواني) بيدي أخيه. لم يشوه صورة مرسي وصورة (الإخوان) شيء مثل محمد البلتاجي كنهاية طرفية لقلب التنظيم. ظهور كثيف، وفي كل مكان، لا يبرهن على الاستحواذ فحسب، بل على الرتابة حد الملل. وحيثما بحثت عن (مصر) تجد البلتاجي…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
مساكين أهل القلم، مفكرين وكتاباً وصحفيين تحاربهم كل الأنظمة بأشكالها ويهاجمهم المحافظون. يُقدمون، أحياناً، على أنهم خونة متآمرون، وأخرى على أن أفكارهم ملوثة وخطر على المجتمع، وثالثة على أنهم منحرفون وفاسدون. هم محل شبهة في العالم العربي، يجري التفتيش في ثنايا سطورهم، وتمحيص كل عبارة مهما كانت عابرة، ومراقبة سلوكهم في كل حال لأنهم يختلفون عن البشر ففي كل شيء لهم غاية ونية خفية. تمتلئ سلتهم بكل الأوصاف المنبوذة والاتهامات الشائنة. المثقف ليس مجرد شخص يكتب الشعر والقصة بل كيان معرفي سواء في الاقتصاد أو السياسة أو الاجتماع وهو الذي يرسم الملامح التنموية بأفكاره وطروحاته وتطبيقاته إن وجد متنفساً. وهو المحرك الداخلي لبنية المجتمع ليكتسب وعياً فعلياً يستطيع، من خلاله، بناء وجوده وفاعليته ونموه الحقيقي والصلب. المشكلة ليست في المثقف بل في عجز مجتمع عن امتصاص الثقافة ولايفعل مجتمع ذلك إلا وجب أن يلحق بعصور الانحطاط فهي لم تصنف كذلك إلا بتراجع حضورها المعرفي وضياع هيبتها العملية وحين تحارب بلد…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
قرر صاحبنا أن يشتري سيارة وحدد لها ميزانية بحدود المائة وعشرين ألفاً، جزء كبير من المبلغ قرض من البنك. ثم توافدت عليه الاستشارات من كل جهة وكلها تصب في خانة واحدة: يا رجل: زد عليها ستين ألفاً واشتر سيارة أفضل. نصحه آخر: ما دمت ستدفع مائة وعشرين ألفاً، زدها قليلاً واشتر سيارة أفضل. خضع لنصائح الأصدقاء والأقارب وأم الأولاد، وراجع البنك حتى تحقق المراد فقرر تغيير نوع السيارة لأخرى أكثر «وجاهة» في مجتمع يحكم عليك من خلال سيارتك أكثر من فكرك. وما إن أوشك على شراء السيارة الجديدة حتى انهالت عليه من جديد نصائح الأصدقاء والأقارب وأم العيال: ما دمت ستدفع مائة وثمانين ألفاً، زد عليها قليلاً واشتر سيارة «ألمانية» أرقى وأكثر وجاهة. ميزانية المائة وعشرين ألفاً صارت مائة وثمانين ألفاً، والمائة وثمانين ألفاً صارت مائتين وأربعين، وكان بالإمكان أن تواصل الارتفاع -بنصائح ذات الأصدقاء والأقارب وأم العيال- إلى ما فوق الثلاثمائة ألف. وهنا فتش عن المنظر لا عن الجوهر.…
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٢
للمؤلف سلطة على العقل، وهو المسؤول، إلى حد بعيد، عن خلق الأنساق الفكرية التي تشكل في مجموعها الثقافة العامة في أي مجتمع. ولكن يبدو أن فكرة (المؤلف) هذه قد سقطت؛ حيث لم يعد هو المرجع الذي يلجأ الناس إليه للإجابة على تساؤلاتهم الكبرى والمحيرة؟ أي أنه لم يعد مصدر الفكرة، ولا حتى الشرارة الأولى للإلهام. فالثورات العربية الحديثة، على سبيل المثال، لم تقم على أفكار مؤلفين أو مدارس فكرية، كما حدث في الثورتين الأمريكية والفرنسية. بل كان مصدر إلهامها هم الشباب الذين منحوها حيوية وديناميكية. وعلى رغم أن ذلك أدخلها في شتات وفوضى لأنها لا ترتكز على مبادئ فلسفية ونهضوية مشتركة، إلا أنه أمر طبيعي وستتجاوزه في السنوات المقبلة دون شك. ولكن ماذا سيكون دور المؤلف في عملية التجاوز المرجوة تلك؟ وهل سيكون للكُتاب دور في إعادة تشكيل هذه "الأنساق الثورية" المشتتة؟ ما نراه اليوم هو رجوع القارئ إلى نصوص قديمة محاولا استلهام رؤية مناسبة لما يدور حوله. وقد يكون…
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٢
إن أردنا تحديد القوى التي أنجزت ثورة 25 يناير وأسقطت نظام مبارك نجد أنها كانت تتكون من كل من الإسلاميين والقوى المدنية على السواء. أحداث تلك الأيام تبين أن القوى المدنية، لا أحزاب المعارضة ولا الإسلاميين، هم من أشعل فتيل تلك الثورة و حدد مطالبها الراديكالية المتمثلة بإسقاط الرئيس وتغيير النظام. وتأتي حركات «6 إبريل» و«كفاية» و«كلنا خالد سعيد» على رأس التنظيمات السياسية الجديدة التي انبنى كل وجودها على أساس تغيير النظام السياسي الذي كان قائماً. كما يحل محمد البرادعي على رأس الشخصيات التي كان لها رأي راديكالي متصلب حيال النظام السابق قام على أساس الرفض القاطع للتشارك معه في اللعبة السياسية التي كان يديرها (مثل آخر انتخابات برلمانية في عهد مبارك في أكتوبر 2010) ورفض الاعتزام للترشح للانتخابات الرئاسية (التي كان مزمعا إقامتها في صيف 2011) مالم تتغير قواعد اللعبة السياسية بشكل يبعد النظام السابق عن إدارتها أو التحكم بنتائجها. و يذكر في هذا السياق الدور الرمزي الكبير الذي…
جمال خاشقجيكاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٢
ما إن أقلعت الطائرة من مطار البحرين وحلّقت قليلاً، إلا وأعلن قائدها عن وضعية الهبوط التدريجي نحو مطار الدوحة. الأمر طبيعي، فالبلَدان ومعهما المملكة العربية السعودية «رمية حجر» من بعضهما بعضاً، ما يفسر من دون تحليلات سياسية عميقة، كيف يفكر قادة دول الخليج حيال «أزمة» البحرين، ويتعاملون معها كشأن خليجي «داخلي». التحليلات السياسية البسيطة - في الغالب - هي الأفضل والأسلم، بينما يفضل البعض أخذ المسائل بعيداً شرقاً وغرباً، بينما المسألة بحرينية صرفة، يجب أن تعالج هناك، وإن استحكمت حلقاتها فستكون في إطار دول الخليج وعلى رأسها المملكة، فهي مستعدة دوماً للمبادرة، وفعل أي شيء ممكن لضمان سلامة البحرين وأمنها. سبب هذا الحديث هو مرور عام منذ أن جلس العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى ومعه أركان الحكم في الجزيرة الوديعة التي ينبغي أن تعيش في سلام ووفاق وفق سياقها التاريخي، ليستمعوا الى نقد شديد من الخبير القانوني الدولي محمد شريف بسيوني رئيس لجنة تقصي الحقائق في ما حصل في…
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٢
يقول الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس ‘’إن الوقت لا يُقاس بالأيام كما يُقاس المال بالدولارات، لأن كل يوم يختلف عن الآخر’’! جدلية الوقت معنا صراع لا ينتهي وسباق محموم نتيجته محسومة، دائماً هو الفائز المتوج لأنك - إذا توهمت أنك انتصرت عليه - لا محالة مهزوم!. لكنه كعادته يأبى إلا أن يترك علينا آثاره، لذلك تجدنا نعيشه ويضيع من بين أيادينا! وعندما ننساه لا يتذكرنا، وتمر اللحظات تلو اللحظات، نكبر ويكبر معنا، وكلما حاولنا بجهد أن نسبقه، نتفاجأ بسرعته يسبقنا. ◆ أمنية لن تتحقق: أن أرجع للماضي وآخذ ما أشاء أو أسبق الغد وأغير ما أريد. بخيالنا نسافر بعيداً في آلة الزمن، نخترق حاجز الذاكرة، نبحر بين الذكريات، نرجع للماضي لنصحح أخطاء اقترفناها، ونمسح كلمات كتبناها، نعتذر منهم، نبكي في أحضانهم، كم نود حقيقة أن نكون الآن معهم! هل يسمح بذلك الزمن؟ ونغادر إلى محطة أخرى لنتساءل بضعف: كيف سولت لنا أنفسنا فعل ذلك؟ ولماذا فعلناه في الأساس؟ ونواصل بعدها…
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٢
ولتكن خيبة أمل كبيرة في نتائج الربيع العربي إلى الآن، لكنها تشكل درساً مهماً لمجتمعاتنا التي ظلت رهينة لخطاب ومواعظ وشعارات الإسلام السياسي لعقود. ها هم اليوم وقد وصلوا لسدة الحكم في مصر يناقضون أنفسهم ويمارسون ذات الممارسات السابقة التي عابوها على النظام السابق. كل المؤشرات تقول ذلك. وتلك تجربة مهمة للشعوب العربية لعلها تتعلم أن تتجاوز عواطفها التي استغلها الطامحون في السلطة منذ زمن بعيد. نشأت أجيال وماتت أجيال وهي تستمع لشعارات مؤثرة تخون الغير وتزعم أنها وحدها الحل! ولعبت جماعات الإسلام السياسي على عواطف الناس ومشاعرها الدينية مستغلة القمع الذي مورس ضدها كي تقنع الجماهير أنها مالكة مفاتيح الحل لكل مشكلات الأمة. وها قد ملكوا الفرصة وها هم يهدرونها حينما غلبت نزعة «الحكم» على حكمة «الإدارة». المرحلة تتطلب من يدير لا من يحكم. وإن لم تكن إدارة التنمية -بمفهومها الشامل- أولوية ومسؤولية أساسية فكل الشعارات مجرد كلام سياسي فارغ لا يرصف شارعا ولا يفتح مدرسة. مصر اليوم، وهي…
الجمعة ٣٠ نوفمبر ٢٠١٢
عندما يغضب سياسي من عمل فني أو أدبي، فهو يغضب عليه سياسياً، لا فنياً ولا أدبياً، ففتش إذاً عن سر غضبه في خبايا دهاليز أجنداته السياسية، لا في العمل الفني أو الأدبي، الذي فجر غضبته عليه. فاجأ رئيس وزراء تركيا، السيد رجب طيب إردوغان، الجميع بتهجمه على المسلسل التركي التاريخي الأضخم "حريم السلطان" أو"القرن العظيم"، بتسميته التركية، الذي حصد عدة جوائز تركية وعالمية، لدرجة قبول النجم والممثل العالمي، براد بت، للمشاركة في الجزء الثاني منه. مثل هذا الإنجاز الدرامي العظيم، كان ينتظر من رئيس وزراء تركيا إردوغان، أن يشيد به لا أن يشن هجوماً شديد اللهجة ضده. إذاً فما دواعي تهجم إردوغان عليه بدل الإشادة به؟ قبل أن نبحث عن سر غضبة إردوغان على المسلسل التاريخي النوعي نمهد لذلك بنبذة عن سبب النجاحات التي حققها المسلسل، التي استحق عليها حصاده للعديد من الجوائز المحلية والدولية، وفوق كل هذا نسبة المشاهدة العظيمة له في تركيا والعالم العربي. المسلسل وبحق يعد نقلة…
الجمعة ٣٠ نوفمبر ٢٠١٢
أربعون سنة سيطر فيها القذافي على ليبيا دون أن يبني مستشفى أو جامعة أو طريقاً. من زار ليبيا أيام حكمه يقسم أن أصغر مستوصف في أي دولة خليجية يفوق أي “مستشفى” في ليبيا. وحينما ثار التونسيون ضد الرئيس السابق، خطب فيهم القذافي، عبر التليفزيون، معنفاً إياهم على الثورة ضد بن علي قائلاً: ماذا تريدون؟ لديكم كل شيء. ثم شهد بنفسه كاشفاً خيبته وفشله حينما اعترف بحماقة: الليبيون يذهبون للعلاج في تونس! لماذا اضطر الليبيون للعلاج في تونس؟ وكل هذه الثروات النفطية المهولة في ليبيا لم تبن مستشفى لائقاً لليبيين في ليبيا؟ الاستبداد يعمي الأبصار. والمستبد عادة تسوقه حماقته إلى نهايته، هذا ما حدث بالضبط مع القذافي، وهذا غالباً ما سيحدث لبشار الأسد. الأسد في رهانه على الروس والإيرانيين وأتباع نصر الله يظن أنه في مأمن من تلك النهاية التي قد لا تختلف كثيراً عن نهاية القذافي. الاستبداد واحد حتى وإن تنوعت أشكاله وممارساته، فسوريا بثرواتها وطاقاتها البشرية المبهرة سُخرت من…
الخميس ٢٩ نوفمبر ٢٠١٢
لا يغيب عن بالي وجه مستثمر روسي قدم إلى الدولة في التسعينيات بقصد مزاولة نشاط تجاري، وأقنعه شخص يرتدي كندورة بتسليمه آلاف الدولارات، ثم اختفى ذلك الشخص. وبسؤال الروسي في التحقيقات عن ضمانات تسليم النقود، قال إن الضمانة كانت الكندورة، فمن يرتدونها معروفون بالشرف والأمانة. يبتعد عن الصواب من يعتقد أن عجلة الازدهار والتنمية في الإمارات ما كانت لتدور لولا النفط، فماذا جلب النفط لدول، ستخطر ببالنا الآن، إلا الدمار والاقتتال؟ أو من يختصر نجاح الإمارات بقوة الإرادة، والكفاءة، والتخطيط، فمن يسوقون شعوبهم للحروب ويصبّون على رؤوسهم البلاء لديهم قوة إرادة أيضاً، وكفاءة، وتخطيط، لكنها تستخدم حطباً لنيران الطمع والعدوان. وواهم من يتصوّر أن الأيدي الخفية هي التي تدفع الدول إلى الهاوية، وأن دولاً تحدد مصير دول أخرى بقرار واحد، أو أن قوة الجيوش هي التي تضمن الاستقرار، أو أن القدرة على مواجهة التحديات تكون بعقد التحالفات مع الدول الكبرى، أو أن دوام النعم من كثرة دور العبادة وانتشار التديّن،…