آراء

آراء

الفكرة رقم 3000!

الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠١٣

«لا يهم كيف ستستخرج الفكرة، المهم أين ستضعها» ليندا مور. في منتصف هذا العام حضرت ملتقى للإبداع في هلسنكي عاصمة الدولة الأسكندنافية فنلندا، حضره المئات من المهتمين بالأفكار الخلاقة مع عشرات العروض القيمة، إلا أن عرضاً واحداً شدني جداً، فكان المحاضر يتحدث فيه عن رحلة الفكرة من البداية إلى النهاية. المحاضر يومها عرض رسماً بيانياً، فاجأ الجميع (سأضعه على حسابي في تويتر)، يوضح في دراسة قام بها أن من بين 3000 فكرة تطويرية غير مكتوبة، فقط هناك 300 منها ينالها حظ الكتابة والحفظ، ويستمر بقوله «غير أن 125 فكرة تتحول إلى مشروعات، الغريب أن تسعة أفكار وصلت إلى مرحلة متقدمة، وأربعة أفكار إلى مراحلها النهائية، و1.7 تم إطلاقها بالكامل، والأشد غرابة ألا ينجح من جميع هذه الـ3000 فكرة غير واحدة فقط لا غير»! تحدث الكاتب ماجد العمري في مقال له عن الملياردير المغامر الشهير ريتشارد برانسون، إذ يقول في كتابه «قوة الاقتحام»: إن جميع العاملين في شركة «فيرجن» أو المشروعات التي أمولها ينادونني بالسيد «yes»، لأنهم يعلمون أنني أوافق فوراً على أي فكرة جديدة، على الرغم من أن الأفكار التي ينفذونها تفشل! لكن عدداً قليلاً منها ينجح ويحقق لي أرباحاً بأضعاف ما أخسره من هذه المشروعات التي أهز رأسي بقولي: «نعم» موافق تستطيع تنفيذ فكرتك! نرجع مرة أخرى إلى ملتقى…

آراء

الرومي وابن سينا.. وطريق السلف الآمن

الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠١٣

أمضيت أياماً في رحاب «ابن سينا»، إنه أكثر من طبيب، إنه مسلم محتار، حياته صاخبة بالأسئلة والسياسة والحب والرغبة في الحياة ومتعها، إنها رواية «ابن سينا أو الطريق إلى أصفهان» للقاص الفرنسي المغرم بالشرق «جيلبرت سينويه»، وقبل أن تهدأ أسئلتي التي فجرتها الرواية الرائعة، أهدتني زوجتي فيلماً عن «جلال الدين الرومي» ليزيد من الأسئلة والحيرة. أعتقد أن فهم ابن سينا «توفي 1037 ميلادية» أقل صعوبة من جلال الدين الرومي «توفي 1273» فالأول كان يبحث عن السعادة في هذه الدنيا بالبعد عن السياسة والتفرغ للعلم وخدمة الإنسان، بل وحب الإنسان دون التفكير في أصله وكينونته وعرقه ودينه، الرومي اتفق مع ابن سينا في ذلك، ولكنه يبحث عن السعادة بعيداً عن هذه الدنيا، بل حتى بعيداً عن «العالمين» إنه يريد حباً مطلقاً، مثالياً، بعيداً، لا حدود مادية أو جسدية له، بينما كان للجسد واللذة مكان في سعادة ابن سينا. جلال الدين الرومي أبحر بالصوفية بعيداً، حتى كاد أن يجعلها مذهباً له طقوسه، أما ابن سينا فلقد قبل بالدين والشريعة كما هي، ولكنه اختلف مع محيطه في مآلات الدين ومقاصده فقبلوه طبيباً ورفضوه فقيهاً، ولكنهما يجتمعان في التسامح والدعوة للوفاق بين أتباع كل الأديان، وإن اشتهر الرومي بذلك أكثر فأضحى أشهر شاعر حب عبر مئات السنين، ولعله مشهور في الغرب أكثر مما هو…

آراء

«وداعاً للخصوصية..!»

الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠١٣

قرأنا صغاراً قصة غلام الراهب، تلك القصة الجميلة في المفاصلة بين الحق والباطل، كانت لدى الغلام مشكلة بسيطة في خوفه من اكتشاف المجتمع ذهابه لدى الراهب الذي أعطاه الحل بشكل بسيط: إذا سألك أهلك فقل حبسني الساحر، وإذا سألك الساحر فقل حبسني أهلي.. وكان الله غفوراً رحيماً! وفي الأيام الجميلة كان بإمكانك إغلاق الـ«بليب» أو حتى الـ«كاتل» والـ«نوكيا»، ثم اختراع أي حجج أو كذبات تحلو لك: «التاير بنجر»!، «يتني الزايدة الدودية»!، «وقفتني دورية»، «خطفني طبق طائر»، القصة الشهيرة لساندويتش الفلافل وغسيل المعدة! والكثير الكثير غيرها، مما يضمن لك إرضاء الطرف الآخر، والنوم قرير العين، كأي كذاب يحترم مهنته! اليوم اختلفت الصورة، فيكفي أن تفكر بأن تقول لأحدهم: اسمحلي كنت مشغولاً لكي يصرخ في وجهك: توني شايفنك آخر ظهور في الـ«واتساب» قبل خمس دقائق.. تقوم بطلب إجازة مرضية، وتخرج للإجازة، وبعد عودتك إلى العمل تفاجأ برسالة إنذار من الشؤون الإدارية، مصحوبة بصورتك مطبوعة من موقعك على «فيس بوك» وأنت تحمل سمكتين بالقرب من جزيرة «حَبَلين»، وأنت تبتسم ببلاهة للمصور في تاريخ الإجازة نفسه.. تقسم لموظف البنك بأنك رجل أعمال كبير، وقادر على التعامل مع القرض الذي تطلبه من البنك، فيفاجئك الموظف المسؤول عن القرض بأن يدير هاتفه المتحرك باتجاهك وهو يقول لك إذن لماذا يعلق صديقك على صورتك في الـ«انستغرام» بقوله:…

آراء

بأي استقلال تحتفلون؟

الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠١٣

منذ إعلان دولته المستقلة في العام 1943، ينتقل لبنان من احتلال إلى احتلال، مرة يكون علنياً وأخرى مستتراً، وتارة يفرض نفسه من طريق القوة العسكرية المباشرة وطوراً عبر احد المكونات اللبنانية. لكن في كل الحالات، يحاول المُحتل قدر إمكانه الإمساك بنواصي هذا البلد الصغير الذي يحمل في تركيبته بذور انقسامه، فيحرص على أن يسقيها لتستمر وتنمو، بدل أن تضمر مع الوقت، ليتكرس وطناً نهائياً لجميع أبنائه. وقبل أيام قليلة من ذكرى الاستقلال التي تصادف غداً، رُوّعت إحدى ضواحي العاصمة بيروت بتفجيرين استهدفا السفارة الإيرانية، في تعبير فاقع عن التجاذب الخارجي القائم حول لبنان: من يستأثر بقراره ومن يملي عليه سياساته التي لا يستشار فيها مواطنوه ولا يخيّرون، وكذلك في رد غير مبرر على تقصّد بعض أبنائه توريطه في الحرب الأهلية المحتدمة على ارض سورية التي طالما اعتبره نظامُها صماماً لتنفيس احتقاناته وساحة لـ «مخاطبة» خصومه. لكن هذا الاعتداء الإرهابي ليس سوى حلقة في سلسلة متصلة من الفعل وردود الفعل المستمرة في لبنان منذ عقود، يستغل مرتكبوها غياب دولة جامعة فيه وتضعضع مؤسساته الأمنية وتوزع ولاءاتها السياسية والدينية، وطغيان الطائفية على المواطنة، ما يسهل العثور على عملاء ومتعاونين، وإيجاد مدافعين ومؤيدين وشامتين. فاللبنانيون انفسهم، والفلسطينيون والسوريون والإسرائيليون والإيرانيون والعراقيون والليبيون وسائر أجهزة الاستخبارات العربية والدولية، تناوبوا على نخر لبنان واختراق أنظمته…

آراء

التحوّل إلى الحكومة النقّالة

الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠١٣

جاء في النشرة رقم 17 الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال للتنمية في غربي آسيا، والتي تصدرها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الأسكوا) أن عالم الاتصال قد تطور بصورة سريعة بحيث تجاوز مفهوم الحكومة الإلكترونية إلى مفهوم الحكومة النقّالة، والمقصود بهذه الأخيرة، تواصل المواطن والحكومة عبر الوسائل والتطبيقات الموجودة على الهواتف النقالة. إنها وسيلة أثبتت فعالية وسرعة ودقة في إعلام المواطن وإنجاز معاملاته الرسمية مثلاً مواعيد المستشفى، تجديد رخصة السيارة أو جواز السفر، أو سفر المكفول، أو دعوة المواطن لحضور الفعاليات المهمة من تلك الرياضية والاقتصادية والثقافية. وترى النشرة المذكورة أن الفوائد المتوقعة للحكومة النقالة كالتالي: 1- تحسين نفاذ المواطنين إلى الخدمات الحكومية. 2-تحسين جودة الخدمات الحكومية. 3-تسريع تقديم الخدمات الحكومية. 4-تقديم خدمات أكثر فعالية وأكثر كفاءة. 5-زيادة المشاركة والانخراط في التواصل الحكومي مع المواطنين، خصوصاً القاطنين في المناطق النائية والمهمشين. 6-الاستفادة مما توفره التكنولوجيا من تكامل وتواصل وسرعة ودقة وإتقان. 7-تخفيض التكاليف على الحكومة والمواطنين ( الكفاءة المالية، كلفة الوقت، الضغط على الموارد). 8-تحسين سمعة الحكومة بشكل ينعكس على وضعها الاستراتيجي الداخلي والخارجي. وبرأينا أن هذا التحول له بُعد اجتماعي وسلوكي، إذ يتعود المواطن على التقيّد بالوقت، ويقدّر عامل الزمن في التعامل مع من حوله، كما أنه يوفر على المواطن مشقة الخروج إلى الوزارات والهيئات المعنية، مع كل ما يتحمله من…

آراء

مجتمع الأختام

الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠١٣

استوقفني عند عودتي إلى منزلي قبل عدة أسابيع في مانشستر في بريطانيا شخصان يعزفان ويقومان بألعاب خفة اليد. بادرني أحدهما بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عندما شاهدني أعبر بمحاذاته. تقدمتُ لأمنحه ما تيسر تقديرًا لتحيته لكن زميلي الذي كان يرافقني، وقتئذ، منعني قائلاً: ''اتركهما. إنهما نصابان، يصطادانك بهذه التحية''. انصرفتُ. وبعد قليل خرجت من منزلي ووجدتهما يصليان على الرصيف. يفرشان قطعة قماش طويلة كسجادة. توقفت أمام هذا المشهد طويلا طويلا، وتذكرت أن إحسان الظن، من أعظم خصال المسلم، ومتى ما تخلى عنها فقد تخلى عن أعظم شعب الإيمان. بعد أيام من هذا الموقف اتفقت مع صديقين آخرين في مانشستر للاحتفاء بزيارة صديقنا المشترك القادم من جدة. أحدهما اعتذر عن عدم الحضور والمشاركة لظرف طارئ ألم به. لم يرق الاعتذار لصديقي الآخر. قال لي وهو يستشيط غضبًا ولم يتبق سوى أن يخرج دخانا من رأسه: ''إنه يتنصل حتى لا يشاركنا قيمة الوجبة''. ابتسمت وسألته أن يحسن الظن، فالمبلغ بسيط، وصديقنا، الذي يتهمه بالتهرب، له مواقف إيجابية كبيرة وكثيرة من الحري أن نستذكرها في هذا التوقيت. لم يستحسن الصديق الحانق ما قلته مسترجعا فقط المواقف السلبية، التي يدخرها في رأسه، عن صديقنا الغائب: كم مرة لم يدفع الحساب عندما أكلا معا، كم مرة لم يساهم في تكلفة الوقود خلال رحلة…

آراء

التكرار يعلّم الـ «شطّار»!

الأربعاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٣

.. نعم يعلّم الشطار! لذا فقد تم وضعها بين قوسين لقطع الطريق على كل من يحاول أن يتصيّد في الماء العكر، وما أكثرهم في هذه الأيام! هل كنتَ حقاً تعتقد أنني يمكن أن أستخدم لفظة تخدش الحياء العام في صحيفة عامة؟! لست مختصاً في البنى التحتية، لكنني أقيس الأمور بالـ«كومون سنس» مثل غيري، فأنا أعلم بأن الشارع الذي تقف على ناصيته مجموعة مشاغبة من الراغبين في استحداث المشكلات، ويحمل كل منهم على خده «قبلة» موس أو «تعليمة» عصا، قد تعرضوا لي ذات مرة قبل عشرين عاماً، وأوسعوني ضرباً، لهذا لم أعد أمر بتلك الناصية، وانتهت المشكلة! «فل ستوب»! عندما تكون في الطريق من أبوظبي إلى فندق قصر السراب، وتتوقف سيارتك عن الاستمرار لنفاد الوقود منها على الطريق، فأنت ستقوم في المرة المقبلة بملء خزان وقودك لكيلا يتكرر الموقف المحرج، وتفضحنا مع جماعة «ساعد» كالعادة، «فل ستوب»! عندما تكسر إحداهن قلبك، وتؤكد لك بوضوح أنك أحمق كبير، وأنه لم يعد هناك متسع لحب الفرسان في هذا الزمان، فأنت تغلق باب قلبك في وجه الجميع، لأن جرحك مازال ينزف، «فل ستوب»! عندما يأتي موسم الأمطار ويمتلئ شارع ما بها، ما يعني أن هناك خطأ تصريفياً أو خطأ هندسياً في التصميم، فأنت ستقوم بتغيير الخطأ في الموسم المقبل، «فل..!». هكذا إذاً، كنت أعتقد…

آراء المبتعث زواوي يحذرنا من «البكتيريا الخارقة»

المبتعث زواوي يحذرنا من «البكتيريا الخارقة»

الأربعاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٣

يعد ظهور سلاسل الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية المتعددة والمعروفة شعبياً أو عامياً باسم «البكتيريا الخارقة» superbug إحدى المشكلات الجديدة التي يعاني منها الحقل الطبي حالياً. فيما يشار إلى أن السبب الأهم في تخلقها هو كثرة الاستخدامات غير السليمة للمضادات الحيوية، هذا النوع من البكتيريا المتخلق يمتلك تسلسل حمض نووي خاص، بسبب الطفرات الجينية، يتيح له مقاومة المضادات الحيوية مما يمكنه من إحداث الأوبئة ويخرج عن نطاق السيطرة. وقد لاحظت أبحاث طبية، أجريت على دول مجلس التعاون الخليجي، انتشار هذا النوع من البكتيريا المقاوم للدواء الذي بات خطراً يهدد حياة الإنسان. في الدراسة المطبقة على دول مجلس التعاون الخليجي لباحثين من جامعة الملك سعود الصحية وجامعة كوينزلاند، كانت عبارة عن مراجعة شاملة «systematic review» للبحوث والمقالات العلمية المنشورة بهذا الشأن، لوحظ أن أحد أنواع البكتيريا الخارقة ( بكتيريا العصيات السالبة المقاومة لمضادات الكاربابينم Carbapenem المعروف كآخر خط دفاعي آمن) تسبب في عدوى مميتة لأكثر من 50% من المرضى المصابين بها بعد ازديادها بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالعقود الماضية. المصيبة التي تكمن أيضاً في انتشار هذه السلاسل الجرثومية المقاومة للمضادات الحيوية أصبح مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالعدوى المكتسبة في المستشفيات التي قد تقضي على نجاح عمليات زراعة الأعضاء، وبعض هذه الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية تكاثرت إلى سلالات جديدة لا تستجيب نهائياً لأية…

آراء

الثقافة المدرّة للأرباح

الأربعاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٣

أزدادُ سعادة وتفاؤلاً كلما دُعيت إلى ملتقى عالمي يُعنى بالثقافة، وسط هذا العالم الذي لم يعد يعتني بشيء أكثر من عنايته بالمال... والمزيد من المال! لكني لا أستطيع أن أخفي قلقي من لافتة: (صناعة الثقافة)، إذ لا يطمئن قلبي إلى براءة الثقافة المقرونة بـ «الصناعة» أو «التجارة». أدرك بأن ما أطلبه أقرب ما يكون إلى الجنوح الطوباوي العسير في هذا (العصر) المادي. «تتجير» العالم و «تسعير» الكون، هو ما نخشاه من خلال العولمة السلبية المستهلِكة لا العولمة الإيجابية المانحة والمضيفة لصورة الكون ألواناً أُخرى تضاف إلى الألوان الأساسية لثقافات الكون وحضاراته. لم تعد نزعة بيع الكون وشرائه تقتصر على ما نأكل ونلبس ونركب فقط، بل حتى على ما نعتقد ونتذوق ونفكر ونتأمل. حتى الدعاة والوعاظ الدينيون الذين كانت لهم قيمة من قبل، أصبح الآن لهم ثمن! عاشت كتلة من شعوب العالم فترة من الزمن مضت تحت هيمنة نظام يسعى إلى تثقيف السلعة، أي حشوها مهما كانت بريئة وبسيطة وتلقائية بمفاهيم وشعارات تخدم (نظاماً) لا يترك شيئاً إلا أدلجه. وانقضى زمن تثقيف السلعة، وجاء الآن زمنٌ آخر بمفاهيم وشعارات تخدم (نظاماً) آخر لا يترك شيئاً إلا استربح منه. فهو لا يريد فقط أن يُحرّر السلعة من الأدلجة ويجعلها سلعة فقط، بل زاد في نزعته السلعوية إلى درجة أنه يريد أن يجعل…

آراء

فتشوا عن ” كائنا من كان “

الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠١٣

بعكس زملائي الكتاب قررت ألا أكتب عن الغرق الجديد، أي غرق مدينة الرياض عاصمة البلاد التي تقع فيها الوزارات ومقار القرارت، وتشرف عليها بشكل خاص أكثر من هيئة وجهة. أقول صادقا أنني اخترت البعد عن وجع القلب وتعكير المزاج وأذية النفس بالإنفعال الذي لا طائل منه، والغضب الذي يرفع الضغط وقد ينتهي بصاحبه إلى طواريء المستشفى لتبدأ حكاية أخرى لا تقل ألما. قبل أن تغرق جدة ونحن نكتب عن قرى في محافظات الأطراف تغرقها الأمطار وتجتاحها السيول كل عام لتخلف دمارا شاملا، ولا زال الحال على ما هو عليه. ولكن لأنه حين تغرق المدن المركزية التي رصدت لها آلاف المليارات فإن الحال يختلف، لهذا عندما حدثت كارثة جدة الأولى قلنا لعل فيها خيرا رغم مأساويتها، لأنها ستكشف عوار القريب والبعيد، القاصي والداني، وسوف تعيد ترتيب الأوراق من جديد ليصلح الحال، لكن حدثت الكارثة الثانية، وأعاد الفساد ترتيب أوراقه ورحنا معه في مسلسل إسمه يا ليل ما أطولك. لا زلنا نتذكر ذلك الخطاب الحازم القوي لخادم الحرمين الشريفين الذي أكد فيه أن سيف العدل سيهوي على هامة الفساد، وأن العقاب سيطال كائنا من كان إذا ثبت تورطه فيما حدث، ونعرف جيدا أنه يعني ما قاله بعد أن أوكل الأمانة إلى المسؤولين المكلفين بها، لكن مضى الوقت ونحن ننتظر وننتظر وننتظر، ولم…

آراء

أطر المصلحة الوطنية السعودية وتطبيقاتها

الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣

أشار المقال السابق إلى أن مفهوم "المصلحة الوطنية" يعد مفهوما مطاطا وغائما، ما يجعل تحديد المصلحة الوطنية على وجه الدقة أمرا صعبا بطبيعته، وهو تحد تواجهه جميع الدول بلا استثناء نظرا لكون تحديد المصلحة هنا يتداخل بين عديد من العوامل ومنها التباين الفكري داخل الدولة ورؤية الدولة نفسها للعالم ولساحته السياسية وتعريفها لما تكمن مصلحتها فيه. ويشير مصطلح "المصلحة الوطنية" في أبسط تعريفاته إلى "المنفعة" المتوخاة لأي دولة كهدف نهائي لسياستها الخارجية، فالدولة في نهاية المطاف هي إطار تنظيمي بحدود جغرافية يجمع شعبا تحته ويعمل على تحقيق المنفعة لهم ودفع الضرر عنهم. المصلحة الوطنية يمكن اعتبارها هنا بمثابة "نجم الشمال" للسياسة الخارجية لأي دولة، فهي تحدد وجهة السياسة ضمن مساحة متعددة الأبعاد. إلا أن تحديد الوجهة لا يعني بالضرورة تحديد الدرب الأمثل للوصول إليها، وهو ما يزيد من تعقيد المسألة. المعضلة الرئيسية عند الحديث حول مصلحتنا الوطنية حاليا تبرز عند تقاطع الأطر العامة لهذه المصلحة مع تطبيقها على أرض الواقع. تقوم السياسة الخارجية السعودية على عدة مرتكزات، لعل أبرزها وأهمها هو سياسة حسن الجوار، وعدم التدخل في شئون الغير، والحياد الإيجابي والمحافظة على الوضع الإقليمي القائم status-quo، بما يخدم أمن واستقرار المنطقة اللازمين لدفع التنمية. إلا أن الواقع الإقليمي يفرض أمورا عكس ذلك تماما، فالدور الإيراني في المنطقة –على سبيل…

آراء

حزب الله يخاف السخرية

الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣

غضبت الأسبوع الماضي في لبنان جموع شعبية (أو استغضبت!!) لأن برنامجا ساخرا تناول شخصية الأمين العام للحزب حسن نصر الله. ترجم الغضب اعتصامات وقطعا للطرقات في استعادة لـ«غضب شعبي» مماثل حدث عام 2006 حين جرى تقديم نصر الله بشكل ساخر أيضا. لكن وبعد المظاهرات وأحداث الشغب الأولى عمد مقدمو البرامج الساخرة إلى تجنب تناول نصر الله والاكتفاء بتقليد شخصيات أخرى من حزب الله وإبقاء نصر الله شخصيا بعيدا عن التناول. جرى حينها تعميم أن نصر الله رجل دين ولا تجوز السخرية منه. كان ذلك قبل الثورات العربية وقبل أن تجد السخرية طريقا أكثر جرأة لها، بحيث بات رجال الدين والسياسة والزعماء مادة السخرية وعمادها الأول، سواء عبر رسوم الغرافيتي أو اسكتشات تلفزيونية، أو عبر الإنترنت الذي قد يصبح الساحة الوحيدة لهذا النوع من السخرية مع الانتكاسة التي تعرض لها العربي الأهم في هذا المجال، المصري باسم يوسف. والسخرية في لبنان خاضعة لحسابات الانقسام السياسي في البلد وانقسام إعلامه أيضا. ومعادلة تناول نصر الله هي في قلب هذا الانقسام. والنقاش هنا ليس بشأن المستوى الفني أو الفكرة التي جرى تقديم نصر الله وغيره بها؛ ففي لبنان تميل البرامج الساخرة لأن تكون تهريجا وتقليدا للشخصيات ولعبا على وتر الجنس بابتذال غالب، أكثر مما هي فكرة لماحة أو عرض لتناقض يفضي إلى الضحك.…