آراء

آراء

لماذا نطالب باستقلالية الجامعات السعودية؟

الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣

طالبت في أكثر من مناسبة بتغيير نظام التعليم العالي والجامعات الحالي الذي صدر العام 1414هـ (1994) بنظام جديد يمنح الجامعات السعودية حكومية كانت أم أهلية استقلالية حقيقية عن كل السلطات خارج الجامعة حتى تتمكن من بناء منظومتها الأكاديمية والإدارية وفق ما تمليه عليها الخبرة والمهارة والمعرفة القيادية لدى النخبة الأكاديمية داخل الجامعة. لا أعتقد أن عيوب النظام الحالي بخافية على كل من يتابع الوضع الراهن في الجامعات ويقارنه بما يحدث على الساحة الدولية من حراك وتطور وصدقية. فالنظام الحالي يقيّد الجامعات من أن تنطلق نحو بناء شخصيتها وقدراتها الذاتية، ويقيدها من أن تقوم بدورها المأمول في قيادة التنمية الشاملة في المملكة من خلال تأهيل القوى البشرية، ومن خلال البحث العلمي ومن خلال دورها العلمي والثقافي والتنويري. أما التطور الذي حصل في مجال التعليم العالي خلال الأعوام العشرة الماضية فقد كان تطوراً كمياً تمثل في تأسيس عدد كبير من الجامعات الحكومية والأهلية، ولكنه كان قاصراً جداً عن إحداث تغيير حقيقي في هوية الجامعات فضلاً عن التحسن في جودة المقررات الأكاديمية، ورفع مستوى التدريس، وفي مستوى البحث العلمي وصدقية الجامعات وحسن إدارتها. لكن أصداء المطالبة بتغيير نظام التعليم العالي لا تزال ضعيفة، فمعظم القيادات الأكاديمية في الجامعات تتجاهلها لأسباب كثيرة، منها ما يتعلق بعدم القدرة على نقد النظام الحالي لاعتبارات شخصية، ومنها…

آراء

البديل عن مكافحة الفساد!

الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣

لما كنت طالبا في أميركا، وكنت أزور المكتبة العامة في المدينة يستوقفني كثيرا ركن في المكتبة يتضمن كامل الكشوفات المالية لمختلف الهيئات الحكومية للمدينة، مع كامل المعلومات بأدق التفاصيل في مجلدات ضخمة لكل عام. هذه الكشوفات والتفاصيل متاحة لأي زائر للمكتبة للاطلاع عليها دون أي قيود. كنت دائما أتساءل في نفسي عن التأثير الكبير لو تم تحقيق ذلك لدينا. لما صدر قرار خادم الحرمين الشريفين بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تبادرت هذه الصورة فورا إلى ذهني. كان قرار التأسيس التزاما عميقا من الدولة ليس فيه ذرة تردد في مكافحة الفساد، فالفساد هو ذلك السوس الذي ينخر في الإنجازات ويدمرها لمصلحة الأفراد الذين قرروا خيانة أوطانهم، ويستحقون شن الحرب عليهم من مؤسسات الدولة وقيادتها العليا. لو قرأت في مختلف الأدبيات الإدارية لمكافحة الفساد حول العالم لوجدت أن الحل السحري الأمثل لمكافحة الفساد هو بكلمة واحدة "الشفافية". لذلك فإن المقياس العالمي الذي يركز على نسب الفساد ومكافحته في الدول يسمى بمقياس الشفافية. الشفافية هي نشر المعلومات وإتاحتها للجمهور، وهي تسمح للجمهور والمؤسسات الإعلامية بأن تتحول لقوة ضاغطة على الأيدي الفاسدة، وتسمح لهم بأن يقدموا الأسئلة التي يمكن من خلالها تطوير عمل المؤسسات الحكومية بشكل يمنع الفساد. تخيل بعد حوادث غرق الرياض الأيام الماضية، لو استطاع الجمهور والإعلام وصناع القرار وأعضاء مجلس الشورى…

آراء

“منفوحة”: أضاعوني وأي…

الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣

في عمق الذاكرة (الرسمية) من تاريخ وطني، سأكتب بلا تحفظ أن (منفوحة) كانت أقدم حارة رسمية في التاريخ (الرسمي) السعودي. على أطراف هذه الحارة بنى الإمام الموحد، راحلنا الكبير، عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل مكتبه الأول. في هذه الحارة بالتحديد، بنى كل المؤسسين الأوائل بذرة حياتهم الأولى، ومن كل حدب وصوب من أرجاء هذا الوطن الكبير، وسأجزم بأنه لا توجد أسرة أو حاضرة أو قبيلة إلا وتحمل إرثا عابرا لمثل هذا الرمز الوطني من هذه الحروف الستة: منفوحة. كيف أضعنا هذا الرمز الوطني؟ ولماذا تحولت هذه الذاكرة الوطنية بكل إرثها وتاريخها إلى أول حالة شغب وخوف في تاريخ المدينة وتاريخ كل المدن السعودية؟ لماذا تحولت هذه (المنفوحة) الأثيرة الغالية إلى جرح نازف في خاصرة الخارطة الأمنية؟ سأشكر (منفوحة) من القلب لتاريخها المجيد الذي توحدت في جنباته كل القبائل والأسر والأعراق ذات زمن، ثم سأشكرها مرة أخرى، لأنها بأحداثها الأخيرة أيقظت شعبا مكتملا، ثم أعادت توحيد شعوره ومشاعره وهو يسهر معها في لحظات مؤلمة تنم عن انتماء شعب. وإن لم نستيقظ على جرح منفوحة النازف، وإن لم نكسب هذه الجولة، فلن نكسب من بعدها جولة، ولن نصمد في مواجهة. سيبقى السؤال الشجاع الصريح: كيف أضعنا أول حارة رسمية في تاريخنا المعاصر؟ ولماذا وكيف ومتى؟ وإن لم نبحث كل هذه الأسئلة بشجاعة فلا…

آراء

اليمن: تعقيدات جديدة في نهاية الحوار

الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣

تزايدت خلال الأيام الماضية مشاريع كانت غائبة عن الأذهان لكنها أضحت تصب في خانة واحدة، هي ما صار يعرف بالمرحلة التأسيسية أو الانتقالية الثانية. وتكاثرت التبريرات والشروحات لإثبات أهميتها، حتى إن المبعوث الأممي انخرط في هذه القضية وقال إن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لم تنصا على انتهاء المرحلة الانتقالية في 21 فبراير (شباط)، وأوضح أنها لا تنتهي إلا بإنجاز المهام الموكلة إليها، بل وهدد بإلقاء كل من يقف في وجه ما يراه الحق إلى مزبلة التاريخ، وهو تصريح يدعو الجميع للوقوف بجدية لإعادة قراءة النصوص وسؤال الذين صاغوا الآلية التنفيذية عن نواياهم الحقيقية حينها، والتصدي لمحاولات إثارة الشكوك حول النصوص والدخول في متاهات الاجتهاد والتفسير. الحاصل الآن هو تكرار لما كان يحدث في العهد السابق، ونفس المشاركين في إخراج الأحداث في الماضي ما زالوا يمارسون نفس الدور ويتفننون في طرح ما يتناسب مع المزاج السائد لدى الحاكم في كل المراحل، ويتناسى هؤلاء أن صمتهم عن كل التجاوزات في كل العهود التي كانوا شركاء أصيلين فيها هو الذي أودى بالبلاد إلى هذا المصير المجهول الذي ندفع جميعا أثمانه الباهظة وستتحمل تبعاته أجيال قادمة ستفيق على أطلال وطن دمرته الأهواء والنزاعات التي كان الصالح العام فيها هو أبعد هموم نخبها. خلال الأسابيع الماضية ازداد ارتباك الساحة السياسية، وانهمك المؤثرون فيها بقضيتين قد…

آراء

لا تبندوا في «الويوههم»!

الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣

في منتصف ستينات القرن الماضي كان هناك مراهق اعتاد أن يمارس هوايته في تفكيك وإعادة تركيب بعض الأجهزة الإلكترونية.. وذات يوم أثناء ممارسته لهذه الهواية وجد أنه وصل إلى مرحلةٍ ما في أثناء إعادة تركيب أحد الأجهزة، واحتاج إلى مساعدة في الأمر.. ولأنه «على ويهه» فقد فتح دليل الهاتف وبحث عن اسم «بيل هيوليت».. الشريك المالك لمؤسسة «هيوليت – باكارد HP» التي اشتهرت بهذا اللون من الصناعات في ذلك الحين، واتصل به شخصياً لسؤاله.. الصدفة أن الرقم الذي كان مسجلاً في الدليل كان للمنزل الخاص للمليونير الأميركي.. وقد أجاب على الاتصال.. واستمرت المكالمة 20 دقيقة.. حصل خلالها المراهق على استفسار لإجابته، بالإضافة إلى عقد لتدريبه في الصيف في أحد فروع الشركة. والأجمل أن الحادثة قد أعطت دافعاً وثقة بالنفس لذلك المراهق الذي أصبح بعد 20 عاماً أحد أهم المبدعين في القرن الـ21، وأنا أكتب وأنت تقرأ (غالباً) باستخدام أحد أو بعض منتجات شركته العملاقة «أبل»، أصبح ذلك المراهق ستيف جوبز، أيقونة في التحدي والمثابرة والإبداع.. على الرغم من أنه توفي وهو يحمل سره معه.. لماذا هي التفاحة مقضومة؟! القصة جميلة.. لذا أرجو منك أن تقرأها و«تقلب الصفحة».. أما أن تحاول تجربتها.. فـأنت حر! هل تعتقد فعلاً أن الوصول إلى المختصين في المجالات الإبداعية المختلفة ممكن؟! عليك المرور أولاً بمشوار الحياة..…

آراء

حتى يخرج العرب من مآزقهم

الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣

تجسد الحالة المصرية بصراعات جماعاتها المختلفة على السلطة، حالة عربية عامة لم يُمأسس فيها الصراع على السلطة ضمن أطر دستورية، منذ أن بدأت تتشكل فيها هياكل الدولة في أطرها الحديثة. وهي حالة تجسد انسدادات الأفق المتعلق بالتغيير الذي لا يمكن حصره في فريق دون آخر. وككل الصراعات العربية على السلطة، فإنها ونتيجة لافتقادها للأطر المؤسساتية، بل لافتقاد نخبها السياسية لثقافة سياسية ضابطة لأشكال الصراع السياسي، فإنه نتيجة لذلك يتجه ليكون صراعا على الحكم والسلطة أكثر منه صراعا على تطوير آليات الحكم والسلطة. وأعتقد أن الطريق نحو الديمقراطية أو لنقل بناء نظام جديد وحديث للحكم، لن يكون سهلا وممكنا في مداه الزمني القصير. فالطريق إليه وكما يبدو قد سبقته صراعات ليس فحسب بين النخب السياسية القائمة، أو بين أولئك الماسكين بالحكم والخارجين عليهم، بل إنه بدا صراعا اجتماعيا عميقا أخذ تجلياته في الصراعات المستعرة الآن بين الطوائف والمذاهب والإثنيات. وهي صراعات قد لا تتوقف عند تدمير المجتمع فحسب، بل إن تداعياتها على الدولة أكبر من ذلك بكثير. وهي كذلك لا تأتي على الدول المستعرة فيها هذه الصراعات بل إن تداعياتها وامتداداتها، وبفعل التواصل التكنولوجي الذي بات مكتسحا ومؤثرا، باتت مخترقة لبعض إن لم يكن جل مستويات الإقليم العربي وزواياه الاجتماعية، وإن أصابت في ذلك المشرق العربي بفعل طبيعته الفسيفسائية المتشكلة فيه…

آراء

متى تنهض المدن العربية؟

السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٣

عندما كنتُ صغيراً، كان أبي يحرص على اصطحابي وأخي بدر معه كلما سافر إلى مدينة عربية ليُشارك في مؤتمر ما. وأذكر أنني عندما زرتُ القاهرة لأول مرة مع العائلة في العام 1990 شعرتُ بأنني في عالم مختلف. كل شيء كان كبيراً، وكثيراً، ومتنوعاً. كان الناس والسيارات والضوضاء والألعاب والأشياء تتزايد بطريقة عشوائية لتُحدث زخماً في عقلي الصغير. كانت تلك أول صدمة حضارية في حياتي، وشعرتُ بأنني أريد أن أعيش في عالم ممتلئ كذاك. ثم مرّت عشرون عاماً، وزرتُ القاهرة مرة أخرى، إلا أنني لم أشعر بشيء من ذلك الزخم. لم تعد القاهرة كما هي، حتى عندما زرتُ الأهرام لم يُرهبني الوقوف عند سفحها. وعندما عدتُ إلى الفندق شعرتُ بأن أحداً اغتال روح تلك المدينة العظيمة. وكذلك باقي المدن العربية، يشعر الزائر إليها اليوم أنه ما يزال في ثمانينات القرن الماضي. كانت الثمانينات جميلة ولكن في وقتها فقط، فالشوارع كانت جديدة، والجسور المتواضعة حينها كانت تبدو لنا عظيمة.. وسيارات الأجرة الصغيرة التي لم تكن بها عدّادات لحساب سعر الرحلة، كانت كافية لتلبية احتياجات مدن محلية بدأت للتو بالانفتاح على الدنيا. إلا أن العالم تغيّر، وقفز، بسبب تقدم علوم الهندسة والإدارة والتكنولوجيا والطب، قفزات نوعية، ولم يعد في وسع الإنسان اللحاق بركبه إلا إذا كان في بحث دائم، وتجديد مستمر. وقبل أيام…

آراء

(فطفطة).. قراءة في قرار التصحيح

السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٣

للجمعة الثانية بعد قرار التصحيح لم نجد أمام مساجدنا ذات المنظر القديم المألوف من (بسطات) الخضار والجوارب. السبب لأننا لم نستورد من قبل وافدا بمهنة (بسّاط) أو بائع جورب. للجمعة الثانية على التوالي يبدو الربع الأخير من المسجد فارغا بعد أن كنا نصلي في الشوارع المحيطة بالمسجد، ورغم أن أحدا لم يقل لكل هذه الآلاف: (لا تصلون الجمعة). لليوم العاشر على التوالي من قرار التصحيح لم نجد أي صعوبة في (حلق الذقن) وغسل الثوب وشراء كيس البطاطا وطحن كيس الذرة. بكل اختصار مفيد مباشر: لن نموت كالضفادع إذا ما استطعنا ترحيل ثلاثة ملايين وافد أجنبي يعملون في سوق مفلوت وسائب. باختصار أيضا: ما زلنا على قيد الحياة وما زلنا نأكل ونشرب رغم أننا في الأسبوع الأول من كامل اليقظة ومن ذروة التفتيش وسنام رأس الحملة. تصوروا فقط: لو استطعنا مع هذه الحملة مجرد ترحيل مليون مخالف من بين الملايين الأربعة، كما تقول الإحصاءات، لاستطعنا توفير ثلاثة ملايين وجبة يوميا (مدعومة) للمواطنين: من دعم الأرز إلى قروض مصنع الدجاج مرورا بالفول والقشطة.. ومع هذا فهذه ليست القصة ولا القضية. سأقول لكم بكل صراحة وشجاعة: إن كل قراراتنا مجرد (فطفطة) وفزعة في أسبوع القرار الأول، وفي مرات نادرة تصمد حتى نهاية الشهر الأول. سأضرب لكم هذا المثال: عندما عرض علينا الجريء (صلاح…

آراء

“تويتر” أم توتير؟!

السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٣

بحمدلله تاب على يدي مجموعة من قوم "الفسابكة" وأصبحوا من المغردين وحًسُن تغريدهم، ولجت ميدان التحريك الفكري "تويتر" قبل أقل من عامين فعليا، لا يتعب نفسيتي الا كمشة من مشايخ تويتر، الذين في بداية انتشار هذه الصفحة التفاعلية أصدروا فتوى بتحريمه، وهاهم اليوم يزاحمون حتى الفنانين في التغريد والنعيق أحيانا,, لا أسهل من الفتوى "التويترية"، مجرد أن يكتمل "كيف" بعض المشايخ، إلا ويطلق شيء كان أفضل أن يطلقه بمكان آخر، وتسمى الجملة التي تأتي في 140 حرف فتوى..وهكذا ببساطة! دعونا نسمي هذه الأنواع من الفتاوى التي يَدعها بعض المشايخ على وجوه متابعيهم ومن يتبعهم أسم "فتاوى شًنارية" وللذين يسألون عن متن التسمية، فمردها لطائر الشنار، الطائر ذي الحجم الضخم الذي يقترب من حجم دجاجة وذقن سوداء مخططة، قد يكون منظره محببا للبعض لكن الصيادين وحدهم من يعرف كم هو طائر جبان وقد يتراجع فورا إلى مكمنه بعد أي شطحة! الفتاوى "الشنارية" التي تنطلق في صفحات التويتر، من عشة الى عشة، ومن ذقن الى "كشة" ، فتحرم مثلا السفر الى "المريخ" مثلا، وتحرم مثلا " التغريد" على مخلوقات تدعى "الإناث"، وفتوى بسرعة صاروخية مثلا "بحرمة اعتمار الكائن الغريب الذي يسمى امرأة في أوقات الازدحام" في الصحن المكي.. وغيرها من "الفتاوى الشنارية" التي قد تتجاوز كونها فتوى حتى إحراج دول واضطرار ولاة…

آراء

نهاية «لعبة الأمم»

السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٣

لنتوقف عن التفكير بعقلية الخمسينات والستينات، ولنلقي بكتاب رجل الاستخبارات الأسطوري مايلز كوبلاند «لعبة الأمم» الشهير بعيداً، فلم يعد رجال الاستخبارات المحلية والعالمية قادرين على تغيير التاريخ وتأسيس الدول، ورسم الحدود وصناعة الزعماء. نعم يستطيعون تخريب المسار ووقف الحركة، لكنهم سيعجزون عن تشغليها من جديد وتوجيهها الوجهة التي يريدون، وللأسف فإن كلفة ذلك باهظة، تدفعها الشعوب التي تتطلع إلى حياة أفضل بتعطل الحراك السياسي في وطنها، بل أحياناً يدفع كلفة ذلك من اعتقد أنه انتصر وغيّر مسيرة التاريخ. ولكن البعض لا يتعلم ويصر على أن ثمة صفقات يمكن أن تعقد، وهناك قطاعات شعبية واسعة لا تزال تعتقد أنها مجرد «أحجار على رقعة الشطرنج» - هذا كتاب آخر ينبغي التوقف عن قراءته - فتجلس مستكينة تنتظر ما يقرر لها، فيسارعون بقبول ما يروجه كتاب أعمدة ومحللون سياسيون أن ثمة صفقة سياسية كبرى تحاك في عواصم عدة محورها إيران، في مقابل مصالحة تاريخية بينها وبين الغرب تتنازل بها عن مشروعها النووي ولو في شكل موقت، وتوجيهه تماماً نحو إنتاج الطاقة فقط، فتُترك لها سورية منطقة نفوذ، ويعاد تأهيل النظام هناك في شكل أو آخر. في المقابل تحصل السعودية على لبنان كجائزة ترضية، وتشكل فيه حكومة تقبلها وتصطلح مع «حزب الله»، ويستمر ذلك الذي لا يزال يعيش في ستينات القرن الماضي في إعادة…

آراء

الثأر العربي يدهش العالم

السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٣

بحسب الدراسات التي يفرج عنها، يتبين أن العرب في الوقت الراهن، هم من أكثر شعوب البسيطة بدائية وعنفا. وإن كان المشهد الدموي العربي بحد ذاته كفيلا بإملاء النتائج والخلاصات المخيفة، فإن ما ينشر، يعزز التصورات الأولية ويؤكدها. وتبعا لـ«مركز دراسات الحروب الأهلية» في أوسلو، فإن خُمس الكرة الأرضية كان في نزاعات أهلية أثناء الحرب الباردة، لكن مع منتصف تسعينات القرن الماضي، أخذت هذه الحروب تنحسر، بسبب انتهاء الصراع بين أميركا وروسيا وتوقف التمويلات. وانتهت معظم هذه الصراعات بلا غالب أو مغلوب، مما عزز السلام وسد الأبواب أمام أي حركات ثأرية مستقبلية. ونشرت «الإيكونوميست» دراسة مفادها أن أكثر الحروب الأهلية شراسة انتهت حينها، مثل تلك التي شهدتها سري لانكا أو تشاد وكذلك دول أفريقية كثيرة، وأن الحروب الأهلية باتت أقل شراسة من ذي قبل، كما أن مدتها تقلصت، إلا في ربوعنا، حسبما نلحظ. وتبقى المنطقة العربية بشهيتها الفائقة للدم والمجازر حالة شاذة، في وقتنا الراهن، تستحق أن يشار إليها بالبنان. فالبعض يعتبر أنه بدءا من 2007 عاد مؤشر الصراعات الأهلية في العالم، ليعطي إشارات سلبية بفضل العرب، والعدد الكبير من القتلى الذين سقطوا في أفغانستان وجنوب السودان وسوريا وليبيا بشكل خاص. العرب يسبحون عكس التيار، وفي الوقت الذي كانت فيه شعوب الأرض تتنفس الصعداء، بانهيار جدار برلين، وتنطلق صوب التنمية ورعاية…

آراء

أميركا وإيران.. كره المحب!

السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٣

الحديث عن صفقة أميركية إيرانية هو حديث قريب إلى الجدية، كلتا الدولتين تحتاج إلى هذه الصفقة، بأقل قدر من التنازلات إن أمكن. الولايات المتحدة بسبب مجموعة معقدة من العوامل ترغب في أن ترى مخرجا (مشرفا) لمنع التسارع في العد التنازلي الإيراني باتجاه شيء ما من التمكن من قدرة نووية عسكرية، وإيران لأسباب معقدة أخرى، ترغب بأن تمتنع في الربع ساعة الأخير عن تحقيق تلك النتيجة لأسباب اقتصادية واستراتيجية خاصة بها من أجل رفع الحصار عنها من جهة، والاعتراف النهائي بنظامها من جهة أخرى، فنعومة التعامل بين الطرفين هي نعومة المضطر لا نعومة المقتنع. مما تسرب حتى الآن أن مشروع الخطوط العريضة أو ما يسمى بـ«المخطط الأزرق» لأفكار الصفقة ليس فيه الكثير من الجديد، فقد كان معروضا من إيران ومقبولا من الغرب، قبل وصول أحمدي نجاد إلى الحكم في إيران، بل منذ 10 سنوات على وجه التحديد، وتعطل المشروع بسبب مجموعة من المتغيرات، منها احتلال الولايات المتحدة للعراق، والقلق الذي انتاب إيران جراء ذلك، ثم عادت الفكرة إلى الظهور من جديد. يرى البعض أن «المخطط الأزرق» الجديد للصفقة هو من منظور غربي يحقق أقل مما عرض قبل أكثر من عقد، إلا أن القبول الغربي به الآن منقوص، بسبب مجموعة السياسات التي تبنتها الإدارة الأميركية الحالية، وليس بخاف أن السيد علي خامنئي…