آراء
السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢
ميليشاتٌ فكرية تجوب الأفق، تدعوك للاصطفاف معها، وإلا فأنتَ ضدها. تشتمك، لا تبغي إهانتك فقط، ولكنها تريد أيضاً جرّك إلى أوحال الغضب، والسفاهة، والفُرْقة. حاولتُ أن أكرهها لكنني فشلت. حاولتُ مراراً، فاكتشفتُ أن الكُرْه يحتاجُ إلى كمية هائلة من الغباء، وكم عظيم من الجهل. الكُرْه تعريف آخر للظلام، وأحد مرادفات الظُلْم، وقناعٌ يرتديه الضلال عندما يحاول أن يكون مُثقفاً، أو واقعياً، أو مُخْلصاً. حاولتُ أن أكره عدوّي، وعندما أدعوه عدوّي فإنني لا أفعل ذلك لأني أكرهه؛ بل لأنه يناصبني العداء، أما أنا فأناصبه التجاهل. فهو يؤمن بما أؤمن به، ويتحدث لغتي، ويُعظّم نفس شعائري، ولذلك لم أستطع أن أكرهه. قرأتُ مرة رسائل النبي –صلى الله عليه وسلم– إلى أعدائه فوجدتُ أنه كان يخاطبهم بأدب عظيم، وبقلبٍ رحيم، وبعقلٍ حكيم. كَتَبَ إلى أحدهم: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى». وكتب إلى آخر: «من محمد عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط». وآخر: «من محمد عبد الله ورسوله إلى كسرى عظيم فارس». فتساءلتُ: لماذا يُنزِلهم منازلهم وهم أعداؤه ولا يؤمنون بربّه؟ فأدركتُ حينها أن كره أحدنا لعدوه لن يساعده على التغلب عليه. إن أكبر عدو للإنسان هو الكره، ومَن تغلّب عليه فقد انتصر في أكبر معارك الحياة. حاولتُ أن أكره…
آراء
السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢
مع احتفال مصر بثورة 23 يوليو انفجر جدل هناك، كيف نحتفل بثورة يوليو وقد أسقطناها في 25 يناير؟ طرح هذا السؤال بقوة. الشباب هم الذين كانوا يتساءلون أكثر. بالنسبة اليهم ثورة يوليو تمثل «حكم العسكر» والقمع والاستبداد، إنها الأم الحاضنة لنظام مبارك الذي انتفضوا ضده. أسئلة أخرى عن «تعارض» احتفال الرئيس الجديد محمد مرسي بذكرى الثورة مع كونه من «الإخوان» الذين ناصبتهم الثورة العداء وناصبوها مثله. بالطبع كان هناك من يدافع عن الثورة، ويبرز إنجازاتها ويقول إن «25 يناير» ستصحح أخطاءها. الرئيس مرسي قال قولاً كهذا في كلمته بمناسبة الثورة. يمكن تفسير كل ما سبق على أنه صراع سياسي، ولكنه أيضاً صراع طبقي. إنها أصوات الطبقة الشعبية الجديدة المهمشة التي وجدت مكاناً لها تحت الشمس المصرية بعد 25 يناير، «ولكن أهم إنجازات ثورة يوليو هو إلغاء الطبقية وحكم الإقطاع وانحيازها للمهمشين من عمال وفلاحين».. سيصرخ فينا أحد المدافعين عنها. إنه صادق، ولكنها وخلال سنوات قليلة شكلت طبقتها الحاكمة الجديدة، بعدما تحولت إلى ديكتاتورية. الديموقراطية هي التي تمنع استئساد الطبقات الحاكمة وإن كانت لا تلغيها. فالأثرياء فرصهم في التعلم أفضل، وبالتالي حظوظهم في لعبة الديموقراطية أكبر، ولكنها لا تمنع أصحاب الكفاءة من تدرج عتباتها بينما الديكتاتورية تمنعهم من ذلك، فهي تقدم الولاء على الخبرة والإتقان. إلغاء الطبقية التي حكمت العالم العربي…
آراء
السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢
في صالون زياد الدريس، في منزله في باريس، سعدت بمقابلة عدد من السفراء العرب لدى منظمة اليونسكو. وسعدت أكثر حينما عرفت أن الدكتور زياد الدريس، سفير المملكة لدى اليونسكو، يقيم صالونه الثقافي شهرياً. في هذا الصالون، تجتمع أصوات ثقافية عربية مهمة، بعضها مقيم في باريس والآخر يكون في زيارة عابرة لفرنسا. ما أظن مثقفاً أو إعلامياً سعودياً مر بباريس من دون حضور مناسبة ثقافية من ترتيب سفيرنا النشط لدى اليونسكو. فإن فاتت الزائر جلسة أبي غسان الثقافية رتب له زيارة ممتعة لمقر اليونسكو في باريس. و إن لم يسعفك الوقت لحضور صالونه الثقافي أو زيارة مقره في اليونسكو فإنك غالباً ستحظى بجلسة ممتعة معه في مقهى باريسي أنيق. ومع أن الدكتور زياد ليس في حاجة لشهادتي، وهي أصلاً شهادة مجروحة بحكم الصداقة الطويلة، إلا أن الواجب الوطني يحتم علينا أن نحتفي برموزنا الوطنية خصوصاً تلك التي تمثلنا في الخارج. أجزم أن مقولة «المسؤول الصح في المكان الصح» تنطبق على سفيرنا في اليونسكو. إنه دائم الحضور في الفعاليات الثقافية المهمة، في العالم العربي وخارجه. وفي فعاليات دبي المهمة، يكون زياد الدريس أول الحاضرين وأكثرهم مشاركة وتفاعلاً. أما أنشطته في اليونسكو فيكفي أن نعرف أن زياد الدريس من الأسماء المهمة والمؤثرة على صناعة القرار في المنظمة الدولية المهمة. ثمة دائماً فرق بين…
آراء
الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢
أثناء الغزو العراقي للكويت تفاجأت النخب الكويتية، على اختلافها، الإسلامية والقومية، بالمواقف المخزية التي اتخذتها بعض النخب التي تنتمي لنفس تياراتها الفكرية في مختلف الأقطار العربية، بوقوف الأخيرة موقف المؤيد للغزو العراقي. عندها شعر الكويتيون بأن ارتباطاتهم الأيديولوجية والتنظيمية بالتيارات التي تمثلها تلك النخب لم تكن في محلها، وخصوصاً عندما وقفت النخب الخليجية بمختلف انتماءاتها الفكرية، مؤيدة للموقف الكويتي ورافضة تماماً لأي تبرير تجاه الموقف العراقي. وبعد تحرير الكويت أعادت كثير من النخب الكويتية تفكيرها في انتماءاتها الحَرَكية والأيديولوجية المرتبطة بالخارج، وأدركت أن لكلٍ حساباته الخاصة ومصالحه التي سيقدمها على حساب الآخرين حتى وإن عنى ذلك سلبهم ممتلكاتهم وأرضهم وأرواحهم، طالما أنهم لا ينتمون إلى أرض واحدة. واليوم يعيد المشهد نفسه ولكن على نطاق أوسع، جغرافياً وأيديولجياً، فالناظر إلى الانتماءات الفكرية لأبناء الخليج لا يكاد يجد انتماءً محلياً صِرفاً، بل بات كثير من الخليجيين يستوردون أيديولوجيات سياسية أو مذهبية أو عقائدية من الخارج، أي من دول الجوار والدول العربية، ثم يحاولون إقحام تلك الأفكار والممارسات في داخل مجتمعاتهم، متغاضين في كثير من الأحيان عن عدم مناسبتها للخصوصية الاجتماعية المحلية، والتركيبة السياسية لذلك البلد. والناظر إلى ما يجري في الإمارات منذ عدة أشهر يستغرب من الصراعات الأيديولوجية الحديثة تماماً على مجتمعنا، والتي توزعت بين ثلاثة تيارات فكرية: الأخوان المسلمون، والتيار السلفي،…
آراء
الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢
في إحدى القنوات الإخبارية تابعت تقريراً عن أماندا ، أماندا هي فتاة إندونيسية تقطن في جاكرتا ، وتضطر لاستخدام وسائل النقل العام في تنقلاتها عبر شوارع العاصمة ، تعرضت أماندا لحادثتي تحرش في الباص ، ما دفعها للالتحاق بفصول نسائية لتعليم مهارات الدفاع عن النفس ، وبحسب التقرير فإن أماندا ليست استثناءً فهنالك فالعديدات من بنات جنسها وجنسيتها أصبحن يرتدن هذه الفصول بهدف تعلم المهارات ذاتها . وبعيداً عن موضوع التحرشات الذي بات ظاهرة عالمية تشتكي منها السيدات ، فلا أدري لم قفزت إلى ذاكرتي مجدداً بعض قصص التعنيف ضد العاملات المنزليات من قبل ربات البيوت ، ما دفع الكثير من البلدان لإعادة النظر في شروط عقود عمل العاملات المنزليات وإضافة شروط أخرى جديدة بما يوفر لرعايا تلك الدول الحماية المطلوبة خلال فترة إقامتهم في بلد العمل ، وفي حال توصلت الجهات المعنية إلى تسوية فيما يتعلق بإعادة فتح باب الاستقدام مجدداً من بعض الدول التي تم إيقافها سابقاً ، فحذار يا سيدتي ربة المنزل من أن يكون نصيبك " أماندا" أو إحدى مثيلاتها ، أن يكون نصيبك عاملة منزلية حاصلة على الحزام الأسود في الكاراتيه ، أو حاصلة على ميدالية ذهبية في الجودو ، الأمر الذي سيجعل تلك العاملة " البطلة " في وضع دفاع عن النفس مع أول…
آراء
الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢
مرة حاورت الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي في مكتبه في بوسطن. وجاء الحوار إلى دور المثقف في صناعة التغيير. كان سؤالي يفترض “المثالية” في المثقف وفي أدواره. وكان تشومسكي يذكرني أن المثقف في آخر النهار إنسان، مثله مثل بقية الناس في مجتمعه، وليس نبياً أو من الملائكة حتى نصبغ عليه المثالية. المثقف -في إجابة- تشومسكي له قناعاته التي قد لا يتفق عليها الناس وبالتالي يصدمهم أحياناً بآرائه التي لا تتوافق مع آرائهم. وهو أيضاً صاحب مصالح ومخاوف تبدأ من خوفه على عائلته ولا تنتهي عند خشيته على نفسه من السجن أو الموت. استغرب هذه الأيام من بعض الناشطين، في المجالس الخاصة أو في قنوات التواصل الاجتماعي، وهم يتحدثون بمثالية مفرطة عن “القيم” و”المبادئ” و”الأخلاقيات” التي يفترضونها في المثقف. وهم يضعون معايير تلك القيم والمبادئ وفقاً لآرائهم ومواقفهم. فالمثقف الذي لا يتفق مع مواقفهم يصبح مباشرة في نظرهم عميلا وخائنا وليس عنده مبادئ! والسؤال هنا: من يُقيّم من؟ ومن يملك الحق في الحكم على مواقف المثقف وقناعاته وتحولاته؟ لكن السؤال الأهم: كيف لإنسان أن يفترض في إنسان آخر أن يكون “كاملاً” والكمال من صفات الخالق لا من صفات البشر؟ صحيح، هناك “قيم” إنسان متفق عليها ربما جازت محاكمة مواقف المثقف تجاهها ولكن يبقى السؤال: من يحاكم من؟ مثقف يحاكم مثقفاً آخر؟ أم…
آراء
الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢
أخبار الصيف قاتمة وكل شيء عالق لا ينوي أن يمضي قدماً في طريق الحل، وقد لاحظت أن خيبة الصيف وضجره قد تسربت إلى نفوس الكثيرين، ولأنني أنوي أن أودعكم من أجل شهر إجازة فسأودعكم بواحدة من حكايات السفر والمطارات. منذ ثلاثة أعوام قضيت عطلة صيفية في لبنان جمعت خلالها كماً من الكتب، أحضرته معي إلى مكان إقامتي في دبي، وكان شهر رمضان قد بدأ. وبعد أن هبطنا من الطائرة لم أجد صندوق كتبي مع الحقائب التي جمعها لي العامل، بل وجدت بدلاً منه كرتوناً من الرطب فأعدته إلى موظف الخطوط السعودية شاكرة تعويضهم وأصررت على صندوق كتبي، فطلبوا مني أن أسجل بلاغاً في مكتب المفقودات بمواصفات كرتوني الذي يقارب حجمه حجم كرتون الرطب المهمل ففعلت وانتظرت أسبوعين، وكنت أتصل كل يوم بمكتب المفقودات وأسألهم: “هاه لقيتوا الصندوق؟ فأحصل على إجابة واحدة لا غير: لا”. بعد أن تأكدت من أن صندوقي “مفقود مفقود” كتبت مقالة بعنوان “ضاع الصندوق يا محمد” وهو عنوان أغنية مصرية شهيرة أرثي فيها صندوق كتبي وأتفجع عليه. من حسن حظي أن مدير الخطوط السعودية في دبي قرأ مقالي فأصر على أن يعد خطة تدخل سريعة لاستعادة الصندوق المفقود ليدرأ الفضيحة المعلنة، فطلب من الموظفين الاتصال بصاحب صندوق الرطب الذي ترك صندوقه حتى فسد، فالاحتمال الأكبر هو أن…
آراء
الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢
يصعب على أي مثقف أن ينأى بنفسه عن السياسة، خاصة حين يرى النظام الحاكم يحول بلده إلى لوحة سريالية مصطبغة بالأحمر، كما في سورية حيث تتباين المواقف، فحين بدأت الثورة في مارس 2011 لم يلتفت إليها كثير من مثقفي البلد، معتقدين أنها مجرد زوبعة في فنجان، ويبدو أنهم كانوا في قراءتهم للحدث مثل النظام الذي لم يستفد من مجريات "الربيع العربي"، ليكرر السلوك القمعي نفسه، فكبرت الثورة، وكلما ازداد القمع والقتل أكثر كبرت أكثر. ولأن الحالة السلمية لم تعد تنفع في مواجهة بالقتل، كان الرد المسلح من قبل جنود انشقوا عن الجيش لحماية أهلهم. وتطورت المعركة لتصبح الدولة كلها تقريبا جبهة قتال. وعلى الرغم من أن كل ذلك حدث وفق تطور منطقي لتداعيات وتصاعد الثورة، إلا أن عددا كبيرا من المثقفين ما زال يردد خطاب النظام، ومنهم من ينتظر أن تحسم المعركة ليحدد مكانه. لا يشكل المثقف السوري حالة خاصة، بل هي حالة لا تختلف عن غيرها في الدول القمعية. فالمثقفون في سورية اختلفت مواقفهم من ثورات "الربيع العربي"، فمنهم من أيدها بصورة مطلقة لأنه مع الحرية والديموقراطية، وتمنى أن ينطبق ذلك على بلده، ومعظم هذه الشريحة من المقيمين خارج الدولة وقلة في الداخل، ومن هذه القلة من عانوا الأمرين في السجون، لذلك لم يعودوا خائفين من قمع عرفوه، وبرغم…
آراء
الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢
التليفزيون السوري يؤكد بالفم المليان أن مؤامرة “كونية” تحاك بالتعاون مع “هوليوود” لإنتاج عمل ضخم تكلفته 36 مليار دولار لتضليل الشعب السوري وإيهامه بأن النظام قد سقط. الاستخبارات الصينية، حسب التليفزيون السوري، هي من كشف عن هذه المؤامرة التي سميت “السقوط المدوي”. والرسالة هنا للشعب السوري تقول يا شعب لا تصدقوا أي شيء يقال إلا ما يقال في إعلام النظام الرسمي. وفوق هذا، حتى ولو خرجت بيانات في “الإعلام السوري الرسمي” تتحدث عن سقوط القصر الجمهوري وغيره من المؤسسات الرسمية فلا تصدقوها، لأن من بنود المؤامرة الكونية إنشاء محطات فضائية نسخة من المحطات السورية. أي أن هوليوود بتمويل خليجي، ستبني دولة افتراضية اسمها سوريا. أنا لم أستغرب ثانية واحدة أن أسمع مثل هذا الجنون والحماقة والسذاجة في دوائر الإعلام السوري الرسمي. فمنذ بداية الثورة في سوريا كان الإعلام السوري يزعم أن المظاهرات التي تظهرها الجزيرة والعربية من ميادين سورية ليست سوى “مسلسلات” تصور في تركيا وقطر والسعودية لتضليل السوريين وتحريضهم ضد النظام. الحقيقة أن النظام يتهاوى. وهذه الحماقات من دلائل الانهيار. لم يترك النظام له أصدقاء، لا داخل سوريا ولا خارجها، إلا إذا استثنينا الحرس الثوري في إيران وحزب الله في لبنان. فحتى الروس والصينيون قد يبيعون مواقفهم المعاندة في أي لحظة. تلك هي الحقيقة. ولذلك يلجأ النظام السوري بكل…
آراء
الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢
قد يخطر في بال القارئ الكريم حالما يقرأ العنوان بأنني أنوي الإشارة إلى رواية الكاتب المعروف دان براون صاحب رواية شيفرة دافنشي المثيرة للجدل. إلا أنني في الواقع استعرت هذا العنوان لأشير إلى الطريقة التي يتعامل بها مجتمعنا بشقيه من أصحاب الصوت الأعلى، أي التيارين المحافظ والليبرالي، مع الكثير من قضاياه. فالتيار الليبرالي يحاول تصوير المواطنين والمقيمين في هذا البلد على أنهم ملائكة ويجب تشريع القوانين وإباحة الكثير من الأمور وفق هذا التصور، والعكس صحيح في حالة التيار المحافظ الذي يكاد يقدم سوء الظن في كل أمر مما يستدعي تحريم جل الأمور ولو كانت مباحة سداً لذرائع الشيطان الكامن في داخل كل فرد! فلو أخذنا نظرة التيار الليبرالي لقضية الاختلاط مثلاً, لوجدناه يقول إنه يؤيده بشكل كلي أو شبه كلي، سواء في التعليم أو العمل أو نشاطات الحياة المختلفة، وأن الأمر طبيعي جداً وما هي إلا فترة بسيطة ويعتاده المجتمع ولا تكون لدينا أية مشكلات. ويتناسى أن ثمة فطرة ورغبات بشرية لا يمكن القضاء عليها بحال، تشهد بذلك أكثر المجتمعات انفتاحاً واختلاطاً، إذ ما زالت هناك تحرشات جنسية بالصغار والكبار في المدرسة والجامعة ومقر العمل، فالأستاذ ليس نبياً، ومدير الشركة ليس معصوماً، بل وحتى الطفل ليس بالضرورة بريئاً بالمطلق، وتجاهل هذه الحقائق، والتعامل مع المجتمع على أنه مجتمع من المعصومين…
آراء
الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢
يمارس المثقف دوراً تنويرياً في حياة المجتمع، إنه يقود الحراك الثقافي نحو مستقبل أكثر وعياً وانفتاحاً وعدلا لوطنه وأمته، دوره ينطلق من فهمه للواقع الذي يفترض أن يكون مبنياً على نظرة علمية وأفق فكري يملكه وخلفية ثقافية، وتجارب غنية مر بها أو استفادها من قراءاته. وقد يكون ينتمي إلى مدرسة أيدلوجية يؤمن بأفكارها، لهذا يعد المثقف الحقيقي قدوة لأجيال، وقائداً يوجه عقول الأفراد المؤمنين بفكره نحو ما يراه الأصلح. ويحرص هذا المثقف على الثوابت التي ينادي بها، ويكون أول حرّاسها، ولا يتخلى عنها إلا إذا أثبت له الواقع أنها غير مجدية أو طوباوية أو أن الزمن تجاوزها ولا تصلح لواقع جيل جديد. لهذا فإن مكانة المثقف تعد كبيرة عند الفريق الذي يؤمن بفكره والدور الذي يؤديه في إصلاح المجتمع أو السعي به نحو واقع أفضل. وفي ثورات "الربيع العربي" كانت المجتمعات تبحث عن أصوات المثقفين البارزين فيها، تريد أن تسمع رأيهم وتحليلاتهم وإلهامهم فيما يحدث، وماهي الخطوة المقبلة التي لابد منها، فالمثقفون الكبار منهم والذين حمّسوا هذه الشعوب طوال السنوات الماضية، وأشبعوها- وهي الظمآ- حديثاً وشعارات وأحلاماً بالحرية والحقوق والديمقراطية والمستقبل الأجمل... وصبُّوا في آذان الناس حديثاً طويلا عن الغضب وضرورة التغيير وأهمية الثورة، فكانت الشعوب في أمس الحاجة إليهم في لحظة الحقيقية. ساعة الحلم التي طالبوا بها وحملوها في…
آراء
الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢
أكثر من ثلاثين شهرا وفخامة رئيس رومانيا متوقف عن استخدام حسابه في تويتر ، وفجأة يوم السادس من هذا الشهر عاد وكتب في تويتر التالي “مع الحقيقة والدستور سنذهب إلى الاستفتاء”. في ذلك اليوم صدر قرار البرلمان الروماني المنتخب – بالطبع – بعزل الرئيس وأن يُقام استفتاء شعبي نهاية الشهر بحيث يحدد الشعب هل يريدون الرئيس باسيسكو أن يحكمهم أم لا؟! ، بدأت الحكاية كما تحدث في كل حكومة طبيعية حول العالم حين شعر بعض النواب في البرلمان أن الرئيس يستخدم سلطته التنفيذية بشكل خاطئ وفاسد فتوسط لحلفائه وأنه تعدى على صلاحيات رئيس الوزراء وفرض إجراءات تقشف من رأسه ، خلال الأزمة صدرت بيانات من واشنطن ومفوضية الاتحاد الأوربي وألمانيا والبيانات الثلاثة تصر على ثلاثة أشياء فقط : استقلال القضاء ، سيادة القانون ، الديموقراطية .. وبقية الكلام رتوش ، الاتحاد الأوربي أضاف أنه سيؤجل انضمام رومانيا إلى اتفاقية الانتقال ” الشنجن ” حتى تمر الأمور بطريقة سلسة ديموقراطية. ما الذي يمكن أن نتعلمه نحن كشعوب عربية من رومانيا؟ لو تخيلنا أن رومانيا مازالت تحت حكم الديكتاتور المخلوع نيكولاي تشاوتشيسكو، في عهده لا يوجد برلمان منتخب وحقيقي يعزله ولا توجد محكمة دستورية تحكم الجميع ولا صحافة حرة ولا تويتر ، حينها ماذا سيفعل الشعب؟ لا شيء وستتخلف البلد أكثر وسيصبح…