آراء

آراء

هل بدأ ترميم التوازنات من اليمن؟

الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥

إذا أردت أن تعرف وقع «عاصفة الحزم» في اليمن على من فوجئوا بها ويتخوفون منها، ومما يمكن أن تقود إليه، وما يمكن أن يتحقق بسببها في المنطقة فاستمع (لا تقرأ فقط) إلى ما قاله الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني، حسن نصرالله، مساء الجمعة الماضية. لا تنبع دلالة ما قاله من أهميته هو، وإنما مما يمثله كذراع إيرانية في المنطقة، وكمتحدث باسم النظام الإيراني في الشام. ثلاثة ملامح في كلمة نصرالله تعكس هذه الدلالة. الملمح الأول أن الكلمة جاءت سريعة، في اليوم الثاني من بدء العاصفة، وأن هذه العملية كانت الموضوع الوحيد لها. الملمح الثاني كان الحالة النفسية التي سيطرت على نصرالله وهو يلقي كلمته. منذ بدايتها كان يغالب بلسانه تجمع الزبد بين شفتيه، ما اضطره أكثر من مرة إلى تناول كأس الماء لـ «مقاومة وممانعة» جفاف في حلقه كان يفرض نفسه عليه. لم يحدث هذا من قبل في كل خطابات نصرالله، وهي خطابات كثيرة. أما الملمح الثالث، والأهم، فهو أن الكلمة كانت مرافعة طويلة ضد «عاصفة الحزم» وحتمية فشلها، ودفاعاً مستميتاً عن إيران، وعن براءتها. بدت إيران في كلمة الأمين العام جمعية خيرية، بل قل مكوناً فريداً من الملائكة يجوب المنطقة يحمل العسل والورد، والمن والسلوى، يوزعه على كل من هو في حاجة إليه. في المقابل تهجم نصرالله بأسلوب…

آراء

المأمول بعد «الحزم»

الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥

لا أشك لحظة واحدة أن قرار قادة دول مجلس التعاون المشاركة في «عاصفة الحزم» كان أقسى ما أجبروا على تجرعه، ليس لصعوبة تنفيذه، ولكن لأنهم يدركون أن السلاح العربي لا يجوز استخدامه في عمليات عسكرية داخل بلد عربي، والمؤكد أيضا أن حساباتهم قرأت - وإنْ متأخرا - تعاظم الخطر القادم من وراء حدود المنطقة حتى أصبح خطرا داهما يتهدد جوار اليمن، كما أن استمرار الطفولة السياسية للحوثيين مقرونة بالقوة والغرور لم يبق للمجلس خيارات مفتوحة كثيرة. وكم كان غريبا أن يقرر «السيد» إجراء مناورات على الحدود السعودية، فالمشارك فيها ليس جيشا نظاميا، وإجراؤها في تلك اللحظة برهان إضافي على قلة التدبير والافتقار إلى الحكمة وعدم الإدراك لتبعات هذه الأعمال الاستفزازية. توجهت ميليشيات الحوثيين صوب تعز محتقرة رغبات الناس فيها بل توسلاتهم المتكررة بإبعاد مدينتهم، التي لا تعرف السلاح ولا تستخدمه، عن الصلف وعدم إقحامها في أتون معارك لا طائل من ورائها إلا جلب المزيد من الفرقة والحزن والوهن وقسوة العيش، ثم واصلت سيرها نحو «قاعدة العند» التي تقع في الطريق الذي يربط بين تعز وعدن، وحينها توقعت توقف زحفها وأن تكتفي بما تراءى لها انتصارا، لكن لم يتوقف قادتها لحظة واحدة لمراجعة النفس واسترجاع مسلسلات الدم التي مرت بها منذ قرر «السيد» أن الحكم لا يكون إلا لمن يراه هو…

آراء

هذه حرب لها هدف سياسي

السبت ٢٨ مارس ٢٠١٥

حجم الاهتمام الإقليمي والخارجي بالحرب في اليمن فاق التوقعات، لم تبقَ حكومة أو مؤسسة دولية معنية إلا وكان لها رأي أعلنته صراحة. ومعظمها عبرت عن تفهمها ضرورة حماية النظام اليمني الذي كان يتعرض لعملية تدمير ستدخل اليمن حتما في حرب أهلية طويلة وخطيرة كما يحدث في سوريا وليبيا. مر وقت طويل من الصبر على المفاوضات وتقديم التنازلات للمعارضين والرافضين، من أجل المصالحة. لكن عندما لجأ المعارضون إلى استخدام السلاح، واستولوا على العاصمة، وعدد من المحافظات، وحاولوا قتل الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقبلها قاموا بسجنه في قصر الرئاسة واعتقال كبار أعضاء حكومته، ولم يبقَ سوى الرد العسكري الخارجي عليهم. هذه حكومة شرعية من دون قوة عسكرية تحميها تواجه عصابة أعلنت صراحة عن نياتها. هذا ما دفع معظم الحكومات الإقليمية والكبرى تأييد الخطوة العسكرية، ولم يبدأ الهجوم إلا بعد أن استوفت كل الشروط المطلوبة منها، المسوغات القانونية، وبناء تحالف يعبر عن موقف جماعي كبير للدول المعنية، وإشراك المؤسسات الإقليمية مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والحصول على تأييد حكومات رئيسية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ولم تعترض بقية الدول الكبرى، واعتراف الأمم المتحدة بشرعية الرئيس هادي، وحقه القانوني في الدعوة للتدخل بعد أن طارده المتمردون إلى مقره في العاصمة المؤقتة عدن مهددين بقتله. أغلبية الدّول أيدت صراحة الحملة العسكرية وقدمت لها الدعم.…

آراء

إنقاذ اليمن العربي

السبت ٢٨ مارس ٢٠١٥

كانت المبادرة الخليجية لترتيب أوضاع اليمن، خيارا يسعى إلى الحفاظ على وحدة اليمن ومقدراته. لكن فئة من فئات المجتمع هناك، بإيعاز ودعم من إيران، أرادت أن تستأثر بكل شيء. وهكذا بدأ ضرر الحوثيين الذين ارتضوا أن يكونوا وكلاء لإيران يتزايد، وأصبح المشهد اليمني وإيقاعاته، بالهيمنة الحوثية عليه، يهدد بالقضاء على الدولة اليمنية الوليدة، كما أنه ينسف كل ما توصل إليه المتحاورون اليمنيون، وفقا للمبادرة الخليجية. أصبحت إيران تتبجح بأن لها وجودا وتأثيرا في عواصم عربية منها صنعاء. لم يعد الضرر على اليمن داخليا، بل صار يهدد الجيران والإقليم. هذا التآكل الذي عمل الوكيل الإيراني على إنجازه، وكاد ينجح فيه، تم تداركه بعد أن توالت الاستغاثات والمناشدات من الحكومة اليمنية الشرعية، وكان آخرها دعوة الرئيس اليمني الشرعي للسعودية ودول الخليج للمساعدة، خاصة أن قوى الحوثيين ومن ورائهم الرئيس السابق والقوى التي لا تريد خيرا لليمن، كانت تقف على أعتاب عدن، ملاذ الرئيس الشرعي بعد احتلال صنعاء من الحوثيين. خلاصة ما سبق، كانت اليمن بحكومتها الشرعية، والعالم العربي والمجتمع الدولي، أمام خيارات محدودة: إما السكوت حتى تكتمل الهيمنة الإيرانية على المنطقة، وإما السعي إلى مساعدة اليمن على النهوض من جديد. ومن هنا، كان القرار الذي اتخذته السعودية ودول الخليج ومصر وبقية حلفائها لإطلاق عملية «عاصفة الحزم». إن هذه العملية التي استهدفت الفئة…

آراء

مبدأ سلمان

السبت ٢٨ مارس ٢٠١٥

كتبت قبل أسابيع مقالة عنوانها «لكل زمان دولة ورجال وسياسة خارجية». اليوم وبعد «عاصفة الحزم» فإن الزمان سيجود بما هو أكثر من ذلك. إنه «مبدأ سلمان». والحق أن كلمة مبدأ لا تشرح الفكرة تماماً، إذ إن أصل هذا المصطلح الكلمة الإنكليزية Doctrine التي تعني «سياسة تقوم على مبادئ والتزامات أخلاقية». وأبرز «مبدأ» اشتهر في العصر الحديث هو «مبدأ ايزنهاور»، الرئيس الأميركي الوحيد الذي أنصف العرب عندما «أمر» الإسرائيليين والبريطانيين والفرنسيين بالانسحاب من مصر بعد عدوانهم الثلاثي عام 1956. لكن مبدأه اشتهر قبل ذلك، ويقوم على التزام الولايات المتحدة بالنصرة وتقديم العون مادياً أو عسكرياً لأي دولة تتعرض للتهديد من دولة أخرى. فما هو «مبدأ سلمان»؟ يمكن لبيان دول الخليج الخمس الذي أسس لتحالف «عاصفة الحزم» أن يشرح المبدأ، فهو استجابة للرئيس اليمني الذي عرض بخطاب وجهه إلى قادة الخليج تداعي الوضع في بلاده واعتداءات ميليشيات الحوثيين على مؤسسات الدولة والأفراد بدعم خارجي، وفرضهم رأيهم على الشعب اليمني بالقوة والتخويف، فكان أن استجاب له مجلس التعاون بوعد «ردع العدوان»، واستعادة الأمن عبر العملية السياسية. وما أكثر الدول والشعوب العربية التي تتعرض اليوم إلى عدوان، إما من أنظمة ديكتاتورية غاشمة أو طائفية متجبرة، أو جماعات وعصابات خارجة على الشرعية أو ضمنها ولكن تفرض أجندتها على الآخرين بالتخويف والعنف. لكن هل تستطيع دولة…

آراء

«عاصفة الحزم» بداية التصدي للأفاعي

السبت ٢٨ مارس ٢٠١٥

كم حربا خاضتها دول منطقة الشرق الأوسط منذ أتى ملالي إيران إلى الحكم؟ وكم أزمة وفتنة نشبت في المنطقة وحتى حول العالم بسبب أطماع تلك الطغمة الضالة؟ وكم روحا أزهقت، ومدينة دمرت، وشعبا تشرذم، ودولة سقطت في مستنقع التفكك، وثروات أهدرت، منذ صعود تلك الطغمة إلى سدة الحكم في إيران؟ إن رصدا تاريخيا دقيقا لما نتج عنه وجود تلك الطغمة الصفوية منذ حكمها لإيران حتى اليوم، سيظهر للجميع أننا في مواجهة حقبة زمنية تدون في التاريخ الطويل للأمة الإسلامية، على أنها من أكثر الحقب الزمنية، التي لا يقل خطر ما جرى فيها من كوارث وحروب وفتن عما تضمنته سيطرة جذورها الهالكة على أجزاء من الدولة الإسلامية (القرامطة للفترة 900 - 966، الفاطميون للفترة 909-1171، الصفويون للفترة 1501 ــ 1785)، والحروب الصليبية واجتياح التتار والانقسامات الكبرى طوال تاريخ أمتنا الممتد لأكثر من 14 قرنا مضى. إنه وجود سرطاني أفضى إلى إضعاف وتشرذم الأمة، دفعت ثمنا له الملايين من الأرواح، وآلاف المليارات من الدولارات، وتفويته الفرص الكبرى لدول المنطقة لأن تنهض بمقدراتها حضاريا واقتصاديا وتنمويا، ما تسبب في منعها من تحقيق الاستقرار والتقدم لشعوب دول منطقة الشرق الأوسط، وها نحن نرى شواهده الفعلية حاضرة في أغلب بقاع المنطقة باستثناء دول مجلس الخليج العربي. أفرطت كثيرا تلك الطغمة الآثمة في أحلامها الواهمة، وظنت…

آراء

الثورة الإيرانية ثورة مضادة عربياً (وإيرانياً)

السبت ٢٨ مارس ٢٠١٥

إذا كان نجاح الثورة الفرنسية قد أطلق الحرب النابوليونية والحركات القومية وعدداً لا يُحصى من التحولات الكبرى في أوروبا والعالم، فإن فشل الثورات العربية لم يطلق إلا الحروب الإقليمية الضعيفة المعنى، ممزوجة بقدر من العفن تعبر عنه حركات العنف الحاكمة منها والمعارضة. لكن هذا لا ينبغي أن يحجب حقيقة صارخة هي أن النظام الإيراني، الذي ولد من رحم ثورة شعبية جبارة، كان من البداية مصدراً لا ينضب للثورة المضادة في العالم العربي. فلئن اتُهمت أنظمة كثيرة تشتبك اليوم مع إيران بمحاولات استيعاب الثورات أو تدجينها أو حرفها عن أهدافها، ولئن حاولت أنظمة كثيرة في المنطقة أن ترعى الثورات المضادة، بقي أن طهران لم تفوت فرصة للوقوف على رأس المدافعين عن «العالم القديم»، كي تبقى وحدها من يحتكر «الثورة». وهي إنما فعلت ذلك بانتظام ومنهجية افتقر إليهما كل الأنظمة الأخرى على اختلافها. وإذا كان من السهل البرهنة على هذا الافتراض في بلد كسورية، حيث الإيرانيون وتابعوهم هم الذين يسندون نظام البراميل الأسدي، المتفرع عن نظام قام في 1963، فإن اليمن يستعرض الحقيقة ذاتها، وبالشفافية عينها التي ينم عنها الوضع السوري. ذاك أن طهران، وكما هو معلوم جيداً، هي الطرف الداعم لتحالف يضم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وقواته العسكرية والأمنية. وأمر الوقوف مع الأنظمة القديمة والأوضاع القديمة، بالاستفادة من التناقضات…

آراء

للصبر حدود – السعودية تنتفض

الجمعة ٢٧ مارس ٢٠١٥

قبل نحو شهر كتبت مقالة بعنوان: «السعودية والأزمة اليمنية»، مطالباً بضرورة التدخل الخليجي - العربي في اليمن، بعد أن أفسد الحوثيون والرئيس السابق علي عبدالله صالح المبادرة الخليجية، والحوار الوطني، عبر التآمر والدسائس والمراوغة، مستخدمين فرض سياسة الأمر الواقع بالقوة. وليل أمس، قادت السعودية تحالفاً إقليمياً ضخماً لمواجهة الغطرسة الحوثية، بعد أن تضخمت، وأصبحت لا ترى غيرها في اليمن، متجاهلة كل المكوّنات اليمنية، ومستخدمة الأسلحة والقوة الجبرية، والنهب والتعذيب والسجون، وارتكاب الجرائم، واختطاف اليمن وإذلال أهله. العمل العسكري الذي تقوم به دول التحالف السعودي - الخليجي - العربي، هو جزء من تحالف إقليمي - دولي يتوافق مع الشرعية والمعطيات الدولية، وهو بالتأكيد ليس موجهاً ضد اليمنيين، بل لإنقاذ اليمن واستعادته، ورفض منطق القوة والغطرسة والاستقواء الذي يستخدمه الحوثي، وخصوصاً بعد أن كشف عن نيات للاعتداء مجدداً على الحدود السعودية، كما أنه يرسل رسالة قوية إلى حليفته إيران، مفادها الكف عن اللعب بالنار في كل أرض عربية من الآن فصاعداً. ومنذ أن أعلنت ساعة الصفر وبدء عمليات «عاصفة الحزم» تغيّرت المعادلة في اليمن وفق التحالف الدولي الواسع، فعلاقة اليمن بدول الخليج حتمية بحكم الروابط التاريخية والجغرافية. وما دعا المملكة إلى القيام بضربات استباقية لدحر الحوثي، ومن يحركه، ومن يموله، ومن يجيشه، ويغريه ويسيطر على قراره، أنها تعلم أن استمرار الفشل في…

آراء

التدخل في اليمن منع الكارثة

الجمعة ٢٧ مارس ٢٠١٥

كنت كتبت مقالا لليوم، أجزم فيه بأن اليمن مآله التفتيت وحرب أهلية لسنوات، لكن لحسن حظي، وحظ اليمنيين، شن التحالف هجومه بقيادة السعودية أول البارحة، وفاجأنا جميعا. الآن يوجد أمل كبير أن يقبل الجميع بحل سلمي، بما فيهم العصاة من حوثيين وجماعة الرئيس المعزول علي صالح. فقد وصل المتمردون إلى استنتاج سيئ جدا، أنه صار بالإمكان فرض واقع جديد، يحكمون من خلاله اليمن ضاربين بعرض الحائط الاتفاقيات والعهود التي وقعوها. وضعوا الرئيس ورئيس الوزراء وبقية أفراد الحكومة الشرعية تحت الإقامة الجبرية، وبعد إفلات الرئيس والبعض منهم، إلى عدن، قرروا مطاردتهم إلى آخر اليمن وقتلهم. كانت تلك آخر الكيلومترات من العاصمة المؤقتة، تحدد مصير النظام اليمني وشرعيته. وبلغ اليأس من اليمنيين درجة تأكدوا أنها نهاية اليمن، حتى شنت أسراب القوات الجوية هجماتها، عاد الأمل بقيام يمن يشارك فيه الجميع، لأن التحالف موافق على إشراك الجميع في إدارة الدولة ضمن ترتيب أشرفت عليه الأمم المتحدة. كانت أمامنا خريطة تتمزق لليمن، بلا عاصمة ولا حكومة موحدتين، تعيث في أرجاء البلاد مجاميع مسلحة: حوثيون إيرانيون، «قاعدة»، إرهابيون، متمردون من مسلحي المعزول علي صالح، قوى جنوبية انفصالية، مقاتلو قبائل هنا وهناك. ووسط هذه الفوضى سعى الحوثيون، بشكل خاص، للهيمنة على أكبر قدر ممكن من الأراضي وفرض الأمر الواقع، بأنهم القوة الأكثر تماسكا وزحفا. وكان توجه…

آراء

القرقاوي والأميركي وأخي محمد!

الخميس ٢٦ مارس ٢٠١٥

خمس كلمات قد توضح الخط الفاصل بين النجاح والإخفاق، هي: «أنا لم يكن لدي الوقت». فرانكلين فيلد. الأسبوع الماضي استيقظتُ مبكراً لكيلا يؤخرني الازدحام المروري عن الوصول إلى المكان الذي انعقدت فيه «قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب»، وبعد استلامي بطاقتي الخاصة (الساعة الثامنة والنصف) وبمجرد دخولي القاعة المخصصة للقمة التقيتُ ــ لحسن حظي ــ بالدكتورة المتميزة عائشة بطي بن بشر، التي قامت مشكورة بشرح عن أجنحة وأنشطة القاعة المبتكرة، ثمَّ ودّعتها ويمّمْتُ شطر المسرح المخصص للافتتاح، فرأيتُ الكراسي خاوية إلا من أعداد بسيطة جداً، جلستُ، ثمَّ رحتُ أتصفح آخر الأخبار والرسائل من هاتفي، وفجأة سمعتُ صوتاً قادماً من المنصة، نظرتُ وإذا بمعالي الوزير محمد القرقاوي يفتتحُ القمة، ألقيتُ نظرةً سريعة على ساعتي وإذا عقاربها تشير إلى التاسعة تماماً، وجُلتُ بنظري في القاعة فإذا العدد لم يزد إلا قليلاً، فقلتُ في نفسي: هنا «احترام الوقت»! في إحدى جلسات «الدردشات» خرجَ علينا براندون ستانتون، ذلك المحاسب الذي طرد من عمله، بفكرة قفزتْ إلى ذهنه، هي: تصوير وجوه سكان مدينة نيويورك وكتابة قصصهم الملهمة في مدونة «Humans of New York» التي يتابعها يومياً 15 مليون شخص ــ أنا شخصياً أصبحت منهم ــ كل ذلك حدث خلال خمس سنوات فقط! الشاهد عندما استضافه الرائع بيمان العوضي في اليوم التالي في ورشة «كيف تنتقل بصفحتك…

آراء

!Forward friendly

الخميس ٢٦ مارس ٢٠١٥

يبدو الجميع متململين وهم ينتظرون ذلك المسؤول السمج الذي اعتادوا أن يفرض عليهم الوصول إلى قاعة الاجتماعات قبله لكي يدخل عليهم مثل النجم وهو يرطن ببضعة مصطلحات إنجليزية، ثم يبدأ تشغيل البروجكتر ويريهم «شرائح» عدة تمتلئ برسومات بيانية عن استراتيجية العمل والأهداف التي يجب تحقيقها في المرحلة التالية.. يتطرق إلى معلومة في رسمة بيانية معينة يبدأ البحث عنها في ملف الصور.. البروجكتر لايزال يعمل.. يقوم المحاضر بتقليب الصور.. وفجأة تمتلئ القاعة بالشهقات والضحكات المكتومة الشامتة.. يتلعثم المحاضر.. يبدأ جبينه بالتعرق.. يعتذر كسيراً وهو يقول: أرسلها لي أحد الزملاء ونسيت حذفها.. يحاول بلا جدوى أن يطفئ البروجكتر.. الذي «يجيم» كما هي العادة في هذه المواقف.. ينطفئ أخيراً بعد أن انطفأت ثقته بنفسه.. وسمعته.. إلى الأبد. في قصة أخرى يقوم أحد محال الهواتف المتحركة الذي يعمل فيه مجموعة من الشباب ولمجرد التسلية بعمل قائمة من الفحوص التي يجب عليهم إجراؤها حين دخول هاتف متحرك للتصليح وبجوار كل منهم مربع صغير: تنظيف الشاشة.. فحص البطارية.. فحص حالة الجهاز الخارجية.. الفحص الأخلاقي.. وهو فحص اقترحه أحدهم لمعرفة مدى أخلاق صاحب الهاتف المتحرك.. فتكون نتيجة هذا الفحص أنهم وجدوا ما لم يجده علي بابا في المغارة.. في هواتف الجميع.. تتغير معاملتهم للزبون المحترم الذي رسب في الفحص الأخلاقي.. يبدؤون بالتغامز لدى دخوله.. يدرك الأمر ويقسم…

آراء

جبل حنان

الخميس ٢٦ مارس ٢٠١٥

وُلدت حنان أحمد يعن الله العمري بكلية واحدة وتشوهات وعيوب خلقية في الجهاز البولي. أجرت عديدا من العمليات التصحيحية قبل أن تكمل 11 عاما. عانت مبكرا من التعب والإرهاق والإجهاد. كانت صديقاتها يمشطن شعر دمية باربي، بينما كانت تتناول أدويتها على مضض. تتجرع الأقراص والمسكنات واحدا تلو الآخر. حرصت رغم آلامها على أن تواصل دراستها. كان أمامها ألف مبرر لتغيب ولا تتابع دراستها. بيد أنها بمساعدة والديها الكريمين استمرت طالبة مكافحة. تتحامل على ظروفها الصعبة وتتابع دراستها وتؤدي واجباتها بجدية وصعوبة كبيرتين. في مستهل رحلتها العلمية تلقت نبأ سيئا يتجسد في إصابتها بفشل كلوي.. كان صدمة لها ولأهلها. كيف ستقوى هذه الفتاة الصغيرة على مواجهة هذا المرض. أنهكها الغسيل وخارت قواها. انقطعت عن الدراسة لمدة خمس سنوات. كانت سنوات مريرة. مليئة برائحة الأدوية والأسلاك والمغذيات والنصائح ــ والأسوأ غيابها عن مدرستها التي تحبها وانصرافها عن رفيقاتها اللاتي تشتاق إليهن. حفر الألم عميقا في داخلها كوشم لا يُرى، لكنه يوجع ويرهق. قررت أن تقاوم ألمها وتعود إلى مقاعد الدراسة رغم حالتها الصعبة ومواعيدها الطبية الكثيرة. عادت إلى المدرسة بعد أن تجاوزتها رفيقاتها. كان شعورا ممضا ومتعبا لكنها تجاوزته مع مرور الوقت. كل يوم يمضي تتأقلم حنان أكثر وتقبل على الحياة أكثر. عادت السعادة إلى محياها وبدأت تتفاعل مع العلاج على نحو…