آراء

آراء

إيران ونصيحة السيستاني

الإثنين ١٦ مارس ٢٠١٥

لا يكفي أن تنتزع لنفسك دوراً في الإقليم مستفيداً من انهياراته. الأهم أن يعترف الآخرون لك بهذا الدور، وأن يعتبروه طبيعياً ومتناسباً مع حجمك، وأنه ليس مؤسَّساً على حساب أدوار يستحقها الآخرون. وأن دورك ليس مشروع تهديد دائم. وأن برنامجك ليس تغيير ملامح جيرانك وإعادة صياغة بلدانهم بما يتناسب مع مصالحك وحساباتك الاستراتيجية. وتقول التجارب أن أطول الأدوار عمراً هي تلك التي لا تُبنى على ركام أدوار الآخرين، بل تترك لهم فسحة للتنفس والعيش، وأن الأدوار التي تُنتزع بالقوة معرّضة لتلقّي مفاعيل القوة المعاكسة، فضلاً عن احتياجها الدائم إلى لغة القسر للدفاع عنها. من التسرّع الاعتقاد بأننا في ختام معركة الأدوار في هذا الشرق الأوسط الرهيب. في المنطقة المدجّجة بأفخاخ الجغرافيا والتاريخ معاً. منطقة تتّسم حدود الدول فيها بهشاشة تعززها الولاءات العابرة للحدود. منطقة تشكو ضعفاً صارخاً في ثقافة التعايش، وقبول الآخر. ثم إن الأدوار الكبرى تحتاج إلى قاعدة صحية لضمان ديمومتها... إلى لغة جذّابة واقتصاد قوي وحسن إدارة والتفات دائم إلى مشاعر أبناء المسارح التي تمارس فيها هذه الأدوار. «إننا نعتزّ بوطننا وبهويتنا وباستقلالنا وسيادتنا. وإذا كنّا نرحب بأي مساعدة تُقدَّم إلينا اليوم من إخواننا وأصدقائنا لمحاربة الإرهاب، ونحن نشكرهم عليها، فإن ذلك لا يعني في أي حال من الأحوال أن نغضّ الطرف عن هويتنا واستقلالنا، كما ذهب إليه…

آراء

أين ستكون اللقمة الإيرانية التالية؟

الإثنين ١٦ مارس ٢٠١٥

لست متخصصا في السياسة، لكنني أقرأ كثيراً في التاريخ. التقاء المصالح الأمريكية مع الإيرانية أصبح ضرورة إستراتيجية كبرى للطرفين، تتعدى الشأن المحلي العربي، المقدور عليه لأنه في الجيب. استعملت في العنوان كلمة لقمة، وليس محطة أو هدف، لأن هذه المفردة هي التي تعبر بدقة عن شهية إيران وطريقة تناولها للطبق المفتوح أمامها. الهدف من الوجبة الجيوسياسية ليس التهام لقمة متى أصبحت سانحة بالصدفة، بل التخطيط لابتلاع الموجود في الوسط في قلب الطبق. الأماكن المقدسة في الغرب ومخزن الطاقة في الشرق هي أشهى ما في الوجبة. الهدف واضح من تصريحات المسؤولين الإيرانيين، وقد أصبحت تتكرر بتواتر سريع، لجس النبض الإقليمي والعالمي تجاه ذلك. السؤال الجاهز، ما هي مصلحة إيران من التورط في أصقاع اليمن البعيدة عنها، وهي مقبرة الغزاة التاريخية؟. هذا السؤال يقوم على استنتاج غير موجود، فإيران لم ولن تغزو اليمن عسكريا وليست بحاجة لذلك، لأنها استلمته بالاستثمار في المذهب، أي بالدعم المنهجي المالي والتدريبي والتثقيفي، للفرع الحوثي من الزيدية في اليمن. لا يوجد مبرر ولا حاجة لغزو بلد قد سقط في دائرة تأثيرك بالفعل، لكنك تستطيع استعماله لإشغال الخصوم ضمن تخطيطك التوسعي الإستراتيجي. إيران تستعمل اليمن تكتيكياًً لإشغال السعودية ودول الخليج في الظهر، أي من الخلف، ومحاولة الإثخان بالجراح من هناك. هكذا هي الحرب، أن تحاول إشغال الخصم من…

آراء

«رشود بروكسي!»

الإثنين ١٦ مارس ٢٠١٥

كان يحظى بامتيازات لم يكن أي من طلبة «المويجعي» يحلم بأن يحصل عليها، فقد كان يستطيع إدخال سيارته وإيقافها إلى جوار سيارات الدكاترة، وكان يحصل على وجبات مجانية من الكافتيريا، وجميع البحوث المطلوبة منا يقوم عدد من الطلبة جلوس الصف الأول بإعدادها له، وبينما طلاب آخرون يشرحون له المحاضرة التي غاب فيها في الأسبوع الماضي، يقوم طالب ثالث أو رابع بأخذ سيارته إلى محطة الغسيل لتلميعها وتبديل الزيت والفلتر! لم يكن رشود بروكسي ابن أحد أفراد الطبقة المخملية، ولم يكن تاجر عقارات، ولم يكن شخصية مجتمع كل ما فيه أنه كان في تلك الأيام يمتلك قائمة كبيرة بها الكثير من الأرقام، التي تبدأ وتنتهي على غرار 194.06.04.01 وتسمح لمستخدم شبكة الإنترنت وهي الوافد الجديد إلى الجامعة بالدخول إلى أي موقع يريده بعد تجاوز رقابة شركة اتصالات، بما يعرف اصطلاحاً بالـ«بروكسي»، كان من الاعتيادي أن تسمع صوت أحدهم كأنه متأخر عن موعد حقنة أفيون، وهو يتذلل بالصوت: رشود الله يخليك عندك بروكسي؟! الجميل أن البعض كان يقول له بعد الحصول على الرقم: الله يجعله في ميزان حسناتك! نشرت صحيفتنا في الأسبوع الماضي بصفحة التقنية مراجعة لأحد التطبيقات الخاصة بحماية الخصوصية، وهي الجيل الجديد من البروكسيات، التي تعرف بالـVPN، حيث إن تشغيلها على الهواتف المتحركة يقوم بما كان البروكسي يقوم به سابقاً،…

آراء

الثابت الإسرائيلي والمتحول العربي في الأوهام الإيرانية

الإثنين ١٦ مارس ٢٠١٥

عندما كان الرئيس الإيراني الأسبق السيد محمد خاتمي، يلقي خطابه أمام طلاب وأكاديميي معهد العلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية، في حضور مجموعة من الخبراء والدبلوماسيين الروس الحاليين والسوفيات السابقين، ربيع سنة 2001، كنت جالسا إلى جانب أستاذي، وهو خبير سوفياتي سابق في شؤون العالم العربي، فسألته عما إذا كان الكرملين يستطيع أن يواجه الضغوط الإسرائيلية الأميركية الغربية، بعد قراره بيع إيران مروحة الضغط العالي، التي يحتاجها مفاعل بوشهر من أجل دخوله الخدمة النووية الفعلية، التفت صوبي قائلا: «نحن فعلا لدينا علاقات مميزة مع تل أبيب، ونحتاجها في مجالات تقنية وصناعية ملحة، ولكننا نعلم جيدا وتعلم تل أبيب أيضا، أن قنبلة إيران النووية خيار مؤجل جدا بالنسبة لملالي طهران، والإعلان عنها يحتاج تحولات كبيرة في الجغرافيا السياسية، وفي بنية التحالفات والعلاقات الاستراتيجية، بين الدول الكبرى والدول الإقليمية المؤثرة في منطقة الشرق الأوسط»، لكن أردف موضحا، أنه «لا يمكننا الحديث الآن عن سلاح نووي إيراني، بل عن مشروع نووي سيبقى تحت السيطرة، وبالنسبة لنا هو ليس بالضرورة ضد إسرائيل»، غامزا «هو على الأرجح ضدكم». لم يكتب لأستاذي السوفياتي المخضرم طول العمر، لكي يشهد وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض، وانتقال عدوى الثورات الملونة، من ساحات تبليسي وكييف وطهران، إلى ساحات عربية تحول بعضها إلى نزاعات مسلحة بإدارة وإشراف إيراني، أو لكي…

آراء

الخطاب الإسلامي المعاصر … التجديد أو الطوفان

الإثنين ١٦ مارس ٢٠١٥

تمر بالعالم الإسلامي في عصرنا الحاضر نوازل مدلهمة وحروب مستعرة وهويات متصارعة وتنمية متعثرة وعلاقات متوترة وفوضى متربصة ومجتمعات تنشد الاستقرار والعيش الكريم، والمسلم في هذه الأحوال المضطربة يعيش حيرة وقلقاً ويبحث عن أمل ينقذ حلمه بالمستقبل، كما أن نكساته مريعة جراء سرعة وقوع التحولات واندهاشه من تقلب القناعات في أحزاب وأشخاص ومرجعيات دينية، ما انعكس على تردده في منح أي موثوقية لأي أحد. هذه الحال تكاثر حولها السؤال وطلب المخارج من تلك الكوارث، وهذا السؤال لا يزال مفتوحاً مادامت الحال تزداد اضطرابا وتوتراً، وأعتقد أن العودة في دراسة الظواهر إلى جذورها النابتة وأسبابها الباعثة مدخل مهم لمعالجتها والبحث عن علاج لها. واليوم نجد أن هناك إسلاماً يتفاقم جهل أبنائه به كلما أرادوا الدفاع عنه، كمن يريد قتل ذبابة بمرزبة تهشم كل ما تقع عليه، فلا الإسلام نفعوا ولا العدو منعوا، وأغلب الأدبيات والإنتاج الذي يصدر في هذه الحقبة توصيف للظواهر بلا معالجة، أو علاج لوجه من وجوه الأزمة مع غفلة عن الوجوه الأخرى المؤثرة في التوصيف والحكم. وهنا أحاول رسم ملامح عامة لخطابٍ إسلامي عام ينظر إلى المستقبل بفقه حاضر، ويشعر بحجم المعاناة التي يعيشها الفرد والمجتمع المسلم اليوم، ألخصها في النقاط العشر التالية: 1- تعميق الخطاب الإيماني الموصول بالقيم بعدما جردته النفعية من روحه النابضة، والموصول بالعمران الدنيوي…

آراء

هل يتوقف الحوثيون عن العبث بالوطن؟

الأحد ١٥ مارس ٢٠١٥

مثّل وصول الرئيس هادي إلى عدن تحولا لا يمكن وصفه بالإيجابية المطلقة، ولكنه حتما يقع تحت صفة الدراماتيكي، وليس في ذلك تقليل من أهمية الحدث وما سيترتب عليه من آثار ليس من اليسير التنبؤ باتجاهاتها، ويعود سبب ضبابية المشهد إلى صمت الرئيس وعدم إظهاره - حتى الآن - لقدرات استثنائية في إدارة المشهد تمكنه من استعادة زمام المبادرة، ولن يكون كافيا تكثيف الحملة الإعلامية المبتهجة بخروجه من صنعاء بوهم أن بمقدورهم خلق مناخ مغاير لقناعات الرأي العام بأسباب التحول في مواقف القوى السياسية والإعلاميين من هادي وإنكار سيل الاتهامات التي بلغت حد تخوينه وإلصاق مفردات الضعف والتساهل، لكنه فجأة تحول في نظرهم إلى المنقذ الموحد لجبهتهم المناهضة للحوثيين. ثم جاء انتقال اللواء الصبيحي إلى جنوب اليمن ليضيف فصلا جديدا مثيرا إلى الأحجية التي ستحتاج طلاسمها إلى الكثير من الجهد لفك أسرارها، ولكن المؤكد أن الصبيحي العسكري المحترف البعيد عن مسالك السياسة وتقلباتها قد أثبت أنه جدير باحترام وثقة المواطن اليمني البسيط الذي لم تتلوث فطرته، وكانت صورته حين لقائه بالرئيس في عدن وهو يرتدي لباسه التقليدي البسيط مؤشرا مبهرا على نفسيته الخالية من العقد واعتزازه بشخصيته المتواضعة، وسيكون من غير الحكمة إقحام رجل بهذه القيم النادرة بين قيادات القوات المسلحة في أتون معركة كسر العظم بين شرعية هادي الدستورية في…

آراء

كلامُ الملك.. ملكُ الكلام

الأحد ١٥ مارس ٢٠١٥

من فنون البلاغة اللغوية، ومن المحسنات البديعية التي تحقق جمالية التقابل في المعاني فن يعرف بالعكس ـ المعنوي ـ، ويسمى: (التبديل)، وهو أن تقدم في الكلام جزءا، ثم تعكس فتقدم ما أخرت، وتؤخر ما قدمت، ويحسن هذا الفن حين يكون كل من مقدم الكلام وتاليه ـ عكسه ـ مؤديين من المعاني ما يقصد لدى البلاغيين، ومن صوره العكس بين طرفي جملة واحدة، مثل: "كَلاَمُ الأمِيرِ، أَمِيرُ الكلام"، وعادات السَّادَاتِ، سَادَاتُ الْعَادات"، ومنه العكس بين متعلقي فعلين في جملتين، كقوله سبحانه وتعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِن الميّتِ ويُخْرِجُ الْميّتَ مِنَ الْحَيّ}، ومنه العكس بين لفظين في طرفي جملتين، مثل البيت الشهير لأبي الطيب المتنبي: "فَلا مَجْدَ في الدّنْيَا لمَنْ قَلّ مَالُهُ * وَلا مالَ في الدّنيا لمَنْ قَلّ مَجدُهُ"، وقول الأب لمدرس ابنه: "أنجحته بغير حق فسقط، ولو أسقطته بحق لنجح".. الكلام في هذا الباب طويل وجميل، ولكني وجدت البدء بهذه المقدمة أمرا مناسبا لترجمة عنوان المقال من الناحية البلاغية، وأمرا لازما ومتوافقا مع الخطاب الرسمي الأخير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ورعاه ـ. الخطاب الملكي الأخير يعد الخطاب الثاني للمليك المفدى ـ الخطاب الأول جاء عبر كلمة متلفزة، بمناسبة تولي السلطة، ولم تسمح المناسبة حينها بعرض تفاصيل السياسة الداخلية والخارجية للمملكة العربية السعودية ـ، وقد استعرض…

آراء

حرب إيرانية في العراق من دون شريك سني

الأحد ١٥ مارس ٢٠١٥

يرعى الأميركيون في العراق انتصاراً شيعياً على السنة. هذا أسوأ ما يمكن أن يحدث للعراق، ذاك أن الأقنعة في الحرب على «داعش» مُزقت تماماً. قاسم سليماني يقود الهجوم وينشر مزيداً من الصور لنفسه، وأحد قادة الحشد الشعبي يقول لمحطة أميركية: «لقد أصبحنا على مسافة كيلومترات قليلة من قبر صدام حسين»، فيما يكشف جنرال أميركي حقيقة أن من يُقاتل «داعش» في تكريت إنما هم عشرون ألفاً من قوات «الحشد الشعبي الشيعي» وأقل من ألف من مقاتلي العشائر السنية. وافق الأميركيون على ما يبدو على أن من يجب أن يهزم «داعش» هم الشيعة، ولم يبذلوا مع الحكومة العراقية جهداً لبلورة عدو سني لـ»داعش». لا شيء أوضح من هذه الحقيقة. وهي انبعاث رديء للبوشية (نسبة إلى الرئيس السابق جورج بوش) حين قررت أن إسقاط الديكتاتور صدام حسين يجب أن يترافق مع تهميش السنة في العراق، فكان أن فشلوا في نصرهم. ها هو أوباما يصنع صدّام جديداً، فالممارسات التي حولت مجرماً كصدام حسين إلى ضحية تتكرر اليوم مع أبو بكر البغدادي. فالحشد الشعبي الشيعي يُقاتل اليوم على أرض السنة في العراق وفي مدن السنة، وهو يترافق مع تزخيم هائل للشعائر المذهبية، وعلى وقع لطميات الانتصار على السنّة لا على «داعش»، كما يترافق مع حرص إيراني واضح على تظهير مشاركة ضباط الحرس الثوري في القتال.…

آراء

اليمن: خيار الحرب والسلم

الأحد ١٥ مارس ٢٠١٥

خطورة الوضع في اليمن تتصاعد بسرعة كبيرة. وعلامة الخطورة الآن أن اليمن يخرج، أو خرج بالفعل من حال الثورة ليقترب من حافة الانزلاق إلى حرب أهلية. نجح اليمنيون في شكل مذهل في تفادي حرب أهلية على مدى سنوات الثورة. إذ كان المطلب الشعبي إسقاط نظام علي عبدالله صالح. والآن باتت الدعوات إلى المحافظة على مؤسسات الدولة من الانهيار النهائي. الرئيس السابق لا يزال موجوداً في اليمن، رئيساً للمؤتمر الشعبي العام، وناشطاً سياسياً له تحالفاته داخل المؤسسة الأمنية للدولة وخارجها. خرج من بوابة الثورة، ليعود أولاً من نافذة المبادرة الخليجية، وثانياً من ثغرة الحوثيين. هذه أولى نقاط ضعف المبادرة الخليجية. كانت تجب مقايضة حصانته من المساءلة بخروجه من اليمن. المنطقة تدفع ثمن هذا التنازل. من تداعيات ذلك أيضاً، وهي مفارقة من مفارقات السياسة اليمنية، أن الحوثيين عادوا أقوى مما كانوا عليه، من خلال عدوهم الأول علي صالح نفسه، وهم حلفاء لإيران! هل يمكن أن يصبح صالح حليفاً لإيران أيضاً؟ الأرجح أن هذا لن يحصل. وإذا حصل فسيكون على قاعدة يتمسك بها صالح، وهي أنه ليس حليفاً نهائياً لأحد. تحالفاته متنقلة. قد يستخدم الإيرانيين للضغط على خصومه في اليمن، بمن فيهم الحوثيون، والسعوديين خارج حدود اليمن. السعوديون أكثر من يعرف ذلك عن الرئيس السابق. عندما تأخذ هذا الجانب من المشهد اليمني، ومعه…

آراء

أهلاً وسهلاً بـ«الثواب والعقاب»

الأحد ١٥ مارس ٢٠١٥

قراءتي البديهية لإقالة الوزير شويش الضويحي من وزارة الإسكان، بعد أقل من ثلاث ساعات على انتهاء جلسة مجلس التنمية والاقتصاد الأخيرة يوم الأربعاء الماضي؛ تشير إلى وجود الحزم الصارم في اتخاذ القرارات. واضح مما تسرب وما اطلعت عليه من أخبار، أن طرح الوزير في تلك الجلسة لم يكن مقنعاً، وقد طلب من رئيس الاجتماع أن يمنحه مهلة لتقديم عرض بديل، لكن القرار صدر بعد انتهاء الاجتماع، وتم تكليف مسؤول جديد ليتولى مهمة الإسكان. إدارة مصالح الناس في دولة كالمملكة، وهي بحجم قارة، لم تعد تحتمل الروتين والبطء اللذين تغلغلا في عقول عدد لا بأس به من كبار المسؤولين أخيراً، ولا ذنب لهم عندما لا يجد المسؤول أي نوع من المحاسبة؛ فحتماً سيتراخى ويؤجل، إضافة إلى ذلك سيزداد هذا المسؤول -إلا من رحم ربي- استكباراً وتعالياً مع مرور الأيام، ويبدأ بالخضوع اللاحسي إلى شعوره بالتميز عن بقية خلق الله. هو لا يلام أيضاً فهذا تطور طبيعي في السلوك، يحدث للكثيرين مع مرور الأعوام في البقاء في المناصب المهمة. تفاءلنا كثيراً مع صدور الأنظمة التي حددت مدة عمل مجلس الوزراء بأربعة أعوام فقط، وكان ذلك في عهد الملك فهد -رحمه الله-. هذه هي المادة التي أتحدث عنها، وهي المادة رقم ٩ من نظام مجلس الوزراء الصادر بالأمر الملكي رقم: أ / 13…

آراء

يوم نسي المصريون «الإخوان»

الأحد ١٥ مارس ٢٠١٥

منذ عقود لم تشع روح التفاؤل كيوم أمس، مع الكشف عن مشاريع تنموية وبنائية عملاقة، لتعلن عن مصر جديدة. في هذا المناخ الإيجابي لم يرد اسم «الإخوان المسلمين» على لسان أحد، ولم يتحدث أحد عن التسريبات التافهة التي لجأ إليها الخصوم للتأليب على الحكومة. «ضربة معلم» كان المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، لأنه ركز فقط على تطوير مصر، في الوقت الذي كانت وسائل الإعلام الإخوانية تحتفل بأخبار التفجيرات. هنا كان الشعب المصري بين خيارين؛ من يبني للمستقبل، ومن يريد تدمير الحاضر. المؤتمر لم يكن رسالة بل كان التزاما. دول، منها الإمارات والسعودية والكويت وبريطانيا وسنغافورة، أعلنت عن مشاركتها بإنشاء مدن ومحطات طاقة، واستصلاح أراض ومدينة غلال، وزيادة النفط والغاز. أما العنوان الأكثر مفاجأة فقد كان بناء عاصمة جديدة، قاهرة أخرى مجاورة. قرره الرئيس عبد الفتاح السيسي ليكون مشروعه المستقبلي، «قاهرة السيسي» بعد أحد عشر قرنا من بناء الفاطميين لـ«قاهرة المعز». وكان كل قادة مصر التاريخيين سعوا لترك بصماتهم على العاصمة، من فراعنة وسلاطين وفاطميين ومماليك وعثمانيين وملوك وباشاوات. بنى فيها الإنجليز الجسور والأحياء الجميلة، التي لا تزال باقية إلى اليوم، تميزها بالعمارة الأوروبية الأنيقة. والرئيس الراحل عبد الناصر طرح مشروع مدينة ناصر في عام 1956 وأنهاها بعد تسع سنوات، حيث بنى 15 ألف وحدة سكنية. إلا أن نزوح السكان من…

آراء

«أبو عبد الله» من؟!

السبت ١٤ مارس ٢٠١٥

لا يملك المتابع إلا أن يصاب بالذهول من طريقة تعاطي جل الإعلام العربي مع قضايا الإرهاب، والإرهابيين، وآخرها قصة المراهق الأسترالي الإرهابي جاك بيلاردي، وعمره 18 عاما، الذي قام بتنفيذ عملية انتحارية بالرمادي العراقية، وهو ما تحقق بدقته السلطات الأسترالية الآن. اللافت هو أن جل الإعلام العربي بات يلقب هذا المراهق الساذج، وهو ما توضحه الصورة الموزعة من قبل «داعش»، بـ«أبو عبد الله الأسترالي» وذلك بدلا من «الإرهابي الأسترالي المراهق»، وهنا لا يملك المتابع، وتحديدا المتخصص، إلا أن يتساءل: هل للإرهابيين صفات اعتبارية، أو احترام بروتوكولي، حيث يتم ترديد أسمائهم وفق رغبتهم؟ كيف يتم وصف الإرهابيين، أو الجماعات الإرهابية، كما يروجون لأنفسهم، ودون أن يكون للوسيلة الإعلامية موقف؟ الإعلام موقف، ومهما ادعى الحياد! القاتل يقال له قاتل، والمجرم يوصف بالمجرم، وكذلك الإرهابي يوصف بالإرهابي، والمراهق يقال له مراهق، خصوصا أن المراهق الأسترالي تطرف مبكرا! اليوم، مثلا، نجد بعض وسائل الإعلام تصف «داعش» الإرهابي بـ«تنظيم الدولة الإسلامية»، كما تفعل «بي بي سي» العربية على موقعها الإلكتروني، وكذلك بعض وكالات الأنباء الدولية، والبعض الآخر يكتفي بإضافة عبارة المتطرف، فهل من دعاية أكثر من هذه، خصوصا أن هذا التنظيم الإرهابي الدموي يغضب من وصفه بـ«داعش»؟ فعلى أي أساس يوصف بـ«تنظيم الدولة»، أو «الدولة الإسلامية»، وكل المراجع الإسلامية المعتد بها تدينه، وتتبرأ منه؟ والمذهل…