سعيد المظلوم
سعيد المظلوم
ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي

اغتالوه.. ولم يغتالوا إنسانيته!

آراء

«حياة الإنسان لا تُقاس بطول السنين.. بل بعرض الأحداث».. علي الطنطاوي.

في فبراير الماضي صدمت أميركا بجريمة «كراهية» جديدة في مدينة تشابل هيل الجامعية في ولاية كارولاينا الشمالية، قُتل على أثرها ثلاثة طلاب مسلمين في ريعان شبابهم، هم: ضياء شادي بركات (23 عاماً)، وزوجته يسر محمد أبوصالحة (21 عاماً)، وشقيقتها رزان محمد أبوصالحة (19 عاماً).

كان ضياء طالباً مجتهداً بكلية طب الأسنان في جامعة ولاية نورث كارولينا، مع حبّ جارف للعمل الإنساني التخصصي، إذْ تطوع مع جمعية خيرية لتقديم خدمات طب الأسنان في حالات الطوارئ للأطفال بفلسطين. ضياء بركات لم ينسَ كذلك أطفال سورية اللاجئين، حيث بدأ مع مجموعة من زملائه الطلبة في مشروع إنساني آخر أطلقوا عليه «ليبتسم السوريون في تركيا»، وقد أعد العدة في هذا الصيف للسفر وقيادة الحملة لتقديم خدمات طب الأسنان للأطفال السوريين، وتوزيع فرشاة أسنان ومعجون لكل طفل. كان ذلك حلمه، ولكنْ «ما كل ما يتمنى المرءُ يدركه».

صحيح أن ضياء قُتل، ولكن حلمه لم يتم اغتياله، بل نبضت فيه الحياة، فبعد أن كان عبارة عن حملة «محدودة» في الزمان والإمكانات، أصبح اليوم برنامجاً «دائماً»، والهدف: معالجة أسنان 100 ألف طفل سوري لاجئ! حدث ذلك عندما تبنت جمعية «أطباء الأسنان المثاليين» التركية المشروعَ، حيث قال رئيسها مظفر إردوغرال: «قررنا تحقيق حلم ضياء، الذي لم يتحقق قبل وفاته». مشيراً إلى أن الجمعية تعتزم إنشاء وحدات متحركة وثابتة لعلاج أسنان الأطفال في مخيمات اللاجئين السوريين، علاوة على زيادة الوعي للعناية بصحة الفم والأسنان. كما أوضح إردوغرال أن المشروع سيبدأ خلال فصل هذا الصيف للاستفادة من طلبة طب الأسنان، الذين سيكونون في عطلتهم السنوية. وسيعتمد المشروع على أطباء الأسنان المتطوعين، ودعم أطباء الأسنان الذين يعملون بالفعل في المخيمات.

ضياء بركات كان مثل الكثير من الشباب المجتهد، يعشقُ «الإنسان»، فيسعى إلى خدمته كيفما كان، ومن دون أية شروط.. وهذا جميل بلا ريب، لكنّ الأجمل هم أولئك الرجال ذوو النزعة الإنسانية، مثل مظفر إردوغرال، الذين يلتقطون أحلام الموتى ليعيدوا لها نبض الحياة. فطوبى لهم.

المصدر: الإمارات اليوم