مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

التاريخ.. لأصحاب القلم

آراء

كثر الخلط في الأسماء والانتماءات عند تناول الشخصيات من قبل البعض في الكتب أو المحاضرات أو التغطيات الإعلامية، فعلى سبيل المثال جاء في تغطية صحيفة محلية لإحدى جلسات المؤتمر الدولي لعلوم اللغة العربية الذي تنظمه حالياً جامعة أم القرى، أن كاتب رواية “شرفة الهذيان” إبراهيم نصر الله روائي مصري، فيما هو شاعر وروائي فلسطيني ولا أدري إن كان الخلط من المحاضر أو من مراسل الصحيفة. وأصدرت مجلة “أرابيان بزنس” العام الماضي تقريراً عن قائمتها لأقوى 500 شخصية عربية، وجاء ضمن الشخصيات الداعية سلمان العودة على أنه مصري، وذكر في التقرير نفسه اسم الروائي عبده خال مغلوطاً بشكل غريب.

في القائمة ذاتها وغيرها من قوائم “الأقوى” التي باتت صرعة عصرية تصدر للمجاملة أو استجداء الإعلان والدعم المالي لا يحدث خطأ في أسماء رجال الأعمال أو الفنانين والفنانات بينما تكثر الأخطاء في أسماء الكتاب والأدباء مما يدعو للتساؤل عن أسباب عدم الاكتراث لهذه الشريحة من الشخصيات التي يفترض أن تأخذ حقها من الاهتمام والتقدير، فهي الشخصيات التي تؤرخ للزمن وتدخل التاريخ بإبداعاتها، أما المال والغناء وما شابههما مما يجذب الناس اليوم إلى أصحابها فهي أمور إلى زوال.

لو عاد المرء بذاكرته إلى التاريخ البشري منذ تطور التدوين لغاية عصرنا الحديث لوجد أن التاريخ – ومنه تاريخنا العربي – سجل في كل مرحلة من مراحله عدداً كبيراً من مبدعي القلم وبالكاد نجد بين الصفحات أسماء المطربين وأصحاب رؤوس الأموال، ومن هؤلاء الأثرياء من سجل التاريخ اسمه بسبب شاعر كما في الحارث بن عوف وهرم بن سنان اللذين لولا شعر زهير بن أبي سلمى في الجاهلية لما سمع عنهما أحد لاحقاً.

وقد يبلغ القلم بعداً أكبر في منح الشهرة لغيرهم لدى المتمرسين من المبدعين مثل حال المتنبي حين جعل من سيف الدولة الحمداني وكافور الإخشيدي أشهر شخصيتين في الدولة العربية أيامه، وبات من الصعب على أي شخص أن يتذكر غيرهما في زمن المتنبي الذي خلدهما بقصائده الإيجابية والسلبية.

لذلك فإنه من غير الصواب أن نجد في زمننا من يخطئ بأسماء المبدعين من أصحاب الأقلام الناضجة حتى وإن اختلف معهم، فلا الصوت يبقى ولا المال يبقى كما هو حال الإبداع الكتابي ويقترب منه الفني بشقه التشكيلي والموسيقي الراقي.. فلنعطِ الأدباء والكتاب حقهم من الإعلام الصحيح فصفحات التاريخ لهم كما يقول التاريخ نفسه.

المصدر: الوطن أون لاين