التحوّل إلى الحكومة النقّالة

آراء

جاء في النشرة رقم 17 الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال للتنمية في غربي آسيا، والتي تصدرها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الأسكوا) أن عالم الاتصال قد تطور بصورة سريعة بحيث تجاوز مفهوم الحكومة الإلكترونية إلى مفهوم الحكومة النقّالة، والمقصود بهذه الأخيرة، تواصل المواطن والحكومة عبر الوسائل والتطبيقات الموجودة على الهواتف النقالة.

إنها وسيلة أثبتت فعالية وسرعة ودقة في إعلام المواطن وإنجاز معاملاته الرسمية مثلاً مواعيد المستشفى، تجديد رخصة السيارة أو جواز السفر، أو سفر المكفول، أو دعوة المواطن لحضور الفعاليات المهمة من تلك الرياضية والاقتصادية والثقافية. وترى النشرة المذكورة أن الفوائد المتوقعة للحكومة النقالة كالتالي:
1- تحسين نفاذ المواطنين إلى الخدمات الحكومية.

2-تحسين جودة الخدمات الحكومية.

3-تسريع تقديم الخدمات الحكومية.

4-تقديم خدمات أكثر فعالية وأكثر كفاءة.

5-زيادة المشاركة والانخراط في التواصل الحكومي مع المواطنين، خصوصاً القاطنين في المناطق النائية والمهمشين.

6-الاستفادة مما توفره التكنولوجيا من تكامل وتواصل وسرعة ودقة وإتقان.

7-تخفيض التكاليف على الحكومة والمواطنين ( الكفاءة المالية، كلفة الوقت، الضغط على الموارد).

8-تحسين سمعة الحكومة بشكل ينعكس على وضعها الاستراتيجي الداخلي والخارجي.

وبرأينا أن هذا التحول له بُعد اجتماعي وسلوكي، إذ يتعود المواطن على التقيّد بالوقت، ويقدّر عامل الزمن في التعامل مع من حوله، كما أنه يوفر على المواطن مشقة الخروج إلى الوزارات والهيئات المعنية، مع كل ما يتحمله من مشقة الازدحام والوقوف في الطابور والخروج من عمله الرسمي، ما يعطل معاملات المواطنين الآخرين.

في تحليل مقارن وجدت (الأسكوا) أن البلدان التي احتلت المراتب الخمس الأولى في استخدام التكنولوجيا المتطورة في الإدارة العامة، هي من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي. فقد احتلت دولة قطر المركز الأول، تلتها دولة الإمارات العربية المتحدة ثم مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ثم عُمان. وفي مجال تطور الحكومة الإلكترونية لعام 2012 جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة بلدان (الأسكوا) وارتفعت 12 مرتبة على المستوى العالمي، وأن سبعة بلدان عربية قد تحسّنت مواقعها وهي: مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، دولة قطر، دولة الكويت، سلطنة عمان، لبنان، الأردن.

ورأت النشرة أن على البلدان العربية تخصيص الموارد اللازمة لمشاريع الحكومة الإلكترونية وتوعية الجمهور بدورها، ورفع مستوى وعي المواطنين وإبراز منافع استخدام خدمات الحكومة الإلكترونية، وخصّت بالذكر التجارب الناجحة في دول مجلس التعاون.

هذا الحديث ذو شجون، لأن التحول الحاصل حالياً في جميع مناحي الحياة يدعو إلى الاستفادة القصوى مما توفره التكنولوجيا من الجهد والوقت والمال. فقد كان تجديد جواز السفر يأخذ ثلاثة أو أربعة أيام، مع زحمة الانتظار لفترة طويلة للتعامل الورقي والرجوع إلى الملفات الفيزيائية، أما اليوم فإن هذا التجديد لا يأخذ أكثر من 30 دقيقة وبدقة متناهية ومعلومات دقيقة عن المواطن. وكذلك الحال مع كل الأوراق والوثائق الرسمية.

وبرأينا أن هذه الثقافة الجديدة سوف تحدُّ من الاستخدام السلبي لوسائل التواصل، وتخرج المواطن من هدر الوقت في تبادل المعلومات غير المفيدة والتعليقات الخارجة على الذوق.

وهذا أيضاً يتطلب أن تكون المعلومات المتبادلة دقيقة من المصدر، وأن يُحسن مراجعة المعلومات قبل نشرها. كما يتطلب الأمر من وسائل الإعلام التقليدية تنوير المواطنين بالحكومة النقّالة ودروها في خدمة المجتمع، لأنَّ بعض المواطنين ما زالوا «يحنوّن» إلى التعامل الورقي التقليدي.

إن إبلاغ المواطن بالموعد المحدد لسفره وموعد تواجده في المطار والبوابة التي سيخرج منها، ومواعيد امتحانات الطلبة وأماكنها، ومعلومات المناخ لأصحاب الرحلات والصيادين في البحر، واستحقاق الشيكات، ونزول الراتب في الحساب وموعد صيانة السيارة، وغيرها من المعلومات المهمة تقع مسؤوليتها ليس على الدولة فحسب، بل تقع مسؤولية بعضها على القطاع الخاص والذي يجب أن يواكب التطور الحكومي في استخدام التكنولوجيا الحديثة.

إن حلول دول مجلس التعاون في المراتب العليا في الحكومة الإلكترونية والحكومة النقالة – بين دول (الأسكوا) – يجعلنا نتفاءل بحُسن بناء البنى التحتية للاتصالات في هذه البلدان، وأنها تسير بإيجابية نحو تأسيس عالم اتصالي جديد يستوعب كل مستلزمات التواصل، بما يعود بالخير على شعوب المنطقة، ويربط دولها ببعضها. وما علينا إلاّ أن نطوّر الجانب «الناعم» Software أي البرمجة، كي يتواءم التطور البرمجي مع هذا التطور التقني.

المصدر: صحيفة الاتحاد