د. حبيب الملا
د. حبيب الملا
كاتب و محامي إماراتي

الحس الأمني والسلوكيات الخاطئة

آراء

أثار حادث الاعتداء العنيف على ثلاث نساء إماراتيات في العاصمة البريطانية كثيراً من ردود الفعل بين غير مصدق لحدوث مثل هذا الاعتداء في لندن التي يزورها الخليجيون زرافاتاً ووحداناً كلما دعى داعي السفر. و بين مستنكر له.

التعرض للسرقة حال السفر ليس أمراً جديداً، بل إن معظمنا قد مر بهذه التجربة المريرة خاصة في البلدان الأوروبية. إلا أن الجديد هذه المرة كان العنف الذي رافق الحادثة إذ كان الاعتداء عنيفاً لدرجة أن إحدى المصابات لازالت ترقد في العناية المركزة شفاها الله وردها إلى أهلها سالمة.

وهذا الحادث يستوجب علينا إعادة النظر في مسألتين مهمتين نشأنا عليهما ، أو على بعضنا على الأقل ، ولازالت ترافقنا . الأولى هي الحس الأمني . فمعظمنا يفتقد إلى هذا الحس الذي يعتبر ضرورة قصوى في بلدان العالم .فلا يزالالبعض يترك باب منزله طلقاً ، والبعض يترك سيارته مع احتوائها على أغراض ثمينة دون التأكد من إحكام غلقها ، والبعض الآخر قد يخرج من المصرف حاملاً مبالغ مالية كبيرة دون أن يتخذ الاحتياطات اللازمة. ولربما كان السبب في هذا التراخي في الحس الأمني ما حباه الله على بلداننا من نعمة الأمن والأمان بفضل حرص قيادتنا على توفير الأمن للمواطن وجعله من أولويات العمل الحكومي وبفضل يقظة الأجهزة الأمنية وعملها الدؤوب على ترجمة رؤية الحكومة في توفير الأمن للمواطن إلى واقع يعيشه القاطنون على هذه الأرض الطيبة مع تعدد الجنسيات واختلاف المشارب الذي يعقد من عملية ضبط الأمن.

إلا أن بلدان العالم الأخرى لا تعرف مثل هذا الأمن ولا يمكن قياس مستوى الأمان المتوافر في بلداننا على مستويات الأمان الموجودة في الدول الغربية التي تكثر فيها الجرائم خاصة السرقات والتي تنتهي في الغالب إلى قيدها ضد مجهول.

إن السفر يعني الانتقال إلى بيئة مغايرة ، وهذا الانتقال يقتضي منا التأقلم مع متغيرات البيئة الجديدة فلا يصح أن نمارس حياتنا في عواصم العالم وكأننا لازلنا في دولنا لم نخرج منها . بل أن الحس الأمني عندنا يجب أن يبلغ ذروته لأننا كزوار أكثر عرضة للتعرض للجرائم وأقل خبرة من أهل البلد بأجوائها وطرقها ومكامن الخطر فيها .

هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن البعض قد اعتاد على التجول في عواصم الغرب متباهياً بسيارته الفاخرة أو ساعته الثمينة أو حقيبته ذات الماركة المميزة وغيرها من الأمور التي يحرص البعض عليها لغايات لفت الأنظار. إلا أن الأنظار التي تلتفت ليست كلها نظرات إعجاب بل أن بعضها نظرات تتقد شراً . وهذه السلوكيات تجعل من الشخص مركز جذب للمجرمين والعصابات ومحوراً لاهتمامهم.

ولعل هذه التجربة القاسية التي مرت بها الأخوات الإماراتيات في لندن تكون ناقوس خطر لشبابنا وبناتنا بضرورة تغيير مسلكياتهم . فعندما يصل الأمر إلى تعرض سلامة الإنسان للخطر فإن الأمر يستوجب تغيراً جذرياً في التصرفات وحرصاً في السلوكيقي بها الإنسان نفسه وأهله من مخاطر الهلاك.

خاص للهتلان بوست