سطام الثقيل
سطام الثقيل
صحافي وكاتب سعودي

الحل .. ليس وضعية «النعامة»

آراء

تداول أخيرا نشطاء في “تويتر” مقطعا يشير إلى سائق نقل معلمات يقود مركبته بسرعة جنونية، وأظهر مصور المقطع جانبا من “مؤشر” السرعة لمركبته وهو يلامس الـ 180 كيلو مترا في الساعة دون أن يتمكن من تجاوز سيارة نقل المعلمات.

الحاجة وحدها هي التي دفعت الكثير من بناتنا “المعلمات” إلى الخروج من منزلها في ساعات الصباح الأولى للمناطق النائية بحثا عن لقمة العيش، الحاجة لا سواها جعلتهن يلجأن إلى سائق متهور يغيب عنه العقل بفعل السهر وأحيانا بفعل أمور أخرى.

الحوادث التي تتعرض لها المعلمات والتي تتكرر كل أسبوع وتسببت في مصرع ووفاة الكثير منهن هي نتاج إفراط في السرعة وقيادة غير متزنة من قبل سائق نقل خاص غير خاضع للضوابط.

قضية حوادث المعلمات لم تكن وليدة اليوم بل هي ممتدة منذ سنوات، ولم تلق أي تحرك فعال لا من قبل وزارة التربية والتعليم ولا الجهات الأخرى ذات الاختصاص، وكل التحركات في هذا الشأن لم تتجاوز التصريح في الإعلام.

لم نر مشروعا فعالا واحدا على أرض الواقع يمكن من خلاله حل تلك المشكلة والحد منها، وكأن أرواح بناتنا غير مهمة ولا تستفز المسؤول ــــ أيا كان ــــ للتدخل حفاظا عليها ووقف تلك المهازل واجتثاث المشكلة من جذورها.

لو أن ابنة المسؤول تتعرض لتلك المخاطر لوجدنا حلولا سريعة لتلك المشكلة التي أزهقت أرواح العشرات من بناتنا المعلمات.. ولكن كيف للمسؤول أن يستشعر ضخامة المشكلة وابنته ــــ إن رغبت في الوظيفة ــــ لتوظفت بجرة قلم في مدرسة تجاور منزل والدها.

لا نحمل وزارة التربية والتعليم كامل المسؤولية، رغم أنها الجهة المسؤولة بشكل مباشر عن المعلمات، بل تشاركها الكثير من الجهات الحكومية، فلا يمكن لـ “التربية” التحرك دون اعتمادات مالية من وزارة المالية ولا يمكنها إيجاد حلول بتوفير نقل خاص مطور ومنظم وأكثر أمانا دون مشاركة وتنسيق مع وزارة النقل.

غير مقبول أن تزهق أرواح المعلمات ونحن نتفرج، وغير مقبول أيضا أن يكون الرعب والخوف مصير الأسر قلقا على بناتهم بدءا من ذهابهن إلى مقرات العمل حتى العودة لمنازلهن.

لا يمكن أن نتخذ وضعية “النعامة” وندس رؤوسنا في الرمل وبناتنا في خطر، يجب التحرك وعلى جميع المستويات للحد من المشكلة بل واجتثاثها من جذورها إن أمكن.

المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/01/14/article_922673.html