سناء العاجي
سناء العاجي
كاتبة وباحثة مغربية

“حدث في البحرين”

آراء

اسمحوا لي اليوم أن أتحدث عن تجربة إنسانية شخصية عشتها.

منذ بضعة أيام، شاركت في فعاليات المنتدى الثقافي الذي ينظمه مركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث بالبحرين، والذي يمتد من سبتمبر إلى مايو من كل سنة، وذلك عبر ندوة اخترت لها عنوان: “أن تكون امرأة في جغرافيات مسيجة”.

… وكانت رحلتي الأولى إلى مملكة البحرين.

وكان الحب من أول نظرة… لبلد تشعر بمجرد وصوله كم هو مفتوح للبحر وللبشر وللحب وللجمال. شعب مضياف وبلد منفتح على الآخر باختلافه، وعلى الثقافة والإعلام والفكر والفن.

لكن المشكلة ليست هنا… ما حدث معي في البحرين قد يحدث معنا في الكثير من بلدان العالم: أن تسافر لبلد للمرة الأولى وأن تقع في حبها، أرضا وشعبا…

المشكلة أنني اكتشفت أنني أنا نفسي، المعارضة بشراسة لأحكام القيمة عن الآخر المختلف، جمعت رحالي وسافرت لأحفاد حضارة الدلمون وأنا أحمل في حقيبتي أغراضي الشخصية… والكثير من الصور النمطية والأحكام، حتى بشكل لا شعوري. ففوجئت ببلد يختلف عن تصوري الذهني له بشكل شبه مطلق.

اكتشفت في البحرين أننا، مهما بلغت قناعاتنا بالانفتاح على الآخر المختلف، فنحن نجد أنفسنا في الكثير من الحالات، مسيجين، حتى بشكل لا شعوري، بأحكام قيمة قد تكون جغرافية وقد تكون ثقافية وقد تكون إنسانية. فنحكم على البحريني وعلى الفلسطيني وعلى المغربي وعلى الخليجي وعلى الأوروبي… حتى ونحن لم نعرف ذلك الشعب… أو عرفنا منه نماذج قليلة.

أحببت البحرين… عشقتها بلدا وشعبا لروحها الحلوة. لجمالها… لكن أيضا لأنها علمتني أننا لسنا محصنين ضد أحكام القيمة. حتى بانفتاحنا العام على الاختلاف، قد نكون عرضة لتصوراتنا المغلوطة والنمطية عن الآخر المختلف. لذلك فمن واجبنا أن نعيد لقاح الانفتاح بشكل مستمر… وأن ننتبه لتصوراتنا اللاشعورية… وأن نتأكد دائما بأن للآخر المختلف، جغرافيا أو ثقافيا أو دينيا أو عرقيا، الكثير مما يهبه لنا… لكي تكتمل إنسانيتنا.

شكرا للبحرين بلدا وشعبا… على هذا الدرس الإنساني الجميل.

المصدر: موقع اذاعة مونت كارلو