عبدالله المغلوث
عبدالله المغلوث
كاتب وصحفي سعودي

شغف لويزا

آراء

افتتح ماريو وشقيقه مارتينو عام 1913 متجراً لبيع الحقائب الجلدية النسائية في ميلان الإيطالية. واجه المتجر تحديات جسيمة للبقاء على قيد الحياة؛ إثر الإقبال المحدود من الزبائن.

حاول ماريو أن يعيد الحياة إلى متجره بشتى الطرق. تعاقد مع بائعين من ذوي الخبرة وخفّض الأسعار وزاد ساعات العمل دون جدوى. عرض عليه شقيقه أن يوظِّف بعض فتيات عائلتهما المبدعات في المشروع، لكن ماريو رفض رفضاً قاطعاً. كان يكرّر: “النساء لا يصلحن للتجارة، إنما للشراء”.

حرص ماريو عندما تقدَّم في السن ومرض أن يخلفه ابنه في إدارة المتجر. قام باصطحابه معه وتعليمه أساسيات العمل.

عندما تُوفي ماريو تحوّلت إدارة المتجر تلقائياً إلى ابنه. لكن ابنه في قرار مفاجئ رفض معللاً بأنه لا يحب هذا العمل. لقد كان يذهب إلى المتجر مجاملة لأبيه. توصّل الابن إلى صيغة لبيع هذا المتجر. لكن عندما علمت شقيقته لويزا بالأمر طلبت منه ألا يبيعه؛ لتديره بنفسها. رأت أنه من واجبها المحافظة على اسم المتجر، الذي يحمل اسم العائلة، ولا سيما أنها تملك الرغبة. لم يقبل شقيقها عرضها؛ كونه يتعارض مع مبادئ أبيهما. لكن لويزا أصرّت على طلبها حتى تدخّلت المحكمة وفضّت النزاع لمصلحة لويزا بعد أن قامت بدفع بعض المستحقات المالية لشقيقها.

تغيّر كل شيء حينما تولت لويزا الإدارة. تعاقدت مع مصمّمين جدد، ووظّفت بعض زميلاتها للعمل في وحدة الإنتاج. الحس الأنثوي انعكس على الحقائب والمبيعات.

لم تكتف لويزا بالحقائب اليدوية بدأت في إنتاج أحذية وإكسسوارات. قفز متجر “برادا” قفزة كبيرة في عهدها. دفعها هذا النجاح إلى افتتاح شركة أنجبت فروعاً مختلفة. فبعد أن كان المتجر مهدّداً بالاندثار أصبح إحدى أهم العلامات التجارية العالمية. ففي عام 1990 حصل “برادا” على المرتبة الأولى كأهم بيوت الأزياء العالمية، وفي عام 2010 تجاوزت مبيعاته 5 مليارات دولار.

حتى لا تكرّر لويزا خطأ والدها عرضت على أبنائها وأقاربها العمل معها دون أن تفرضه عليهم. كانت ابنتها ميوشيا، الوحيدة التي أبدت اهتماماً. بدأت العمل مع أمها منذ أن كان عمرها 17 عاماً. تعاملت معها والدتها بمرونة جعلتها توفق بين دراستها وعملها حتى أصبحت على رأس هرم الشركة.

لم يمنع ميوشيا نجاحها التجاري من نجاحها العلمي. تابعت دراستها وحصلت على الدكتوراه في العلوم السياسية. كانت مؤمنة مثل أمها بأن الشغف يبدّد أي صعوبات.

لا شيء مثل الحب. إنه يفتّت جبل التحديات إلى أحجار صغيرة تدوسها لتواصل الطريق.

المصدر: الإقتصادية