عبدالله المديفر
عبدالله المديفر
مقدم برنامج (لقاء الجمعة)على قناتي خليجية والرسالة وبرنامج (في الصميم) على روتانا خليجية كاتب في صحيفة اليوم

طفلة مبدعة تريد فورد

آراء

كنت منهمكاً في قراءة مجموعة من الأوراق وبجواري طفلتي الصغيرة التي كانت تسألني عن أشياء كثيرة وأنا أحاول أجيبها بأقصر كلمات ممكنة وبتفاعل بارد، ثم قالت لي: بابا ما تبغاني أسأل؟، وعلى الفور أغلقت أوراقي وعدلت جلستي وقلت لها: بالعكس يا بابا الطفلة الحلوة تسأل على طول.

الطفل يعيش بعقلية إبداعية جميلة لأنه يتمتع بالخيال الواسع والسؤال الحر والتفكير المفتوح، وعلينا مساعدتهم في الحفاظ على هذه الأشياء، وبعد دخوله للمدرسة نجد أن الطفل تنخفض نسبة الإبداع عنه من ٩٠٪ إلى ٢٪!!، لأن البيئة المدرسية تحارب الخيال بسلاح الواقعية، وتهمش التفكير المفتوح وتستبدله بقاعدة «احفظ تنجح»، وتغتال الحرية بقوانين الانضباط والصرامة، وتقتل ثقافة النقاش لأن الجو المدرسي يشعرك بأن السؤال ليس شيئاً محبباً ويدل على قلة الفهم!.

المبدع مستقل عقلياً ولهذا علينا تطوير علاقتنا مع عقول أطفالنا وتساؤلاتهم، وتجنب سلوك الإكراه العقلي على ما نعتقده نحن، والمبدع خياله جامح عادة فلا تقمعوا خيال أطفالكم، فالخيال هو روح الإبداع.

نحن بأمس الحاجة لبيئة غير تقليدية تحتضن المبدعين، والصناعي الأمريكي هنري فورد وصله تقرير عن الموظفين في مصنعه الشهير وكان مما كتب فيه أن الموظف س يبدد أموال الشركة ويجلس في مكتبه كل يوم ورجلاه مرفوعتان على طاولته لساعات طويلة دون أن يعمل شيئاً!، فعلق فورد على التقرير بالملاحظة التالية: (قبل سنوات جاءنا الموظف س بفكرة أدرت الملايين على الشركة وكانت رجلاه آنذاك في الوضع نفسه).

تعاريف الإبداع كثيرة ولكن فلسفته من وجهة نظري هي التعامل مع المعتاد بأسلوب غير معتاد، ولذلك علينا تحرير أنفسنا من أسر ما نعتاد عليه، وألّا نكون من الجنود الذين يقاومون التغيير فيستسلمون للمألوف مع كل جولة، ولن نصل للأفكار الجديدة المبدعة حتى نهرب من الأفكار القديمة.

كثيراً ما نختزل الإبداع في الأفكار فقط، والإبداع الحقيقي هو الذي يتكامل فيه الفكر مع التنفيذ، وبيتر دركر يقول: (أفكار إبداعية الكيلو منها بعشرة سنت وقيمتها الحقيقية عندما تنفذ)، وهذا المخترع الأشهر في التاريخ أديسون يقول: (معظم أفكاري اخترعها الآخرون ولم يكترثوا بتطويرها)، فالمحاولة الأولى لإبداعنا قد تفشل والاستسلام للفشل يخرجنا من دولة المبدعين، وليندا مور يقول: (لا يهم كيف تستخرج الفكرة المهم أين ستضعها).

‏‫ وفي هذه اللحظة التي تفكر بها بإبداعك تخلص من «الخوف من الخطأ» لأن الخوف من الظهور كأغبياء أمام الآخرين يحرمنا من الإبداع.

المصدر: اليوم السعودية