مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

فرانسوا مراد.. ضحية التطرف والنظام

آراء

ما كان الإسلام يوماً ما دين قتل، بل دين سماحة ويسر، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرّم ظلم أهل الذمة أو التعدي عليهم، وجاء عن صفوان بن سليم عن عددٍ مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ألا مَن ظلَم معاهداً، أو انتقصه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة”؛ رواه أبو داود والبيهقي.

كذلك أكد على حُرمة دمائهم، والاعتداء عليهم بغير حق، فقال صلى الله عليه وسلم، بحسب رواية البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: “مَن قتل معاهداً لم يَرَحْ رائحة الجنة، وإنَّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما”.

وأوصى أبو بكر الصديق رضي الله عنه جنوده عام 12 للهجرة بقوله: “… وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له..”.

هذه هي روح الإسلام، أما أن يظهر في سورية من يدّعون الجهاد، فيعتدون على دير للنصارى ويقتلون “الأب فرانسوا مراد” وينهبون الدير، فهذا ليس من الإسلام. وأيا كان الفاعل.. سواء كان النظام السوري، كما يروج المدافعون عن الثورة، أو مدعي الجهاد كما تشير الوقائع، فتلك الجريمة لا يقبلها الله ورسوله.

الدير الذي كان يتعبد فيه موجود بمنطقة منعزلة بين القرى، وأغلب أهاليها هجروها بعد هروب النظام منها، وسيطرت عليها جماعات مجاهدة من الشيشان وغيرها، بحسب الروايات، أما فرانسوا مراد فقد أخرج من معه إلى مناطق آمنة وبقي بمفرده في دير مار سمعان العامودي بعد أن تهجّر إليه من دير آخر تعرض للنهب والحرق.. دير بناه بيديه، وجمع التبرعات بنفسه من أشخاص في دول عدة، لكونه محبوبا من كل من عرفه أو سمع عنه، وكان يشارك العمال في البناء، ولما نفدت الأموال استأذن أهله بأخذ بعض أثاث بيتهم لاستكمال بعض حاجاته.

بكى فرانسوا كل من عرفوه، بكاه أبي وأمي وإخوتي، فهو كان صديقا قريبا منذ طفولتنا، كأنه فرد من العائلة، إن أتى لزيارة الرقة لا ينام إلا في بيتنا، كل همه أن يقدم الحب للناس، يكره الظلم ويساعد من يستطيع من المظلومين من أبناء دينه وغيرهم. رحل فرانسوا، لكن الثورة لم تنته، وإن كانت ستخلص الناس من النظام لتضعهم تحت رحمة التطرف فالكارثة مقبلة، وبكل الأحوال هي من نتائج تعنت النظام الذي قرر منذ البداية أن يسكت المتظاهرين بالرصاص فدمر البلد لاحقاً.

بقية الحديث: حزن المهندس ماهر حميد يصعب وصفه في كلمات.

المصدر: الوطن أون لاين