عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

في مواجهة الحياة

آراء

ماذا لو؟ سؤال مصيري جداً وبنكهة وجودية مرة وجارحة شبيهة بسكين لا تمزح إذ تمر على اللحم الحي، ماذا لو؟ هو السؤال والمحور الذي تدور حوله رواية الفرنسية بريجيت جيرو، المولودة في الجزائر عام 1960، والتي تقضي حياتها في باريس وتلتقي بالرجل الذي سيصبح زوجها وتنجب منه ابنهما الوحيد.

في عام 1999 يقود كلود دراجة نارية في شوارع مدينة ليون حيث ينتهي مصيره ميتاً في ذلك الشارع في حادث سير، تاركاً زوجته تدور حول نفسها باحثة عن إجابات لفيضان من الأسئلة، وحتى البيت الذي حلما بشرائه لم يتمكنا من الانتقال إليه، كما لم تقدر هي بعد وفاته على بيعه.

بين الاندفاع في العيش والأحلام قبل عام 1999، وبين رواية «العيش سريعاً» عام 2022 هناك سنوات ومرارات والكثير من الأسئلة، سنوات صاغت رواية حياة وتجربة امتلأت بماذا لو؟ هذا السؤال الذي يخافه الكثيرون لما قد يفتحه من عواصف لا قبل لهم بها، لكن لو الرواية، منحت بريجيت شرف أن تكون الروائية الفرنسية صاحبة الرقم 13 في مجموعة الكتاب المرموقين الذين نالوا الجائرة الفرنسية الرفيعة ( الغونكور)، عام 2022 !

في رواية «العيش سريعاً» تطرح بريجيت مأساتها لأجل أن تتحرر من آلام الفقد الغائرة، ومن أسئلتها الحارقة، وبتلك الأسئلة تقدم بريجيت حكاية إنسانية تحدث كثيراً وفي كل مكان، حكاية الموت / المصير المختبئ في كل مكان، على مقعد دراجة، وفي شارع مهجور أو في ذهن سائق مخمور.. حيث يمكن أن يحل الفقد مفاجئاً وحاملاً المرارة، والشعور بالضياع وفقدان المعنى، فماذا لو لم يمت الزوج؟ هل كان سينجو من الموت؟ هل سيكون اليوم ضاجاً بالحياة ومالئاً البيت بالضحك؟

لا أحب أولئك الذين في عمق الألم ينبرون لتقديم المواعظ حول ما يجب وما لا يجب، ومعه وقع عالم أسرة كامل، كما وقعت حياة وسعادة امرأة، انتهى عالم كان قائماً كمدينة كاملة، فهل تتخيل مدينة تنهار وتختفي في غمضة عين؟

المصدر: البيان