محمد الحمادي
محمد الحمادي
رئيس تحرير صحيفة الرؤية

قطر.. أقوال بريئة وأفعال مدانة

آراء

هناك مشكلة لدى فريق من الشعوب العربية، وهي أن هذا الفريق معني بالقول ويصدقه ولا يعنيه الفعل المناقض لهذا القول.. يحكم بالبراءة لمن يتكلم، كمن هو مجني عليه، ولا يحكم بإدانة من يفعل الجريمة ويرتكب الجناية.

وهكذا بدت قطر في رأي هذا الفريق بريئة جداً لمجرد أن مسؤوليها قالوا إنهم يحافظون على العلاقات القوية ووحدة المصير مع دول الخليج العربية، ولمجرد أنهم قالوا إن تصريحات أميرهم مفبركة ووكالة أنبائهم مقرصنة، قطر تبدو في رأي هؤلاء بريئة لمجرد أقوال مرسلة لم يعد لها معنى لدى من لديه شيء من العقل والإدراك، والواقع العملي يؤكد أن قطر مدانة تماماً؛ لأنها تقول خيراً وتفعل شراً على طريقة الإخوان، وعلى طريقة ملالي إيران، قطر مثلها مثل الإخوان والمقاول الفارسي تتبع مبدأ التقية الذي اتخذته ستاراً للنفاق والمراوغة، ومحاولة أن تكون شقيقاً ذَا وجهين، وجه كاذب يُزعم الانتماء لمجلس التعاون والمنظومة العربية، ووجه حقيقي يتحالف مع الشيطان ضد الشقيق الخليجي والعربي.

وأعتقد أن الأمر أكبر من قطر بكثير، ولا ينبغي أن يقال إنها تدير العمليات الإرهابية في مصر وليبيا وسوريا، بل ربما الغرب أيضاً، فقطر لا تفعل ذلك من تلقاء نفسها، ولكنها تأتمر بأمر شياطين استخدموها أداة لتدمير الأمة العربية ومنظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

في الظاهر، قد يبدو للبعض أن المشروع الإخواني الذي تتبناه قطر مناقضاً تماماً للمشروع الفارسي الذي تعمل عليه إيران، ولكن الحقائق على الأرض تؤكد عكس ذلك، فالنسق الإيراني هو نفسه النسق الإخواني، حيث تراتبية المرشد ونائبه ومن تحته، وتآكل مصطلح الوطن لحساب الخلافة عند الإخوان، ولمصلحة تصدير الثورة لدى المشروع الفارسي، وهكذا سقطت قطر في هذا المستنقع الإخواني الفارسي، وصارت بين شقي رحى طحنتها طحناً أعاد تشكيلها من جديد، لتصبح الدوحة عاصمة الإرهاب ونقطة انطلاق الماسون الإخواني الفارسي نحو ما يسمى بالخلافة أو قيادة العالم.

قطر أرادوا لها أن تكون أداة وعصا ومصرفاً لتمويل الإرهاب في مصر وليبيا وسوريا واليمن والبحرين وأي دولة عربية أخرى، وقطر بسلوكياتها اللامسؤولة أصبحت موقعاً مناسباً لانطلاق الإرهاب إلى العالم، فهي تمول وتدعم «داعش» و«النصرة»، ويحكمها «الإخوان» وتحركها إيران، وأصبحت عبئاً على الشرعية اليمنية بدعمها جماعة الحوثي الإرهابية، بل وزرعت أعواناً لها داخل الحكومة الشرعية اليمنية، وكل هذا بالمال الذي يتم إهداره على مشروعات توسعية إيرانية، وعمليات إرهابية إخوانية، كان يمكن استغلاله فيما يفيد الشعب القطري الشقيق.

ربما نصدق أن قطر بريئة إذا خرج مسؤولوها بكل صراحة ليقولوا: عفواً أيها الأشقاء في الخليج والوطن العربي، نحن لم نعد مسؤولين عن تصرفاتنا، إرادتنا محتلة وقرارنا محتل، ونأتمر بأمر قوى «الإخوان» وملالي إيران، فإما أن تنقذونا وإما أن تعذرونا، ساعتها فقط سنصدق أن قطر بريئة ومغلوبة على أمرها، وسنكون ملومين جداً إذا لم نتحرك لإنقاذها والوقوف معها وانتشالها من هذه الهاوية، أما أن تدعي قطر أنها مسؤولة عن أقوالها وأفعالها وأنها مصممة عليها؛ فإن ذلك لا يجعلنا نصدق أبداً أنها بريئة، بل هي مدانة، وهي تلعب بالنار التي ستحرقها قبل غيرها.

المصدر: الاتحاد