عبدالله فدعق
عبدالله فدعق
داعية إسلامي من السعودية

قولوها ولا تخافوا

آراء

في إطار جهود علماء الأمة في مواجهة الأفكار المتطرفة ونشر صحيح الإسلام؛ جاء بيان مفتي عام البلاد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ـ بارك الله فيه ـ (تبصرة وذكرى) كافيا ووافيا في التحذير من “جرائم ما يسمى بداعش والقاعدة وما تفرع عنهما من جماعات”. وبدلالة المنطوق والمفهوم ـ كما يسمى عند علماء أصول الفقه ـ نفهم أن عبارة (ما تفرع عنهما من جماعات) تدخل فيها كافة التنظيمات والمخططات والجماعات الإرهابية التي تنتشر في البلدان الإسلامية تحت مسميات مختلفة، كطالبان في آسيا، وبوكو حرام في نيجيريا وغيرهما، فكل هذه وتلك لا علاقة لها إلا بمن (صنعها)، وسماها بتسميات متعددة تتغير على فترات متباعدة من بلد إلى آخر، ولا تهدف إلا إلى تفتيت الأمة عن طريق الأفكار المتطرفة والعنف والقتل والإرهاب، بدليل ما هو ماثل للعيان في العراق وأفغانستان ونيجيريا وغيرها من البلدان، من قتل وسفك دم واغتصاب وعنف مستمر.

المواجهة لهذه التنظيمات والجماعات باتت أمرا حتميا؛ وهذه المواجهة سهلة إن اعتمدت على النشر الصحيح للدين الإسلامي، والدعم الكامل للفكر الوسطي المعتدل؛ إذ هو حائط الصد ضد هذه التنظيمات الإرهابية ومخططاتها.

لا شك أن الفترة الأخيرة شهدت انتشار صورة مشوهة عن بعض مفاهيم الإسلام، خاصة مفهوم الجهاد، وانتشرت الدعايات المضادة للإسلام، والتي لا تنفك متعمدة على ربط الإسلام بمصطلح الإرهاب، مما عزز لدى الجهلاء فكرة أن الدين الإسلامي ومبادئه لا يتفقان مع مطالب العصر الحديث، خاصة أن محاولات المتطرفين مستمرة في تشويه وتدمير عظمة الإسلام، ومستمرة بأفعالهم والدعاية التي يقومون بها باسم الدين في تشكيك الناس فيما يتعلق بجوهر الشريعة، حيث يعتمدون في دعاياتهم على الإثارة والعواطف بدلاً من التوازن والعقل، وفي هذا الصدد لا بد من التأكيد على متابعة الشباب وحثهم على اجتناب هؤلاء الإرهابيين الذين خرجوا عن الوحدة، واتجهوا إلى طريق الدمار والخراب.

الإسلام بريء ـ كما يردد المنصفون من كل الملل ـ ممن يتخذون الدين ستارًا لهم في قتل الأبرياء من المسلمين وغيرهم، وهو أسلوب حياة للتوازن والوسطية التي تكمن في داخلها الكرامة والسمو، ويتناقض بشكل قاطع مع أي شكل من أشكال العنف والقتل والإرهاب، ومن يحيد عن هذا الطريق ويتجه إلى التطرف في الفكر والسلوك يخرج بنفسه من الدين الحنيف..

لقد وصف القرآن الكريم الأمة الإسلامية بأنها أمةٌ وسطٌ، ونبيها سيدنا محمد خير مثال لذلك؛ فهو – صلى الله عليه وسلم – رمز الوسطية والاعتدال في كل جوانب الحياة، وجزاه الله عن أمته خيرا بتحذيرها من الغلو في الدين الذي لا يؤدي إلا إلى الهلاك.

مبادئ الإسلام مبادئ ذهبية، وهي تدور حول عدم الوقوع تحت طائلة التطرف، وضرورة السير على نهج الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قولا وعملا، والمساهمة بإيجابية داخل المجتمعات، وبأن يكون كل واحد في الأمة سفيرا للإسلام على أحسن وجه.

لقد أحسن سماحة الشيخ ـ أحسن الله إليه ـ القول في بيانه عن أعمال داعش والقاعدة، وهو بذلك يفتح الباب للصامتين من المؤسسات الرسمية والمدنية، ولغيرهم من الأفراد الكسالى ليشاركوه وأمثاله من العلماء العقلاء في عدم التقاعس ـ على الأقل ـ عن وصف التنظيمات المخالفة بأنها طامة إنسانية كبرى، ولن تنتج عنها إلا فرقة الأمة، وتشتت كلمتها.

المصدر: الوطن أون لاين