سعيد السريحي
سعيد السريحي
كاتب سعودي

قيادة السيارة: منع النساء و«مهايطة» الرجال

آراء

استنكر كثير ممن قرأوا مقالي (قيادة السيارة بوصفها فعلا ذكوريا) وذهبوا فيما كشفت عنه مواقع التواصل إلى أنني تعسفت الربط بين منع قيادة المرأة السيارة وارتفاع نسبة الحوادث لدينا على نحو جعل المملكة تحتل المرتبة الأولى عالميا في حجم الخسائر وعدد الضحايا.

ولعل ما حملهم على اعتقاد التعسف في الرد تصورهم أنني ربطت ربطا مباشرا بين الظاهرتين، إضافة إلى أن الكثيرين ممن رموني بالتعسف هم ممن يرفضون أصلا تقبل قيادة المرأة للسيارة.

قلت في مقالي: إن انفراد الرجل بقيادة السيارة حول عملية القيادة على بساطتها وتلقائيتها إلى فعل ذكوري، بمعنى أن الرجال وحدهم هم من يقدرون على ذلك، ورغم أنهم يعرفون أن باستطاعة المرأة قيادة السيارة والطائرة والدبابة كذلك إذا تم تمكينها من ذلك، إلا أنهم يستسلمون لوهمهم على اعتبار أن قيادة السيارة تزيدهم إحساسا برجولتهم، وهذا الأمر ملاحظ خاصة عند المراهقين وصغار السن حين يكون يرون في السماح لهم بقيادة السيارة اعترافا ببلوغهم سن الرجولة، وعلى الرغم من تجاوزهم هذا الشعور لاحقا إلا أنه يظل مستترا خلف كثير من تصرفاتهم وتجاوزاتهم ومخالفاتهم المرورية.

انفراد الرجال بقيادة السيارة والنظر إلى المرأة باعتبارها عاجزة عن ذلك حول قيادة السيارة إلى ضرب من «الهياط» الذي يتم ارتكابه في كافة المجالات لتأكيد الاقتدار والتمكن فهو هياط في الكرم لنفي احتمال البخل وهياط في الشجاعة لمنع احتمال الجبن وهياط في التدين من قبل بعض المتشددين لمنع التهاون، ومن هذا الباب يصبح الهياط في قيادة السيارة لتأكيد استحقاق الرجل لقيادتها دون المرأة.

من هنا كان الربط بين منع المرأة من قيادة السيارة وكثرة الحوادث التي يعود أكثرها إلى الهياط الذي يتجلى في التفحيط وقطع الإشارات وتجاوز السرعة النظامية، ولو كان مسموحا للمرأة بقيادة السيارة لعرف أن المجال ليس مجالا لإظهار الفتوة والإمعان في الهياط.

المصدر: عكاظ