حليمة مظفر
حليمة مظفر
كاتبة سعودية

نعم.. للشريط الأبيض

الأربعاء ٠١ مايو ٢٠١٣

رغم غياب الإحصاءات والدراسات الدقيقة نتيجة غياب مراكز البحث الجادة؛ فإنه لا يُمكن إنكار وجود عنف يُمارس ضد الإناث في مجتمعنا، بدءا من تزويج الصغيرات وانتهاء بعضلهن عن الزواج بسبب عادات جاهلية أو للمتاجرة بمهورهن، وطبعا ما بينهما عنف بدني ولفظي ونفسي يُمارس ضد الكثيرات، وهناك قصص كثيرة لا تصل للإعلام، لكن بعض الأخبار المفزعة التي تنشرها الصحف عن حوادث العنف الأسري ضد المرأة وهروب فتيات من أسرهن ومحاولات الانتحار الفاشلة وغير ذلك؛ تكفي لتخبرنا أن لدينا أزمة يجب حلها، ولن يكون إلا بسن قوانين صارمة لأجل حماية المرأة جسديا ونفسيا وماديا، لحفظ كرامتها ومنع استغلال ضعفها، فما لدينا من قوانين هي اجتهادية فردية للأسف، تُمكن من استغلال المرأة وتعرضها للتحرش عند ضعاف النفوس ممن لا يخافون الله تعالى، لكن الأذى ليس من الغرباء فقط بل حتى الأقرباء، وهو الأكثر وقوعا خاصة حين يُولى عليها ولي بلا ضمير، فيكون جائرا أو غير صالح كمدمن مخدرات مثلا! والكثير من النساء ضحايا هؤلاء، ولا قوانين واضحة تحميهن، بل معظم ما لدينا من أنظمة تتعامل مع المرأة كناقصة أهلية، تُمكن من ظلم ولي الأمر لها، إذ لا يعترف بها إلا كنصف مواطنة ولا تكتمل إلا بوجود المحرم سواء في سفرها أو تعليمها أو عملها، وكل هذا يزيد من مساحة استغلالها وإيذائها، ومن يرد…

تربح “المشايخ”.. “تو النهار”!

الثلاثاء ٢٣ أبريل ٢٠١٣

بين ليلة وضحاها خرج الناس صباح السبت الماضي من بيوتهم، وإذ بهم يشاهدون إعلانات مصورة في كل شارع أمام أعينهم "يا للهول".. إنها ابتسامة عريضة لم يعتادوها لبعض نجومهم من الدعاة.. يقفون مع من أطلقوا مرات عليهم أحكاما عبر خطبهم وتغريداتهم للتحذير منهم، وتاجروا بسمعتهم ليكتسبوا شعبية بين الناس، ووصفوهم بالمنحرفين أحيانا، والليبراليين الفاسقين أحيانا، وبأدوات الشيطان أحيانا، لأنهم من ملهيات الحياة! لكنهم في ذاك الصباح، على غير العادة؛ هم وقوف جنبا إلى جنب مع الرياضيين والإعلاميين والفنانين والكتاب.. يرفعون أيديهم إلى آذانهم يقولون لنا "كلمني على.."! وهي خدمة "اتصالية" مدفوعة تشبه "تويتر". وبصراحة لا أعترض على الخدمة مثلها مثل بقية الخدمات المقدمة للناس في سوقنا الإعلامي الاستهلاكي الكبير؛ فمن يردها يدفع مقابلا كأي خدمة توفرها تقنية الاتصالات في ظل تطور التقنيات، لكن الناس فجعوا ذاك الصباح بأن مشايخهم يتربحون "بالدين" على "ظهور عواطفهم" واحترامهم لهم! وكأن الناس استيقظت فجأة من غفوة طويلة؛ ليكتشفوا أنهم للتو يحصدون الملايين مقابل دعاء يقدمونه لهم أو توجيه دعوي أو حكاية نبوية أو آيات من القرآن الكريم.. هؤلاء المفجوعون أقول لهم "تو النهار.. صباح المساء"! هل استيقظتم اليوم لتكتشفوا ذلك؟ أين أنتم من خدماتهم التي يتربحون بها عبر رسائل SMS منذ سنوات؟! أين أنتم من مئات الآلاف من الدولارات التي تُدفع لهم مقابل الدورات…

لو رأوني أمشي على “التايمز”!

السبت ٢٠ أبريل ٢٠١٣

"إذا كان هدفك أن تُعجب الناس فسوف تكون مستعدا للمساومة على أي شيء في أي وقت، ولن تُحقق شيئا".. المقولة الشهيرة لـ"مارجريت تاتشر" التي فارقت الحياة الأسبوع الماضي وكانت أول رئيسة وزراء لبريطانيا، ولولا إيمانها بهذا الاعتقاد لما وصلت ابنة البقال الفقير إلى قصر الحكم البريطاني كرئيسة وزراء عبر ثلاث تجارب انتخابية من 1979 إلى 1990، رغم قسوة سياستها التي عُرفت بها آنذاك، وصعوبة الظروف التي حكمت فيها، وشدة النقد والصحافة اللاذعة معها خاصة من بقايا الذكوريين ممن حاولوا التقليل منها لكونها امرأة، فما اتخذته من قرارات رئاسية صادمة جعل بعضهم يلقبونها بـ"الساحرة"، والساحرة هنا بمعناها المكروه لدى الإنجليز، إلا أنه فيما يبدو حصد البريطانيون حيوية قراراتها وعرفوا قيمتها وحكمتها بعد أن تركت منصبها، وهم للآن يجنون ثمرتها اقتصاديا وعلميا واجتماعيا. ما أود قوله ببساطة أن هناك من ليس لديهم مبدأ ولا موقف مما يجري حولهم، خاصة بعض المسؤولين وبعض المحسوبين على النخب الفكرية والثقافية وحتى الدينية، هؤلاء ينتمون إلى تيارات يدندنون خلفها أو يرددون ما يقوله لهم الجمهور في لحظة حماسة عاطفية دون وعي أو محاولة لقراءة ما يحدث في لحظة تفكير عميقة، بعضهم تجدهم يردون للناس بضاعتهم التي كانوا يلوكونها في مجالسهم، ليكونوا ممن ينطبق عليهم القول "مع الخيل يا شقرا"، إما لأنه ليس لديهم الوقت للتفكير، أو…

بعد الطفلة “المُشتهاة”.. الوسيم المُشتهى!

الجمعة ٠٥ أبريل ٢٠١٣

في زمن الغرائب وتعطيل العقول، لن أستبعد أن يأتي يوم من الأيام ونسمع بفتوى من فتاوى الزمن العجيب، يزعم صاحبها ممن"يتمشيخون"في فضائياتنا بوجوب فرض الحجاب على الرجل الوسيم؛ لأنه "مُشتهى" بعد تحريم خلوة كل رجل معه!، لتتعالى بعد ذلك أصوات الخائفين من "المنكر" بضرورة وضع قسم ثالث في الجامعات والجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة منعا للاختلاط مع "الوسيمين المُشتهين" بجانب القسمين المعتادين "الرجالي" و"النسائي"! و"يا دار ما دخلك شر"، وبالطبع بناء على ذلك يُوضع باب ثالث خاص لدخولهم وخروجهم خوفا من "فتنتهم" على زملائهم الفحول! ثم ينادى بضرورة تطبيق فتاوى "سد الذرائع" على كل "رجل وسيم" اتقاء الفتنة والخطيئة المتوقعة ممن "تقع في نفسه الشهوة" تجاهه، كأن يتم منعهم من قيادة السيارة وعدم سفرهم إلى الخارج أو ابتعاثهم إلا بوجود محرم خوفا عليهم أن يقعوا فريسة الذئاب من الفحول! إلخ.. هل أستطيع أن أقول أن ما ذكرتُه هنا "مهزلة"! هي كذلك ولا تقل "كارثية" عما سمعناه من أحد الدعاة عبر حلقة "يا هلا" برنامج الزميل العزيز علي العلياني المميز والرائد في طرحه دائما، حين أعلن هذا الداعية بكل بساطة وجوب عدم خلوة الرجل مع الذكر الوسيم أو الأمرد!. ففيما قاله عبر الحلقة "من وجد في نفسه شهوة فالمفترض ألا يخلو بالشاب الوسيم"! "لطفك يا لطيف"، وأخذ يذكر أن بعض أهل العلم…

بدل السكن في “الثلاجة”!!

الثلاثاء ٠٢ أبريل ٢٠١٣

ما يُقارب من 60 % من السعوديين لا يمتلكون عقارات، كما تناول الكثير من أخبار الصحف، ويعيشون في عقارات مؤجرة، بعضها رديئة بسبب أوضاعهم المالية المتواضعة، وبعضها الآخر تلتهم نصف رواتبهم ولا تُبقي لهم منها شيئا إلا أن يكونوا على "الحديدة" آخر كل شهر في ظل "الغلاء" الذي وصلت فيه علبة الحليب إلى ما يقارب 70 ريالا! خاصة أن رواتب الكثيرين لا تُمكنهم من شراء عقارات نتيجة أسعارها "الخيالية" في سوق الهوامير! لهذا وخلال السنتين الماضيتين كثير من المواطنين الموظفين في الدولة كانوا يأملون بالتوصية "الحيلة" التي ناقشها مجلس الشورى لصرف بدل سكن ثلاثة رواتب لهم، وباتوا يضعون عينا على مناقشات مجلس الشورى، وعينا أخرى على رواتبهم "الطفرانة" التي تلتهم نصفها إيجارات متصاعدة عاما بعد عام، لكن يبدو أنه قد انتقل أخيرا "بدل السكن" إلى "ثلاجة الوفيات" في المجلس بعد تصريح رئيس لجنة الإدارة والموارد البشرية بـ"الشورى" الدكتور محمد آل ناجي عن إيقاف توصية صرف ثلاثة رواتب كبدل سكن لموظفي الدولة نتيجة انتهاء عضوية مُقدم التوصية! هل يُعقل فعلا ذلك؟ أن تنتهي ملفات كهذه وتوصيات مهمة جدا تمس حياة المواطنين واحتياجاتهم بعد انتهاء عضوية أعضاء مجلس الشورى؟ لماذا لا يبدأ المجلس من حيث ينتهي أعضاؤه السابقون؟ وهل هذا يعني أن الذين يعانون من "نار الإيجارات" من موظفي الدولة عليهم انتظار…

خطورة عدم توطين الوظائف الصحية!

الأربعاء ٢٧ مارس ٢٠١٣

المسؤول الذي لا يستفيد من تجارب الأمس يمكن تصنيفه بأنه خارج دائرة المسؤولية، ربما تتذكرون جميعا ما حدث في حرب الخليج الثانية المعروفة بحرب تحرير الكويت من غزو العراق الغاشم الذي حدث عام 1990، خلال تلك الأزمة نعرف جيدا أن عددا كبيرا من الوافدين الذين كانوا يعملون في السعودية قرروا العودة إلى بلادهم خوفا على حياتهم من الحرب. أهم تلك الوظائف التي تعتبر ذات أهمية كبيرة جدا وحيوية في مثل هذه الأزمات والكوارث هي الوظائف الصحية، وخاصة الفنيين والتمريض، فهم يقدمون العناية الصحية في الحالات الإسعافية الحرجة، ولا يمكن الاستغناء عن الممرضين والممرضات والفنيين في المختبرات والأشعة والأقسام الأخرى، وأي نقص في هذه الأيدي لأي ظرف كان يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح. وربما كثيرون لا يعرفون أنه خلال تلك الأزمة التي عشناها كسعوديين في حرب الخليج الثانية كان عدد كبير من الفلبينيين وغيرهم من العمالة الوافدة قد تركوا هذه الوظائف الصحية ونحن في أمس الحاجة لها، خوفا على حياتهم من تطور الظروف حينها، ولم يبقَ في هذه الوظائف سوى أبناء الوطن، بل لماذا نذهب بعيدا، انظروا إلى أزمة العاملات المنزليات مع الفلبين وإندونيسيا! ألا يمكن أن يقع الأمر نفسه مع العمالة الوافدة في المستشفيات؟ ماذا سنفعل حينها؟ ما أود قوله هو أن وزارة الصحة ما تزال خارج دائرة المسؤولية…

كفاية “شخيييير”!

الإثنين ١١ مارس ٢٠١٣

لم يخطر في باله أنّ إخلاصه في عمله كمعلم لمادة الفيزياء ومساعدة طلابه في فهم درس "الاهتزاز والصوت" بشكل عملي وممتع لا مجرد نظري يعتمد فيه على "صُموا"؛ سينقلب على رأسه ويورطه في تحقيق تتوعده به إدارة التعليم بوزارة التربية والتعليم في منطقة الشرقية كما أفادت بالأمس جريدة الحياة، فبعد محاولة طالب إيهام الناس عبر صورة التقطها خفية للمعلم أثناء شرح الدرس مع "آلة الجيتار" ونشرها عبر الإنترنت مع شائعة تعليمهم الموسيقى أحدثت تلك الحادثة موجة استنكار وغضب ضد المعلم بأنه لم يلتزم بضوابط الشريعة الإسلامية، لدرجة المطالبة بمقاضاته، ومن المؤكد أنه قال لنفسه بعد ما ثار الغضب ضده "عساهم ما فهموا!! يُصموا أفضل".. وحتما سيفعل ذلك غيره من المعلمين بعد هذه القصة، فالأهم هو "لقمة العيش" ما دام نحن من نضع العراقيل والأسوار والحواجز والمحاذير تخويفا من أي اجتهاد تعليمي يؤدي إلى تعزيز العملية التعليمية وصحيان العقول من سباتها العميق!! لكن يبدو أن وزارة التربية والتعليم لا رغبة لها في أن تصحو العقول ولا بأس من أن تنام حد الشخير! طبعا هذه العقلية التي لا أعلم كيف أصفها في التعامل مع هذه القضية؛ لا تختلف عن العقلية الأكاديمية التي يُفترض أن تكون أكثر تطورا وفهما وتنويرا، لكن كما يقول المثل الشعبي "اقلب القدرة على فُمها تطلع البنت لأمها"!! ما…

“المعتقلون” وعودة “القاعدة”.. الحل قانون “ضد الكراهية”

الخميس ٠٧ مارس ٢٠١٣

أي قضية إنسانية يُمكن حلها بشيء من العقل تحت مظلة القانون، دون ذلك تتحول كرة الثلج إلى كتلة ثلجية مدمرة، حين تسقط في يد الانتهازيين وتنحرف عن مسارها الإنساني إلى مسار استغلال عواطف الناس البسطاء في تفكيرهم لتحقيق مآرب لا إنسانية، ولا تخطر على بال بعض المتعاطفين مع القضية ممن يتحولون إلى لسان حالها دون إحساس بمسؤولية العواقب. والأزمة تزداد سوءا حين يستخدم الانتهازيون هؤلاء السذج والبسطاء ليكونوا خط الدفاع الأول، فيما الانتهازيون يبقون في الخفاء.. هذا ما يحصل حاليا في قضية معتقلي "الفئة الضالة". فمن بعيد؛ كنتُ أتأمل هؤلاء النسوة اللاتي أشعر بمعاناتهن وألمهن بفقدهن لأقربائهن المعتقلين ممن انخرطوا في التفكير الإرهابي أو التكفيري وتم التحفظ عليهم باعتقالهم وعرضهم على لجان المناصحة لتصحيح فكرهم، لكنهم بقوا على أفكارهم، فبقوا في معتقلاتهم على أمل تصحيح مسارهم الفكري، ونتيجة عدم وجود قانون يوضح موقفه ممن يستمرون بالتمسك بفكر تكفيري خطر استمر اعتقالهم، إذ يُخشى إن أفرج عنهم أن يكونوا خطرا على حياة الأبرياء. وقد يقول القائل هنا: وهل يعاقب القانون الناس على أفكارهم؟ وأين هي الحرية التي تنادين بها؟! أجيب بكل صراحة: حين تكون الأفكار تهديدا لحياة الناس وأمنهم فالقانون يجب أن يُحاكمهم. ودول العالم الأول وحتى الدول الليبرالية تعمل بقانون "ضد الكراهية". والتطرف الفكري ليس له دين ولا عقيدة إذا…

ابتسامة “رهام” أيتها الوزارة

الإثنين ٢٥ فبراير ٢٠١٣

كنتُ أتأمل ابتسامة صغيرتنا "رهام" المشرقة في كل تلك الصور الجميلة التي نشرتها الصحف؛ وفي المقاطع المصورة وهي تطلب منّا الدعاء ـ شفاها الرحمن وألبسها ثوب العافية ـ وفي كل مرة أتأمل ابتسامتها أتخيل أني أحتضنها كابنتي وأتساءل: لو كنتِ يا صغيرتي تُدركين ما ألم بك! لو كنتِ تعرفين أن حياتك باتت على كفّ عفريت "الإيدز" الذي نقلته لك كفاءات وزارة معنية بصحة المواطنين لا بإمراضهم، لو كنتِ تعرفين كيف بات قلبا أمك وأبيك الآن متوجعين وهما يريان زهرتهما تعاني بلاءا خطيرا سيغير كل طقوس حياتهما!! لو تدركين كل ذلك هل كنتِ ابتسمت في وجهه وأنت تأخذين الهدية الرخيصة جدا أمام ما تعانينه! تُراكِ هل ابتسمتِ في تلك الصورة البريئة التي أسعدك نشرها؟ تراكِ هل أخذت الهدية المتواضعة جدا أمام ما ألم بكِ حبيبتي الصغيرة!؟ أتراه العوز يصل إلى هذا الحد من الوجع كي يجعل من أمنيات صغيرة هامشية كـ"الآيباد" سببا لتحمل بلاء كـ"الإيدز" يتسبب به إهمال مسؤولين عن صحة الإنسان في هذا البلد العظيم في موارده وإنسانه! يا الله لو كانوا اهتموا بتلك الأجهزة المعنية التي تصنع فارق الحياة والموت في أجسادنا كما يهتمون بما يرتدونه من ملابس وأحذية وساعات ذات علامات عالمية ثمنها أضعاف مضاعفة لقيمة ذلك "الآيباد" الذي أسعد قلبك يا صغيرتي! لكنها هي أحلام البسطاء أحيانا…

نقاب لكل طفلة مشتهاة..!!

الإثنين ٠٤ فبراير ٢٠١٣

يبدو أن الفتاوى الناتجة عن التفكيرالجسدي، بعد أن انتهت من المرأة لتجعلها ضحية صراع التشدد، حولتها من إنسان كامل الأهلية ـ بما رسخه الإسلام العظيم من حقوق لها ـ إلى مجرد وعاء للتفريغ، ومتاع يُمتلك، وفتنة متحركة، كل ذنبها أن خلقها الرحمن أنثى، وعليها أن تدفع ضريبة ذلك من إنسانيتها، بما فُرض عليها من محرمات دون تهذيب الفحول، والحد من سعارهم!. والآن بعد الانتهاء منها يوجهون سهامهم بفتاواهم الشاذة للطفلات، إمعانا في تشويه جمال وإنسانية الإسلام، إذ يأتينا داعية عبر أحد البرامج التلفزيونية ويقول: "متى ما كانت الطفلة مشتهاة، فيجب على الوالدين تغطية وجهها، وفرض الحجاب عليها!". بصراحة شديدة شعرتُ بالاشمئزاز بعد سماع هذا الكلام؛ لأنه بكل بساطة يؤكد وجود المرضى، المهووسين بالأطفال. ولمواجهة ذلك تُغطى هؤلاء الطفلات، وكأننا نعطيهم كرتا أخضر ليشتهوا الصغيرات متى ما أرادوا!، ما دام هؤلاء الطفلات الفاتنات يفتنونهم دون غطاء!، ولهذا يُفرض عليهن الحجاب وغطاء الوجه، وإن كان عمرها أربع أو خمس سنوات!، وما هذا إلا جريمة ضد الطفولة بفرض ما لم يفرضه الله تعالى، دون أي مراعاة لبراءة هذه المرحلة، واختطافها من حاجتها للعب والفرح والترفيه والرعاية النفسية السوية التي تستحقها هذه المرحلة!. لقد كنت وما أزال أحيانا أشاهد بألم وفجيعة في بعض الأماكن العامة، كالأسواق والمستشفيات طفلات صغيرات في السن برفقة أسرهن، بعضهن…

حياء الرجال.. فاستحوا!

الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٢

لماذا ارتبط الحياء كثيرا في ثقافتنا بالمرأة دون الرجل؟! يحاول المجتمع أن يجرد الرجال منها لاعتبارها عيبا فيهم، من منطق التشبه بالنساء! وإن كانت هذه القيمة تُمارسها المنابر الدينية والمدارس على مستوى نظري، فإنها لا تنزل بها منزلة التطبيق المؤثر، فمذ كنا صغارا وحتى الآن، نسمع بـ"الحياء شعبة من شعب الإيمان"، وقد يستمع أب وطفله في خطبة الجمعة إلى ذلك الحديث فيوصيه به، وما إن يخرجوا إلى الشارع حتى يلومه إذا ما شعر بالاستحياء في الرد على مزحة جار كبير استنقصته؛ فيقول "ليه ما رديت عليه، هو أنت بنت تستحي؟!"، وينسى الحياء في فرض الاحترام للكبير، ودفع السيئة بالحسنة! ويدفعه إلى الجرأة التي لا تستحي من الآخرين ليكون رجلا قويا! فلا نستغرب بعدها أن يسب ـ وهو شاب ـ رجلا مسنا في الشارع اعترض سيارته بالخطأ! مجرد مثال. أتساءل: لماذا باتت حدود الحياء في عقول الكثيرين وتصرفاتهم ضيقة، وأكثرهم بات لا يشعر به؟ تجدهم يُطالبون المرأة بأن تستحي لدرجة إلغاء صوتها في المطالبة بحقوقها، وإلا فهي لا تستحي إذا ما أعلنت عمّا أبيح لها؟! هؤلاء ينسون سريعا سورة "المجادلة" التي يقرؤونها في القرآن الكريم، وينسون المرأة التي قالت للفاروق "أخطأت"! هؤلاء ينسون أن على الرجال أن يستحوا ويشعروا بالحياء الذي يمنعهم من التحرش بالنساء ومعاكستهن كما يُطالبون المرأة بأن تستحي…

إلا “البنطلون”!

الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٢

المنع لمجرد الوصاية؛ لن يصنع أخلاقا ولن يُولد سوى ردة فعل انفعالية غير سوية، فكل ممنوع مرغوب، وحين نعيش في نهاية 2012 مع الكثير من الدراسات النفسية التربوية لكافة المراحل العمرية؛ فإنه يفترض على المؤسسات التعليمية، خاصة الجامعات، أن تهتم بها، ليس نظريا في قاعات المناقشات والمحاضرات بل تطبيقا في حرمها، ودون شك أن لكل جامعة حرية وضع قواعد عامة تفرضها على منتسبيها، لكن بشرط تناسبها مع البيئة العامة واتساقها مع معطيات الحداثة الإنسانية بما يناسب قيم المجتمع المتعدد الأطياف الذي تعيش الجامعة وسطه، فلا تميل فيه لشريحة وتقصي أخرى، أو تميل إلى رأي فقهي وتنسى الخلاف الفقهي، وعليها أن تنأى بمنتسبيها عن دفعهم إلى آفة الازدواجية المنتشرة في مجتمعنا، حتى بات بعضنا يحمل حقيبة من الأقنعة، يرتدي منها في كل مناسبة قناعا يخصها، قناعا في الشارع.. قناعا في العمل.. قناعا في البيت.. وآخر في الليل مع الأصدقاء.. قناعا في السفر.. وهكذا! جامعة الأميرة نورة بالرياض وبحسب خبر جريدة الحياة منذ أيام؛ حذرت طالباتها من لبس البنطلون، وأنه ليس أمامهن سوى "التنورة" التي اختارت لها ألوانا، ويا ليتها "تفتح النفس" على يوم دراسي مرهق، بل قاتمة لا تخرج عن الأسود أو الكحلي أو الرمادي، تاركة لهن الخيار في اختيار لون القميص.. بصراحة صدمني الخبر، كنتُ أظن أن نظاما شكلانيا مدرسيا…