الإثنين ٠٧ مارس ٢٠١٦
التحول في الفكرة العملية لدى الشباب أمر يمليه اكتساب ثقافة العمل الحر والحاجة الى مصدر دخل مؤكد، والاتساع بالأفق للحصول على خبرات وتجارب لا يمكن أن تأتي من خلال انتظار الوظيفة أو البحث السلبي عنها، وإذا عانت وزارة العمل وبرنامج السعودة من تواضع ثقافة العمل، فليس بالضرورة أن يعاني الشباب من الثقافة المجتمعية التي تصنّف الأعمال بصورة لا تتفق مع مقتضيات ومتطلبات الكسب الشريف. بدأت تظهر نماذج تؤكد اتجاه شبابنا الى ثقافة بديلة عن تلك التقليدية التي تعطّل مصادر الكسب وتركها للأجانب الذين يكسبون من ورائها أموالا طائلة، ومن ذلك ما قرأته عن لاعب بأحد أندية الدرجة الثالثة في مدينة جدة يتدرب دون انقطاع ويعود ليلا الى حارته ليواصل مهنته على بسطة خاصة لبيع الأطعمة الشعبية، والسؤال الطبيعي إذا كانت هي أطعمة شعبية، أي من صميم مجتمعنا لماذا نتركها لغيرنا ليربحوا ويكسبوا ونحن ننظر اليهم ونرى ذلك عيبا علينا إن تجرأ شاب واقتحم هذا المجال؟! إننا نضيّع فرصا ثمينة للاستثمار والكسب والعمل باستسلامنا لثقافة العيب وتصنيف المهن والأعمال، فيما كثير من أثرياء العالم الذين يتصدرون "الرانكنج" الخاص بالثروات كانوا يعملون في مهن هامشية وذاقوا الأمرّين في مستهل حياتهم، ولكنهم تعاملوا مع تحدياتهم بجدية وعزيمة الى أن حصدوا أول دولار ثم صعدوا به وصعد بهم الى صدارة الثروات العالمية، ولم يعبهم…
الخميس ٢٥ فبراير ٢٠١٦
في خضم إعادة اليابانيين لبناء بلادهم عقب الحرب العالمية الثانية، وحصولهم على ثورة تقنية وصناعية ضخمة بدأت بالترانزستور لم يكن يوجد ياباني واحد يوافق على أن يحصل على إجازة أسبوعية ليس طمعا في المال والكسب بقدر ما هو الإحساس بقيمة ما يفعلونه من أجل أنفسهم وبلادهم ووفاء لمن دمرتهم القنبلة النووية في هيروشيما وناجازاكي. لقد صنعوا الحاضر والمستقبل بإرادة وطنية حقيقية، علّموا أنفسهم معنى بناء الدولة التي اهتمت من جانبها بالتعليم وحرصت على أن يتعلم كل ياباني كفريضة مجتمعية ووطنية. تلك اليابان التي كانت حتى وقت قريب ثاني اقتصاديات العالم ومن أكثرها تطورا وازدهارا لا تزال رائدة وكأنها كوكب وعالم آخر من الالتزامات العملية والوظيفية والإنسانية، ولا تزال من خلال التفاني والنزاهة والشفافية تقدم درسا عالميا وبشريا مفتوحا في الإرادة الوطنية وبناء الأمم، وهناك من استفاد من تطبيقاتها ونجح، فهي ألهمت دول النمور الآسيوية فنهضت ماليزيا المجاورة لها، وكذلك سنغافورة وتايلاند وحتى الصين استلهمت منها، فما الذي يمكن أن يفيدنا من التجربة اليابانية؟ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" أصدرت أخيرا تقريرا لها تناولت فيه تسيّب موظفي الدولة الذي ربطته بثلاثة عوامل رئيسة : اجتماعية وتربوية وتنظيمية، والسؤال : لماذا التسيّب أصلا طالما أن كل موظف عليه واجبات والتزامات تجاه الدولة والوطن والمجتمع؟ لمن يترك تلك الواجبات؟ ومن الذي يؤديها بالانابة…
الإثنين ٢٢ فبراير ٢٠١٦
الجمعة الماضي كان قاتما في تاريخ الأدب العالمي المعاصر، إذ رحل ثلاثة من أشهر الروائيين بدءا من أقصى الغرب ثم الوسط الى أقصى الشرق، ففي وسط العالم انتهت رحلة الروائي الإيطالي أمبرتو إيكو الذي ترجمت أعماله إلى عشرات اللغات، ما جعله معروفا على نطاق واسع تماما كما هو الإيطالي أيضا البرتو مورافيا الذي اشتهرت له "العصيان" فيما اشتهرت لإيكو روايته التاريخية "اسم الوردة" التي تعود الى الثلاثينيات الميلادية لترصد متغيرات الواقع الكنسي وتأثير صراعاته في حياة المجتمعات الأوروبية، وهي في الواقع تسجيل لفصول ربما لا تزال معاشة حول الخروج عن سلطة الكنيسة التي أصبحت تعج برجال الدين الفاسدين الذين ينتهون بالمقدسات الى انتهازية تستغل سذاجة العامة وبحثهم عن اليقين. تلك الرواية انتهت الى فيلم سينمائي مثّل دور البطل فيه نجم هوليوود الشهير شون كونري الذي قدّم سلسلة من أبرز أعمال "جيمس بوند" ومن آخر أعماله فيلم الألفية مع كاثرينا زيتا جونز، وفي فيلم "اسم الوردة" جسد كونري شخصية راهب في القرن الرابع عشر يكافح الخرافات من أجل حل لغز جريمة قتل في دير، وتلك الرواية صنعت الكثير للأديب الراحل، وجعلته بحق أحد أهم الروائيين العالميين، وكما قالت صحيفة "لاريبوبليكا" فإن "العالم فقد واحدا من أهم وجوه الثقافة المعاصرة"، ونضيف الى ذلك ايضا رحيل الروائية الأمريكية المعاصرة هاربر لي، وهي من…
الخميس ١٨ فبراير ٢٠١٦
بقدر ما نظل نحرص على الارتقاء بكافة حقوق المعلمين والوصول بهم الى الحالة الألمانية التي تجعلهم مقدمين على كل أصحاب الدخول الشهرية لأنهم بناة الأجيال، ومصدر الإشعاع والتنوير وأصحاب الفضل على كل من تعلم حرفا، إلا أنه في نفس الوقت لا يمكن أن يتواضعوا برسالتهم الى مستويات لا تليق بواجبات مهنتهم أو تتعارض مع أدبياتها بحيث تخلق أي آثار نفسية سلبية لدى الناشئة الذين تمتص ذاكرتهم كل التجارب، بخيرها وشرها، في المراحل المبكرة من أعمارهم وربما تعوق نموهم الذهني والنفسي. قيمة المعلم الأساسية والأهم في كونه قدوة، أي إنه شريك تربوي مؤثر لكل أولياء الأمور، وتلك مسؤولية تلقائية بمجرد عمله في العملية التعليمية، فواجبه لا ينتهي بانتهاء الدوام والحصص وإنما يستمر العمر كله حيث يبقى أثره في شخصية الأجيال، وهو من يحدد إن كان الأثر سلبيا أو إيجابيا، ولكن في الحالة السلبية يعني تخريب شخصية بأكملها، ما يعني أن واجباته وأدواره التربوية والتعليمية من الحساسية بما يفترض معه أن تكون له شخصية "سوبر مان" وذلك ليس بتلك الصعوبة التي تقفز الى الذهن بمجرد إطلاق تلك الصفة، ولكن يعني تمتعه بأعلى درجات المسؤولية والحساسية التربوية وتحمّل المتغيرات السلوكية للصغار وفقا لمناهج وطرق التدريس العلمية التي تلقاها في دراسته التي تهيئه لمباشرة التعليم. التعليم ليس حرفة أو مجرد وظيفة لكسب المعاش، وإنما…
الإثنين ١٩ أكتوبر ٢٠١٥
تنظيم «داعش» تبنّى الهجوم الإرهابي الأخير في مدينة سيهات ونشر صورة منفذ العملية.. ما الجديد؟ لا جديد غير أن الحالة الفكرية السلبية لا تزال موجودة ومنتعشة بالأوهام العقدية في مخيلة كثير من الشباب الذين يذهبون ضحايا للخطاب الديني المتعسف، ما يعزز أن التطرف والطائفية وجهان لعملة واحدة في استباحة الأرواح وإزهاقها حتى لو كانت في نجوى مع ربها وخالقها. الإرهابي الذي استهدف المصلين بعد خروجهم من حسينية الحيدرية في المدينة بواسطة سلاح رشاش، قتل 5 أشخاص بينهم امرأة، وأصاب 9 آخرين، انعكاس لحالة متطرفة لا تزال تنمو في العقل الاجتماعي، وحينما نتناول ذلك من خلال وصف «الحالة» فإن الفكرة الأساسية هي أنها ذات أبعاد فكرية وثقافية ودينية تسهم في تركيب صورة بانورامية في عقول تم تفريغها وتسطيحها واستغلال أنفس تبحث عن مفقودات إيمانية ووضع وهم ديني فيها، وذلك يحدث في مساحات خلفية سواء عبر المواقع الاجتماعية أو وسائل التواصل الإلكترونية بمعزل عن كل شيء. ووفقا لذلك من الصعب أن يكون الحل أمنيا لأن الحالة ليست أمنية، تخضع لمقاييس الجنايات والأعمال الإجرامية بحيث تبدو شخصية المجرم واضحة ويمكن معايرتها أمنيا وتحليلها للوصول الى مكافحة تكتيكية ومنهجية، أما وأن فتية العشرين عاما وقد أصبح لديهم استعداد للقتل بهذه الصورة المأساوية والإساءة للدين الذي تم استغلالهم لأجله فهي ليست أمنية إلا فيما يتعلق…
الإثنين ١٢ أكتوبر ٢٠١٥
مواقع التواصل الاجتماعية وفي مقدمتها "تويتر" لم تنجح للأسف في أن تكون وسيطا تنويريا وتفاعليا فيما يتعلق بالحراك الإنساني، لقد انحرفت بوظيفتها التفاعلية الى مسارات لها ارتكازات سلبية لم تخرج في مجتمعاتنا عن سياق سواليف المجالس وجلسات الغيبة والنميمة وتتبع عورات الناس وفضحها، ومقابل كل ما هو جميل أصبح يحضر كل ما هو ذميم. بدلا من الروح الوطنية تصاعدت النعرة العصبية، وحل محل التعايش الفتنة والفرقة، والطائفية محل التمازج، والستر محل الفضح، والتطرف محل التوازن، وهكذا هي سلسلة متداعية من المترادفات والمتلازمات التي تجعلنا نعيش واقعا لا يبشر بخير ولا يمكن أن يؤدي الى نمو معرفي يرتقي فيه المجتمع بفكره ولغته وأخلاقه وآدابه. هناك فجوة كبيرة في استيعاب دلالات التقنية وتوظيفها بما يتفق مع إيجابياتها ومهامها الأساسية، والدليل على ذلك أن تنظيمات متطرفة استطاعت تدمير الفكرة المنهجية للتفاعل الاجتماعي في موقع مهم مثل "تويتر" وذلك ما أثبتته الوقائع أخيرا بنجاح ناشطين وإعلاميين في إغلاق 300 حساب تروج لفكر تنظيم داعش الإرهابي، وتستهدف أمن واستقرار المملكة، من خلال تنظيم حملة تحت وسم "سبام وطنية". لم يكن للتنظيم أن يتمدد في الوسط الاجتماعي لولا سوء استخدام هذا الموقع، وكان يفترض أن يمنح الحراك التفاعلي فيه جرعات معرفية تمثل طاقة فكرية لصد محاولات الاختراق، ولكن حدث العكس بالسماح لأعضاء التنظيم المفترضين باختراق العقول…
الخميس ٠٨ أكتوبر ٢٠١٥
بعد دخولنا في السنة الخامسة من المأساة السورية نصل الى خلاصة ميدانية لأحوال اللاجئين والمشردين مفادها أن الجهود الدولية التي تبذل لتقديم المساعدة للسوريين سواء داخل سوريا أو خارجها "غير كافية على الإطلاق"، وما بين القوسين يضاعف آلام الإنسانية ويحاكمها في إحدى أسوأ جرائمها بالسماح بتراجع الدور الإنساني الذي لم يستجب للتحديات، وهكذا يمكن توقع أن يحدث لكثير من المجتمعات التي تتعرض لذات الظروف القاسية ولا تجد من يساعدها. في أحدث تقرير لمنظمة "أوكسفام" غير الحكومية، بعنوان "التضامن مع السوريين"، أشار الى أن المساعدات الإنسانية للسوريين في أكثر من 28 دولة للاجئين لم تكن كافية، وأن "قليلا" فقط من الدول ردت بشكل كاف على احتياجاتهم الضخمة" وذلك يقود الى النتيجة السلبية الحاسمة وهي أن "الاستجابة الدولية للسوريين سواء داخل سوريا أو خارجها غير كافية على الإطلاق"، وعليه فإن المجتمع الدولي يمكن أن يصنع حربا بسرعة أو يتركها تحدث أو يتجاهل أسباب الصراعات حتى تنتهي الى نتائج دموية، ثم يتباطأ في الحل لتبعثر المصالح وتداخلها بصورة تعمل على تدافعها على أبواب الحل النهائي. وفي تعقيبها على التقرير قالت مديرة "أوكسفام" ويني بيانييما: "للاجئين من سوريا ومن الدول الأخرى الحق في التحرر من العنف والحصول على مساعدات للوفاء باحتياجاتهم الأساسية والعيش بكرامة، واستقبالهم في ملاذ آمن، وقد خذلوا في المجالات الثلاثة"، ذلك…
الإثنين ٠٥ أكتوبر ٢٠١٥
لوزارة الداخلية تجربتها وقدراتها وتأهيلها الكبير في مكافحة الإرهاب والتعامل الاحترافي الذي جعلها تأخذ موقعا متقدما بين المؤسسات الأمنية العالمية في ذلك، ومن خلال كثير من الحالات التي أنجزتها يمكن الجزم بأنها قادرة على مواصلة مسيرة ناجحة، وآخرها تعاملها المهني الدقيق في ضبط الخلية الإرهابية التي تضم سوريا وفلبينية في حي الفيحاء بمدينة الرياض، وقبل أن نتساءل عن الذي لمّ الشامي على المغربي، لا بد وأن نؤكد أن كفاءة أجهزتنا الأمنية جديرة بالثقة فيها ودعمها بأن يكون المواطن معززا لها على اعتبار أنه رجل الأمن الأول، وهو دور يزداد حضورا في ظل وجود مهددات أمنية كثيرة تحيط بمجتمعنا وبلادنا. بغض النظر عن البنية العقدية أو الفكرية لهذه الخلية الأجنبية إلا أن لها امتدادا مع المتطرفين الذين يتم تصنيع المتفجرات لهم، وتلك متاجرة قبيحة بالدمار والتخريب، والمخزي أنها تتم بين ظهرانينا، والسؤال هو كيف لهؤلاء أن يمتهنوا هذا العمل الإجرامي وفي وسط الناس ويتاجروا ببضاعتهم بين شبابنا؟ من الذي يوحي اليهم بذلك ويجعلهم يعملون والموت على رقابهم؟ من الذي حفّزهم للمخاطرة بحياتهم على هذا النحو المعتم؟ أشد عتاة الجريمة الذين يتاجرون في المخدرات والأسلحة لا يتعاملون مع نهاياتهم الحتمية بهذه الصورة غير المبالية. لدينا مشكلة كبيرة في مجريات الإرهاب الذي أصبحت تتدخل فيه عوامل خارجية بكل ثقلها، وهي أن الخطاب الديني…
الخميس ٠١ أكتوبر ٢٠١٥
ليس متوقعا أن تنتهي أحداث 11 سبتمبر خلال عقد أو عقدين وأن يتجاوزها العالم بسهولة، لأنها أحد أخطر الاختراقات والتهديدات الأمنية التي حدثت في عصرنا الحديث، وربما تعادل حصول مافيا إجرامية على سلاح غير تقليدي، ولكن أهمية ذلك أمنية واستراتيجية بما يعمل على عدم تكرارها ودخول الولايات المتحدة وبقية دول العالم في تجارب مماثلة، وليس أن تكون موضعا استغلاليا مستمرا للضحايا لدول وشعوب أخرى لمجرد أن متطرفين خرجوا منها لاستباحة أمن تلك الدول. في الأخبار أن قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية في مانهاتن رفض دعوى قضائية أقامتها عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001، تطالب بتعويضات من السعودية، متهمين المملكة بتقديم دعم مادي للقاعدة، وقال ذلك القاضي إن السعودية لديها حصانة سيادية من مطالب التعويض من عائلات حوالي 3000 شخص قتلوا في تلك الهجمات، ومن شركات التأمين التي غطت الخسائر، التي مني بها أصحاب برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وشركات. رفض القاضي منطقي لأن الدعوى ليس لها أساس قانوني وإنما هي محاولة لتوظيف أي ثغرات يمكن أن يتصورها محامي أولئك الضحايا للنفاذ الى تعويض مادي من دولة ليس لها صلة بجرم أولئك الذين نفذوا الجريمة، ولا يكفي أن يتصور هؤلاء أن بلادا بأكملها مجرمة بحسب ادعائهم بأنها دعمت القاعدة ماديا، فيما بلادهم لها ارتباط على نحو ما بظهور المتطرفين والمتشددين، ولم…
الإثنين ٢٨ سبتمبر ٢٠١٥
إدارة وتنظيم موسم الحج حق سعودي خالص لا يمكن استغلال حوادث عرضية محتملة لحمل الأمر بأكثر مما يتجاوز حق المملكة في ذلك، خاصة أن وقوع مثل الحوادث التي حدثت في منى لهذا العام متوقعة في تفويج الحشود وحركة سيرها بين مواقع المناسك، وإذا تسبب خطأ بشري في أي حادث فلا يمكن توقع أن يحدث عمدا من أي جهة إلا إذا لم يكن لها أي التزامات تجاه دينها وهذه الأمة التي تفد في مثل هذا العام لبيت الله والمشاعر لأداء فريضة وركن من أركان الدين. أولئك الذين نادوا بالنظر في إدارة الحج لم يتدبروا في الواقع استحالة أي تدخل في إدارة عمليات الحج التي اكتسبت فيها المملكة وشعبها خبرات لا تدانيها أي دولة تتعامل مع حشود ضخمة، وليس أضخم من تحشيد الحجاج والعمل على خدمتهم بوصفه شرفا لا يدانيه شرف، ولذلك ما من مسوغ لأي دعوات لإدارة مشتركة أو غيرها من الطروحات التي برزت عقب الواقعة إنما هي محاولات لاختطاف ذلك الشرف، وما يعطيه الله لا يمكن أن يأخذه العباد. المملكة ظلت تخدم بإخلاص كل ما يتعلق بالحرمين الشريفين وضيوف الرحمن في الحج والعمرة، وأنشأت لذلك أكبر بنية إنشائية على مستوى العالم، وهيأت وأهّلت القائمين بخدمة أولئك الضيوف بأحسن ما يكون، بل إن خادم الحرمين الشريفين ظل يقف بنفسه ويشرف على…
الإثنين ١٤ سبتمبر ٢٠١٥
حادثة سقوط رافعة الحرم المكي الشريف لا يمكن أن تخرج عن السياق العرضي الذي يأتي بحسب مقتضيات القضاء والقدر، وإذا هي سقطت فقد ارتفعت أرواح الشهداء في أطيب المقامات وأطهر البلدان ولهم أجرهم وحظهم مما نالهم من الشهادة في مثل هذه الأوقات الطيبة التي تخفق فيها القلوب ويصفو الوجدان وتسمو الأرواح. الخروج بالحادثة عن أي اتجاهات واقعية حول ما جرى بعيدا عن هذا الإطار يكشف عن سوء نيات تجاه المملكة وقيادتها وإدارتها لملفات المسلمين الذين يجدون كامل الخدمات والرعاية والإشراف الميداني، بدءا من تسهيل التأشيرات وحتى وصولهم وأداء مناسكهم ومغادرتهم، وذلك شرف يضطلع به كل السعوديين بدءا من خادم الحرمين الشريفين وحتى آخر مواطن، ويعلم ضيوف الرحمن أنهم يجدون كل الترحاب والعمل المخلص لراحتهم وتيسير أداء مناسكهم في أجواء روحانية يحرص عليها كل سعودي يحظى بشرف الخدمة. ما حدث من سقوط الرافعة جاء في سياق طبيعي خلال تساقط أمطار وعواصف، وذلك قضاء الله وقدره، ولا أحد أو جهة تخسر من ذلك، فالمتوفون شهداء والجرحى مأجورون بإذن الله، ولجهاتنا الرسمية الوصول الى أعلى معايير السلامة في الإنشاءات التي تستهدف التوسعة ومزيداً من التيسير والفسحة لضيوف الحرم، وقد أكدت المتابعة الميدانية لخادم الحرمين الشريفين أن دولتنا لا تتوانى عن شرف الخدمة ومعنية تماما بكل ما يتم من إجراءات في المناسك، وذلك…
الأحد ٠٤ يناير ٢٠١٥
ربما كان التوسع السعودي في الإنترنت وعبر المواقع الاجتماعية سلاحا ذا حدين، أولهما انتشار معرفي مطلوب يواكب التطورات الثقافية والفكرية وتحقيق معدلات تفاعلية عالية داخل الوسط الاجتماعي من ناحية، ومن ناحية أخرى التواصل مع العالم الخارجي واكتساب معارف وثقافات وأفكار جديدة ومحفزة ذهنيا، غير أن الحد الثاني سلبي للغاية وهو أن يعتبر الإنترنت ومواقعه مدخلا لاختراقات الأمن الفكري والثقافي واصطياد الشباب وصغار السن لجهات أخرى تعمل في فضاء خطير ومهدد للأمن الوطني. الحد الثاني الحاد أكدت مخاطره دراسة حديثة أجراها فريق بحثي بجامعة الملك سعود توصل فيها إلى أن تنظيم "داعش" يلجأ إلى الحصول على المعلومات للمنشآت التي يسعى إلى استهدافها من خلال شبكة الإنترنت، حيث إن 80% من مخزون التنظيم المعلوماتي يعتمد في الأساس على مواقع إلكترونية متاحة للجميع، دون خرق لأي قوانين أو بروتوكولات الشبكة. ولعل الأخطر والأكثر إثارة للاهتمام هو أن لدى التنظيم فريقا من الخبراء التقنيين مهمتهم الرئيسة تتمحور حول اختراق البريد الإلكتروني للآخرين، وهتك أسرارهم والاطلاع على معلوماتهم وبياناتهم، والتجسس عليها لمعرفة مراسلاتهم ومخاطباتهم والاستفادة منها في عملياته الإرهابية، وأشارت الدراسة إلى أن هذه الطريقة أصبحت وسيلة سهلة وآمنة للتواصل بين الإرهابيين، وتبادل المعلومات فيما بينهم والتخطيط لعملياتهم. إذا قلنا إن هذا الخطر يرجعنا إلى فكرة المحاصرة الإلكترونية، فتلك رجعية حضارية وتقنية، وإذا فكرنا بذات…