آراء
الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٢
لا أحد يعشق لغته كما يفعل العرب! لكن هذا العشق لا تصاحبه دوماً، للأسف، ممارسة كافية للتعبير عن هذا العشق. أقول هذا وقد عاشت اللغة العربية أمس ليلة زفاف جديد في مناسبة (اليوم العالمي للغة العربية) الموافق يوم 18 كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، حسب قرار اليونسكو الجديد. ما الذي كان يمكن أن نصنعه للغتنا في حفلة أمس؟ وما الذي يمكن أن نصنعه في حفل السنوات المقبلة بإذن الله؟ عادة ما نردد في مثل هذا السياق أن «السؤال سهل لكن الإجابة عليه صعبة». هذه المرة سأخالف السياق المألوف، وسأقول: السؤال صعب لكن الإجابة عليه سهلة! السؤال صعب، لأننا لم نتفق حتى الآن على مشروعية السؤال ووجاهته والحاجة إليه ومرجعيته المفترضة وتوقيته الملائم. أما الإجابة فهي سهلة، لأنها فقط تكمن في «أن نتكلم». أن نتكلم لغتنا العربية باعتزاز ومن دون استصغار للغتنا وذواتنا وهويتنا، هذا هو أكبر عمل وأقوى فعل يمكن أن نقوم به لخدمة اللغة العربية. ما سوى ذلك من أعمال وأقوال وجهود وبحوث، هي كلها خدمات مكمّلة للفعل الأساسي الذي هو أن «نتكلم». المديح والإطراء الخطابي للغتنا العربية، لا يجدي كثيراً لا في اكتساب المزيد من الناطقين بغيرها ولا في استرجاع المارقين منها. وقد تكون آثاره عكسية خصوصاََ عندما يتم بناء زخارف المديح للغتنا على ركام النّيل من…
آراء
الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٢
عندما كنت أحزم حقائبي للعودة للوطن بعد ما يقارب العقد في المملكة المتحدة كان السؤال الأبرز من صديقاتي آنذاك هو: كيف ستتأقلمين من جديد في الوطن؟ الطريف أن السؤال كان يأتي في الغالب ممن لم تمض أكثر من بضعة أشهر إلى أقل من سنتين في الغربة، ومع ذلك تبدو العودة لها شبحاً مرعباً! وظل السؤال يتردد على مسامعي بعد عودتي، والحقيقة أنني لم أمر –بحمد الله- باكتئاب ما بعد العودة، ربما لأنني كنت قد اتخذت قراراً سابقاً بألا أكرر غلطة المبتعثين العائدين وشكواهم الأبدية التي تجعل كل من حولهم يضجر منهم. أو ربما لأنني كنت قد اكتفيت بالفعل من الغربة. ثم تشاء الظروف أن أرحل بعدها تارة أخرى، فأمر بمرحلة التأقلم في البلد الجديد ثم الاستعدادات للعودة للمرة الثانية. ومع أنني لا أخشى العودة كثيراً، لأنني أدرك عن تجربة بأن للحياة في أي مكان ميزات وعيوبا، لكنني أعرف أن هذا الأمر يؤرق بالفعل نسبة لا بأس بها من المبتعثات المقبلات عليه.. فما سبب ذلك؟ الصدمة الحضارية العكسية، التي تحصل للمغتربين بعد العودة لأوطانهم، ليست خاصة بنا، بل يعاني منها حتى الغربيون الذين يعودون من بلداننا لمواطنهم الأصلية بعد عدة سنوات. وكانت هناك محاضرات اختيارية في جامعتي تقدمها كلية الدراسات العليا للطلبة الأجانب الذين هم على وشك التخرج لتجهزهم عن كيفية…
آراء
الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٢
المنع لمجرد الوصاية؛ لن يصنع أخلاقا ولن يُولد سوى ردة فعل انفعالية غير سوية، فكل ممنوع مرغوب، وحين نعيش في نهاية 2012 مع الكثير من الدراسات النفسية التربوية لكافة المراحل العمرية؛ فإنه يفترض على المؤسسات التعليمية، خاصة الجامعات، أن تهتم بها، ليس نظريا في قاعات المناقشات والمحاضرات بل تطبيقا في حرمها، ودون شك أن لكل جامعة حرية وضع قواعد عامة تفرضها على منتسبيها، لكن بشرط تناسبها مع البيئة العامة واتساقها مع معطيات الحداثة الإنسانية بما يناسب قيم المجتمع المتعدد الأطياف الذي تعيش الجامعة وسطه، فلا تميل فيه لشريحة وتقصي أخرى، أو تميل إلى رأي فقهي وتنسى الخلاف الفقهي، وعليها أن تنأى بمنتسبيها عن دفعهم إلى آفة الازدواجية المنتشرة في مجتمعنا، حتى بات بعضنا يحمل حقيبة من الأقنعة، يرتدي منها في كل مناسبة قناعا يخصها، قناعا في الشارع.. قناعا في العمل.. قناعا في البيت.. وآخر في الليل مع الأصدقاء.. قناعا في السفر.. وهكذا! جامعة الأميرة نورة بالرياض وبحسب خبر جريدة الحياة منذ أيام؛ حذرت طالباتها من لبس البنطلون، وأنه ليس أمامهن سوى "التنورة" التي اختارت لها ألوانا، ويا ليتها "تفتح النفس" على يوم دراسي مرهق، بل قاتمة لا تخرج عن الأسود أو الكحلي أو الرمادي، تاركة لهن الخيار في اختيار لون القميص.. بصراحة صدمني الخبر، كنتُ أظن أن نظاما شكلانيا مدرسيا…
آراء
الثلاثاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٢
تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى كنز لا ينضب من الكهوف المعرفية التي لا يعلم إن كانت تحتوي كنزاً أو ستسقط على رؤوس أصحابها، فغدت هذه المواقع مكتباً لاستيراد وتصدير المعلومات بجميع أنواعها الحقيقية والمزيفة، وأحياناً - وبسبب تراكمها وانتشارها - تبلغ مرتبة التواتر الذي لا يجرؤ أحد على تكذيبه. وكثيراً ما أرى تداول معلومات مغلوطة مثل أن فيتامين سي يقي من نزلات البرد أو أن شرب الماء واقفاً يمنع تليف الكبد أو أن ربطة البقدونس تفتك بالخلايا السرطانية مثلها مثل العلاج بالكيماوي ولا أظن أن أحداً منا لم تمر عليه قصة الشيخ أحمد حارس القبر النبوي والذي رأى في المنام الرسول عليه السلام وهو يأمره بتحذير الأمة من الفساد وأمره بنشر هذه الرسالة بين الناس وكل من يمتنع عن نشرها فسيحرم من شفاعة النبي عليه السلام وبعد مرور أكثر من 100 عام على تاريخ ولادة هذه الأقصوصة إلا أنك ستظل تراها في قائمة الرسائل الأكثر انتشاراً بين الناس. صار أحد أشكال تصدير المعلومة وإثبات مصداقيتها هو إضافة اسم أحد الخواجات من ذوي الأسماء الأجنبية التي لا يمكن قراءتها إلا بعد أخذ شهيق وزفير لأن القاعدة الشعبية تقول إن الحق ما شهد به الأعداء، فأصبحت أسماء مجهولة مثل و«خرتشوف» و«أوكوياما» و«نفرتيتي» هي الدليل بحد ذاته وخصوصاً إذا تعلق الأمر بالإعجاز العلمي…
آراء
الثلاثاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٢
فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري، لم يظهر للعلن سوى مرة في أغسطس (آب) الماضي في ظروف ملتبسة وبعدها لم يره أحد، بعد هذا الاختفاء المشبوه نسبت إليه مبادرة تنازل تعبر عن اقتناع النظام بقرب سقوطه. يدعو الشرع المعارضة للمشاركة في حكومة ذات صلاحيات أوسع، وهو يوحي بالإبقاء على بشار الأسد مجرد رئيس في القصر بلا صلاحيات. في نفس الوقت، هناك مبادرة أخرى تطبخ، اسمها «الفرصة الأخيرة»، الأرجح أن يكلف بها المندوب الأممي الأخضر الإبراهيمي حتى ينقلها للأسد وحلفائه خلال الأيام القليلة المقبلة، تقضي بأن يتخلى الأسد عن الحكم ويغادر سوريا، بصحبة عائلته، إلى إحدى الدول اللاتينية ويسلم السلطة للمعارضة، تماثل ما تحدث عنه من قبل رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، عندما اقترح خروجا آمنا للأسد مقابل وقف نزيف الدم. أصحاب «الفرصة الأخيرة» يهددون الأسد، إن رفضها، بأن الهجوم على نظامه سيزداد عددا وعتادا، ومن المؤكد أنه سينهار سريعا بعدها ولن يجد أحد منهم فرصة عفو. أما لماذا يمنح مهندسو المبادرة فرصة النجاة لأقسى مجرمي التاريخ، وأكثرهم دموية؟ السبب أنهم يعتقدون أن نهاية يتفق عليها، وبتوقيع الدول المتنازعة الإقليمية والدولية، ستمكن الثوار السوريين من تسلم الدولة بسلاسة تجنب البلاد الحرب الأهلية المحذورة، وتختصر النزاع بما تبقى من وقت. لكن المسافة بين المبادرتين بعيدة: مبادرة تبقي الأسد في القصر بلا صلاحيات ومبادرة…
آراء
الثلاثاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٢
تسير مع ثلاثة أو أربعة من ربعك، كل منهم يمشي في «المول» تلك المشية التي تؤكد لك أنك قد «طحت» في أخيس شلة من الممكن أن يسقط عليها من يغضب عليه والداه، وكل الأمر كان مزاجية ذلك المدرس العربي في الابتدائية، الذي أجلسكم على طاولة واحدة، ولم يعلم بأنه يسهم في تشكيل تاريخ مظلم لشخوص بلا مستقبل. كل منهم يعتقد بطريقة ما أنه من نسل ملكي، رغم اختلاف ذلك النسل، فأحدهم تشير طريقة مشيه بوضوح إلى أنه يؤمن بأنه من نسل كسرى، والآخر يعتقد بأنه من نسل النعمان بن المنذر، وأزرق العينين يصر على أن أحد الملوك البرتغاليين قد تزوج ببدوية أثناء استضافتهم في الإمارات. كل يمشي الخيلاء، وقد تهدل كرشه أمامه بكل فخر، في تحدٍ مجنون للسعرات الحرارية والعادات الصحية القذرة، الكل يتحدى الكل بكرش يجعلك تحلف بأن أحدهم ليس له علاقة بالمُلك، وكل ما في الأمر أنهم سليلو بعض القبائل الوثنية التي تؤمن بأنه كلما زاد حجم الكرش زادت وجاهة صاحبه. وفجأة يتوقف الزمن في تلك اللحظة الشهيرة، انعطافة غير متوقعة في «المول»، حيث كانت تختبئ تلك الظبية الصغيرة، بريئة وخائفة، تتطلع إليها الأعين، وهب، يقوم الجميع في لحظة واحدة بشفط الكرش، ومحاولة رفع الصدر، يندم الجميع في تلك اللحظة، ويأتيه سؤال الضمير: هل حقاً كان هناك داعٍ…
آراء
الثلاثاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٢
أفرز الربيع العربي أحداثاً داميةً وأجواءً ملتهبةً ، وشهدت أحداثه - وخاصة في سوريا مآسي وتدميرا مُكلفا ، حيث خلفت الثورة -حتى الآن - مجازر من نظام قمعي لم يسلم منها أحد ، حصدت الآلاف من القتلى والمفقودين والجرحى واللاجئين ،حيث هرب ما يزيد على المليون عن وطنهم وبلداتهم وسط الشتاء القارص والصيف الحار ،ورغم ان التحديات حقيقية وخطيرة وكبيرة إلا انه يظل هناك بارقة أمل وسط هذه الأجواء الملبدة بالمصاعب والأخطار. ولعل من الافرازات الجديدة للربيع العربي هو نشوء ظاهرة جديدة على الواقع العربي تحديدا وهو « تدخل الشعوب العربية في شؤون شعوب أخرى « الى درجة ما يشبه الحالة المرضية حيث تجد «شعبا ما» يترك كل همومه وشئونه ويركز جهوده وإمكانياته على متابعة ما يحدث لدى شعب آخر ويحاول التأثير على مجريات الأمور تارة عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتارة عبر استخدام سلاح الفتوى -وهو سلاح خطير لأنه يمس أعز ما نملك وهو الدين - والذي يجب أن يكون مُنزها عن الاستخدام للأغراض السياسية الدنيوية لصالح جهة دون أخرى . ولو أخذنا الحالة المصرية فيمكن القول انه وفي الوقت الذي انقسم فيه الرأى العام العربي والنخب العربية الى قسمين لم يظهر للأسف طرف ثالث لبذل الجهد في المصالحة بين الاطراف وتهدئة الامور وتقريب وجهات النظر ، وعند مناقشة…
آراء
الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٢
أحياناً لا تجد الإجابات عن الأسئلة التي تحاصرك وكلَّ من حولك، فلا تملك إلا التململ أو التجاهل أو الوقوف على نافذة مبنى مطل على شارعين «حيويين»، لتتأمل زرقة السماء، وحركة المجرات، وتعُد النجوم، وتتنفس الهواء، وترتشف قهوة سوداء داكنةً وتشرب «جغيمات متقطعة» من الماء، تشبه واقع الحال العربي «المقطع الأوصال»، ثم تزفر في نفسك من قسوة الصورة وزمهرير الشتاء، تظل واقفاً «بائساً» «يابساً»، على شرفة عربية «آيلة للسقوط»، وأنت تستعرض شريط الأحداث السياسية، ونعيق الكلمات الديبلوماسية، ثم تدير ظهرك لتلك النافذة «الخجولة»، مصوِّباً عينيك على القنوات الإخبارية، لتشاهد أخباراً مأسوية عاجلة تنقل عمليات قتل واغتيالات ومآسٍ ومذابح، لا يسلم منها حتى النساء والصغار الأبرياء. تحل نوبات البكاء، وتمسح عينيك بمنديل دم، ويظل قلبك يرتجف، ورئتاك تنهمران بالدموع. هكذا هي حال السياسة في البلاد العربية وأنت تشاهد الموت وأشلاء الأبرياء على كل الطرقات وفي كل البلدات. الكل يطل ليحظى بالصورة، ويتقدم كيفما شاء، بل ويحلل ويقلل من المآسي المروعة، ثم تكتشف أنك الوحيد الذي لا يفهم ما يجري، حتى ولو كان المتحدث «فصيحاً» وناطقاً بلغتك الأم. الصمت يحضر، متمتماً بالغضب. الذهول «يجفل» من الأسئلة والإجابات، حتى وإن استنطق الصمت واتسعت مساحات الثرثرة السياسية، على نطاق واسع من منطقة لا تغادرها الأزمات والحروب والنكبات. الدول العربية «بليدة» بلا استثناء. الدول العربية «بائعة»…
آراء
الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٢
مشكلة أطراف هذا الوطن الكبير الهائل مع حقوق أهلها في البناء والتنمية هي مشكلة لب الإشكال المشبوه في العلاقة ما بين المسؤول المركزي وبين المؤتمن على الإدارة في النهاية الطرفية. عندما يأتي المسؤول الأعلى من الرياض، يبدأ المسؤول الطرفي حفلة الحنيذ والمغش والمنسف. يبدأ الاستقبال الفاره من الصالة التنفيذية للمطار وتبدأ الجولة في سيارة مستأجرة تأتي على (سطحة) من الرياض ثم تعود إليها بعد ختام زيارة صاحب السعادة. وعادة يصل إلينا في الأطراف سعادة (المسؤول) المركزي بعد المغرب على آخر طائرة تصل للمكان. ومباشرة يأخذون سعادته إلى أرقى الأجنحة في أهم الفنادق. يحتاج سعادته إلى ساعتين للراحة والاستجمام قبل أن تبدأ حفلة الحنيذ والمغش. وبالطبع ستجد كل أركان الإدارة الفرعية الطرفية في أرجاء البهو الفندقي في انتظار إطلالة معالي الوزير أو صاحب السعادة. وعلى حفلة الحنيذ والمغش سيستمع معاليه إلى مقدمات التمهيد: كل المواطنين الذين سيقابلونه غدا أصحاب سوابق ومشاكل، كل الكتاب الذين يطلبون لقاء معاليه أصحاب مصالح وتوجهات، كل الإعلاميين الذين سيسألونه صباح الغد هواة إثارة واختلاق مشاكل. مشكلة الأطراف مع التنمية تكمن في العشاء الابتدائي الأول على تيس من حنيذ على رأس هذا (التيس) تبدأ حفلة التبرير. النفق الذي دام لعشر سنين كان بسبب المقاول مع وعد بنهاية المأساة في الزيارة القادمة لمعالي الوزير. اليتيم الذي شاهدت الدنيا…
آراء
الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٢
في دراسة عن استهلاك الماء في السعودية، لفت نظري بل فاجأني نسبة استخدام المياه المحلاة في المجال الزراعي في السعودية إذ أن هذه النسبة تتجاوز 80 بالمائة. هناك عدة أسئلة سأطرحها اليوم، وليس بالضرورة أن أجيب عليها لكن هي دعوة للتأمل. أولى الأسئلة هل الغذاء أهم من الماء أم العكس؟ هذا السؤال قد لا يطرح في كندا وفيتنام لكن يجب أن يُطرح في البلدان الشحيحة بالمياه العذبة. رغبة السعودية بالحصول على الاكتفاء الذاتي الغذائي رغبة شرعية. لكن إذا كان هذا الاكتفاء الذاتي سيولد مشاكل بيئية واقتصادية على المدى القصير، فهنا علينا التوقف قليلا والتفكير كثيرا لتحليل هذه الاستراتيجية الزراعية. هل السعودية بلد زراعي؟ بذلت السعودية مجهوداً كبيراً في تأمين الغذاء لسكانها. في كل مرة تصطدم الخطط الزراعية بحقيقة لا يمكن إغفالها: كيف يمكن دعم القطاع الزراعي دون وجود الأمطار أو الأنهار؟ لفترة طويلة كان الجواب يكمن في تحلية مياه البحر. هذه التقنية وإن لبّت احتياجات عديدة إلا أنها تبقى تقنية علينا استخدامها دون إسراف. فعند تحلية مياه البحر، عادة ما يتم إعادة هذه الأملاح إلى البحر مما يؤدي إلى زيادة الملوحة وهذا بدوره يقضي تدريجيا على الحياة البحرية. إضافة إلى أن تحلية المياه تحتاج إلى طاقة كهر بائية عالية. حين يكون الماء العذب غير متوفر إلا بنسب قليلة، فهنا يجب…
آراء
الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٢
سعوديان كسرا كل التقاليد الاجتماعية والمحظورات السائدة منذ اللحظة التي فكر فيها الشاب بالزواج من زميلته في العمل إلى خطوبتها داخل السوق نفسه في مشهد علني نادر الحدوث يصلح أن يكون قصة مسلسل مختلف. القصة صادمة لكثيرين ومن المؤكد أن العريسين لن يسلما من الاستهجان والنقد والحط من شأنهما ووصفهما بأنهما ليسا من ذوي الأصول العالية الضغط التي لا يمكن أن تقبل بكل هذا السيناريو إلا أن المفارقة أن هذين الشابين يصنعان- دون أن يدريا- مرحلة جديدة، ويعلنان أن المجتمع لم يعد يدار من الكبار والتقليديين والمحافظين المتشديين استناداً إلى موروثات سابقة، بل يصنعه الشباب برؤيتهم المختلفة وثقافتهم الغريبة تماما على كل المعترضين. قبل فترة ظهر زميلنا الكاتب سمير محمد كاشفاً عن عائلة نبيلة تعاملت معه كرجل فاعل ومنتج وزوجته ابنتها مع علمها بكل وضعه الاجتماعي بعيداً عن سلسلة المواصفات الشكلية المتراكمة التي لاعلاقة لها سوى بترسيخ العزلة والانقطاع وتقسيم المجتمع إلى طبقات عنصرية. هؤلاء الشباب هم الموجة التي لا يستطيع أحد صدها. هم الغالبية والاختلاف. هم الذين سيحددون مستقبلهم بشكل مباشر دون وصاية أو توجيه. هم الذين يعلنون مغايرتهم لكل هذه الموروثات الساكنة ويؤكدون أن المجتمع ينبض بالحركة والفعالية وأن داخل سكونه الظاهري حركة تمور وتتشكل لا يعرف عنها القاعدون شيئاً. قصة عروسي كارفور أصبحت خبراً مثيراً لأنها سابقة…
آراء
الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٢
«كانَ مالك بن دينارٍ يمشي في سوقِ البصرةِ فرأى التينَ فاشتهاهُ، ولم يكن معهُ نقودٌ، فخلعَ نعلَه وأعطاهُ لبائع التينِ فقالَ: لا يُساوي شيئاً. فأخذ مالك نعلَه وانصرفَ. فقيل للبائعِ إنه: مالك بن دينار. فملأَ البائعُ طبقاً من التينِ وأعطاهُ لغلامِه، ثم قالَ له: اِلحق بمالك فإنْ قبلَهُ منكَ فأنتَ حُرٌّ… فعدا الغلامُ وراءَه، فلمّا أدركَهُ.. قال له: اقبلْ منّي، فإنّ فيه عتقي. فقال مالك: إن كانَ فيه تحريرُكَ فإنّ فيه تعذِيبي. فألحَّ الغلامُ عليه. فقال مالك: أنا لا أبيعُ الدِّينَ بالتّينِ، ولا آكلُ التينَ إلى يومِ الدِّين». ولقد سُئلَ ابنُ المباركِ عن سفلةِ الناسِ، فقال: «الذي يأكلُ بدينِه». وقالَ ابنُ مهران: «وضعوا مفاتيحَ الدّنيا على الدنيا فلم تنفتِح؛ فوضعوا عليها مفاتيحَ الآخرة فانفتحت». وليرحم الله ُ تعالى مطرف بن عبدالله حيثُ قال: «إن أقبحَ ما طُلبت به الدُّنيا عملُ الآخرةِ». وما أجمل الذي قاله: مصعبُ بن عبدالله الزبيري في شأنِ: أحمد بن حنبل: «.. ومَن في وَرَعِ أحمد؟ يرتفعُ على جوائزِ السّلطان حتى يُظنّ أنه الكبرُ ويُكرِي نفسَه الجمّالين حتى يُظن أنه الذّل… ولم يقض لنفسِه ما قضيناه ُمن شهواتٍ» بينما قال أحمدُ عن نفسِه: «أريدُ أن أكونَ في بعضِ تلك الشعاب حتى لا أُعرَف، قد بُليتُ بالشهرةِ؛ إني لأتمنى الموتَ صباح َمساء». آهٍ.. فكيف لو أدرك هؤلاء الأئمةُ…