علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

مع معاليه على تيس من حنيذ

آراء

مشكلة أطراف هذا الوطن الكبير الهائل مع حقوق أهلها في البناء والتنمية هي مشكلة لب الإشكال المشبوه في العلاقة ما بين المسؤول المركزي وبين المؤتمن على الإدارة في النهاية الطرفية. عندما يأتي المسؤول الأعلى من الرياض، يبدأ المسؤول الطرفي حفلة الحنيذ والمغش والمنسف. يبدأ الاستقبال الفاره من الصالة التنفيذية للمطار وتبدأ الجولة في سيارة مستأجرة تأتي على (سطحة) من الرياض ثم تعود إليها بعد ختام زيارة صاحب السعادة. وعادة يصل إلينا في الأطراف سعادة (المسؤول) المركزي بعد المغرب على آخر طائرة تصل للمكان. ومباشرة يأخذون سعادته إلى أرقى الأجنحة في أهم الفنادق.

يحتاج سعادته إلى ساعتين للراحة والاستجمام قبل أن تبدأ حفلة الحنيذ والمغش. وبالطبع ستجد كل أركان الإدارة الفرعية الطرفية في أرجاء البهو الفندقي في انتظار إطلالة معالي الوزير أو صاحب السعادة. وعلى حفلة الحنيذ والمغش سيستمع معاليه إلى مقدمات التمهيد: كل المواطنين الذين سيقابلونه غدا أصحاب سوابق ومشاكل، كل الكتاب الذين يطلبون لقاء معاليه أصحاب مصالح وتوجهات، كل الإعلاميين الذين سيسألونه صباح الغد هواة إثارة واختلاق مشاكل.

مشكلة الأطراف مع التنمية تكمن في العشاء الابتدائي الأول على تيس من حنيذ على رأس هذا (التيس) تبدأ حفلة التبرير. النفق الذي دام لعشر سنين كان بسبب المقاول مع وعد بنهاية المأساة في الزيارة القادمة لمعالي الوزير. اليتيم الذي شاهدت الدنيا صورته يتدثر بقطعة من البلاستيك ليس إلا مريضا يتصرف بشكل لا إرادي وكل الذين كتبوا قصته ليسوا إلا من المشبوهين الذين جاؤوا إليه في أوضاع غير طبيعية مثلما يعلم معالي الوزير.

زحمة الناس على المستشفى الوحيد ليست إلا نقصا في الوعي لأن ثلاثة أرباع نزلاء المستشفى بسبب البرد والكحة. المواطنون الذين يشحذون نقص الخدمات ليسوا بأكثر من شلة تزوير لأنهم (هذه الليلة) في بيوتهم على صحون المغش والمنسف والحنيذ، تماما مثلما هو أنت الآن صاحب المعالي الوزير. والخلاصة أن هذه الأطراف مع التنمية قد ضاعت ما بين المسؤول المركزي وبين موظفه (الطرفي) وبين المغش ورأس التيس الحنيذ. بين المسؤول المركزي وبين المسؤول الفرعي الذي تحول إلى (طباخ) وسفرجي في الحفلة الأولى عند الساعة العاشرة لوصول معالي الوزير.

المصدر: الوطن اون لاين