الأحد ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٠
استغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أحداث فرنسا ليصرف الانتباه عن هبوط سعر صرف الليرة التركية. الأزمة المفتعلة التي خلقها أردوغان انبثقت من جريمة ذبح مدرس فرنسي على يد إرهابي سمع شائعة أن المدرس عرض الرسوم الساخرة المثيرة للجدل في نقاش مع طلبته. يتجاهل أردوغان أن تركيا الفاشية في عهده ارتكبت تطهيراً عرقياً ضد الأكراد في شمال سورية خلال العامين الماضيين، ويتجاهل أنه أرسل مرتزقة للقتال في ليبيا حتى تستولي أنقرة على حقوق التنقيب عن النفط. فضلاً عن تهديد اليونان والسفن الفرنسية في البحر الأبيض المتوسط. كل هذه الأزمات يستغلها أردوغان لصرف النظر عن أزمته الداخلية وتخييب آمال المواطنين الأتراك وسوء إدارته للاقتصاد. يهاجم أردوغان فرنسا ولا يدين تفجير مسجد في باكستان، ولا يهتم بأحوال المسلمين الأكراد المضطهدين لديه أو في أي مكان آخر، ما يشير إلى أن أفعاله هي مجرد مناكفات سياسية. ما تحاول تركيا الإخوانية الفاشية فعله هو ادعاء أنها الوحيدة المؤهلة لتمثيل المسلمين والدفاع عنهم، رغم أنها لا تحتضن أي مقدسات إسلامية. ادعى أردوغان أن الرسوم المسيئة تنتشر في أوروبا ولا يوجد دليل على ذلك، وهدفه التحريض على أوروبا وإذكاء أعمال إرهابية، والدليل أن الإعلام التركي الموالي لأنقرة التي تعد أكبر سجن للصحافيين في العالم، صوّر ذبح المدرس على أنه عمل انتقامي مقبول. حسب وكالة أنباء الأناضول…
الثلاثاء ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٠
يحدث معظم عمليات غسل الأدمغة والتطرف للإرهابيين، في العقدين الأخيرين، عن طريق الإنترنت، بعكس عقدي الثمانينات والتسعينات. الأول شهد انتشار أشرطة الكاسيت، التي تحوي محاضرات دينية متشددة تحث على العنف، والثاني أشرطة فيديو بطلها الإرهابي الهالك أسامة بن لادن، الذي كان الوجه الأشهر على قناة الإرهاب «الجزيرة». معظم الأشخاص، الذين ارتكبوا أعمالاً إرهابية، ومنهم عملية قطع رأس المدرس الفرنسي الأخيرة، تمت استمالتهم بالإنترنت. والقضاء على التطرف ليس بقرار مزاجي بحذف ملايين الحسابات، دون الرجوع إلى الجهات الأمنية واستشارتها، إنما ببث رسائل توعوية عن التعايش مع الآخر والتسامح. على الطرف الآخر هناك حكومات، كالتركية، تستغل تلك المنصات، لتطالب بمعلومات عن من تسميهم منشقين أو إرهابيين. القرارات الاعتباطية لعمالقة «السوشيال ميديا» لم تدقق من قبل الحكومات. مثلاً، تم تعليق حساب بـ«تويتر» يعلم اللغة الكردية، ولم تعطِ المنصة سبباً واحداً لذلك، رغم أنها أعادته في اليوم التالي. السيناريو المرجح أن الحساب توقف، لأنه كان مستهدفاً من قبل الجيش الإلكتروني لأنقرة، الذي شكا أن الحساب يبث مواد إرهابية. وبالنسبة لتلك الدولة التي يحكمها حزب يميني فاشي «إخواني»، فإن أي شيء بالكردية يعد إرهابياً. كل الشركات ذات التأثيرات الكبرى تخضع للتنظيم، من الفنادق إلى شركات النفط، إلى إمبراطوريات الإعلام. أما منصات «السوشيال ميديا»، التي تبلغ قيمتها السوقية تريليون دولار، ولديها مليارات المستخدمين، فيجب أن تخضع…
الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠
هل يمكن الثقة بعمالقة «سوشيال ميديا» للتدقيق في الأخبار؟ ما حدث منذ أسبوعين يندى له الجبين، فقد نشرت صحيفة «نيويورك بوست» الشعبية خبراً يكشف عن إيميلات تعود إلى ابن مرشح الرئاسة الأميركي ونائب الرئيس السابق جو بايدن، وبمجرد نشر الصحيفة الخبر على حساباتها في «فيس بوك» و«تويتر»، قررت المنصتان حجب الخبر أو تقليل انتشاره، وتسميته خبراً غير موثوق، وبحاجة إلى تدقيق. السؤال: مَنْ مِن المفترض أن يؤدي دور المدقق؟ أهي «نيويورك بوست»، التي تأسست عام 1801؟ أم «تويتر» الذي خرج إلى العالم في 2007؟ وهو و«فيس بوك» أكبر مروجين لهراء المؤامرات والأخبار الكاذبة. كانت محاولة غير مسبوقة - من عملاقي التقنية اللذين يتنافسان بوضوح، ولديهما معاً قاعدة مستخدمين تصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات شخص - لإيقاف الناس من نشر أخبار كهذه، لها تأثيرات خطيرة جداً في الإعلام العالمي والديمقراطية الأميركية. يؤثر عمالقة «سوشيال ميديا»، اليوم، في طريقة تداول معظم الناس للأخبار والمعلومات. فمعظم الحكومات ليست لديها قوانين تنظم عمل هذه المنصات، لذلك الجمهور - بشكل عام - يجهل حقوقه في ما يتعلق بكيفية الحصول على المعلومات. عملية صنع القرار في هذه المنصات تبدو للمدقق من الخارج اعتباطية أو مزاجية، مثلاً، لماذا يدان شكل ما من الكراهية أو العنصرية ولا تدان أشكال أخرى؟ لماذا منعت منصة «فيس بوك» إنكار الهولوكوست…
الأحد ١٨ أكتوبر ٢٠٢٠
كلما أفتح صفحات الثقافة بالصحف المحلية أجد موضوعاً يتكرر كثيراً، الكتاب الورقي يتفوق على الإلكتروني. أرى تحيزاً شديداً ضد الكتاب الإلكتروني، وعدم تقدير لوجود هذا الاختراع بين أيدينا. أيهما أهم الكتاب الورقي أم الإلكتروني؟ حتى لو رجَّحت المبيعات كفة الورقي، فإن المنطق - من وجهة نظري - مع الإلكتروني.. لماذا؟ شخصياً.. كنت ضد الكتاب الإلكتروني منذ ثلاثة أعوام فقط، لكن الانطباع الأول يصنع العجائب. في منتصف صيف هذا العام، أردت التحقق من معلومة، ومن خلال بحث سريع على «غوغل»، وجدت عنوان كتاب مفصل عن الموضوع الذي أبحث فيه. للعلم لم أكن في البداية أبحث عن أي كتاب. السؤال: هل أشغل سيارتي وأذهب إلى المكتبة الكبيرة في «دبي مول» لأسأل عنه. أم أبحث عنه في موقع المكتبة الإلكتروني؟ أم أطلبه بالإنترنت، وأنتظر يومين حتى يصل؟ ولو كان غير متوافر سيصل بعد أسبوع أو 10 أيام. السؤال قادني إلى آخر: في حال عدم توافره، هل من المعقول أن أنتظر كتاباً 10 أيام وأنا في 2020؟ فتحت تطبيق «غوغل» للكتب الإلكترونية، ووجدت الكتاب بنصف قيمته، واشتريته بكبسة زر في خمس ثوانٍ بالضبط. في تلك اللحظة بالضبط، انحزت بالكامل للكتاب الإلكتروني، وهذا ما يسمى المنطق في هذا الزمن. لا يهمني إن كانت الكتب الورقية حققت مبيعات بمليارَيْ دولار، والإلكترونية لم تتجاوز المليارين. لا يهمني…
الأحد ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٠
كانت هناك امرأة جاحدة تعمل في شركة للأدوية، لم تكن الجاحدة محبوبة من زملائها لأنها غدرت بهم في مواقف كثيرة وتآمرت عليهم، كانت هي الأقدم في تلك الشركة، وكان مطلوباً منها تدريب الموظفين على نظام العمل. كان الموظفون يعلمون أن تدريبها لهم يتناول الأساسيات فقط، أما بقية التفاصيل المعقدة فكانت تتطلب مهارات وجهداً شخصياً منهم، تتذمر الجاحدة كثيراً وهي تعلّمهم وتمنّ عليهم، وأحياناً تصفهم بالجهلة، وفي المقابل كانوا هم يتندرون عليها لأنها لم تتقدم قيد أنملة في عملية تطوير مهاراتها. فوّتت الجاحدة فرصاً كثيرة لتطوير ذاتها، وكانت تتجاهل الدورات التدريبية، ولهذا السبب ارتقى الجميع بمهاراتهم ومناصبهم وبقيت هي تراوح مكانها. وقع خلاف بين مدير أحد الأقسام ومدير المختبر، وكان مدير المختبر غليظ الطباع، شرساً جداً، عُرف عنه الاعتداء السافر على زملائه، دخل مدير المختبر إلى مكتب مدير أحد الأقسام وسكب مادة كيميائية على وجهه. أُدخل مدير أحد الأقسام إلى المستشفى وغضب رئيس الشركة غضباً شديداً وأوقع أقسى عقوبة بحق مدير المختبر، وهي فصله من العمل وتحويله إلى السلطات. تضامن جميع موظفي الشركة مع مدير أحد الأقسام، إلا الجاحدة، أصرت على الوقوف مع المعتدي وسط دهشة واستنكار الجميع، لأن مدير أحد الأقسام هو المتعاطف الوحيد معها، وهو الذي تدخل عند رئيس الشركة عندما حاول الأخير إنهاء خدماتها بسبب كثرة الشكاوى ضدها.…
الأحد ٢٣ أغسطس ٢٠٢٠
استيقظ صاحبنا من نومه في صباح يوم ما وقرّر ألا يذهب إلى العمل. وبعد أن أمضى يومه في التسكع عاد إلى البيت ونام واستيقظ ثاني يوم وقرّر ألا يعود إلى العمل. لم يعطِ سبباً معيناً لكنه لام هذا وذاك. مرت الأيام وتوقف راتبه بعد تغيبه عن العمل. وصلته الفواتير الشهرية فأخذ يسددها من جيوب الأصدقاء. مرت خمسة أشهر وطالبه مالك مسكنه بدفع الإيجار، فذهب إلى صديق وأخذ المبلغ بداعي أنه لا يعمل وسدده لصاحب المسكن. مرت سنة وبزغت في ذهنه فكرة عمل تجاري فطرحها على صديق مستثمر فأعجبت الأخير، وأخذا يضعان خطة عمل. وعندما وصلا مرحلة التنفيذ، طلب من المستثمر أن يمول رحلته إلى دولة أخرى بها مصنع بإمكانه صنع المنتج ونال ما أراد. عاد إلى مسكنه، فوجد فواتير الإيجار، فأخذها إلى صديقه المستثمر في العمل التجاري المحتمل، وطلب منه تسديد الفواتير حتى يتمكن من تطوير الفكرة والذريعة أن الفكرة ناجحة جداً لو طبقت وصاحبنا لا يستطيع التفكير بشكل صحيح وفاتورة المسكن تؤرقه. فكان له ما أراد. بعد ستة أشهر، أي عامين منذ تركه عمله، طلب صاحبنا مبلغين، الأول لإضافة تعديلات على المنتج والثاني لإيجاره. دفع المستثمر المسكين المبلغين لصاحبنا لكنه قال له هذه المرة الأخيرة ولن تحصل على شيء لأن المشروع لم يتقدم قيد أنملة. شعر صاحبنا بالامتعاض وذهب…
الأحد ٢٦ يناير ٢٠٢٠
ذكرنا مراراً وتكراراً أن المحتوى العربي على الـ«سوشيال ميديا»، باختلاف منصاته، كارثة ولا يمكن الخروج منه بأي فائدة، وذلك بسبب حالة الخواء الفكري والثقافي التي تعيشها المجتمعات العربية، والتي أفرزت الكثير من الأمراض النفسية، أبرزها الاستعراض. قلنا إن «تويتر» يشبه ملتقى النخبة والصعاليك، في مقال سابق، ونزيد هنا أن الحال لم تتغير، ومازلت على رأيي نفسه. هناك نوعان من المستعرضين على «تويتر»: المكشوف والمستتر، الأول لسنا بحاجة إلى شرحه لأنه لو اشترى أي شيء من الإنترنت سيعلن الخبر فوراً، أو تجده يخوض في ما لا يعنيه بشكل فج، أما الثاني فهذه سماته: أولاً، أغلب تغريداته عربية ثم يغرد باللغة الإنجليزية بشكل مفاجئ، وكلامه لو نسخته ووضعته في «غوغل» ستعلم فوراً من أين أتى به. ثانياً، يغرقك في البديهيات لأنه أستاذ في مجاله! ينتقد ما يسميه جمود مجال معين ثم يشرح لك رؤيته، وهذا من حقه، لكن عندما يتجاوز الشرح 10 دقائق، في فيديو يحمّله على حسابه، وكل محتوى الفيديو بديهيات وليس أي معلومة جديدة، فاعلم أنه لا يحمل رؤية، وإنما يتفلسف ويستعرض. البديهيات من نوع: الشمس تشرق من الشرق وعجلة السيارة تدور، والعسل يأتي من النحل، والأسطوانة تتكرر مع كل فيديو و هلم جرا. ثالثاً، ينتقد شيئاً ما بوضع نفسه بطلاً لقصة مختصرة في تغريدة، وحتى ما ينتقده ليس جديداً،…
الأحد ٣١ مارس ٢٠١٩
نهاية السينما موضوع جدلي قسّم الجمهور إلى رأيين، الأول يرى أن السينما باقية لكن طريقة العرض تغيرت. والثاني فريق المدرسة القديمة ويقول إن الفيلم يجب أن يعرض في السينما فقط كي يستحق التسمية على الأقل. وصل الانقسام إلى كبار مخرجي هوليوود، مثل ستيفن سبيلبيرغ ومارتن سكوسيزي وريدلي سكوت. لا أريد التحدث بلغة الأرقام الجافة وإنما سأعرض الموضوع بشكل يفهمه الجميع. نعم، السينما كما عرفناها انتهت، هذا واقع والعلامات كلها ظهرت في هذا العقد تحديداً أكثر من أي عقد مضى منذ بروز أول تحدٍ في الخمسينات على شكل التلفاز. 1- ظهور الهواتف الذكية وأجهزة «آي باد» على شكل ملايين الشاشات الصغيرة جذبت الجماهير بشكل كبير، خصوصاً صغار السن لأنها تعرض محتوى حسب رغبة المستخدم ووقته وليس العكس. 2- بروز منصات متخصصة في عرض الأفلام على الإنترنت مثل نتفليكس وأمازون برايم وهولو، وحتى هذه المنصات أصبحت تتحدى السينما بعرض محتوى أصلي لا تجده إلا عليها. 3- تفوق النصوص التلفزيونية على السينمائية، ما تسبب في انتقال أصناف سينمائية معروفة إلى التلفزيون، أهمها صنف الملاحم التاريخية (لعبة العروش) وصنف الجريمة (CSI وBreaking Bad) وغيرهما، وصنف السياسة والجاسوسية (24 وهوملاند وهاوس أوف كاردز). 4- انتقال مخرجين معروفين إلى تلفزيون الإنترنت، مثل سكورسيزي الذي صرح بأن تلك المنصات تمنحه حريات إبداعية أكثر من الاستوديوهات التقليدية التي…
الخميس ٠٦ ديسمبر ٢٠١٨
وردنا اتصال من رقم 1971، وكانت مكالمة مسجلة بصوت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يهنئ الشعب باليوم الوطني المجيد لدولتنا الإمارات العربية المتحدة الحبيبة حماها الله. لم يكن حدثاً اعتيادياً أبداً، وهذه أول مرة نتلقى فيها اتصالاً من حاكم يهنئنا بهذه المناسبة. هذا المقال تحليل لهذه المبادرة، وتقديم قراءة سلوكية، لأنها استوقفتني، وأصبحت حديث الشعب خلال إجازة اليوم الوطني. نص المكالمة: «السلام عليكم.. معاكم محمد بن راشد.. حبيت أهنيكم بشكل شخصي بالعيد الوطني، وأتمنى لكم أيام سعيدة.. وأتمنى للوطن أيام مجيدة.. ونحن مستمرين في العمل من أجلكم ومن أجل الوطن.. وربي يحفظكم ويحفظ أهلكم ويحفظ دولة الإمارات..» انتهى. فكرة المكالمة الهاتفية جديدة كلياً، ومن خارج الصندوق كما يقال، سموه لم يرسل بريداً إلكترونياً ولا رسالة نصية، بل هي مكالمة وذلك يعكس حرصاً منه شخصياً على التواصل الشخصي بأسلوب حي من رقم يمثلنا جميعاً، رقم 1971 هو رمز البيت المتوحد، رقم نعشقه جميعاً، ونفتخر به، لأنه يذكرنا بقيام هذه الدولة المجيدة. الاتصال كان بصوته وكلماته. يبدأ سموه بالسلام والتعريف عن نفسه دون استخدام لقبه، وهذا يعني أنه يحدثنا كمواطن إماراتي بعيداً عن البروتوكول دون أي تصنع. قال «معاكم محمد بن راشد»، وهو أسلوب الشخصية العربية تاريخياً، وحتى اليوم في شبه…
الأحد ١٨ نوفمبر ٢٠١٨
عندما تقرّر السفر إلى مدينة زارها غيرك من الأهل أو الأصدقاء، فإنك عادة تطلب منهم قائمة بأهم الأماكن التي يتوجب عليك زيارتها. نفس الشيء ينطبق على السياحة الداخلية، فعند افتتاح مَعْلم سياحي جديد في الدولة فإن الناس تضعه في قائمة مقترحاتها. قبل التوجه إلى لندن، لم أطلب من أحد اقتراح أماكن للزيارة لأني أعلم بالضبط ما أريد، لكن بسبب لطف الناس، خصوصاً الأقارب، فإنهم وضعوا قوائم بأهم الأماكن، وصلتني أكثر من قائمة وعندما راجعتها وجدتها كلها عبارة عن مطاعم فقط. بالمقارنة مع الرحلة السابقة إلى فرنسا، التي كانت قبل لندن بـ12 يوماً فقط، نظمها مكتب حكومة ليون السياحي، فلم تحتوِ على مطعم واحد، وهذا أكثر ما لفت نظري.. نظرة الغربي إلى السياحة تختلف اختلافاً جذرياً عن نظرة العربي، خصوصاً الخليجي. الغربي يهتم بالتعرف إلى أي مدينة يزورها، ويريد التعرف إلى قيمتيها التاريخية والثقافية وإرثها الحضاري، العربي والخليجي، بشكل عام، يريدان المقاهي والشيشة والتسوق والمطاعم والمتنزهات والملاهي، وهناك دائماً استثناءات. في الأماكن السياحية بلندن وفرنسا، التي يؤمّها الأوروبيون والغربيون عموماً، ومعهم الروس واليابانيون وحتى الإسرائيليون، لا تجد بينهم عربياً واحداً! و في تلك الأماكن تتوافر ترجمة بكل اللغات، باستثناء اللغة العربية، وهذا أكبر مؤشر إلى أن العرب لا يذهبون إليها. بالمقابل، قررت تجربة بعض المطاعم من تلك القائمة، لكني لم أجد…
الخميس ٢٧ سبتمبر ٢٠١٨
من سمات العقد الثاني من القرن الـ21 ظهور منصات سوشيال ميديا، وسحبها البساط من تحت الصحف في ما يتعلق بصميم صناعة الأخبار. أحبّ صنّاع الخبر منصة التغريدات وتوجهوا إليها بشكل مباشر. اختلف الترتيب وأصبحت الصحف هي التي تنقل عن «تويتر»، وليس العكس الذي كان متبعاً منذ أقل من 10 سنوات. استقطب «تويتر» الجميع من صانع القرار والمثقف إلى الصعاليك، وحتى الأطفال الذين لا يعرفون الفرق بين التاء المفتوحة والمربوطة. اتسعت رقعة المجتمع الافتراضي، وخُيّل إلينا أننا جميعاً متواجدون في ذلك العالم. البعض يراه منصة حرة لإبداء الرأي، وآخر يراه أداة شريرة لإفساد المجتمع، وبينهما من يراه من منظور تقني بحت. عندما يصدر خبر عادي وليس بالضرورة مثير للجدل، لكنه مثلاً يؤثر في أفراد المجتمع، سواء في أميركا أو هنا في الدولة، ولنعتمد مثال الدولة، فإن الجميع يحتشدون في «تويتر» ويبدون آراءهم، ويتحول الخبر إلى قضية رأي عام. الجهة المسؤولة إما تغرد بتوضيح أو تتجاهل المسألة ويبقى الأمر غامضاً. المتابع يضيع وسط الجدل الدائر لعدم وجود الوسيط الذي ينظم المسألة. هذا النوع الأول من قضايا الرأي العام على «تويتر». النوع الثاني: تصدر جهة قراراً يخص فرداً ارتكب خطأ دون توضيح الملابسات الكاملة لما حصل. مثلاً فصل المواطن الوحيد في إدارة أو قسم أو مؤسسة لارتكابه مخالفة. تصدر الجهة قرار الفصل، ويعتبر…
الخميس ١٣ سبتمبر ٢٠١٨
قد تستغرب عندما تمرّ بمقهى راقٍ في مركز تجاري، مثل دبي مول، وترى طابوراً على ذلك المقهى. أنت تعلم في قرارة نفسك أن القهوة التي يبيعها هذا المقهى لا تختلف كثيراً عن تلك التي يبيعها المقهى المجاور. ربما يكون لدى هذا المقهى حلويات جيدة، لكنها لا تعجب الكل بالضرورة، ويوجد لها نظير في المقاهي الأخرى. المؤثر من يستطيع تكوين أو توجيه رأي عام، أو يغير فكراً سائداً، أو يأتي بطريقة تفكير جديدة. وحتى الأطباق ليست بالضرورة محصورة لديه، إذاً فلماذا الطابور؟ قف لمدة 10 دقائق وربما أقل، وراقب سلوك الناس، ستجد صنفين بارزين: الأول: نصف مجموعة تتحدث، ونصفها الآخر لا يشارك. الثاني: مجموعة لا يتحدث أعضاؤها لأنهم مشغولون بهواتفهم الذكية. نعود للطابور الذي تفسيره واحد: سوشيال ميديا! فكل هؤلاء يريدون مشاركة أصدقائهم وأحبابهم تلك الصورة الجميلة الرائعة، صورة يتهافت عليها الجميع ويغمرونها باللايك، والتعليقات المنبهرة بالشيء العجيب والغريب والمذهل الذي فعله ملتقطها! فهو، أو هي، لم يذهب إلى قمة إيفيرست ليأكل كعكة! وحتماً ليس في القطب الشمالي يحتسي قهوته بجانب دب. الصورة الجميلة العجيبة المبهرة هي لكعكة وكوب كابتشينو، أو حتى شيء متوافر في المنازل، مثل فنجان قهوة عربية. شاب، أو شابة، التقطها وحملها على حسابات السوشيال ميديا! هذا هو الجانب الآخر من العلاقة بين شركات التقنية والمستخدمين: وهو إدمان…